بسم الله الرحمن الرحيم كنت منذ فترة طويلة أنوي كتابة مقالة أعبر فيها عما في داخلي أو عما يجري في هذه المنطقة الغربية (ولاية غرب كردفان) ولكن المرض أبعدني عن ذلك وخاصة بعد العملية التي أجريت لي في 11/5/2014م في مستشفى أبن سينا ، وبناءاً على ذلك كان ليس باستطاعتي الجلوس لفترة طويلة رغم أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحروب التي وقعت في المنطقة تستدعى الكتابة حتى يعرف الجميع ما يجري في هذه الولاية الوليدة . إذ أختلط علينا الحابل بالنابل هذه الولاية التي كانت قبل اتفاقية نيفاشا 2005م ولاية مثلها مثل الولايات الأخرى في السودان وقد تم تذويبها بعد اتفاقية نيفاشا 2005م وأصبحت جزءاً من ولاية جنوب كردفان ، و لكن تمت إعادتها مرة أخرى في العام 2013م ، وعادت متسربلة بجملة من المشاكل الأمنية. صحيح أننا لا ننكر إن غرب كردفان منذ العام 2010م وحتى مؤتمر الضعين مرت بعدة منعطفات أمنية ، كان منها جيوب العناصر المتفلتة التي تبنت أسم حركة العدل والمساواة و التي مارست أساليب السلب والنهب وهي أساليب جديدة على واقع المنطقة، و قد تطور هذا الأسلوب دون أن يواجه بالردع القانوني لحفظ سلامة و أمن المواطن وخلق بيئة صالح للتعايش . و كذا نجد الصراعات القبيلة و قد كان الأمل أن عودة الولاية ستحقق الأمن و الإستقرار أو التقليل من التفلتات الأمنية على أقل تقدير، ولكن عودة الولاية لم تخلق الاستقرار الأمني المنشود بل ذادت الطين بله أكثر من ذي قبل فتجددت الصراعات القبلية بعنف لم يسبق له مثيل . فهذه المنطقة ابتلت بالحروب ، وهذه الحروب لم تك أهدافها واضحة بكل المقاييس فإذا قلنا أن الحرب بين أولاد سرور وأولاد هيبان التي وقعت في 19/11/2011م وراح ضحيتها أكثر من مئتين شخص لم تنته إلا في 22/2/2013م بعد إن تأثرت مدينة الفولة بشرارة الحرب يوم 6/1/2013م و كذا الحرب التي إنطلقت في 28/5/2014م بين النواصحة ( أولاد عمران) و أم غبشة و أم جمول (الزيود) و التي تطورت لتشمل كافة كل أولاد عمران و الزيود و لم تتوقف حتى كتابة هذه السطور ، نجد أن الحرب الأولى ( أولاد سرور و أولاد هيبان) قد تم توقف القتال فيها بمؤتمر الضعين و لكننا نعتقد أن المؤتمر لم يعالج أسباب المشكلة بل عالج الإفرازات التي سببتها الحرب فأكتفى بالديات و التي لم يكتمل سدادها حتى الآن ، بل حقق هدفاً للحكومة قد يكون هو الأساس و هو إبعاد الطرفين من المنطقة و بمساحة ( 50) كلم لتكون خالية لأعمال التنقيب و الاستكشاف البترولي ، و قد يقول قائل إن مخططي الحرب هدفوا لهذا الهدف بالذات ، و يتكرر السيناريو نفسه في حرب ( أولاد عمران و الزيود) فما يخطط له الآن بإعلان مؤتمر صلح في شهر أكتوبر الحالي بمدينة النهود و بدون تحديد الترتبيات الضرورية لمناقشة المشكلة و مخاطبة الواقع سيصل لذات الهدف الأول لإكمال إخلاء المنطقة من مكونها البشري ، هذا فضلاً عن أن كثير من المراقبين يعتقدون أن هناك هدف آخر هو كسر شوكة هذه القبيلة المحاربة لأنها قد تشكل خطراً على النظام خاصة بعد ضلوع كثير من أبنائها في قيادة حركات التمرد ضد الدولة، و قد يكون ذلك واضحاً بإشعال الشريط العربي بحروب مماثلة شملت الرزيقات ، المعاليا ، الحمر ، البني حسين و غيرهم و هي ذات القبائل التي أعتمد عليها النظام في حربه ضد التمرد ما قبل نيفاشا و ضد الحركات في دارفور ، و بالتالي اصطياد عصفورين بحجر واحد. وإلا لماذا نبرة الأرض التي برزت في مؤتمر صلح الرزيقات والمعاليا المنعقد في 10/5/2014م بولاية غرب كردفان ، التي برزت في مرحلة سياسية بالغة العقيد ، فنظام الإنقاذ يعاني الأمرين فالأولى أن التدهور الاقتصادي الذي شل الحياة برمتها ، والثاني هو تأرجح السياسة الخارجية بين إيران ودول الخليج فضلا عن صراعات المؤتمر الوطني الداخلية، والثالث هو خروج الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وتوقيع إعلان باريس كل هذه الأمور شلت تفكير المؤتمر الوطني وأصبح لا يبالي حيال معالجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي طحنت الشعب بل ظل النظام يغازل دول الخليج بأبعاد إيران عن الصراع السياسي أي بفتور علاقته بإيران هذا من جهة ومن جهة أخرى لإرضاء الغرب وخاضة أمريكا . المهم طرأت لنا مسألة أخرى تتطلب التحليل الدقيق والوقوف على كل المستجدات وابتعاد نظام الإنقاذ عن معالجة جدية للحرب وإيقاف أراقة الدماء بتوفير عناصر الأمن من الجيش والشرطة والدعم المالي للجان التي بذلت قصارى جهدها في حقن دماء الطرفين المتصارعين من أبناء العمومة وتلطيف الأجواء لعقد مؤتمر لمعالجة القضايا الجوهرية وفق ما يطرحه الطرفين والشهود الذين يدلون بالحقائق التاريخية لتجاوز الأزمة مستقبلاً وخلق بيئة صالحة للتعايش والسلام الاستقرار الدائم . وإذا تأملنا كثيراً وقلنا لماذا وقف نظام المؤتمر الوطني متفرج في الصراع الدائر في المنطقة الغربية وخاصة القتال الذي وقع بتاريخ 28/5/2014 م ثم تجدده في 27/6/2014م وأنوه إلى مسألة مهمة بتاريخ 27/6/2014م أنا وصلت الفولة قادم من الخرطوم ومن الساعة السادسة صباح يوم الجمعة وحتى مغادرتي لمدينة الفولة الساعة الثالثة ظهراً وكان القتال دائر بين الطرفين ولم تكن في الفولة مظاهر حرب أو أدنى اهتمام من حكومة الولاية بالقتال الدائر بين الطرفين بل حتى المواطن في الشارع لم يسمع بأن هنالك قتال وقع في ذلك التاريخ ، وعندما غادرت الفولة في تمام الساعة الثالثة ظهراً وكنت بين بقرة والفولة وصلتني رسالة من الخرطوم تشير بأن هنالك قتال دائر الآن شرق كيلو خمسين بين خشوم بيوت المسرية فتعجبت ؟ ، وعندما وصلت مدينة المجلد وجدت هذه الحقيقة المرة بأن القتال وقع الساعة الحادية عشرة صباحا و حتى السادسة مساء ، فتساءلت أين مسئولي حكومة الولاية بدءاً من الوالي ووزرائه وهم المعنيين بهذا الشأن أكثر من غيرهم . [email protected]