في الأسبوع المنصرم إنتفض الشعب البوركيناوي بأكملة في العديد من المدن ضد رئيسه بليز كمباوري القابع في السلطة منذ 27عاما،حين رفض التنازل عن السلطة وأصر علي تعديل الدستور حتي يتمكن من الترشح ويبقي خالدا مخلدا في السلطة،ناسيا إرادة الشعوب التي لا تقهر رغم الذل والهوان وكنف العيش وحينها ظلت المؤسسة العسكرية تراقب الوضع عن كثب وبصورة بالغة القلق ،وبعد أن تمادي الرئيس في موقفه وأطلق عنان جبروته عبر قواته الخاصة في الوقت الذي يتوهج فيه الشعب ثورةً وبركانا وإشتعالاً،وهم ماضون نحو التحدي تجاه تحقيق مستقبل أفضل وبعزيمة غير عادية ماليين الشوراع والأزقه الي أن وصلوا قبة البرلمان وأحتلوه معلنيين بداية حملة التحرر والتحرير من هيمنة الإستبداديين والخونة،وعندما فاض الكيل ربط الجيش زمام جأشه وأتخذ موقفه بكل شجاعة وبسالة،معلنا إنحيازه اللامحدود تجاه الشعب وفي نفس الوقت أصدر قائد الجيش بيانه الأول ذات التوقيع الممهور بالإرادة الشعبية وفيها تم إقالة الحكومة عنوةً وإقتدارا،وهذا الموقف المفاجيء أصاب الرئيس بالذهول والإنكسار فإرتبكت حساباته النمطية تجاه كسره لجسارة الشعب بالقوة المفرطة وخاف من سيناريوا القذافي الأليم،!فإنحني وإستسلم للرحيل بأسف بالغ وحينها رفع الشعب البوركيناوي أعلام الحرية والإستقلال ملوحاً بإنتصاره علي أنظمة القهر والبطش،وكذلك محتفليين بالمصير الجديد للوطن والمواطن الذي سوف يسير علي خطيء الديمقراطية والحكم الراشد،وبذا قد أرسلوا رسالة واضحة لبقية الشعوب التي مازالت تعيش تحت وطأة قهر الدكتاتوريين،قائلين بصوتٍ داوي ومرتفع إفيقوا من نومكم وثباتكم وتحجركم تجاه الثورة وأمضوا قدما نحو التحرر والإستقلالية. قبل أعوام مضت كانت هنالك ثورات في القارة السمراء عرفت بالربيع العربي وهي لم تكتمل ثمارها كي تؤتي أكلها ،عندما تمخض عنها أؤلئك الإسلامويين الضلله فملوا تلك الأوطان جورا وفسادا والنماذج بينة أمامكم،وفي هذا الصدد بدأ العسكر يلوحون ببنادقهم حينا ويطلقون إشارات الخطر في الحين الأخر محذرين الحكام الجدد من مغبة إنهيار الدولة،!ولكن الذين يدعون بأن السلطة هي هبة الله لايصغون لأحد ولايبالون لشيء حتي دق ناقوس الإنذار في مصر وخرج الشعب من جديد وهو يعاني من إفرازات ثورة 25يناير التي ولدت بعد ثلاثون عاما من الغطرسة والإستبداد،وفيها عزم الشعب علي تكملة مشوار الثورة حتي تحقق أهدافها وقد رأيتم النزول للشوارع حينها وما مدي إنحياز الجيش للشعب الي أن تم إقالة محمد مرسي المتشبث بالسلطة ومن ثم جرت وتيرة الأحداث علي ذات المنوال ممخضا النظام الحالي،(نظام العسكر) وفي هذا الإطار يسير مركب بوركينافاسو طالما مؤسسة الجيش نفسها تهيكلت وتأثرت بأمراض السياسة والسلطة، مما يجعلها طامعة في الحكم وربما قريبا سوف يترشح قائد الجيش البوركيناوي إن خلع ثوب قيمه الوطنية ويعد هذه القاعدة من أكثر السيناريوهات إحتمالاً وحدوثا،نتيجة لنمط العقلية السائدة عند أغلب القادة،أي سلوك المصلحة والإنتفاع و الإستفادة من متاريس القوة لتحقيق مأرب السلطة.فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يتشابه الحكام الأفارقة في مناهج الإستبداد والدكتاتورية؟هل الشعوب الإفريقية لا تتوافق مع الديمقراطية كمنهج للحكم،! أم إن الدكتاتورية هي الخيار الأفضل وفقا لبيولوجية الشخصية الإفريقية كما يزعم بعض المصريين(بأن مصر لا يحكمها إلا فرعون)وهذا ما يجعل الحاكم من صف العسكر. في تقديري أن للجيوش دور مهم في حماية مكتسبات الوطن والامة،كما لها دور عظيم في حراسة الديمقراطية وتقويمها إن دعت الضرورة،أي عندما ينحرف الحاكم عن مساره الديمقراطي وهذا يقود لعملية التوازن بين الحكام والمحكوميين،وكل المؤسسات العسكرية الشريفة تلعب هذا الدور الإيجابي من أجل الحفاظ علي الأوطان سوي كان من أعداء الداخل أو الخارج.ونموذجي مصر وبوركينافاسو يستحقان الإشادة والثناء لأنهما أعادا بريقا من الضوء للشعبين اللذان تذوقا معا مرارة وقساوة التجارب اللانسانية. فكل الدول التي تمتلك مؤسسات عسكرية وطنية وشعوب زاخرةٌ بالإرادة الوطنية اللامحدود تستطيع تغيير مصيرها مهما طال الزمان او قصر!،فهل يستطيع الجيش السوداني الوقوف بجانب الشعب إن ثار مجددا ضد حكومته الفاسدة سياسيا وأخلاقيا؟قد تكون الإجابة لا عند الكثيرين وفقا للواقع مع إن الجيش السوداني هو الوحيد الذي إحترم مبدأ الديمقراطية تاريخيا حين انهي الفترة الإنتقالية وسلم الحكم للحكومة المنتخبه،وكان هذا مؤشرا إيجابيا ودرسا أخلاقيا تم تلغينه لبقية الجيوش في إفريقيا والوطن العربي،ولكن تكمن الحيرة في كيف يتم تدريس المدرس مادته!؟ في إعتقادي هنالك طريقتان وهي إما ان يقوم المدرس بمراجعة مادتة والإستفادة من خبرات الاخرين في الحداثة،أويتم تدريسه من قبل تلاميذه الذين تفوقوا تكنولوجيا بمواكبة عصر النهضة والحداثة وإن لم يفعل الإثنين فحتما سوف يركن في مزبلة التاريخ!.لذا كل مؤسسات العسكر في دول الإستبداد تحت قائمة الإختيار الإجباري وهي إسترداد الكرامة والجسارة عن طريق التحالف مع الشعوب المقهورة أو إنتظار الطوفان والإحتراق مع مصاصي الدماء وهنا لكم الخيار فإختاروا. بقلم/صالح مهاجر خلف الستار 3.11.2014 [email protected]