في السودان وفي ظل الدولة الوطنية وحكوماتها -عسكرية ومدنية- منذ استقلال السودان في يناير 1956ورغم غنى المنطقة بمختلف الموارد من ثروات البحر (سمكية وغيرها) وثروة حيوانية وتعدينية، والميناء وما يدره للدولة من دخل ..ولعله من المعلوم أن دخل الدولة من الموانئ في السودان يشكل نسبة مقدرة من جملة الدخل القومي. ورغما عن كل ذلك فإن الإقليم مازال شديد التخلف اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وقد ظل انسان الشرق يعانى من الاهمال وغياب التخطيط لأية مشاريع تهدف لتطوير منطقتهم أو لتقديم خدمات ذات قيمة لهم. وقد تفاقمت أحوالهم منذ اوائل سبعينيات القرن الماضي بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب منطقتهم مما اضطرهم للتخلص من الكثير من ثروتهم الحيوانية واللجوء الاضطراري لمدن الاقليم بحثا عن عمل. وهكذا ظل البجا يرزحون في قاع هوة الفقر والجهل والمرض. بحسب تقارير حكومية ومنظمات انسانية ودولية سجلت ولايات الشرق أعلي معدلات وفياة الاطفال والامهات وتنتشر فيها امراض الايدز والكلازار والملاريا وسؤ التغذية وفقر الدم والسل ويعاني السكان من غياب الخدمات وانعدام التنمية وتدهور البيئة والزراعة وانحسار المراعي والغابات وندرة المياه والجفاف وتحصد مخلفات الحرب والالغام ارواح الكثيرين في تلك المناطق المنسية من العالم . منظمات كثيرة كانت تقدم المساعدة للبؤساء في أصقاع شرق السودان والحكومة السودانية تفرض سياجا من العزلة والتعتيم علي الاوضاع الانسانية في شرق السودان وعلي المجتمع الدولي تحمل مسؤلياته وواجباته تجاه السكان في شرق السودان . مشكلات اقليم الشرق هي جزء من مشكلات السودان ككل، وقد تكون نموذجا مصغرا للمشكلات التي يعيشها ذلك البلد في مختلف اقاليمه، وهذا الاقليم يحده من الشمال مصر ومن الشرق اريتريا والبحر الاحمر وفي جزء من الجنوباثيوبيا وهو اقليم يمتاز بالتداخل السكاني مع تلك الدول وفيه الميناء السوداني الرئيس المطل على البحر الاحمر. اقليم الشرق رغم وجود الميناء الرئيسي فيه "ميناء بورتسودان" ووجود الاراضي الخصبة الزراعية ومساحات كبيرة «كدلتا طوكر» و«دلتا القاش» والزراعة المطرية فى القضارف والفاو اضافة الى وجود نهري «القاش» و«بركة» اللذين يصبان في منطقتي "طوكر" تجاه بورتسودان، ومنطقة اروما في كسلا لا يزال يعاني الفقر والذي امتد لكافة النواحي رغم أن الاراضي الزراعية كان لها دور اقتصادي هائل في عهد الاستعمار حيث عمد الانجليز الى زراعة القطن والذرة والخضروات ومن ثم تصديرها بكميات ضخمة. ورغم ان الزراعة لم ترتق الى ذلك العهد رغم تميز ولاية القضارف بزراعة الذرة والسمسم الا انها تشابه الى حد كبير مردود الاهالي من تجارة الحدود مع كل من اثيوبيا واريتريا التي تجري وفقا للاوضاع السياسية الملائمة بين السودان وتلك الدول. الحديث عن التعدين فى ارياب يطول الحديث عنه بالرغم من ذخور المنطقة بالكثير من عروق ومناجم الذهب الا ان المنطقة تبدو اكثر فقرا بالرغم من انتاجها للذهب والذى لم نسمع حتى الان فى دخوله فى الميزانية العامة ولم نسمع عن احصائيات عن ذلك منذ بداية التسعينيات وحتى الان فالامر مخفى عن الجميع . التعليم ومن المفارقات ايضا ان التعليم حتى الاساسي في هذا الاقليم تراجع كثيرا عما كان عليه في عهد الاستعمار الانجليزي حيث كانت هناك مدارس ابتدائية واعدادية اضافة الى "داخليات" كثيرة جدا الا ان تلك المباني اقفلت مع بدء عقد الثمانينات من القرن الماضي بسبب اهمال الصيانة .وقد تعاقبت على اقليم الشرق انظمة الحكومات في السودان ليصبح في عداد الاقاليم المتخلفة جدا وقد يكون عدم مشاركة ابناء الاقليم في الحكومة المركزية في السابق السبب الرئيسي في عدم معرفة متطلبات واحتباجات ومتطلبات ابناء الشرق . وقد كان ذلك السبب الرئيسي في نشوء اول حركة سياسية في الاقليم سنة 1957 وهو ماسمي بمؤتمر "البجا" والذي انطلق من مدينة بورتسودان ليمتد الى باقي المدن الحدودية في الاقليم وتركزت مطالبه على دعم التنمية والارتقاء بالمستوى المعيشي لابناء الشرق وهي المطالب التي تصاعدت تدريجيا الى ان تم تبني رفع السلاح في وجه الحكومة والتى انتجب بما يعرف باتفاقية الشرق التى لم تحقق حتى الان نسبة 1% من بنودوها وقد تخلى اغلب قادتها عن المطالب التى من اجلها ضحى البجا برفع السلاح وقدم الكثير من الشهداء فى جبهة الشرق وليس هذا فقط فقد شارك بعضهم فى احراش الجنوب ضمن الحركة الشعبية بعضهم استشهد وبعض لا يزال على قيد الاحياء يحكون عن تجاربهم النضالية ضد هذا النظام واوقودو شعلتها منذ بداية التسعينيات. حتى الان وللاسف الشديد يرزح تحت مثلث رهيب ( الجهل والفقر والمرض ) ورغم كل ما يشاع عن المساعدات التى قدمت لاقليم الشرق الا انها ( فقاعات اعلامية ) ليس الا وقد كشفت ذلك الاستاذة نجلاء سيد احمد بتسيرها قافلة الى جنوبطوكر بينما كانت مساعدات الحكومة المركزية تصل الى كشمير الحديث عن ما يجرى فى شرق السودان من تهميش متعمد وللاسف الشديد من بعض ابناءه يطول كثير وكثير وهناك الكثير من المآسى التى لا تحصى ولا تعد ساحاول العودة اليها بالتفصيل اذا وجدت متسعا من الوقت مع كل احترامى [email protected]