منذ نصف قرن من الزمان ونيف نبعت فكرة الهجرة لشباب دارفور لشتي بقاع الأرض بحثا عن المال أولا من ثم العلم حسب معيار الأغلبية في الحاجيات، ونتيجة لشح الموارد والإمكانيات وضيق الحيلة تصدر المال قائمة الأولويات من أجل سد رمق العيش وفجوة الكفاف الذي بلغ ذروته بسبب السياسات المركزية تجاه الإقليم ،وكان لهجرة الشباب المحدودة تبعاته الإيجابية في السابق لأن مستوي الهجرة لا تزيد عن فرد واحد في الأسرة الممتدة وهذا ساعد في تماسك النسيج الإجتماعي وتوفير الحماية لها من الاعداء الذين يتربصون خلف الكواليس بغرض هتك أعراض الأسر والنيل من شرفهم ، وقد ساعد أيضا تواجد الشباب ذوي السواعد القوية في المدائن والقري علي نسف كل المخططات الممنهجه والمبرمجه مسبقا لتفكيك قوة الترابط والتماسك لأهل دارفور الذين كسوا الكعبة من حر مالهم ذهابا إليها والعودة بالدواب فمن أشرف منا تدينا. وبعدها تفاقمت هجرة الشباب بسبب ضنك العيش ، محسوبية التوظيف،قبلنة الوظائف،والتصنيف اللوني والإقليمي سياسيا وإجتماعيا داخل الوطن فروا هربا من هذا الجحيم لبلاد المهجر من أجل إسعاد أسرهم المكلومه، فبقيت منهم من بقي في الغربة لعشرات السنين وهو يكد ليلا ونهارا ويرسل كل ما يجنيه لأسرته التي إزدادت معاناتها بسبب الحرب والنزوح القسري للمعسكرات،وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل أصبحوا مستهدفين في أعراضهم من قبل المليشيات وقوات الجنجويد وغيرهم من أعداء الإنسان والإنسانية وهذا الجرائم الفظيعة التي ترتكب عنوة وإقتدارا من قبل منسوبي النظام لم تأتي من فراغ أوصُدفة بل تمارس تحت الإصرار من أجل مآربهم لتدمير إنسان دارفور نهائيا وكسر شوكته وبسالته المعهودة التي عُرفت عبر العصور عن طريق إستخدام آليات سطوة القوة وعنفوانها بميكانزمات البطش والقهر والتنكيل والفصل التعسفي وغيره لدفع الشباب دفعا نحو الهجرة،من ثم إستثمار فرصة غياب القوة الشبابيه داخل الأسر لأن معظم المهاجرين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين عاما أي ذروة الشباب الحامي للأسر والحارس للأعراض،وبما أن هذه الشريحة التي تمثل العمود الفقري وصمام الأمان للأهل والوطن قد غابت أوغُيبت يستطيع العدو أن يرتع كيفما يشاء طالما ظل متربصا منذ أمدٍ بعيد وقد شاهدتم بأم أعينكم في القريب العاجل (مأساة منطقتي تابت وحمادة) والفصل التأسفي لطلاب دارفور من جامعة بحري بسبب الرسوم الدراسية وهلمجرا. وأجد نفسي متفقا تماما مع مقولة أحد الفلاسفة حين قال:مهما بلغ نجاحات الإنسان في المعارف والسياسة والإقتصاد ذروتها لا يساوي الفشل الأسري" أي مهما هاجرنا وإغتربنا وجنينا من الأموال وكنوزها ونهلنا من شتي بحار العلوم وحملنا الشهادات العالميه المرموقه وغيرها،كل هذا لايساوي شرف فتاة تنتهك داخل أسرنا طالما فشلنا مرارا وتكرارا في توفير الحماية لها ولزمنا الصمت! إذن سوف يظل العار حليفُنا طول الدهر ما دمنا علي قيد الحياة ولم نثأر ونثور ضد الخونة والمجرمين منتهكي الأعراض والكرامة.فما الفائدة من الغربة ولم المال طالما هنالك مصاصي دماء يشربون من دمائنا ونحن نتفرج! ولما الفائدة من تعلمينا طالما لا نستطيع فضح ممارسات النظام في كل مكان نتواجد فيه عن طريق الإدانة والإستنكار ورفع مذكرات ممهورة بشرف النساء المغتصبات لأجهزة العدالة الدولية مطالبيين بمحاكمة المجرميين تحت شرط إستخدام خياراتنا الاخري إن لم يتحركوا !! كذلك ما فائدة التمرد وحمل السلاح ضد نظام الطاغوت والجبابرة الضلله والميارم يتم إغتصابهن نهارا من قبل المارقين بقوة السلاح والحركات المسلحة بأسمائها المتعددة وأعدادها المهولة تظل مكتوفة الأيدي دون رد الصاع صاعين، ومن خجل منهم إستخرج بيان إدانة ممهور بتوقيع الرئاسة من فندق خمس نجوم وإكتفي! وهنالك أخرون يكتفون بترديد نونات الجامعة العربية الثلاث"نشجب،نستكر،ندين" فهل تستقيم هذه اللغة مع منفستو الكفاح المسلح الذي يفضي الي تلقين المعتدي درسا جبارا لا ينساه طول العمر عندما يتجرأ او حتي يفكر مجرد تفكير في مس الأمهات،الأخوات،الحبيبات بأذي وإن فعل ذلك كان مصيره التتويج لمزبلة التاريخ. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة للحركات الدارفورية إن جازت التسمية من أجل ماذا تناضلون طالما أعراضكم تنتهك وأنتم صامتون؟رحم الله الشهيد دكتور خليل وجنده حينذاك عندما إتخذوا خطوة جريئه لإستئصال النظام الفاسد من جذوره في سابقة لم ولن تحدث لها مثيل،وهو ضرب النظام في عقر داره تحت مسمي عملية الزراع الطويل لأنه كان يعلم ما مدي نسبة الجرائم التي ترتكب في حق إنسان دارفور إن بقيه نظام الإنقاذ في الحكم ، اولا تتجرأ الحركات المسلحة ولو لمرة واحدة لحماية مواطنيهم من العدو الغاشم ! أولا يسمعون صرخات الميارم التي تملا السماء ضجيجا من هول العذاب والبطش الجسدي والنفسي!كيف ترون حكايات إغتصاب الفتيات أمام أهاليهم لوسائل الإعلام العالمية كأخبار دون أي تدخل عاجل منكم لإنقاذ الوضع المزري علي الأرض، أو ليس لديكم المقدرة في صناعة أي إستراتجية كسابقة دكتور خليل لإنقاذ النساء اللائي يُغتصبن باستمرار ، أم كل تطلعاتكم أصبحت من أجل السلطة والثروة فقط !؟اوليس من الممكن إطلاق صافرة نجدة حواء الدارفورية لكل الشرفاء الأشاوس من أبناء دارفور تحت مظلة الزراع القصير لحماية شرف الميارم والكنداكات. نداء لكل شباب دارفور الأخيار في شتي بقاع الأرض وأينما كنتم تعالوا الي كلمة سواء نتفق فيه علي الحد الأدني حماية أعراضنا ، ولا قيمة للإنسانية فينا إن لم نحافظ علي أهلنا وأسرنا و تأكدوا مهما جمعنا أموال الدنيا وعلومها فهي لا تساوي كرامتنا فهنالك خياران لا ثالث لهما إما ثورة حقيقية نسترد بها كرامتنا كبقية الشعوب أو نصبح سكانا للقبور . فلا حياة بدون كرامة لذا لابد من فعلٍ يوازي المرحلة ويُعيد للأيام دورتها تجاه الشمس وتُحيي الأرض البتول"دارفور الأم والحبيبة" . بقلم/صالح مهاجر خلف الستار [email protected]