في مطار جاكرتا .تفأجأ جموع المواطنين بالرئيس الأندونيسي وحرمه في الصفوف ..الرئيس القليل الظهور في أجهزة الأعلام . عول علي ذلك في تجاوز مطب (المعرفة) .ولكن ذلك (الظن) بدأ يتبدد رويدا رويدا بنظرات الجميع ومعرفتهم (العميقة ) بشخصه .. حاول قدر الامكان أن يتجاهل كل النظرات التي باتت تصوب اليه .مابين التعجب والأستغراب وحب الأستطلاع..لم يعر الرئيس الأمر أدني أهتمام .بل واصل الوقوف في صف الأنتظار .كانت المفأجأة ان الرئيس يقف في صف الدرجات السياحية ..زهيدة الثمن .وانتظر واقفا حتي ظفر بطلبه أستعدادا لوجهته التي كانت لحضور مناسبة تخريج تخص أبنه في أحدي الدول المجاورة .. لم يكن لدي المراسم أي علم بوجهة الرئيس او بتلك المناسبة .خصوصا وان ايام السفر كانت عطلة أستغلها الرئيس في الأستعداد والسفر مع حرمه لحضور المناسبة الأسرية التي تجرد الرئيس فيها من كل ألقابه وتشريفاته ليكون أبا لأبنه .الذي نجح بأمتياز في الجامعة ..فسافر الرئيس (أبا) مع أسرته الصغيرة ليعيش طعم السرور والفرح الأسري الخالص ..تنبه المراسم لسفر الرئيس المفاجئ ..جعلتهم يعيدون برمجة رحلته لتخللها رسميا لقاءات الأخوة وبحث العلاقات الثنائية ..وتعزيز فرص التعاون والأستثمار بين الموائد الفخمة وطاولات الحوار ... تلك الحادثة جعلت الرئيس يحظي بالأحترام والشعبية المتزايدة ..فقد فصل بين عباءة الرئيس والأب ..فقد أجاد الدور تماما في التفريق بين العباءتين ..فقد كان بأمكانه أن يستغل منصبه كسبا للوقت وتأكيدا للسلطة أمام أسرته وأبنه ..لكنه آثر ان يقف مع يصطفون ..وان يحظي بالتزاكر علي قدر واقعه وراتبه ..وان يعيش الفرح مع أبنه وأسرته بعيدا عن تقييد المراسم ..ورهق البرتكول .. حادثة الرئيس الأندونيسي ..جعلتني أعيد البصر كرتين في واقعنا ..فقد شهدت مئات المواقف المشابهة لرجال الدولة وأن اصطبغت بلون (الشخصية) ..الا أنها بالغت في (الصورة) اظهارا للسلطة ..والمكانة .التي يبدو أنها أضحت مركب نقص في كل مسئول ..فعشق المنصب حتي (الثمالة)..فتري المواكب ..بعيدا عن الرسمية وفي المناسبات الأجتماعية .ومما يثير الدهشة أنها في أيام العطلات .التي ينبغي ان يخلد المسئول فيها بموكبه الي الراحة الا فيما يطرأ من حدث ..فيكون قيد الأستعداد والتحرك ..ولكن تلك الصورة باتت شائهة.فقد باتت السلطة يستغل نفوذها في تكملة ذلك (النقص) التي تجعل صاحبها لايتناهي .حتي عن استخدام سلطته وتسيير مواكبه لمناسباته الأجتماعية والأسرية ولو كان ذلك في ايام العطلات والاجازات الرسمية ... التفريق بين العام والخاص فقه يفتقده واقعنا تماما ..نحتاج لتعلم ذلك الفقه ..حتي لايكون المنصب (مغريا) في اظهار السلطة واستغلال النفوذ ..الغبن (الحديث) الذي بات يعتري واقعنا بات (مترادفا) مع ذلك النقص في اظهار الشهوة والنفوذ ..فبات (عسيرا) مع ذلك الوضع التفريق بين الخاص والعام ..تلك (الفوضي) في استغلال السلطة) تحتاج لحسم عاجل ..لفض ذلك الأشتباك (الدخيل) ..والنقص (الوافد).. لاننكر ان هناك نماذجا في واقعنا فصلت بين العام والخاص ..بل وصارت حكايتهم في ذلك تروي قصصا وعبرة ..لكن تلك (النماذج) باتت مهددة بفعل الواقع الحالي ..الذي أحال مثاليتها الي انقشاع بفعل الممارسات الحديثة التي تري في اظهار السلطة واستغلال النفوذ مرادفا للمنصب .فوجدت (مثالب) السلطة حظها في النشأة والنمو بيننا ..لغياب الوازع والمحاسبة الكافية التي تجعل من المنصب في حكم التكليف وليس التزين والتشريف ... [email protected]