في عقد التسعينات المنصرم من القرن الماضي عندما كانت الانقاذ فتية مفتولة العضلات ولها انياب حادة ،كانت دبلوماسيتها لاتتواني في اتخاذ ماتراه مناسبا وحافظا لكرامتها من قرارات مهما كانت باهظة التكاليف ،وكانت تستمد قدرتها علي ااتخاذ القرارات الجريئة من قوة المد الثوري الذي كان طابع تلك الفترة ،صحيح ان العديد من تلك القرارات جوبهت بانتقادات ورفض واسع وقتها من عديدين ،واسهمت في اطباق الحصار والعزلة المجيدة علي النظام اخضر العود ساعتئذ الا ان ثوار الانقاذ ايامها كانوا لايبالون بشئ يقف ضد تمكينهم وتمتين عودهم في السلطة ،هذه المواقف لازال السودان يتضرر منها ويسدد في فواتيرها ،وتحمل الخارجية (وش القباحه)عقب كل قرار صاروخي ايامها . ولعل الذاكرة السودانية لازالت متقدة وتحفظ الكثير من تلك القرارات كطرد السفير البريطاني وقطع العلاقات مع اكثر من دولة تبنت ورعت مواقف مناهضة للانقاذ . ولعل اللافت للنظر الان هو استدعاء الخارجية السودانية للسفير الاردني بالخرطوم في وقت دخلت فيه الانقاذ مرحلة جديدة من بنائها الفكري والشياسي ،غادرت فيه مربع العنترية في القرارات والثورية التي كانت تصطبغ بها في عهدها القديم ،ومضي وقت طويل حتي ظن الكثيرين ان انياب الخارجية وقراراتها الحاسمة قد ولت وانتهت ،لتحمل الاخبار نبا استدعاء الخارجية للسفير الاردني بالخرطوم عابد جميل وابلاغه احتجاج السودان واستنكاره باقوي العبارات لمداخلة نائب المندوب الدائم للاردن بالامم المتحدة التي كان قد القاها تعقيبا علي بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية امام مجلس الامن ،واكدت الخارجية ان بيان الاردن امام مجلس الامن كان بمثابة اعادة انتاج لما طالبت به مدعية المحكمة الجنائية الدولية ضد السودان .وطبقا للتصريح الصحفي الصادر من الناطق الرسمي للخارجية يوسف الكردفاني الي ان ما جاء في ا لبيان الاردني كان محل دهشة واستغراب السودان ،كونه ياتي من دولة عربية شقيقة ،علاوة علي تناقضه مع الموقفين العربي والاسلامي الرافضين تماما لمواقف المحكمة الدولية تجاه السودان ،وشددت الخارجية علي وجوب الاردن لاعتذار رسمي وعلني خاصة وان جميع اهل السودان استنكروا بشدة هذا الموقف غير المبرر .الذي عدته الحارجية لايتسق مع طبيعة العلاقات الاخوية المتميزة التي تربط بين البلدين والشعبين . البروفسير حسن الساعوري المحلل السياسي تماهي مع خطوة الخارجية باستدعاءالسفير الاردني ووصفها بالخطوة الجيدة والجديدة ،وقال ل(المستقلة)نتمني ان تنحو الدبلوماسية السودانية هذا المنحي وتتحرك بفاعلية مع القضايا التي تمس سمعة السودان ،والا تقتصر تحركات الخارجية وتصريحاتها بشخص الوزير وحده،مضيفا يجب ان تخرج مؤسسات الخارجية عن صمتها وتتحدث متي ما كانت هناك ضرورة للحديث . وعاد وجدد تثمينه لخطة الاستدعاء مذكرا بالقرار الذ ي اصدرته الجامعة العربية في وقت سابق واعلنت فيه رفضها لاتهام المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير ،مؤكدا ان الاردن عضوء بالجامعة العربية وينبغي الالتزام بقرارات الجامعة ،او عليه تقديم مبرراته اذا استجد لديه جديد ،لكنه راي ان الاستدعاء في حد ذاته ممارسة جديدة ومختلفة حض الخارجية علي السير قدما فيها . السفير الاردني بالخرطوم برر للخارجية موقف بلاده بقوله:نحن نحرص علي تطوير علاقات الاخوة والتعاون بين البلدين ،ومؤكدا في ذات الوقت عدم وجود اي تغيير في السياسة الاردنيه تجاه السودان ،موضحا ان البيان الذي القاه مندوب بلاده بالامم المتحدة في تلك الجلسة كان مرتجلا ،ولم يكن مقررا او معتمدا من قبل الخارجية الاردنية .وشدد علي حرص الاردن علي احتواء الموقف حفاظا علي هذه العلاقات الاخوية المتميزة التي تربط بين البلدين . [email protected]