استنكر عدد كبير من القراء في الولايات اهتمامنا بقضايا العاصمة، وما سموه تهميشنا للولايات في كتاباتنا، وعلى الرغم من أن غالبية كتاباتنا تتناول الجانب الاجتماعي والحياة الأسرية وقضايا المرأة والطفل وهي جميعها قضايا موحدة تشترك فيها الولايات والعاصمة؛ إلا أنه لابأس أن نخصص هذا المقال لواحدة من العادات الاجتماعية السيئة والتي تمارس بصورة يومية في كثير من ولايات السودان، وخاصة أهلنا في منطقة الجزيرة. وتلك العادة هي التداخل المفرط بين البيوت وبصورة مزعجة، وأحياناً دون مراعاة لحرمة البيت وخصوصية الأسرة، وهنا أعني الوجود المستمر للرجال في أماكن النساء والعكس، بمعنى أولاد الأهل والخيلان والأعمام وهلم جرا والذين يدخلون من بيت ويخرجون لآخر من غير (إحم أو دستور) . بل إنهم يتغولون داخل المنزل حتى يصلوا المطبخ وغرفة النوم، وهي تصرفات تخرج منهم بعفوية ولا مبالاة وبراءة، وأحياناً أخرى تخرج عمدًا وبمبالاة وخبث. إن طبيعة الريف وإنسان الريف أحياناً تجعله أبعد ما يكون عن الطقوس والإتيكيت وقواعد البرستيج والنظام؛ فيجنح إلى التعامل مع الأشياء بأسلوب يغلب عليه طابع (الحااااالة واحدة) . وقطعاً الحالة ليست واحدة فإن للبيوت حرمتها، وحرمتها تلك ينبغي أن تراعى في تفاصيل تعاطي الآخر مع ما استوجب حرمة هذه الدار أو تلك . وفي مناسبات عدة وأكثر من مكان يمكنك أن تجد أحدهم مستلقياً على سرير وسط الدار و(عاااادي لو غفلت شوية) يمكنك أن تجده قد أوصل هاتفه بشاحنك الخاص وبدأ يغير في برمجة وترتيب القنوات، هذا طبعاً بعد أن يستبدل ملابسه ب(عراقي) بلدي ويضع ملابسه المتسخة مع غسيلك الشخصي أو يعلقها داخل الحمام. إن التواصل الاجتماعي مهم، وصلة الرحم من الصلة بالله والزيارات الأسرية محببة، ولكن إطالة زمن الزيارة والإقامة المنتظمة والتداخل الشديد في التفاصيل الخاصة وعدم احترام خصوصية الآخر ليست من الإيمان في شيء، ولا تؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية في العلاقات الأسرية. أحد القراء من ولاية الجزيرة واسمه مولانا (الماحي دفع الله محمد) ويعمل (قاضياً ) سرد عليّ تفاصيل بعض المآسي الأسرية وكثيراً من التجاوزات الأخلاقية نتيجة لهذا التداخل غير المبرر. وهو أمر حقيقي يجب أن نقف عنده ونقتنع به (مافي حاجة اسمها الحالة واحدة). [email protected]