"سوداني الجنسية بغض النظر عن عرقه أو دينه".. رئيس الوزراء يحدد ملامح حكومة الأمل المدنية المرتقبة    لما سقطت طهران... صرخت بورسودان وأبواقها    "الأمة القومي": كامل ادريس امتداد لانقلاب 25 أكتوبر    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    الحكم بسجن مرتكبي جريمة شنق فينيسيوس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها ب 149 هدفاً مقابل لا شيء؟    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    في شنو تفاوض (جاك ديارا) وتسجل (بخيت خميس)؟!    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو العربي . . ؟
نشر في الراكوبة يوم 28 - 12 - 2014

اذا اعتقد العرب ان هذا الدين العالمي الذي نزلت فيهم اياته, يمنحهم امتيازا خاصا ويجعلهم عنصرا ارقى من سائر الاجناس, فسينشاء عن هذا الخطاء رد الفعل الذي لا بد منه وستقوم الشعوب الاخري لتدافع عن قيمة دمائها وكرامة عنصرها). الكلمات السابقة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه (مع الله).
منذ بداية الاسلام والي ما قبل انهيار الدولة العثمانية كان ولاء المسلمين الاول لدينهم حيث كان هو عنوان هويتهم يعادون ويحبون ويبغضون في سبيله, حيث ذابت تحت لوائه جميع العصبيات والعرقيات , كل ذلك مع معرفة الناس لاصولهم ولقبائلهم ولكن لم يكن هناك جنس يشعر بانه افضل من الاخرين فقد كان الجميع محفوظ الكرامة واي عيب يرونه في سلوك بعضهم يرون انه من امر الجاهلية فيلومون انفسهم على تقصيرهم في نشر العلم. ولكن في الايام الاخيرة للدولة العثمانية وبعد سقوط معظم اجزائها بيد الاستعمار بدات الدعوة الي القومية (العنصرية) العربية في الظهور وقد انعقد اول مؤتمر للقوميين العرب في باريس في العام 1910 وكان معظم رواد هذا الفكر الجديد من سوريا ولبنان والعراق وقد اوضحوا ان فكرهم يرتكز على (مبداء ايمانهم بالعروبة كعقيدة ناتجة عن تراث مشترك من اللغة والثقافة والتاريخ ويؤمنون بحرية الاديان وهدفهم هو الوحدة علي اساس العنصر العربي) اي ان الاسلام ليس من بين اهتماماتهم. واستمرت هذه الحركة في النمؤ حتي اصبحت هي القوة السياسية الاولي والمحركة للشعوب في سوريا ولبنان والعراق ومصر, وتبنت الاخيرة تلك الدعوة بقوة, وفي العام 1945 تم انشاء جامعة الدول العربية في مصر (اظنها المنظمة السياسية الدولية الوحيدة في العالم التي تحمل اسم جنس بشري) وكان انشاء الجامعة بفكرة ومباركة بريطانية حيث بدأت بسبعة دول جميعها كانت تحت الاحتلال ما عدا واحدة ثم انضمت بقية الدول بعد استقلالها, وقد اصبحت تلك المنظمة من المسلمات السياسية في المنطقة واضعة الاساس المتين لفكرة القومية العربية وتحت تاثيرها تم تصميم مناهج التعليم في معظم دول المنطقة ليصبح الانتماء للقومية العربية هو الاصل, في تراجع ظاهر للانتماء على اساس الاسلام.
وجد السودان منذ استقلاله المسرح السياسي في المنطقة جاهزا فانضم الي جامعة الدول العربية في العام 1956 بعد اسبوعين فقط من استقلاله, ومن ثم ظلت الحكومات المتعاقبة على السودان تعيش في ظل المزاج العربي وتسابقت في تأكيد الانتماء للجنس العربي وتم تقييد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتلك القاطرة العنصرية دون النظر لجوهر تلك الدعوة التي ان كان البعض قد دخلها بفرصتي الربح اوالخسارة فقد دخلها السودان بفرصة الخسارة وحدها, فعلي الرغم من ان معظم اصول سكان تلك الدول اعاجم (ليسوا عربا) الا ان اشكالهم تشبه العرب ولذلك لم يكن صعبا علي بعضهم اعلاء قيمة الهوية العربية, فمثلا معظم سكان المغرب والجزائر وتونس وليبيا امازيغ او وطوارق وحتي اليوم اللغة الامازيغية معترف بها في الدستور المغربي كلغة رسمية وتنتشر كثيرا في تلك الدول, اما سكان مصر فتعود اصولهم لخليط كبير من الاجناس كالاقباط والرومان واليونان والهكسوس والاشوريين والعرب والاتراك وغيرهم, وهكذا الحال بالنسبة لسوريا ولبنان والعراق حيث يوجد الاكراد والتركمان واليزيديين وغيرهم , وكذلك الحال في السودان وبقية الدول المسلمة وخاصة في افريقيا, وقد ادى ذلك لانفصام الدول التى تبنت الفكرة العربية عن الدول المسلمة الافريقية فعلي الرغم من اسلامهم وقف التعنصر العربي حاجزا امامهم ليشعروا بالغربة وعدم الانتماء للمسلمين الناطقين بالعربية وذلك لان بشرتهم السوداء وتكوينهم الجسماني يختلف عن الاخرين ولم يكن من اللائق انتماؤهم للجامعة العنصرية الجديدة.
والملاحظ انه منذ نشؤ تلك الدعوة الخبيثة وحتي اليوم لم تحقق اي من اهدافها فقادتها يقولون ان هدفهم هو الوحدة العربية, والفرقة والشتات والكراهية الحاصلة بين دول الجامعة العربية ليس له مثيل في التاريخ منذ انشائها وحتي اليوم بل الفرقة والشتات موجودة حتى داخل الدولة الواحدة فالعنصرية والتفرقة تجدها بين ابناء البلد الواحد , كيف لا والعنصرية جرثومة خبيثة كالسرطان لا تتوقف عن الانتشار حتي تسبب الهلاك . وهكذا تمخضت العصبية العربية فولدت العصبية القطرية فاصبح سكان كل قطر يرون انفسهم افضل من اهل القطر الاخر ويفخرون بتاريخ لا علاقة لهم به, تاريخ بحثوا عنه بين الحفر ونسبوه لانفسهم مدعين عراقة يتباهون بها وهم في جهلهم لا يرون سوءاتهم, ومع موجة الفخر العام في المنطقة انتقلت جرثومة العنصرية للمجتمع السوداني لتدق اسفين الشقاق بين المسلمين في السودان وبين السودانيين القريبين من اعتناق الاسلام, هذا مع عدم انتباه الحكومات التي جارت الموجة العنصرية طمعا في التقرب من دول المنطقة كأن العروبة شرط من شروط صحة الاسلام او شرطا من شروط الحياة الكريمة, فكان الاعلام وما يزال يتغني بالانتماء العربي والاصل العربي وما الي ذلك من دعاوى جاهلية, ولم تتوقف الجرثومة الخبيثة عند هذا الحد بل اصبحت كلمة عربي في السودان تستخدم بمعنيين للمدح وللذم, للمدح عندما تطلق في وجه غير العربي وللذم عندما تطلق في وجه البسطاء واهل البادية من الناس, واستمر التشرذم والتفكك ليصبح حروبا دامية بين القبائل العربية نفسها فلعبة البحث عن الشرف والكرامة في العرق لعبة لا نهاية لها , كما اصبح الكل مهووس بتأكيد جودة عنصره فاصبحت العروبة نفسها درجات ومراتب , وهكذا تردت الامة كلها الى اسواء المواقع فقد ابتعدت عن ايام نقائها وصفائها , ايام ان زوج رسول الله اسامة بن زيد الذي كان اسود البشرة افطس الانف شديد الشبه بامه الافريقية (بركة الحبشية) زوجه فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية رفيعة النسب التي كان ممن خطبها معاوية بن ابي سفيان فاستشارت رسول الله فاشار عليها بان تتزوج اسامة فتزوجته ولم تندم على ذلك فقد قالت (لقد اغتطبت بنكاحي اياه) , وقد كان رسول الله يحبه ويحب امه الافريقية السوداء رضي الله عنها فقد ربته وكان صلى الله عليه وسلم يقول عنها (هي أمي بعد أمي وبقية اهل بيتي) وكان رسول الله يحمل اسامة وهو صغير على فخذه ويضع الحسن بن فاطمة الزهراء على الفخذ الاخر ويقول (اللهم اني احبهما فاحبهما) . وهكذا كانت الامة الاسلامية من بعده حيث كان عمر بن الخطاب كلما لقى اسامة بن زيد قال : مرحبا باميري ... فاذا رأى احدا يعجب منه قال : لقد امره علي رسول الله صلى الله عليه وسلم). أما اليوم فيكفي ان نذكر حادثة الهتافات العنصرية في العام 2013 التي هتف بها مشجعي نادي الهلال السعودي ضد فريق الاتحاد السعودي والتي قام الاتحاد السعودي على اثرها بمعاقبة نادي الهلال بغرامة مالية وحرمان مشجعيه من الدخول لعدد من المباريات فقد هتفت الجماهير ضد اللاعبين (نيجيريا نيجيريا) يقصدون عبيد عبيد, وليس هذا فحسب فالنجديون اليوم يرون انهم افضل من الحجازيين والجنوبيين والبدويين وكلهم يترفعون عن من يسمونهم (طرش بحر) اي بقايا حجاج,ولا نريد ان نستزيد في هذا الجانب حيث اننا لا نريد ان نفتح ملف العنصرية في بقية الدول العربية الاسيوية او الافريقية فان ذلك سيغير نظرة السودانيين لهذه الدول التي يحبون شعوبها ففي نهاية الامر هي شعوب مسلمة والخير موجود فيها, ولكن هل فهمتم ما هو الفرق بين الامس واليوم؟
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالته نقد القومية : (ان الدعوة الى القومية العربية او غيرها من القوميات دعوة باطلة وخطاء عظيم ومنكر ظاهر وتفرق بين المسلمين وتفصل المسلم العجمي عن اخيه العربي وتفرق بين العرب انفسهم, وكل فكرة تقسم المسلمين تخالف مقاصد الاسلام وما يرمي اليه, ان الدعوة للقومية اساءة للاسلام ومحاربة له في بلاده وهي ايضا اساءة الى العرب في انفسهم وجناية عليهم عظيمة لكونها تفصلهم عن الاسلام الذي هو مجدهم الاكبر, وشرفهم الاعظم, والدعوة للقومية من امر الجاهلية وكم جرت الجاهلية علي اهلها من ويلات وحروب طاحنة وقودها النفس والاموال والاعراض, ولا ريب ان الدعوة للقومية تدعو الى البغي والفخر لان القومية ليست دينا سماويا يمنع اهله من البغي والفخر, وانما هي فكرة جاهلية تحمل اهلها على الفخر بها والتعصب لها وعلى من نالها بشيئ وان كانت هي الظالمة وغيرها المظلوم.) ويقول ابو الحسن الندوي في كتابه اسمعوها مني ايها العرب ( ان الدعوة للقومية العربية جريمة تبز جميع الجرائم القومية التي سجلها تاريخ هذه الامة, وانها حركة هدم وتخريب تفوق جميع الحركات الهدامة المعروفة في التاريخ وانها خطوة حاسمة مشؤمة في سبيل الدمار القومي والانتحار الاجتماعي). ويقول الشيخ محمد الغزالي متحدثا عن القوميين (ما هؤلاء الناس؟ انهم مسخ غريب الاطوار, صفيق الصياح).
ان معظم اهل السنة يثبتون افضلية العرب علي سائر الاجناس, فكما قال ابن تيمية رحمه الله (إن الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم عبرانيهم وسريانيهم روميهم وفرسيهم وغيرهم وأن قريشا أفضل العرب وأن بني هاشم أفضل قريش وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق نفسا وافضلهم نسبا), ومن الاحاديث الواردة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ), ومع ذلك نهى الاسلام عن الفخر بالانساب وسماها دعوى الجاهلية, يقول رسول الله (ص) (ان الله قد اذهب عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالاباء, انما هو مؤمن تقي او فاجر شقي, الناس بنو ادم وادم خلق من تراب, ولا فضل لعربي علي عجمي الا بالتقوى) , وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ( من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثى جهنم قيل يا رسول الله وان صلى وصام؟ قال وان صلى وصام وزعم انه مسلم) ويقول (ص) : (يا معشر قريش اشتروا انفسكم من الله, لا اغني عنكم من الله شيئا).
ولعل افضل شرح لما تقدم هو ما قاله ابن باز رحمه الله :( لا يلزم من الاعتراف بفضلهم ان يجعلوا عمادا يتكتل حوله ويوالى عليه ويعادى عليه, وانما ذلك من حق الاسلام الذي اعزهم الله به ونزوله بلغتهم وارسال رسوله الخاتم بلسانهم وهذا مما لا يقدمهم عند الله في الاخرة, ولا يوجب لهم النجاة اذا لم يؤمنوا ويتقوا, وليس ذلك ايضا بموجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين, بل اكرم الناس عند الله اتقاهم, بل هذا الفضل عند اهل التحقيق يوجب عليهم ان يشكروا الله سبحانه اكثر من غيرهم, وان يضاعفوا الجهود في نصر دينه الذي رفعهم الله به, ولو كانت انسابهم وحدها تنفعهم شيئا لم يكن ابو لهب واضرابه من اصحاب النار, ولو كانت تنفعهم بدون الايمان لم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( يا معشر قريش, اشتروا انفسكم من الله, لا اغني عنكم من الله شيئا). . . وفي ظني ان تفضيلهم تفضيل اكرام تماما كالشهادات الفخرية في هذا الزمان.
ان هذه دعوة لتنقية الحياة الاجتماعية في السودان وبنائها على اسس سليمة لتحقيق المجتمع السعيد فما يزال الكثيرين يصيبهم الاذى الكبير من هذا التخلف الحاصل, مع العلم اننا في السودان افضل حالا من الكثيرين حولنا وقد قطع المجتمع السوداني شوطا كبيرا نحو التوحد والتقارب والانسجام , واليوم الكثيرين في السودان يشمئزون من التعنصر ولا يرضونه لاحد, ولكن معيارنا في المجتمع الذي نريد ليس الدول العربية او الافريقية او الاوربية , بل مقياسنا هو ما كان في عهود الاسلام الذهبية وما هو موجود بين ايدينا من نصوص اسلامية (راجع قصة أسامة بن زيد اعلاه) فالعنصرية صفة انسانية موجودة في البشر منذ قديم الزمان ولكن الاسلام سيطر عليها , والمدنية الحديثة حاربتها ولا زالت تحاربها, وليتحقق الانسجام المطلوب فليس بالضرورة ان يتخلي الناس عن انتماءاتهم التي ينتسبون اليها او ان يدخلوا في مصاهرات غير مهيئون لها فالناس احرار في اختياراتهم ومعاييرهم التي يرونها وأية رابطة قد تسبب قطيعة للارحام او اضطراب للحياة الزوجية او اية نوع من انواع الضرر فالاولى عدم الاقدام عليها, بل يمكن ادارة تلك الانتماءات بوضع الخطط الذكية (وما اكثرها) التي تحقق الكرامة للجميع , ونثمن هنا القانون الرسمي الذي يجرم الاساءة لاي عنصر, ولتستمر الخطوات التصحيحية فهذه ليست دعوة للخروج من اي منظمة سياسية حتى لو كانت عنصرية مادمنا لا نملك التأثير لتصحيح وضعها فالانتماء لاي منظمة ايا كانت لاجل تحقيق المصلحة امر جيد ومطلوب ولكن الغير جيد ان يتاثر الخطاب الرسمي الداخلي بهذا الانتماء كما هو حاصل الان بحيث يلزم جميع السودانيين ان يقولوا انهم عربا (مع تاكيد احترامنا وحبنا للغة العربية فتعلمها فرض على المسلم) فيجب تصحيح الخطاب الداخلي في المناهج التعليمية والاعلام ليكون خطابا عقلانيا واقعيا يستمد قوته وسلامته من خاتم الاديان , خطابا يحفظ الحقوق ويحقق الرضاء والكرامة للجميع ويعلي من قيمة التواضع بين الناس, فالخطاب الحالي الذي تتبناه الدول الناطقة بالعربية هو خطاب فخر عنصري مصادم لابسط اخلاق الاسلام المتمثلة في خلق التواضع , كما ان هذا الخطاب فيه جناية كبيرة على الاسلام بمحاولة سجنه واختطاف تاريخه واعتباره ملكا لجنس من البشر , كما ان فيه اساءة اكبر للعرب انفسهم باعطائهم حجما اكبر من حجمهم مما جعل العالم يحصي عليهم انفاسهم ويبحث في اخطائهم وعيوبهم بدلا من ان يتركهم لحالهم. وعليه فيجب بناء ثقافة سودانية مستقلة تكون رائدة وقائدة لجميع دول المنطقة, بدلا عن الانقياد وراء الثقافات الوافدة , او فتح الباب امام وسخ الاخرين المتمثل في القصص التلفزيونية (المسلسلات والافلام) التي ينتجها الرجرجة والدهماء الذين يقودون الامة كلها نحو الفشل المتكرر, فما نراه حولنا ما هو الا عالم عربي متفسخ بعيد كل البعد عن ان ينتج حضارة.
ان العربي هو انسان بائس يعيش في صحراء منقطع عن العالم المتحضر, ينتمي لقوم يعبدون الاصنام , و يأكلون الميتة ويأتون الفواحش , ويقطعون الارحام , ويسيئون الجوار , ويأكل القوي منهم الضعيف. ويغزو بعضهم بعضا , ويقتل بعضهم بعضا ويقطعون الطريق لاتفه الاسباب فكان قطع الطريق عندهم يمثل موردا اقتصاديا مهما حيث يقتلون الرجال ويسبون النساء والاطفال فيبيعونهم كرقيق. كانوا يشربون الخمر في اسراف , ويجعلونها من المفاخر التي يتسابقون لمجالسها , كانت حياتهم مليئة بالجهل والخرافات. كان الاصل في تجارتهم الربا لدرجة انهم اذا ارادوا تعريف البيع قالوا البيع مثل الرباء, وكانوا يبحثون عن المكسب السهل فكان القمار متفشيا فيهم, كان الرجل منهم يقول لامرأته (استبضعي من فلان) اي ان تذهب لمن يرى انه صاحب وجاهة وذكاء ليزني بها حتى تحمل منه كي تنجب له ولدا ذكيا. كانوا امة لا شأن لها ولا قيمة اكرمهم الله تعالى بان بعث منهم خاتم الانبياء والمرسلين , فعلمهم احسن الاخلاق وارقى القيم الاجتماعية ,ولحكمة يعلمها جعل لغتهم هي لغة الدين الخاتم فنزل بها القران الكريم (تشير بعض الدراسات الى ان اللغة العربية هي أم اللغات , لغة ادم عليه السلام) , فجعل منهم نواة لامة جمعت ألالاف من الشعوب والقبائل لتعيش معا في حب وانسجام لا يعلو احدها على الاخر الا بحسن اخلاقه ودينه وعلمه .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.