لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة يكشف عن إحصائيات بلاغات المواطنين على منصة البلاغ الالكتروني والمدونة باقسام الشرطةالجنائية    وفد المعابر يقف على مواعين النقل النهري والميناء الجاف والجمارك بكوستي    وزيرا الداخلية والعدل: معالجة قضايا المنتظرين قيد التحرى والمنتظرين قيد المحاكمة    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الشان لا ترحم الأخطاء    والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو العربي . . ؟
نشر في الراكوبة يوم 28 - 12 - 2014

اذا اعتقد العرب ان هذا الدين العالمي الذي نزلت فيهم اياته, يمنحهم امتيازا خاصا ويجعلهم عنصرا ارقى من سائر الاجناس, فسينشاء عن هذا الخطاء رد الفعل الذي لا بد منه وستقوم الشعوب الاخري لتدافع عن قيمة دمائها وكرامة عنصرها). الكلمات السابقة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه (مع الله).
منذ بداية الاسلام والي ما قبل انهيار الدولة العثمانية كان ولاء المسلمين الاول لدينهم حيث كان هو عنوان هويتهم يعادون ويحبون ويبغضون في سبيله, حيث ذابت تحت لوائه جميع العصبيات والعرقيات , كل ذلك مع معرفة الناس لاصولهم ولقبائلهم ولكن لم يكن هناك جنس يشعر بانه افضل من الاخرين فقد كان الجميع محفوظ الكرامة واي عيب يرونه في سلوك بعضهم يرون انه من امر الجاهلية فيلومون انفسهم على تقصيرهم في نشر العلم. ولكن في الايام الاخيرة للدولة العثمانية وبعد سقوط معظم اجزائها بيد الاستعمار بدات الدعوة الي القومية (العنصرية) العربية في الظهور وقد انعقد اول مؤتمر للقوميين العرب في باريس في العام 1910 وكان معظم رواد هذا الفكر الجديد من سوريا ولبنان والعراق وقد اوضحوا ان فكرهم يرتكز على (مبداء ايمانهم بالعروبة كعقيدة ناتجة عن تراث مشترك من اللغة والثقافة والتاريخ ويؤمنون بحرية الاديان وهدفهم هو الوحدة علي اساس العنصر العربي) اي ان الاسلام ليس من بين اهتماماتهم. واستمرت هذه الحركة في النمؤ حتي اصبحت هي القوة السياسية الاولي والمحركة للشعوب في سوريا ولبنان والعراق ومصر, وتبنت الاخيرة تلك الدعوة بقوة, وفي العام 1945 تم انشاء جامعة الدول العربية في مصر (اظنها المنظمة السياسية الدولية الوحيدة في العالم التي تحمل اسم جنس بشري) وكان انشاء الجامعة بفكرة ومباركة بريطانية حيث بدأت بسبعة دول جميعها كانت تحت الاحتلال ما عدا واحدة ثم انضمت بقية الدول بعد استقلالها, وقد اصبحت تلك المنظمة من المسلمات السياسية في المنطقة واضعة الاساس المتين لفكرة القومية العربية وتحت تاثيرها تم تصميم مناهج التعليم في معظم دول المنطقة ليصبح الانتماء للقومية العربية هو الاصل, في تراجع ظاهر للانتماء على اساس الاسلام.
وجد السودان منذ استقلاله المسرح السياسي في المنطقة جاهزا فانضم الي جامعة الدول العربية في العام 1956 بعد اسبوعين فقط من استقلاله, ومن ثم ظلت الحكومات المتعاقبة على السودان تعيش في ظل المزاج العربي وتسابقت في تأكيد الانتماء للجنس العربي وتم تقييد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتلك القاطرة العنصرية دون النظر لجوهر تلك الدعوة التي ان كان البعض قد دخلها بفرصتي الربح اوالخسارة فقد دخلها السودان بفرصة الخسارة وحدها, فعلي الرغم من ان معظم اصول سكان تلك الدول اعاجم (ليسوا عربا) الا ان اشكالهم تشبه العرب ولذلك لم يكن صعبا علي بعضهم اعلاء قيمة الهوية العربية, فمثلا معظم سكان المغرب والجزائر وتونس وليبيا امازيغ او وطوارق وحتي اليوم اللغة الامازيغية معترف بها في الدستور المغربي كلغة رسمية وتنتشر كثيرا في تلك الدول, اما سكان مصر فتعود اصولهم لخليط كبير من الاجناس كالاقباط والرومان واليونان والهكسوس والاشوريين والعرب والاتراك وغيرهم, وهكذا الحال بالنسبة لسوريا ولبنان والعراق حيث يوجد الاكراد والتركمان واليزيديين وغيرهم , وكذلك الحال في السودان وبقية الدول المسلمة وخاصة في افريقيا, وقد ادى ذلك لانفصام الدول التى تبنت الفكرة العربية عن الدول المسلمة الافريقية فعلي الرغم من اسلامهم وقف التعنصر العربي حاجزا امامهم ليشعروا بالغربة وعدم الانتماء للمسلمين الناطقين بالعربية وذلك لان بشرتهم السوداء وتكوينهم الجسماني يختلف عن الاخرين ولم يكن من اللائق انتماؤهم للجامعة العنصرية الجديدة.
والملاحظ انه منذ نشؤ تلك الدعوة الخبيثة وحتي اليوم لم تحقق اي من اهدافها فقادتها يقولون ان هدفهم هو الوحدة العربية, والفرقة والشتات والكراهية الحاصلة بين دول الجامعة العربية ليس له مثيل في التاريخ منذ انشائها وحتي اليوم بل الفرقة والشتات موجودة حتى داخل الدولة الواحدة فالعنصرية والتفرقة تجدها بين ابناء البلد الواحد , كيف لا والعنصرية جرثومة خبيثة كالسرطان لا تتوقف عن الانتشار حتي تسبب الهلاك . وهكذا تمخضت العصبية العربية فولدت العصبية القطرية فاصبح سكان كل قطر يرون انفسهم افضل من اهل القطر الاخر ويفخرون بتاريخ لا علاقة لهم به, تاريخ بحثوا عنه بين الحفر ونسبوه لانفسهم مدعين عراقة يتباهون بها وهم في جهلهم لا يرون سوءاتهم, ومع موجة الفخر العام في المنطقة انتقلت جرثومة العنصرية للمجتمع السوداني لتدق اسفين الشقاق بين المسلمين في السودان وبين السودانيين القريبين من اعتناق الاسلام, هذا مع عدم انتباه الحكومات التي جارت الموجة العنصرية طمعا في التقرب من دول المنطقة كأن العروبة شرط من شروط صحة الاسلام او شرطا من شروط الحياة الكريمة, فكان الاعلام وما يزال يتغني بالانتماء العربي والاصل العربي وما الي ذلك من دعاوى جاهلية, ولم تتوقف الجرثومة الخبيثة عند هذا الحد بل اصبحت كلمة عربي في السودان تستخدم بمعنيين للمدح وللذم, للمدح عندما تطلق في وجه غير العربي وللذم عندما تطلق في وجه البسطاء واهل البادية من الناس, واستمر التشرذم والتفكك ليصبح حروبا دامية بين القبائل العربية نفسها فلعبة البحث عن الشرف والكرامة في العرق لعبة لا نهاية لها , كما اصبح الكل مهووس بتأكيد جودة عنصره فاصبحت العروبة نفسها درجات ومراتب , وهكذا تردت الامة كلها الى اسواء المواقع فقد ابتعدت عن ايام نقائها وصفائها , ايام ان زوج رسول الله اسامة بن زيد الذي كان اسود البشرة افطس الانف شديد الشبه بامه الافريقية (بركة الحبشية) زوجه فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية رفيعة النسب التي كان ممن خطبها معاوية بن ابي سفيان فاستشارت رسول الله فاشار عليها بان تتزوج اسامة فتزوجته ولم تندم على ذلك فقد قالت (لقد اغتطبت بنكاحي اياه) , وقد كان رسول الله يحبه ويحب امه الافريقية السوداء رضي الله عنها فقد ربته وكان صلى الله عليه وسلم يقول عنها (هي أمي بعد أمي وبقية اهل بيتي) وكان رسول الله يحمل اسامة وهو صغير على فخذه ويضع الحسن بن فاطمة الزهراء على الفخذ الاخر ويقول (اللهم اني احبهما فاحبهما) . وهكذا كانت الامة الاسلامية من بعده حيث كان عمر بن الخطاب كلما لقى اسامة بن زيد قال : مرحبا باميري ... فاذا رأى احدا يعجب منه قال : لقد امره علي رسول الله صلى الله عليه وسلم). أما اليوم فيكفي ان نذكر حادثة الهتافات العنصرية في العام 2013 التي هتف بها مشجعي نادي الهلال السعودي ضد فريق الاتحاد السعودي والتي قام الاتحاد السعودي على اثرها بمعاقبة نادي الهلال بغرامة مالية وحرمان مشجعيه من الدخول لعدد من المباريات فقد هتفت الجماهير ضد اللاعبين (نيجيريا نيجيريا) يقصدون عبيد عبيد, وليس هذا فحسب فالنجديون اليوم يرون انهم افضل من الحجازيين والجنوبيين والبدويين وكلهم يترفعون عن من يسمونهم (طرش بحر) اي بقايا حجاج,ولا نريد ان نستزيد في هذا الجانب حيث اننا لا نريد ان نفتح ملف العنصرية في بقية الدول العربية الاسيوية او الافريقية فان ذلك سيغير نظرة السودانيين لهذه الدول التي يحبون شعوبها ففي نهاية الامر هي شعوب مسلمة والخير موجود فيها, ولكن هل فهمتم ما هو الفرق بين الامس واليوم؟
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالته نقد القومية : (ان الدعوة الى القومية العربية او غيرها من القوميات دعوة باطلة وخطاء عظيم ومنكر ظاهر وتفرق بين المسلمين وتفصل المسلم العجمي عن اخيه العربي وتفرق بين العرب انفسهم, وكل فكرة تقسم المسلمين تخالف مقاصد الاسلام وما يرمي اليه, ان الدعوة للقومية اساءة للاسلام ومحاربة له في بلاده وهي ايضا اساءة الى العرب في انفسهم وجناية عليهم عظيمة لكونها تفصلهم عن الاسلام الذي هو مجدهم الاكبر, وشرفهم الاعظم, والدعوة للقومية من امر الجاهلية وكم جرت الجاهلية علي اهلها من ويلات وحروب طاحنة وقودها النفس والاموال والاعراض, ولا ريب ان الدعوة للقومية تدعو الى البغي والفخر لان القومية ليست دينا سماويا يمنع اهله من البغي والفخر, وانما هي فكرة جاهلية تحمل اهلها على الفخر بها والتعصب لها وعلى من نالها بشيئ وان كانت هي الظالمة وغيرها المظلوم.) ويقول ابو الحسن الندوي في كتابه اسمعوها مني ايها العرب ( ان الدعوة للقومية العربية جريمة تبز جميع الجرائم القومية التي سجلها تاريخ هذه الامة, وانها حركة هدم وتخريب تفوق جميع الحركات الهدامة المعروفة في التاريخ وانها خطوة حاسمة مشؤمة في سبيل الدمار القومي والانتحار الاجتماعي). ويقول الشيخ محمد الغزالي متحدثا عن القوميين (ما هؤلاء الناس؟ انهم مسخ غريب الاطوار, صفيق الصياح).
ان معظم اهل السنة يثبتون افضلية العرب علي سائر الاجناس, فكما قال ابن تيمية رحمه الله (إن الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم عبرانيهم وسريانيهم روميهم وفرسيهم وغيرهم وأن قريشا أفضل العرب وأن بني هاشم أفضل قريش وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق نفسا وافضلهم نسبا), ومن الاحاديث الواردة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ), ومع ذلك نهى الاسلام عن الفخر بالانساب وسماها دعوى الجاهلية, يقول رسول الله (ص) (ان الله قد اذهب عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالاباء, انما هو مؤمن تقي او فاجر شقي, الناس بنو ادم وادم خلق من تراب, ولا فضل لعربي علي عجمي الا بالتقوى) , وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ( من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثى جهنم قيل يا رسول الله وان صلى وصام؟ قال وان صلى وصام وزعم انه مسلم) ويقول (ص) : (يا معشر قريش اشتروا انفسكم من الله, لا اغني عنكم من الله شيئا).
ولعل افضل شرح لما تقدم هو ما قاله ابن باز رحمه الله :( لا يلزم من الاعتراف بفضلهم ان يجعلوا عمادا يتكتل حوله ويوالى عليه ويعادى عليه, وانما ذلك من حق الاسلام الذي اعزهم الله به ونزوله بلغتهم وارسال رسوله الخاتم بلسانهم وهذا مما لا يقدمهم عند الله في الاخرة, ولا يوجب لهم النجاة اذا لم يؤمنوا ويتقوا, وليس ذلك ايضا بموجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين, بل اكرم الناس عند الله اتقاهم, بل هذا الفضل عند اهل التحقيق يوجب عليهم ان يشكروا الله سبحانه اكثر من غيرهم, وان يضاعفوا الجهود في نصر دينه الذي رفعهم الله به, ولو كانت انسابهم وحدها تنفعهم شيئا لم يكن ابو لهب واضرابه من اصحاب النار, ولو كانت تنفعهم بدون الايمان لم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( يا معشر قريش, اشتروا انفسكم من الله, لا اغني عنكم من الله شيئا). . . وفي ظني ان تفضيلهم تفضيل اكرام تماما كالشهادات الفخرية في هذا الزمان.
ان هذه دعوة لتنقية الحياة الاجتماعية في السودان وبنائها على اسس سليمة لتحقيق المجتمع السعيد فما يزال الكثيرين يصيبهم الاذى الكبير من هذا التخلف الحاصل, مع العلم اننا في السودان افضل حالا من الكثيرين حولنا وقد قطع المجتمع السوداني شوطا كبيرا نحو التوحد والتقارب والانسجام , واليوم الكثيرين في السودان يشمئزون من التعنصر ولا يرضونه لاحد, ولكن معيارنا في المجتمع الذي نريد ليس الدول العربية او الافريقية او الاوربية , بل مقياسنا هو ما كان في عهود الاسلام الذهبية وما هو موجود بين ايدينا من نصوص اسلامية (راجع قصة أسامة بن زيد اعلاه) فالعنصرية صفة انسانية موجودة في البشر منذ قديم الزمان ولكن الاسلام سيطر عليها , والمدنية الحديثة حاربتها ولا زالت تحاربها, وليتحقق الانسجام المطلوب فليس بالضرورة ان يتخلي الناس عن انتماءاتهم التي ينتسبون اليها او ان يدخلوا في مصاهرات غير مهيئون لها فالناس احرار في اختياراتهم ومعاييرهم التي يرونها وأية رابطة قد تسبب قطيعة للارحام او اضطراب للحياة الزوجية او اية نوع من انواع الضرر فالاولى عدم الاقدام عليها, بل يمكن ادارة تلك الانتماءات بوضع الخطط الذكية (وما اكثرها) التي تحقق الكرامة للجميع , ونثمن هنا القانون الرسمي الذي يجرم الاساءة لاي عنصر, ولتستمر الخطوات التصحيحية فهذه ليست دعوة للخروج من اي منظمة سياسية حتى لو كانت عنصرية مادمنا لا نملك التأثير لتصحيح وضعها فالانتماء لاي منظمة ايا كانت لاجل تحقيق المصلحة امر جيد ومطلوب ولكن الغير جيد ان يتاثر الخطاب الرسمي الداخلي بهذا الانتماء كما هو حاصل الان بحيث يلزم جميع السودانيين ان يقولوا انهم عربا (مع تاكيد احترامنا وحبنا للغة العربية فتعلمها فرض على المسلم) فيجب تصحيح الخطاب الداخلي في المناهج التعليمية والاعلام ليكون خطابا عقلانيا واقعيا يستمد قوته وسلامته من خاتم الاديان , خطابا يحفظ الحقوق ويحقق الرضاء والكرامة للجميع ويعلي من قيمة التواضع بين الناس, فالخطاب الحالي الذي تتبناه الدول الناطقة بالعربية هو خطاب فخر عنصري مصادم لابسط اخلاق الاسلام المتمثلة في خلق التواضع , كما ان هذا الخطاب فيه جناية كبيرة على الاسلام بمحاولة سجنه واختطاف تاريخه واعتباره ملكا لجنس من البشر , كما ان فيه اساءة اكبر للعرب انفسهم باعطائهم حجما اكبر من حجمهم مما جعل العالم يحصي عليهم انفاسهم ويبحث في اخطائهم وعيوبهم بدلا من ان يتركهم لحالهم. وعليه فيجب بناء ثقافة سودانية مستقلة تكون رائدة وقائدة لجميع دول المنطقة, بدلا عن الانقياد وراء الثقافات الوافدة , او فتح الباب امام وسخ الاخرين المتمثل في القصص التلفزيونية (المسلسلات والافلام) التي ينتجها الرجرجة والدهماء الذين يقودون الامة كلها نحو الفشل المتكرر, فما نراه حولنا ما هو الا عالم عربي متفسخ بعيد كل البعد عن ان ينتج حضارة.
ان العربي هو انسان بائس يعيش في صحراء منقطع عن العالم المتحضر, ينتمي لقوم يعبدون الاصنام , و يأكلون الميتة ويأتون الفواحش , ويقطعون الارحام , ويسيئون الجوار , ويأكل القوي منهم الضعيف. ويغزو بعضهم بعضا , ويقتل بعضهم بعضا ويقطعون الطريق لاتفه الاسباب فكان قطع الطريق عندهم يمثل موردا اقتصاديا مهما حيث يقتلون الرجال ويسبون النساء والاطفال فيبيعونهم كرقيق. كانوا يشربون الخمر في اسراف , ويجعلونها من المفاخر التي يتسابقون لمجالسها , كانت حياتهم مليئة بالجهل والخرافات. كان الاصل في تجارتهم الربا لدرجة انهم اذا ارادوا تعريف البيع قالوا البيع مثل الرباء, وكانوا يبحثون عن المكسب السهل فكان القمار متفشيا فيهم, كان الرجل منهم يقول لامرأته (استبضعي من فلان) اي ان تذهب لمن يرى انه صاحب وجاهة وذكاء ليزني بها حتى تحمل منه كي تنجب له ولدا ذكيا. كانوا امة لا شأن لها ولا قيمة اكرمهم الله تعالى بان بعث منهم خاتم الانبياء والمرسلين , فعلمهم احسن الاخلاق وارقى القيم الاجتماعية ,ولحكمة يعلمها جعل لغتهم هي لغة الدين الخاتم فنزل بها القران الكريم (تشير بعض الدراسات الى ان اللغة العربية هي أم اللغات , لغة ادم عليه السلام) , فجعل منهم نواة لامة جمعت ألالاف من الشعوب والقبائل لتعيش معا في حب وانسجام لا يعلو احدها على الاخر الا بحسن اخلاقه ودينه وعلمه .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.