تابع المتخصصون في الشأن الإقتصادي والمالي في الأيام الماضية الموازنة المالية لنظام الإخوان في الخرطوم للعام 2015م والتي طرحت للمناقشة أمام برلمان البشير توطئة لإجازتها رغم التحفظات الواردة علي بنودها والتي تعكس بصورة مفضوحة العجز الكامل لإقتصاد هذا النظام الكسيح والذي نزع عن وجهه برقع الحياء والخجل ليخصص أكثر من نصف الميزانية لبندين فقط هما الأمن والدفع والفصل الأول مرتبات ..وفي الوقت الذي برر فيه رئيس اللجنة الإقتصادية في برلمان البشير إبتلاع ميزانية الأمن والدفاع لربع الموازنة بأنها ثمناً للأمن في الخرطوم وحسرة كل من إستمع لهذا التبرير المشبع بالفجاجة ورغم أنه تناسي التعليق علي الربع الآخر الذي يذهب إلي جيوب الجالسين علي كراسي السلطة من أموال الغلابة والمطحونين إلا أن شعرت بالسعادة حقاً والراحة النفسية لأن أحد الحضور في ذلك السيرك الإعلامي والمنصوب علي الهواء مباشرة ألقم ذلك المتباهي حجراً وأفحمه الحجة عندما ألقي في أذنيه أن الأمن لا يقتصر علي الخرطوم وحدها بل هي خدمة إن تسع عباءتها الدولة من أقصاها إلي أقصاها فلن تعدو كونها عنواناً ومعياراً لفشل الدول الإخوانية. التنظيم الإخواني والذي يتباهي بهذه الموازنة والتي تخصص أقل من 5% من الميزانية لقطاع التعليم والصحة معاً لا تريد الإقرار أن الوضع الأمني المتردي في طول البلاد وعرضها هو صنيعة سياساتها الهوجاء وفكرها الغبي في إدارة دفة الحكم والذي نقل الدولة من مصاف الدول النامية إلي قوائم الدول الأكثر فشلاً ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يكون هذا النظام جزءاً من الحل للمشكل الأمني لأنه من تسبب فيه وهو الرافد الوحيد لإتساع رقعة التمرد ضد البشير وحكومته والتي تحولت من المعارضة الفكرية إلي التمرد وحمل السلاح وفي كل دول العالم لا يوجد نظام ديمقراطي تنتشر مليشيات التمرد المسلح في دولته إلا إذا كان هذا النظام نظاماً دكتاتورياً شمولياً إقصائياً يحكم برداء الظلم ويتدثر بأثواب الفساد وهذا كافياً للمطبلين بقيام الإنتخابات في موعدها لأنها لن تزيد الأمور إلا سوءاً و لن يتخلي النظام عن فكره التمكيني وسياسة الدولة (البوليسية) وقمع المعارضة بالإرهاب وقوة السلاح. ولما كان علينا طرح الأسئلة الصعبة كان التساؤل عن مصادر الإيرادات لهذه الميزانية العرجاء والمتردية النطيحة لا يجد المرء عند البحث والتنقيب أي مصادر حقيقية للإيرادات سوي زيادة الضرائب علي المواطن وضرائب الأرباح العقارية والأعمال مع التوسع الأفقي في الرسوم الجمركية كما صرح بذلك وزير مالية النظام مما يعني إزدياد شدة الوطء علي كاهل المواطن وسيزيد ذلك من سوء الأوضاع الإقتصادية ويفاقم من الضغوط المعيشية للمواطن أو ما أبقي النظام من هذا الشعب .وزير المالية الذي تفاخر بأن ميزانيته (المخرومة) خلت من أي قرارات جديدة برفع الدعم عن السلع يدلي بهذا التصريح وكأن الشعب السوداني يعيش في الكهوف أو الجزر المعزولة ولا يتابع المتغيرات الإقتصادية التي تجتاح العالم الخارجي والتي تؤثر بالضرورة علي البلاد ذلك أنه وفي الوقت الذي تتحدث فيه لغة الإقتصاد إلي إنخفاض في سعر برميل البترول بنسبة تتجاوز 50% مما يجعل سعر (غالون) البنزين اقل من دولار وسنتين (ما يعادل 6.750ج.سوداني بالسعر الرسمي ) يظل سعر نفس الوحدة يقفز إلي ما يقارب ثلاثة دولارات بمحطات الخدمة وتتبجح الحكومة بدعمها لسلعة المحروقات. الرئيس البشير وفي خطابه الذي ألقاه بمناسبة إستقلال البلاد من الحكم الإستعماري وإحتلاله بواسطة نظامه (البوليسي) وتنظيمه المصنف لدي معظم دول العالم كجماعة إرهابية لا زال وهو يخطو نحو خريفه السبعين بخطيً متسارعة يتحدث عن المعارضة السلمية لنظامه بلغة الإستعلاء والتكبر ونظامه يرفع عقيرته بالوفاق الوطني وفي الوقت الذي يصرح البشير بقيام الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بإعتبارها إستحقاق دستوري لا يتطرق في خطابه الإستعلائي إلي الحق الدستوري للمعارضين لنظامه في التعبير عن الرأي وحرية الإحتجاج ويوزع هو ونظامه صكوك الوطنية ويحدد هو وحده معيار الخيانة للوطن وعلي هذا فإن كل من يخالف نظامه العسكري لا يمكن تصنيفه إلا في خانة العمالة والتآمر وبهذا المعيار فأن من وقعوا علي (نداء السودان) أو (إتفاق باريس) ليسوا سوي عملاء وخائنين للوطن . إذاً وبهذا الفهم السطحي والتصنيف (الملتوي) يريد البشير تهيئة أجواءاً مسمومة للإنتخابات القادمة ليضمن بقائه في السلطة خمس سنوات أخري برضا مطبليه وحارقي البخور وغيابٍ كاملٍ لرأي الشعب ورغم عن وإرادته والسؤال الهام هنا إذا ضمن البشير بقائه في السلطة لسنوات أخري رغم كراهية الشعب لنظامه وتنظيمه الإخواني فهل يضمن بقائه علي وجه البسيطة ويضمن حلم الله عنه ؟؟ عمر موسي عمر - المحامي [email protected]