سونا فتاة نشأت وترعرعت في ولاية الجزيرة منذ الميلاد فكانت بارعة ومتفوقة في دراستها تحتل المرتبه الأولي علي الدوام الي أن تخرجت من جامعة الجزيرة،وأصبحت تبحث عن عمل في الشركات الخاصة كي تصبو الي علاها من ثم تحقق حُلمها المنتظر،وعن طريق بحثها المستمر هنا وهنالك وجدت ضالتها في شركة إستثمار خاصة فوظفت علي الفور وألحقت محاسبه بفرعية الشركة بنيالا،فإنخرطت في العمل بهمة عالية وفي خلال فترة وجيزة إستطاعت أن تضبط الإيقاع المحاسبي للشركة الذي يعاني من الترهل المنزلق نحو هاوية الإنهيار الكلي وبموجب مجهوداتها الدقيقة حققت فرعيتها أرباحا طائلة فاقت كل الفرعيات الباقية،فأمر المدير العام للشركة بإقامة حفل ضخم علي شرف الإنجازات التي حققتها الشركة من ثم تقديم حوافز لكل العاملين وتكريم الموظفين ذوي الخبرة والكفاءة والأداء العالي،وهنا نالت سونا كلا النصيبين رغم حداثة عمرها في الشركة وفي هذا المضمار صفق لها الجميع إمتنانا وإعجابا بدورها الرائد في المؤسسة.فأضاف لها المدير هدية أخري من عنده بالإضافة الي تثمين دورها ووصفها بنموذج الموظفة الناجحه والطموحة،فكل السيناريوهات التي حدثت بصورة سريعة أشبه برمش العين ادخلت الفرحة والسرور في نفس سونا وجعلتها تحس بالإعتزاز والفخر أمام الجميع. اصبحت سونا تفكر في توطين أسرتها الصغيرة في مدينة نيالا البحير ومضت تكافح الي أن إستأجرت منزل بإحدي الأحياء التي تتوسط المدينة،وجلبت أسرتها المكونة من أمها،جدتها وأخاها الصغير من ولاية الجزيرة وطاب بهم المقام في المدينة الجديدة وكثيرا ما اعجبوا بطيبة أهلها وحسن تواصلهم وتداخلهم الإجتماعي بصورة منقطعت النظير،ولم تستطيع أم سونا إخفاء بهجتها ومسرتها فقالت لأبنتها هذه هي المدينة التي سكنت خاطري منذ سنينٍ عجاف فكم تمنيت زيارتها،والأن أجد نفسي أحد سكانها فشكرا لكي بنتي العزيرة وربنا يعلي مراتبك،ودارت دورة الأيام عند سونا بين فخر إنتمائها للشركة التي تعمل فيها ونشوة الإمتزاج الروحاني مع سكان الحي الذين إمتازوا بالسماحة ولطف التعامل،وكانت لهم جارة مرحه تمتاز بالرشاقة وخفة الروح تدعي أم جمعة وهي الصديقه المقربة لأم سونا وكانت تحبها جدا وتحلم بخطبة سونا لأبنها جمعة الذي يعمل أبوه في نفس الشركة التي تعمل بها سونا،وكان ابو جمعه أيضا يحتل صدارة المعجبين بأداء الموظفة سونا!وفي ذات ليلة قرمزية تناولت أم جمعه أطراف الحديث مع زوجها حول خطبة سونا لجمعه فأعجب زوجها بالموضوع وبصم عليه بالعشرة،وأقسم بالطلاق علي أن ابنه لا يتزوج غير سونا وعند بزوغ الفجر طرقا باب أم سونا التي إستقبلتهم بحفاوة وترحاب،وعندما ُطرح لها الموضوع وافقة علي الفور دون إستشارة إبنتها وقال لها أبو جمعة بالفم المليان ده الكلام! رأي البنت من رأي أمها ورأي الولد من رأي أبوه وهنا تمت التبريكات وعادا يحملان المفاجاة لأبنهم جمعه الذي تفاجأه فعلا بالموضوع الذي لم يخطر علي باله لحظه لأنه كان يحب فتاة أخري،وعندما أخبر أبوه بالأمر رد والده بعنجهيته المعروفه وقال ياولد كلام المسلسلات ده ما بمش معاي وانا إنتهيت من الموضوع وكمان حلفت فيهو طلاق يعني ما حتتزوج بت غير سونا دي إنتا بتلقي زيها وين!!فإزدادت صدمة جمعه وكل ما حاول إيقناع والده يرد عليه علي شاكلة ياولد الكلام واحد مافي غيرو ياتتزوج البت الأنا إخترتها دي يا تسوق أمك وتفضوا لي البيت وتأكد كان رفضتا طلاقا حيقع ولو بتفكر صاح ما تخرب بيت أمك!فجرت الكثير من المياه تحت الجسر هنا وهنالك وأصبحت أم جمعة تزرف الدموع بحرارة أمام ابنها وبتقول ليهو ما عافيه ليك لو خربتا لي بيتي!؟فبكي جمعه كثيرا عندما رأي أخواته حول أمهم يزرفون الدموع أيضا علي نفس السبب وأمهم تصرخ بصوت عالي ياريت كان ما ولدتك ياجناي الخربتا لي بيتي،فأعلن جمعه قراره المنتظر أمام الجميع أي موافقته علي الزواج من سونا فإمتلي بيتهم بالزغاريد وضرب الدفوف وتم العرس،وبعد مضي عام علي زواجه حبلت سونا وأنجبت طفلا بولادة قيصرية عصيبه كادت تفارق فيها الحياة لولا تبرع جمعه وابيه باربعة زجاجة دم أنقذت حياتها،وعندما تماثلت للشفاء وعلي وشك مغادرتها للمشفي طلب الطبيب روية زوجها جمعه وعند مجيئه ذهب مسرعا للطبيب ليتفقد الأمر وينال رخصة الخروج من المشفي إلا أن الطبيب ظل يسأله بإستمرار عن أسئلة غريبه لم يجد لها إجابات،وعند مغادرته قال له الطبيب فاليأتي اباك أيضا ياجمعه أريد الإستفسار عن بعض الأمور المتعلقة بالدم فحضره أبو جمعه وأخبره الطبيب بأن هنالك تطابق بين دمه ودم زوجة إبنه(سونا)بدرجة عالية فنفي هذا الأمر وقال للطبيب بطل خرافات كعادته وخرج دون أن يزيد،!وفي المساء بعد إستقبال جمعه للملايين من التبريكات من الأهل والأحباب جلس جوار زوجته وأصبح يروي لها إيقاع اليوم بالتفاصيل بما فيهم قصة الطبيب فإندهشت سونا بشدة!وطلبت أمها وعندما أتت قالت لأمها يا أمي مافي أي خبر عن أبوي فردت أمه يابت إنتي مجنونه انا أبوكي ده مما فارقني وطفش ليهو اربعين سنة ما سمعتا خبروا!طيب قلتي لي هو من وين في الغرب هنا اجابت أمها بالنفي بس كل العارفاهوا هو من دارفور دي. وفي إحدي الأيام ذهبت سونا للطبيب من أجل الإطمئنان علي صحة طفلها وفي ذهنها حديث جمعه الذي سبب لها الكثير من الإضطراب النفسي فسألت الطبيب عن قوله بصراحه فرد الطبيب الي أنه يشك ان سونا وأبو جمعه من سلاله واحدة فنفت الأمر بشدة وذكرت له أنها من قبائل وسط السودان وهو من الغرب ومن قبيله بعيده كل البعد عنا ولولا ظروف العمل لم أكن اتعرف عليه ولا علي إبنه،وبرغم كل الأجوبة التي قدمتها قال:الطبيب إن العلم لا يكذب وإكتفي ثم قال لها إن اردتي أجري تحاليل في مكان أخر فأصيبت بالقلق الشديد ولم تتواني في الأمر وذهبت الي ابو جمعة جد طفلها وأخذته لمشفي أخر وأكملت معه إجراء التحاليل اللازمة في الدم للتأكد من مضمون القرابة،وعند لحظة إنتظار النتيجه بدأت سونا تتونس مع أبوجمعه وتسأله عن حياته السابقة وعدد النساء الذي تزوجهم وأيهن تركت له بصمه في قلبه فضحك من أعماق قلبه وقال:يابتي ذكرتني الزمن الجميل وكت الشباب كان عمك يهز ويرز!تخيلي أجمل واحدة قالبلتها كانت من بلدكم ديك لامن كنا بنشتغل في مشروع الجزيرة بس ما كملتا معاها أيامي السمحه لأنو طريق ليبيا فتح وقمتا صوف،وعندما كان يرغي في الحديث لسونا أتت أم سونا وجلست بجانبهم دون أي ضوضاء وعندما أنهي القصه وقعت أم سونا مغشيه عليها فحملوها الي داخل العنبر وعندما أفاقت طلبت من إبنتها التأكد شامه كبيره في ظهر أبو جمعه فذهبت مسرعة إليه وتحسست ظهره ووجدت الشامه وعندما أبلغت أمهما أصابها الشلل النصفي علي الفور فصرخت سونا بصوت عالي ،فهرول أبو جمعه مسرعا لها وإندهش من المشهد وقال ماذا حدث ؟فقالت سونا قالت لي نتأكد من شامه في ظهرك ولامن تاكدتا منو حصل ليها كده!فإذا بأبو جمعه يضرب رأسه بشدة في الحائط ويفارق الحياة في لحظتها وتتسمر سونا في موضعها بصورة جنونية لا تدري مايحدث،!!وعندما أتي بقية أهل البيت مفزوعين من ماحدث أخبرهم الطبيب بأن التحاليل الطبية أثبتت إن سونا بنت أبو جمعه ومضت أم سونا في سريرها وتنطق بكلمة واحده هو هو هو هو!!فسأل الطبيب أحد أفراد العائله عن طريقة زواج سونا وجمعة فقال إنه زواج تحت البند السابع لميثاق الأممالمتحدة. بقلم/صالح مهاجر [email protected]