حسب ما تناقلته وسائل الإعلام وأكدته قيادات حزب الأمة القومي أن نيابة أمن الدولة بالخرطوم شرعت في التحقيق في بلاغ تقدم به جهاز الأمن والمخابرات الوطني ضد الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، وحمل البلاغ التهم تحت المواد " (5،6" من قانون مكافحة الإرهاب بجانب المواد " 24،50،51،63،65،25،21" من القانون الجنائي المتعلقة بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة والدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف أو القوة الجنائية وتشكيل منظمة الإجرام والإرهاب عقوبتها تصل إلى الإعدام. يبدو الخبر صادم ومدهش في الساحة السياسية السودانية لأن الصادق المهدي من خيراته التي تساقطت على النظام دفع فاتورة سياسية غالية الثمن بسببها وسط حلفائه في المعارضة ودعاة التغيير بأي وسيلة هو تمسكه بمقولة (من فش غبينتو خرب مدينتو) والخراب والدمار يحملان نفس المعنى في قاموس اللغة العربية.. والحزب الحاكم يدرك تماماً أن الصادق المهدي شكل له حماية في لحظات تاريخية مفصلية كانت بإمكانها أن تعصف به بعيداً عن كرسي الحكم بأي طريقة في ظل تعدد المناهج والطرقات التي تسلكها كيانات المعارضة المدنية منها والمسلحة إلا أن المهدي إغلاق أبواب التغيير بالعمل المسلح الذي قد يتسبب في طوفان يصعب أن تبلعه أرض الوطن على حد تحليله وآخرين للمشهد السوداني الممزق سياسياً وجهوياً ومناطقياً وقبلياً.. وظل المهدي يعزف على هذا الوتر حتى أقنع الجبهة الثورية بالتغيير بعيداً عن البندقية والاستنصار بالأجنبي كما ورد في إعلان باريس وإذا كان العمل المسلح والتعامل مع المسلحين تدمير للوطن وفقاً لمفهوم الإنقاذ التي يناقض حاضرها تاريخها الذي يشهد بأنها جاءت محمولة على أكتاف الدبابات فالصادق المهدي أبو الوطنية لأنها وقع اتفاقات القاسم المشترك فيها هو رفض فكرة السلاح والعنف إذاً هذه شهادة براءة كتبتها مواقفه في الساحة السياسية واتفاقياته وأطروحاته السياسية، وشهد عليها الرأي العام السوداني المتفق مع طرحه والمخالف له. لذا مسألة تصعيد الحزب الحاكم لخلافاته مع الخصوم لن تخرج الوطن من الهاوية، بل ستتسع الفوهة لتبتلع كل شيء وحينها لن يكون هناك وطن نتصارع عليه، بل محرقة تأكل بلا رحمة ولم تفرق بين المجرم والبرئ.. قيادات الحزب الحاكم تعلم إن الصادق المهدي ومازال يعشق وطنه ويخاف عليه من الدماء ولسان حاله يخاطب حبيبه الوطن ويقول كما قالت الشاعرة روضة الحاج: صادرتنى حتى جعلتك معلما فبغيره لا استدل والآن يا كل الذين احبهم عمدا أراك تقودني في القفر والطرق الخواء وترصداً تغتالني .. أنظر لكفك ما جنت وأمسح على ثوبي الدماء أنا كم أخاف عليك من لون الدماء !!. شاء الخصوم أم أبوا يظل الصادق المهدي رمز الوطنية والرجل الذي تكره أنفه أن تسنتشق رائحة الدماء لأنه يخاف على الوطن وشعبه الذي انتخبه في آخر انتخابات تعددية حرة في 1985 من لون الدماء وكل من في الساحة السياسية يدرك أنه لو أعطي مجرد إشارة لأنصاره للمواجهة لفعلوا فعلتهم التي فعلوها في أزمان مختلفة والشاهد على ذلك جاءوا للصادق المهدي وتجمعوا له في ميدان الخليفة العام في زمن ليس ببعيد وظنوا أن المهدي غير مناهجه فمنهم من طلق زوجته ومنهم من تحزم بكفنه استعداداً لمرحلة جديدة إلا أنه أعلن لهم صراحة بأنه لا مجال للعنف في درب التغيير.. يا أيها انظروا وعوا وأغلقوا منافذ الفتن الوطن لا يتحمل ما أنتم ماضون فيه. بلا انحناء [email protected]