ما أشبه الليلة بالبارحة ومهما كان شكل الاختلاف والإخراج المسرحى فالأمر لن يختلف كثيرا طالما اقحم الدين في السياسة. وهاهى " أذهب انت للقصر وأتركنى اتوجه للسجن"، تتكرر مرة أخرى في احدى الدول العربية وأن كانت على نحو مختلف قليلا، بعد أن اصبح (اليمن) في يد طائفة (الزيدية) الأقرب للشيعة مثلما أصبح السودان في يونيو من عام 1989 في يد تنظيم (الإخوان المسلمين) المحسوب على السنة. ووجه الشبه في الحالتين أن (على عبد الله صالح) الذى (صنع) تنظيم الحوثيين وأدعى محاربتهم لكى يبرر بقاءه على نهج (أنا أو الفوضى)، عاد وتحالف معهم للعودة الى كرسى السلطة مرة أخرى ، لكنه والحوثيين ينفون أى علاقة تربطهم ببعض رغم تسريبات قناة الجزيرة التى أوضحت الاتصالات التى كانت تتم بين الطرفين، بل أن حزب (على عبد الله صالح) اعلن اخيرا وعلى نحو واضح تأييده لكآفة مطالب (الحوثيين). مثلما فعل (الترابى) الذى دخل السجن خلال ايام الانقلاب الأولى من أجل (التمويه) ولكى ينفى عن الانقلاب (الصبغة) الأسلاموية، فاجأ الجميع وعاد مرة أخرى الى احضان (التلميذ) ومبررا التحول الذى حدث ، بأنه من أجل مصلحة الوطن !! يعنى ويا للأسف (السنة) يكذبون من أجل كراسى السلطة وكذلك (الشيعة) يكذبون والنتيجة تعادلية واذا كان (منهج) أخوان نسيبة (الإخوانى) يبرر لهم كذبهم وسوء افعالهم من خلال (الميكا فيلية) المعروفة عندهم و(فقه الضرورة) .. وما قاله (الترابى) مبررا اللجوء للأنقلاب عام 1989، بأنهم كإسلاميين كانوا يدركون استحالة وصولهم للسلطة عن طريق الديمقراطية وصناديق الانتخابات، فما هو مبرر (الحوثيين) المحسوبين على ايران والمذهب الشيعى يا ترى. وعلينا الا ننسى بان (التلميذ) عمر البشير (الحوثى) كان قد قال في بداية ايام انقلابه المشؤوم، بانهم استعجلوا ساعة صفر ذلك الانقلاب لكى يمنعوا التوقيع على اتفاقية الذل والعار (الميرغنى/ قرنق) التى لم تكن في حاجة الى بند تقرير مصير، فأنتهى الأمر بانفصال (الجنوب) حينما اصر النظام الانقلابى، على مشروع الدولة (الدينية) القادم من حوالى 1400 سنة للوراء، وهاهم (الحوثيين) بانقلابهم سوف يضطروا (الجنوبيين) في اليمن للانفصال من جديد. الشاهد في الأمر أن الذى حدث في اليمن درس مهم للمجتمع الدولى ومجلس الأمن والجمعية العامة العامة للأمم المتحدة والتجمعات الإقليمية الأدنى منها. حيث كنت ولا زلت استغرب ا حينما يقترحون نائبا لرئيس فاسد وفاشل وديكتاتور كجزء من الحل وكبديل لرئيس معزول، ولو كان في نائب الرئيس خير لما بقى يعمل مع ذلك الرئيس الفاسد ويأتمر بأمره، ليوم واحد وهو يراه يقتل شعبه ويعذبه ويرهق كاهله بالديون. الغربيون مثلما لا يعرفون التمييز بين المسلمين ومن هو المستنير ومن هو الإرهابي والمتطرف، كذلك فهم يخطئون حينما يظنون بأن نواب الرؤساء الفاسدين في منطقتنا يمكن أن يكون فيهم خير أو كأنهم تم انتخابهم بصورة ديمقراطية وأنهم يمكن أن يختلفوا عن رؤسائهم .. وها هى شبهة (التواطؤ) مع الحوثيين غير بعيدة عن (عبده ربه هادى منصور) بعد أن مكن الحوثيين وعين عدد من كوادرهم في مناصب هامه فبل ان يحيطوا بقصره ويحاصروه. أخشى في الغد أن يفرض على السودان في مشروع تسوية (بكرى حسن صالح) الملطخة اياديه بدماء شرفاء السودان منذ يونيو 1989 وخاصة في محاولة ثورة 23 ابريل 1990 التى اعدم فيها النظام الإنفاذى الدموى خلال ساعات 28 ضابطا. تاج السر حسين - [email protected]