بالامس القريب ، دشنت حملة ( أرحل ) بدار حزب الامة بمشاركة جميع الاحزاب السودانية والطوائف، الموقعة على اتفاقية نداء السودان ، والغير موقعة ، وحضرها جمهور غفير من كافة أبناء الشعب السوداني ، وهذا الحضور والالتفاف العريض، كأنه يشير ويدل إلي شىء مهم للغاية ، ألا وهو بعد طول (غياب ، وانتظار) ، جاءت اطياف المعارضة مجتمعة وموحدة لتدلوا بدلوها ، وليكون همها الأوحد هو ما تبقي من السودان، بعدما اثقلته المواجع بفعل أفعال المؤتمر الوطني وذبانيته الشنيعة الظالمة ، والملاحظ في هذا اللقاء بأن الحضور كانوا (شيبا وشبابا ، نساءا ورجالا ) ، جاءوا من كل حدب وصوب ليقولوا ويتفقوا علي شيئا واحداً ، ألا وهو رحيل هذا النظام الفاسد ، الذي دمر البلاد ،وطاقاتها ومواردها ، انفصل الجنوب ، وحروب منتشرة في كثير من المناطق ( دارفور والنيل الازرق وكردفان ) ، أراضي مغتصبة ، غلاء فاحش ، فساد اخلاقي ومجتمعي ، بطالة مدقعة ، فتن ومشاكل قبلية لم تكن موجودة من قبل.. إلي غير ذلك. كل ذلك يساعد حملة ( أرحل ) ، وإن كانت متأخره جداً ، ولكن شيئا أحسن من لا شىء ، وأول الغيث قطرة ، السياسة البلهاء المغتصبة بين حشية وضحاها اوصلت البلاد الي حالة يرثي لها ، وظلت تنتهج لحلحلة مشاكلها الحلول الجزئية ، وهي بالتأكيد تقدم و لا تحل مشكلة ، لأن سياسة الترضية وشراء الذمم لا تجدي ، انتهي دورها وفعاليتها، وطريقة إدارة دولاب الحكم لم تأتي بشىء خارق ، إنما فقط ، زادت الطين بله ، ثلثين من السودانيين على حافة الفقر والعوز والتشرد، نظام بأفعاله يشرد أكثر من نصف سكانه الي المهاجر المختلفة ، ازمات كثيرة ومتلاحقة ، بسبب عدم الرؤية السليمة ، دمر أكبر مشروع حضاري وزراعي ونهبت خيراته وأصوله الثابتة ، يدار بواسطة شليليات وشرزمة، صاحبه تدمير ممنهج في مصانع الغزل والنسيج ومصانع الزيوت وقفلت بيوت وشردت موظفين في قمة عطائهم المهني إلي دروب اخري ، استقبلتهم دول عربية وصديقة لتستفيد من خبراتهم العملية ، وعبر برنامج النظام المعروف ب( المكنة الكبيرة ) (الخصخصة) ، شردت الكفاءات الوطنية من وظائفها ، وهذه الخصخصة لم تتبع أدني مقومات العمل المعمول بها ، بين يوم وليلة ، يتم خصخصة مشروع وبطريقة غير مباشرة يباع لجهة انقاذية نافذة ، والغريبة نفس هذا المصنع او تلك الشركة ( بعد لتجينها ) من قبلهم عبر وسائطهم الاعلامية تباع ، والأدهي والأمر تأتي اسماء جديدة غير معروفة بشراء تلك المؤسسة وبعد فترة ليست بالطويلة ، نفس تلك الجهة تبيع انتاجها مباشرة للحكومة. وتتقاضي أمتيازات وافرة في شراء كل ما تحتاجه تلك الجهة المعينة. طيب ايه فائدة البيع مثلا ، لكي نفهم؟ طالما جاؤوا هم وقبائلهم والغريبة المال الذي يشتري به تلك المؤسسات هو مال الشعب الموجود اصل في حسابات البنوك. لا توجد ضوابط في العطاءات ولا المناقصات ، وما خفي اعظم ، لا اعلانات في الصحف توضح بأن هذه المنشأة خسرانه وتشكل عبء على الدولة ، ولا هناك مهنية في اتباع سياسة الخصخصة المعروفة لدى الاقتصاديين، وبصراحة في كثير من اللآحايين ، تشعر بأن هؤلاء القوم منذ استلامه للحكم ، ليس للانقاذ كما يزعمون ، وإنما فقط هم أتوا بغرض ( التمكين ومن ثم التدمير الممنهج).. لكل ما هو جميل ونضير ويتضح ذلك جليا من خلال الممارسات الرعناء التي يتبعونها وما طفح الجهوية والمحسوبية ، إلا نتاج ذلك الصنيع، وهذا غيض من فيض والتي لم يعهدها السودان من قبل ، لم يسلم اي مرفق من مرافق الدولة من هذه النظرة الضيقة. في السابق لم يشهد السودان سياسة المحاصصة والقبلية بمثل ما نشهده اليوم ، وهو بالتالي انعكس انعكاساً واضحاً علي هذا النظام ، وما الحروب المشتعلة الا بفعل هذا العمل الممنهج ، فالآن النظام يجني صنيعته ولكن في النهاية يحدث تمزق البلاد ارضا وشعباً ، وأعتقد بأن هناك أناس داخل منظومته تريد ذلك ، وتريد الفوضي والتدمير (شىء في نفس يعقوب ).. لأنها تلعب حسب مصالحها ولا يهمها ما يحدث للشعب. والمقولة المعروفة ، بأن الشخص السىء والفاسد ، يحاول بقدر المستطاع ويصب كافة اهتماماته في تلويث غيره ، ظنناً منه بأنه بهذه الطريقة ، يمكن أن يفلت من يد العدالة والمحاسبة القانونية ، ولكن رغم هذا وذاك ، عناية الرحمن موجودة وكفيلة ولا تخطي ذرة خردل من تلك الخروقات والسرقات وقصص الفساد لوحدها كافية بأن تعصف بهذا النظام النتن إلي مذبلة التاريخ. ونسبة لقصر نظرهم، يظهر جلياً ، عبر تصريحات المنتفعين عبر الوسائط المختلفة ، بأنهم جاهزين للانتخابات وهكذا ، وهذا النظام الاعزل يظل يمارس سياسة مضللة ، وبأن له شعبية وجمهور يشاطرهم هم الاقتراع ، وأن الشعب يذهب طوع بنانهم ، بدون تلويح اصابع اليد المعروفة .. ولكن بهذه الدغمسة والسذاجة لا تكمم الافواه لو يعلمون ويحسبون ، لعرفوا بأن ذلك لا يزيدهم الا خبالاً ، ويزيدهم سوءا على سؤءهم ، لسبب بسيط جداً ، يدركه الغاصى والداني ، اذا كان النظام الحالي فعلا هو جادى في تحقيق شىء يحسب له ، ونفترض بأن هدفه نبيل وجميل وليس (تمكين) كما أشرنا ،ونفترض ايضاً بأن النظام ليس هدفه ( الاستئثار بالحكم ) ونفترض بأن النظام جاداً جداً وتهمله مصلحة السودان وشعبه... الجميع يعلم تمام العلم بأن اي جهة كانت ، تريد ان تدخل في انتخابات ، من الأوجب ان تنظف نفسها جيداً، وأضعف الايمان ، أنها تسعي جاهدة لتقديم نفسها بصورة راضية ومرضية تجاه الشعب ، وتجاه من يرشحوهم. لكننا ما يحدث الآن نجد العكس والنقيض تماما ، النظام يفاخر بشعبيته وعضويته ، في إشارة متناهية تدل على ذلك القصر الذي اشرت له ، ولكن في تقديري قصر نظر مركب ومتناهي لا حدود له. هل سأل ساسة النظام أنفسهم ، عن ماذا فعل تجاه قضايا الفساد ، ماذا عمل في مجال الصحة ، ماذا عمل في الاقتصاد .. الخ وقصر هذا النظر المتناهي ، كيف يرضي النظام ويستقيم الحال والعود اعوج ،بأن تجرى الانتخابات وهناك مناطق تمرد وحروب؟ وهناك مناطق مسلوبة ومنقوصة؟ بالتأكيد أنه ضامن فوزه بأغلبية صاخبة ، لأنه يمتلك ( كرت الخج ) الرابح ، لماذا لم يحاسب النظام رموزه الفاسدين في قضايا الاختلاسات ، حتى يشعر الانسان العادي بأن النظام سعي ، (ويحسب له أجر السعي ) لتجفيف منابع الفساد والمحسوبية في كل مستويات الحكم.. والمتتبع لازمات البلاد ،بأن أزمة واحدة مشاهدة حالياً ،كافية لاسقاط اعتى نظام على وجه الارض ، وازمة الغاز ليست بعيدة من الاذهان و كل يوم البلاد تمر بضايقة أسوأ وألعن من سابقتها. واذا فعلا النظام تهمه مصلحة البلاد والعباد ، عليه ان يترجل ويرحل ، وعليه ترك الغوغائية ، والديمومة الخاوية لأن الحال التي يعيشها شعبه وصلت الحد. على حسب قول أركو مناوي :ارحل (يا جبان.. يا حيران.. يا بليد) واعتقد ان له حق في ذلك [email protected]