بعد غياب من حضرة القراء المحترمين دام لمدة أسبوع بسبب مشاركتي في ورشة العمل التي نظمتها منظمة (صحية) الأفريقية بشرق أفريقيا بالتعاون مع مجموعة (مساواة) في الأسرة المسلمة بقيادة البروفسير أمينة ودوي.. عدت لأجد المشهد السياسي السوداني الذي ما زالت كرته تتدرج ولا أحد يستطيع التنبؤ ب(متى وأين) تنتهي.. خاصة بعد أن تجاوز المشهد مرحلة بنود نداء السودان إلى خطوة أكبر وهي تنظيم حملة لمقاطعة الانتخابات تحمل في طياتها عبارة (ارحل).. وما بين استعداد المؤتمر الوطني لإجراء الانتخابات في أبريل وحملة (ارحل) تجري الآن مياه كثيرة تحت جسر الواقع السياسي المحتقن لبلورة تسوية سياسية في محاولة دولية لإجهاض (نداء السودان).. والأنباء التي راجت في المواقع الإسفيرية وبعض الصحف بشأن تأجيل الانتخابات مما أدى إلى مصادرة صحيفة الأهرام اليوم يعكس بوضوح مجريات سير التسوية السياسية إذا ما تجمعت خيوط اللعبة السياسية التي بدأت بتسريبات التسوية الألمانية + الاتحاد الأوروبي + الأمريكان + فرنسا التي تتحرك صورتها في مرآة التحركات السياسية والاجتماعات التي جمعت بين الاتحاد الأوروبي ودكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي المساند لعملية الحوار من منطلق مصالح الإسلاميين أو لشيء في نفس يعقوب.. وإصرار الترابي على المضي نحو الحوار حتى لوحده يؤكد اتجاه التسوية. محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قاسم مشارك في دالة التسوية ورشحت معلومات عن اجتماع جمع بين الأوربيين وشخصية اتحادية من طرفه لمعرفة تفاصيل ما سيجري .. ورغم عدم بروز أي تصريحات من الترابي أو الاتحاد الأوروبي بشأنها إلا التحركات مستمرة وهناك محاولات للجمع بين المؤتمر الوطني والمعارضة في ألمانيا لإعداد طبخة سياسية لإنقاذ الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي من الغرق في بحر الفشل .. خاصة وأنه تأبط الملف السوداني بشقيه الشمالي والجنوبي ولم يفلح بعد في فك طلاسم هذه الأزمة المعقدة .. وترمي التسوية الغربية في ذات الوقت لصياغة صك سياسي يضمن بقاء الحزب الحاكم بقوة لكونه أي المجتمع الدولي يدرك في أي واقع يمكن أن تتحرك مصالحه نحو الأمام . التسوية نفسها ستفضي إلى حكومة انتقالية بمشاركة كل الأحزاب وبرلمان معين.. الشاهد أن تاريخنا مع التسويات أو الطبخات السياسية بمواد أجنبية لم تقدم للشعب السوداني طبقاً شهياً كامل الدسم يشبع من جوع والدليل القاطع نهايات سيناريو اتفاقية نيفاشا التي أخرجت أثقال الحروب في جبال النوبة والنيل الأزرق وحتى دارفور لم تسلم من ويلات البندقية رغم الاتفاقيات الموقعة .. إذاً مطلوبات المرحلة ليست طبخة غربية بل معالجة سودانية لأزمة الوطن بمساعدة دولية أي أن يكون الغرب ميسر وليس فاعلاً في كتابة سيناريوهات الحل والطريقة التي يختارها السودانيون وتجارب الغرب في كثير من الأزمات صدئت لأنها (فالصو) . بلا انحناء الجريدة [email protected]