ألم تر أن الأشرار غالبا ما يحققون النصر السريع على مدار التاريخ. فلو رجعت بشريط الذكريات ستجد هذا الكلام صحيحا. تذكر اللعبات التي خضتها عندما كان خصمك شريرا، وغياظا. هل تذكرت هزيمتك وإنتصاره: -نعم-، فهو كان إما أن ينتصر تماما أو يظل صامدا في وجهك إلى أن ينتصر تماما ويغيظك أيضا. كان يجدر بك التوقف والسؤوال لماذا ينتصر وكيف؟، بالرغم من مقدراته المتواضعة للأسف الشديد. دعك من ذلك لتجاوزك تلك المرحلة، فالآن لابد لك من تحوير هذا السؤال للسؤال المرحلي والتاريخي والمعرفي والمفصلي والمستقبلي لك و لوطنك السودان مع خصمكم الشرير المسمي بالإسلاميين. لماذا فاز ويفوز الإسلاميون في لعباتهم السياسية بمختلف مسمياتهم التي اخترعوها من الأخوان المسلمون، للجبهة الإسلامية القومية، للمؤتمر الوطني أو الشعبي، للحركة الإسلامية وغيرها؟. بالرجوع لماضيك و بتحليل بسيط ستجد أهم الأسباب كالتالي:- أولا: إلتزامك التام بقواعد اللعبة، بالمقابل عدم إلتزام الشرير بها. ثانيا: حسن ظنك بالشرير، بالمقابل سوء ظنه الدائم بك. فهذا يؤدي دائما إلى يقظته وتحسبه وإنتهاز فرص غفلتك للإنقضاض عليك. غير إن سوء ظنه سيؤدي إلى إنزال الإتهامات عليك، وتكرارها سيؤثر عليك سلبيا ويشتت تركيزك في محاولة إبعادها عنك. وفي دفاعك، قد تضطر في نهاية المطاف إلى الرضوخ للتفاوض والحوار في سبيل إنهاء اللعبة. وفي تلك العملية يمكن أن تقدم تنازل وراء تنازل. ثالثا: إستخدامه أسلوب الإرهاب المسبق. بدءا بالتهديد ثم العنف اللفظي. و قد تصل الأمور إلى العنف الجسدى لو انتهت اللعبة بانتصارك. ففى اللعبة، لن يقول الأشرار هذا صراحة، بل سيدعون أنهم يفعلون ذلك عقابا لك على الغش –الذي تقوم به- ودفاعا عن العدل –الذي ينشدونه-. هذا سلوك لصيق بالأشرار، يسمونه فى علم النفس "الإسقاط"، ويعبر عنه في الثقافة الشعبية بالمثل: "ضربني وبكى وسبقني واشتكى". رابعا: لعبه على نقاط ضعفك ونفخك. فيقوم بإستغلال فضائلك الخيرة بخداعك بخصالك الطيبة كالصدق والأمانة والذكاء فتندفع بالمقابل بكشف جميع أوراقك. فلما يحس بفوزك ينصحك لتتشكك وتتخوف. فيدعوك بالأبي والمثالي والشجاع لتشك وتوزع الأوراق من جديد، أو ستنقلب الطاولة عليك وستخسر كل شئ إن رفضت. لن يخرج تغلب الشرير عليك من هذه الدائرة. فهو سيفوز لأنه يعترف بالقانون حين يريد، ولا يعترف به غير ذلك. و ببساطة ينتصر الشر عبر التاريخ لأنه يجد ثغرات في ضعاف النفوس من المتأمرين والمتماهين. وإليك مثال حي بتعامل الإسلاميين مع الديمقراطية في اللعبة السياسية. في منهجهم، لا يعترفون بها لأنها صنيعة الغرب وبلاد الكفر. وقد يقول لك شخص منهم بوضوح إنه لا يعترف بالديمقراطية، لكنه يقول لك إنه سيلتزم بها في هذه المرحلة. فلا تحسب التزامه أبدا لحبه للحرية له ولغيره ولكنه يعلم أنها مفيدة له الآن للسيطرة عليك في اللعبة. فريثما يفوز يمزق أوراق اللعبة ويكشف عن وجهه الذي يكره الديمقراطية. وعليك الإنتباه بأن الأشرار دائما يفلحون بكسر قواعد اللعبة في أي مرحلة لأنهم يستغلون حسني النوايا الذين يعينوهم على ذلك. فهم إذ يرفعون المصاحف فوق أسنَّة الرماح وقت الهزيمة ويعلنون الحوار والوثبة عند الزنقة يعلمون أنهم سيجدون من يغمدون سيوفهم قبل تحقيق أهداف الثورة و تأكيد حالة الإنتصار، أو تثبيت مبادئ للحوار وتحديد هدف الوثبة قبل القفز. فلا تجعل نفسك أداة لأعداء الديمقراطية؛ في يد الشر–من وجهة نظري-، وفي يد الخير –من وجهة نظر الإسلاميين. لابد من الأساس الإتفاق على قواعد اللعبة وأقلاها ان لا يقحم فيها الدين أبدا كي لا يدخل الخداع ويدنس الدين. ويجب أن يكون هناك إقرار ضمان بالإلتزام بهذا، فإن لم يتم ذلك فيعني بطلانها. في الألعاب الرياضية، وبالتحديد في كرة القدم، قد يعطى اللاعب الكارت الأصفر للإنذار، والأحمر للطرد من اللعبة، أو عقوبة إيقاف لعدد من المبارات نتيجة لعدم إلتزامه بقانون اللعبة، أو لأخلاق غير سوية ولسلوك مشين. فهذا في اللعب العادي، فما بالك بالسياسية التي يتأذى منها الناس إذا ما كان اللاعبون لا يلتزمون بأي أخلاق. لذلك يجب مقاطعة لعبة الإنتخابات تماما. و لابد من إقرار الإسلاميون أولا بأنهم خرقوا قواعد اللعبة مرارا وتكرارا واستخدموا كل الحيل والقوة والمكر بالدين وغيره ليفوزوا وينتصروا. لابد أن يكون هناك كشف محاسبة لكل اللعبات السابقة وان يكونوا على إستعداد لتطبيق أي إجراء قانوني يؤخذ. و قانون اللعبة الجديد الأساسي يجب أن يكون تحت إطار الفصل بين الدين والدولة. و أيُ ميوعة فى هذا تعنى انتصار الأشرار، وتعنى أنك يا حكم و يا لاعب و يا متفرج كنت أداة فى انتصار الشر المتكرر، وستكون إذا شاركت مجددا. فهي لن تنقلب لعبة عادية إنما ملاكمة تكون كاشف فيها وجهك للضربة القاضية بمنتهى البلاهة. [email protected]