قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة "محمد" عبدالفتاح البرهان في تركيا    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    عيساوي: البيضة والحجر    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    العقاد والمسيح والحب    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد وصول آخر خطاب ... توقفت الخطابات
نشر في الراكوبة يوم 04 - 03 - 2015

كنت ابحث عن بعض الاوراق القديمة . وفتحت احد الملفات التي تشمل مراسلات لها عشرات السنين ولتوئم الروح بله طيب الله ثراة القدح المعلي فيها . وقرأت احد الخطابات الاخيرة . ولم اعد قادرا علي السيطرة علي دموعي .
اقتباس
اخي وشقيقي اعز الناس شوقي لك تحية من اعماق قلبي موصولة لجميع افراد اسرتك الكريمة .
اخي استلمت الكتاب ,, المشبك ,, من الاخ معتصم قرشي يوم الجمعة 14.. 3..1203 وفي نفس اليوم وصلني خطابك من الابيض . لقد كان يوما من اجمل الايام الذي فعلا قد سعدت فيه سعادة لا حدود لها وفعلا يا شوقي لمن يصلني منك اي خبر بكون سعيد جدا جدا فارجو ان تواصل اخبارك ومجموعة القصص في المشبك يا شوقي تؤكد انك فعلا اصبحت من الموهوبين في هذا المجال وسعدت كثيرا وانا اقرأ القصة الاولي التي سبق وان قرأتها في الصحف التي ارسلتها لي من قبل وهي العمة او الخالة كما سميتها ,, التومة ,, وزادت سعادتي واعجابي بالقصص الاخري وتساءلت ان كنت قد فكرت في ترجمتها الي لغات اخري .
اخي تمنيت كثيرا ان نلتقي في امدرمان وتعيد ذكري الايام الجميلة التي عشناها ومن اجمل الاشياء الاشياء التي دائما في ذاكرتي الصريمة التي كنا نرميها في النيل انا وانت وعز الدين آدم وكنا نسعد بأن نقدم للآخرين السمك الذي نصطاده بدون ان نمتن عليهم وكنت اذكر قصة الكشك البنيته انت لعز الدين في شارع الاربعين وكنت انت الممول والاسطي واذكر ياشوقي كان عندنا ساعة نمتلكا انا وانت مرة البسها انا ومرة تلبسها انت ومن الاشياء التي اذكرها ان المرحوم شنقيطي مرة اشتري شرابات جميلة من سوق امدرمان ولما وصل البازار كنا كالعادة في عمود الكهرباء فعلق عكاشة علي الشرابات بانها جميلة فقال له المرحوم شنقيطي شيل العاجبك فيهم فقام يوسف ود خالي ود المكوج قال ليه الشراب ده قبل ما يتم كلامه المرحوم شنقيطي قال ليه شيله ولا اذكر بالنسبة للشراب الثالث ولكن لو في اي انسان طلبه ماكان شنقيطي قال ليه قال ليه لا واذكر مرة لعبنا كنكان انا وانت زملان والطيب والشنقيطي علي القروش العندنا وعندهم وغلبناهم وكانت مباراة هلال مريخ ولمن شفنا الحسرة بدأت عليهم اتنازلنا لهم عن القروش وسعدو جدا لمن لحقوا الكورة . حاجات زي دي يا شوقي كثيرة وبسيطة لكن معناها كبير .
اخوك دائماوابدا جاك ,, بله ,,
نهاية اقتباس
الخطابات التي احتفظ بها ملأت عدة فايلات . اميزها ماكان ياتيني من مولانا وابونا واخونا وولي امرنا محمد صالح عبد اللطيف ، زوج شقيقتي آمال . عندما اقرأها واقارن باليوم اجد صعوبة في التصديق . فنحن صبية كان لبلة ساعة جميلة وكما ذكر فانني كنت ارتديها دائما. ولا اظن ان والده العم احمد عبد الله او والدته الخالة زينب قد وجدا غرابة في ذالك . ولم تكن لي ساعة . لو اشتري لنا اهلنا ساعات لاحتاجوا لدستة منها . وبلة كان الولد الوحيد
وعندما لم تتوفر لنا الكمية الكافية للذهاب الي مشاهدة مباراة الكاس بين المريخ والهلال . قررنا ان نلعب ثلاثة ,,عشرات ,, كنكان والفائزان يذهبا لدار الرياضة . وبعد خسارة الهلالاب تنازل لهم بله . هكذا كان يسعد اكثر عندما يتنازل من اشيائه للآخرين. لقد كتب الاستاذ الدبلوماسي محمد آدم عثمان تحت عنوان الشوقيات والبدريات . ومحمد آدم كان دبلوماسيا مميزا جني عليه الصالح العام . واستفاد منه العرب وهو يعمل الآن في سفارتهم في كوريا ..
اقتباس
في تقديري الخاص فإن كتابات شوقي بدري هي انعكاس مباشر لشخصيته وطبيعته الذاتية. لا أقول أنني أعرف شوقي بدري معرفة لصيقة أو أن لي معه أي علاقة شخصية قريبة ومباشرة ، ولكني عرفته عن بعد قريب إن جاز التعبير، فقد كنا جيران في فترة من الزمان. أذكر أنهم ، هو وأشقائه، كانوا عصبة من الأشقاء يذكرّونني بأخوة يوسف عليه السلام، وهم يملأون الحيّ ضجة وحيوية، ويتوزعون حسب أعمارهم على مختلف الشلل والألعاب ،بتي شيرتاتهم الملونة الأنيقة التي كانت من مظاهر النعمة والبطر في تلك الأيام. كانوا ثمانية أو تسعة أشقاء، أكبرهم الشنقيطي وهو شاب هادئ وقور يوحي مظهره بالكثير من الحكمة، ويليه شوقي الذي كان مثل بركان . عرفت شوقي عن طريق أشقائه الآخرين الذين كانت تربطني بهم علاقة ندية مباشرة وقتها وهم إيمان ،وهو فتى دمث الأخلاق أذكر أنه كان يقول لنا أن والده أسماه إيمان لأن الإيمان صفة رجولية قبل أن تكون أنثوية، وخليل وقد كان خليطا من الحكمة الشنقيطية والبركان الشوقي، ويوسف ، وأذكر أنه كان طفلا صبوح المحيا، ولكني إن نسيت لن أنسى تلك النظرات العميقة التي كانت تنبعث من عينيه بكل ما فيها من غضب واحتجاج وسخط ، ربما بسبب أنه تعرض لعاهة في الساق عند الولادة، حرمته من الانطلاق بسرعة و نشاط مثل بقية إخوته ، إخوة يوسف. عن طريقهم عرفت شوقي عن بعد قريب. كان مثل كل بقية إخوانه فتى وسيما أنيقا ولكنه كان يختلف عنهم جميعا فقد كان مقداما وجريئا ومصادما، وكان يندر أن تجتمع كل تلك الصفات في شخص واحد وقتها . وقد شهدت له شخصيا و بأم عيني، جولات نزال ساخنة مع "رأس خروف " و"كنجل " وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان كانت تلقي الرعب والخوف في قلوب الكثيرين. لهذا أقول أن كتابات شوقي هي جزء من شخصيته عندما تنساب مدادا على الورق.
نهاية الاقتباس
شقيقي يوسف تعرض لاعاقة بسبب حقنة في عيادة الدكتور ع . ا . وهو من اسرة مشهورة في امدرمان . وكانت يحدث هذا بسبب الممرضين ، الحقن العملاقة كانت تشحذ قبل الاستعمال مثل سكين الجزار. ولم يجد الطبيب حتي اللوم . الجميع اهل . تعرضت للطعن الذي احتاج للخياطة وانا في الحادية عشر بواسطة الاخ خالد عبد الكريم لاني كنت امنعه من المرور بحينا في طريقه من الدومة الي دكان والده العجلاتي في السوق شارع كرري . وعندما رجعت من المستشفي . قالت لي والدتي ,, ود الناس ده بتكون غلطان عليه انت ده,, ولم يسالوني عن اسم الطفل الذي طعنني . لقد كان زمنا جميلا .
في عيد الفطر وانا في الثامنة . اتيت من الملازمين الي منزل خالتي في المسالمة . وانا اقدل ببسطونة اشتريتها من مخازن العامل في المطة الوسطي . وبعد ان مررت بقبة الشيخ قريب الله ، وبالقرب من مدرسة ست فلة سالني طفل في عمري عن وجهتي . وعندما قلت له انني في طريقي لخالتي . سالني اذا يمكن ان يذهب معي . وفي منزل خالتي قدم لنا الكعك والبسكويت . واكل صديقي الجديد الي ان تقيأ . واصيب باعياء . وهرعت خالتي نفيسة و والخالة الشول عبد الله عبد السلام عمة ابناء خالتي وبناتها بتول وبثينة.وحاولوا اسعاف الطفل . واحضروا البخور خوفا من ان يكون قد تعرض لعين . ووضعوه علي السرير الكبير. وسالوني عن اسمه ومسكنه ولم اعرف . وبعد نومة طويلة استيقظ صديقي نشطا . واعطته خالتي العيدية . وتبعته انا الي كوبري المسالمة ولم نلتقي ابدا .
ابنتي سابينا تعمل في مجلس المدينة . تصرف جهدا كبيرا في توفير المسكن للاجانب والشرايح الضعيفة . وتنتزع نسبة من الشقق من شركات البناء لتكون تحت تصرف البلدية . وتتصدر للعمل الجماهيري في قريتها بالقرب من مطار المدينة ، وعندما يسالونها لماذا تشقي وتتعب ؟ تقول انها قد شاهدت السودان وتأثرت بالحياة هناك . وان والدها كان يحضر في بعض الاحيان مع سويديين التقطهم في الطريق السريع في سفراته . وفي الصباح تكتشف ان والدها لم يكن يعرف اسمائهم . لقد كان للناس في السودان ما عرف بالخلوة لسكن الضيوف . وكان للاسر في المدن الكبيرة ديوانا للضيوف ..
بعض ملابسنا كانت تأتي من لندن او خارج السودان . وكان شقيقي الشنقيطي يرجع في بعض الاحيان عاري الصدر لانه قد تنازل عن قميصه الجديد لصديق اعجب به . وقد يترك حذائه . وكان اهلنا مثل اغلب السودانيين لا يلوموننا . بل يشجعون تلك الروح . ووالدي كان مشتركا في كل الصحف والمجلات كتاب الهلال وروايات الهلال والهلال وكتابي والروايات العالمية ... الخ وكان اصدقائنا ياتون لاخذها دائما . ووالدي كان لا يعترض ويقول ان للكتاب رسالة ، وهي ان يثقف اكبر قدر من الناس . ولكن علي اصدقائنا ان يحافظوا علي الكتب . وان يعطوها لآخرين .
قبل سنوات كنت مع زوجتي واربعة من الاولاد في الانيا .. تركيا . ذهبنا في رحلة طويلة بالبص لمشاهدة معالم المصيف . وتوقفنا عند البرج الاحمر وهو برج دفاعي شامخ بعد نهاية الزيارة . عرض الدليل حلية ذهبية صغيرة وقال ان من يجاوب علي سؤاله سيفوز بالحلية . والسؤال كان ماهو ارتفاع البرج . وكان الدليل قد ذكر في بداية الجولة ان طول البرج هو 105 مترومن ناحية الجبل هو 95 مترا . فقلت هذه الارقام لاحد ابنائي . وبعد جهد ومشاورات بين السياح توصلت سيدة الي الرقم الصحيح وفرحت وكادت ان تقفذ من الفرح . عندما اخبر ابني والدته اني كنت اعرف الاجابة . غضبت . وكانت تقول لي انها كانت متأكدة من انني ساتذكر الاجابة . لانني اتذكر كل الكلام الفاضي . وتفسيري الذي اثار غضبها اكثر هو انني اردت ان استمتع بمشاهدة شخص آخر يفوز بتلك الجائزة . وان لزوجتي وقتها كمية مهولة من الذهب وجرام واحد لن يؤثر . كنت اتقمص شخصية بلة طيب الله ثراه وان كان الفارق كبير جدا ، ولم اجد الفهم .
والدتي ولدت 15 طفلا في فترة 17 سنة . واشقائي ايمان وخليل درسا في نفس الفصل لانهما ولدا في نفس السنة . وبالرغم من هذا كان منزلنا يشمل عددا ضخما من الضيوف الدائمين وابناء معارفنا واهلنا الطلاب والطالبات من الاقاليم . وكان لنا منزلين احدهم يعرف ببيت الجنون , نسكن فيه مع اصدقائنا وبعض الطلاب والضيوف الدائمين. واذكر ان الصحف قد تحدثت عن عامل من الاقاليم توفيت زوجته وكان يبحث عن اسرة لكي تتكفل بابنته الصغيرة . وطلبت والدتي من والدي ان يتقدم . وكنا نتساءل في المنزل عن تطورات حضور اختنا الجديدة . واسفنا عندما علمنا انهم فضلوا اسرة اخري .
الطيب سعد الفكي جمعتنا به الدنيا في امدرمان . كان مليونير المنزل لانه كان يعمل كخياط , كان يتكفل بالعشاءوالباسطة في بعض الاحيان وتذاكر سينما العرضة التي نذهب اليها في الشتاء حاملين البطاطين. ونقصده كلما احتاج احدنا لغرض . جمعنا حب اخوي ويحمل ابناءه اسمي واسماء اشقائي , اكبرهم الشنقيطي . ويحمل اسمه ابني الطيب . واسم الشنقيطي انتقل الي ابن الشقيق الطيب من فريق الفقرا في الشريق في الرباطاب . بسبب الحب الذي جمع والدي باصدقائه شوقي وشنقيطي بالرغم من الاختلاف السياسي اطلق علينا اسماءهم. كما اطلق اسم عبد السلام علي شقيقي تيمننا بصديقه عبد السلام الخليفة قطب حزب الامة وزوج قوت القلوب ابنه السيد عبد الرحمن . واطلق اسم محمد سعيد العباسي علي شقيقي . وكان والدي الرجل المهاب يخدم العباسي بنفسه ولا يدخن امامه .
الصداقة كانت مقدسة قديما . ولا يتردد الانسان من ان يفدي صديقه بنفسه وماله وعياله . فليس من الرجال من اخوتي او اهلي وحتي ابنائي يمكن ان افضله علي توئم الروح بله . وكنت اعرف ان بلة مثلي لن يتردد من يضحي بحياته بسببي .
الاخ عز الدين آدم حسين عرف بعز الدين الزغاوي . وصار طبيبا فيما بعد . ولامر ما كنت مع شنقيطي وعبد المنعم عبد الله حسن عقباوي في مكاتب المجلس البلدي. وكنا قد اكملنا المدرسة الثانوية وكنت في الثامنة عشر من عمري . وعز الدين كان في المجلس لاستخراج رخصة لكشك مرطبات وصحف . وكان يفكر في توظيف خاله الذي اتي من الجزيرة ابا . وكان كمال ابراهيم بدري قد منحني مبلغا عندما كنت في زيارة اعالي النيل مع اخي الغالي فقوق نقور جوك طيب الله ثراه .
لانني تعلمت النجارة من رفيق الدرب عثمان ناصر بلال والنقاشة من اخي محمد فضل تيه ,, كاريل ,, فلقد قمت ببناء الكشك الذي كان يواجة منزل العم امام عبد الله والد بطل اكتوبر مولانا عبد المجيد امام عبد الله . عز الدين ذهب الي موسكو للدراسة . واتاني في السويد بعد ان عمل كطبيب في السودان لفترة. ثم ذهب الي ليبيا ومات في حادث حركة في ليبيا قبل بضع سنوات . كان الناس يتصلون بي معزين. من ابلغني بالخبر هو الطيب سعد الذي قال لي ,, اخونا عز الدين ياشوقي مات في حادث حركة في ليبيا . البقيه في حياتك ,, . لم يكن العرق او القبيلة يهمنا . والوضع الاجتماعي والاقتصادي لا يعطيك ما ليس لك من شخصية او احترام .
بما انني قمت ببناء الكشك داخل المنزل فكان من الواجب اخراجة . ووضعه علي الكاروا وتثبيته بالدساتير علي الصبة الخرصانية التي صنعتها في شارع الاربعين. واستدعينا لاعبي الكرة بعد التمرين من ميدان الربيع وكانوا بزعامة الاخ محمد عثمان ابراهيم شوقي صاحب الجسم الرياض المميز . ورفعنا الكشك من فوق الحائط وسط تهليل وضحك الجميع . وبعد ربع ساعة كان الكشك في مكانه وسط دهشة الجميع وتعليقاتهم وكانما اتي من السماء .
وبما ان العيد كان علي الابواب ، فقمت بطلاء الغرفة الخارجية والبرندة في منزل اهل عز الدين آدم حسين . وصالون اهل بله ومصطفي كتبا في فريق ريد وبيوت اخري . تلقيت عليها اجرا كبيرا . عبارة عن دعوات صالحات .
عبد المنعم عقباوي هو ابن المقاول الامدرماني العم عبد الله حسن عقباوي والد الوزير كمال عقباوي . عبد المنعم ابن شقيقة العم عثمان السكي صاحب محلات السمك في الموردة . وترجع جذورهم الي صعيد مصر . سمعت اثنين من البنائين يشيدون بامانة المقاول عقباوي فانتشيت لان عبد المنعم هو اخي الحبيب وموضع فخري . واسرة عقباوي بمثابة اسرتنا واهلنا . ويقول والدنا الشاعرعبد الله البنا . كل من صادقنا اخونا .....وكل كبير قومه ابونا .
والدتي واهلي كانوا يشجعون ذهابي لبناء، طلاء وتصليح منازل واشياء الآخرين . ويعتبرون اصدقائنا ابنائهم . الاخ حمد ود الحداد اتي من ود الحداد كصبي صغير صداقته مع بله جعلت بله يتكلم عنه دائما باخوي حمد . وشارك بلة السكن في منزلهم . وشاركهم يوسف مكيج ابن خال بله السكن ويوسف عرف بود المكوج حضر من الجنوب وسكن عند عمته. وكان الجميع اهلا واخوة .
احد اقربائي من الاقاليم كان يحتاج لبناطلين لكي يساير طلبة الاحفاد المتميزين بالاناقة . طلب من رفيق الدرب عثمان ناصر ان ياخذه الي الترزي عبد المحمود لكي يضمنه لشراء بنطلونين فاخرين . ووعد ان يدفع جنيها من مصروفه ، في الشهر . ولكن لاحظت ان مالية قريبي ، لم تتأثر . وعندما سألت عثمان اذا كان قريبي يدفع . قال نعم ، كاذبا وهو الصادق في كل شئ . وعندما تأكد لي ان قريبي لا يدفع لعثمان الذي قال لي ,, قريبك ما برضو اخوي لو عاوز قميصي بملصو لية فيها شنو لو ما دفع ,,. انا لمن اشوفوا مبسوط بفرح ,, . عندما صار بله موظفا في احدي شركات المعونة الامريكية . كان مرتبه يعادل مرتب طبيبين حديثي التخرج . وبما اننا لم نكن ندخن او نشرب الخمر . فهذا المبلغ كان يذهب جله للاصدقاء ومساعدة الآخرين . ولم تكن والدته او والده يعترضون . وكان لبلة حساب في بازار الاحفاد الذي يقدم العشاءالجيد والمرطبات . وكان الكثيرون يجتمعون علي العشاء الذي يقدمه . وبلة لم يكن يتناول طعام العشاء بل يكتفي بالحليب في المنزل فقط .
قديما كان حقك حق اخوك . والاصدقاء يتشاركون ما عندهم . وسكن الحيشان يعلم الانسان ان يتنازل عن ماله واغراضه للآخرين . ولكن كان هنالك دائما بعض مرضي النفوس . احد اقربائنا والذي كان يكبرنا قليلا، كان انانيا . وبالرغم ان سياسة ابي هو ان نستلم جميعا نفس المصروف اليومي . الا انه كان يشارك ولا يدفع ابدا . ولم يكن له صديق وسط عشرات الاصدقاء الذين يتواحدون دائما . وبما انه قد اكمل دراسته قبلنا فلقد قام بجمع اغراضه . وكانت لي جلابية جديدة سمنية اللون وكالعادة قام بخياطتها شقيقي الطيب الذي كان يخيط لنا والاصدقاء كل شئ وفي بعض الاحيان يتكفل بالقماش .ولم يكن يشتكي او يتأفف . وقام قريبي بادخال الجلابية في شنطته . وبالرغم من وجهه الوسيم كانت له روحا سوداوية. ولا يبتسم حتي . ولهذا اختليت به وطلبت منه ترك الجلابية . فغضب وثار . وعندما اخبرت الطيب قال لي ,, كان تخليها ليه ,,
هذا الشخص حضر الي براغ بغرض الدراسة . ولم يوفق . عندما رجع الي السودان اتصل بشقيقتي ابتسام في الجامعة . وافهمها ان اشقائها . صعاليك في براغ . لا هم سوي السكر . وانه لم تتوفر لهم حلل لعمل الطعام وانهم يتسولون الطعام من بقية الطلبة . والحقيقة اننا كنا نزود بتذاكر ونتلقي وجبتين ساخنتين في اليوم في مسكن الطلاب . وكان الشنقيطي يلازمة ويلبي كل طلباته . واتتنا خطابات من شقيقتي كان لها وقع السياط . ولسوء الحظ. غرقت شقيقتي بعدها مباشرة مع ثلاتة آخرين من ابناء اخي واختي وهم في مرحلة الطفولة . كل ما اتذكر الم شقيقتي وخيبة املها في اشقائها ،اتألم وترك هذا شرخا في نفسي. ولم تكن لي روعة الشنقيطي الذي كان لا يغضب او يغاضب اي انسان .واقارن توئم الروح والآخرين بذالك النوع من البشر ، واستغرب . والغريبة ان ذالك الشخص لم ينقطع عن منزلنا . وكان ياتي للشنقيطي عندما يحتاج لمساعدة في عمل مكتبي في الخرطوم . وحمدت الله لانني لم التقيبه ابدا . انه الشاذ الذي يؤكد القاعدة
اخذت الطيب وبلة في الثمانينات الي المحكمة لعمل توكيل شرعي . ولم اكن اعرف ان المحامي يمكن ان يقوم بذالك . ولكن الطيب تراجع محرجا . وعرفت منه ان كاتب المحكمة كان قد اخذ بعض الجلاليب والعراريق والسراويل ، ووعد بالرجوع لدفع الاجر . ولكنه لم يرجع . والطيب كان يخشي ان يحرج الرجل . والتاجر مكي ود عروسة الذي يحمل الحي الامدرماني اسمه ، كان يذهب الي المخزن عندما ياتي الترام في الثانية بعد الظهر . لان احد الافندية لم يرجع لدفع الحساب في نهاية الشهر . ولم يكن يريد ان يحرجه . هكذا كانت الدنيا .
بله يذكر انه قد استلم خطابي من الابيض . يبدو ان الخطاب قد ارسل اليه في الابيض عندما كان يتواجد في بعض الاحيان مع الكابتن ولاعب الفريق القومي احمد جادين زوج شقيقته . لانه كان لبله لواري في خط الغرب .
الصريمة التي يذكرها بله ، هي خيط سميك قوي مزود بحوالي المئتين من السنارات . كنت اسبح بها في بداية المساء وهي مزودة بحجر كبير والقي بها في وسط النيل . وفي الصباح الباكر اقوم باخراجها . والحجر الاكبر يكون في الماء قريبا من الشاطئ ونكون قد احضرنا الحلل والصحانة الكبيرة والصلصة والبهارات . وتكون اختي نضيفة قد اعدت بستلة من الفسيخ بفول الحاجات . وعندما يتواجد الخال عثمان حسين رحمة الله عليه بالبوكس كنا نأخذ البساط والبطاطين والمخدات . ونصنع حلتين كبيرتين . احداهما من شوربة القرقور بالليمون . وحلة طبيخ سمك بالصلصة . والدعوة عامة للجميع . ولقرب دار اخي مصطفي كتبا ؟ كان ياتي بملابسه الانيقة وطريقة كلامه المهذبة التي تخالطها بقايا لهجة مصرية بسبب طفولته في مصر لان والدة كان شاويشا في الهجانة . كان يضفي علي الجلسة روحا جميلة بحكاياته عن مصر . وكان مصطفي يفوز باحسن الاسماك لانه يأخذها محمرة في الصباح الي زملائه في التدريب المهني . وكانت الصريمة سخية تاتي عادة بالسمك الذي يطعم الموجودين . ويأخذ البعض لمنازلهم . كانت حياتنا وسط اولائك الرائعين عبارة عن فستفال دائم .
عندما انتقلنا من شمال امدرمان لم تكن السباحة معروفة في الحي . ولكن منطقة الموردة والعباسيه كانت منطقة السباحين والملاكمين وحملة الاثقال وكمال الاجسام . وتكفل اخي عبد الله ناصر بتشجيعي علي تعلم السباحة ومنه تعلمت الكثير خاصة اصلاح وتشحيم العجلات . وفي الرابعة عشر كانت لي عجلة رالي باطارات عريضة . وكانت دراجتي وعبد الله وكنا نجوب امدرمان علي ظهرها . كلما اسبح اتذكر اخي عبد الله . ومن شقيقه عثمان الذي يحمل اسمه ابني عثمان ، تعلمت قيادة السيارة . فعندما كنت في السابعة عشر اتي بلوري كومر واخذني الي خارج امدرمان ، امبدة الحالية طلب مني ان اقوم بسواقة اللوري . وصار يقول للسواقين المبتدئين في مدرسة النقل الميكانيكي . ان اخاة شوقي قد قاد السيارة منذ اليوم الاول .
تلك الدراجة التي كنت اعاملها كعروس . اخذها اخي التجاني محمد التجاني سلوم شقيق الاعلامي الفاتح التجاني طيب الله ثراه . والتجاني وشقيقه صلاح كانوا بمثابة الاشفاءبالنسبة لنا . سكنوا معنا لفترة . وبعد ان انتقلوا الي بحري الدناقلة . اردت ان استرجع الدراجة فقالت لي والدتي . اوعك تشاكل اخوك في عجلة ،الناس بتموت . وذهبت الي بحري . ورجعت بدون الدراجة العروس . ولكن تبقي لنا حلاوة تلك الاخوة الصادقة .
عندما حضر التجاني من انزارا حيث كان يعمل والده . رافقه اثنين من الهنود من يوغندة في طريقهم الي لندن . ومكثوا معنا لفترة . وكان منزلنا يمتلئ بالاصدقاء ، احدهم اسمه زاهر والآخر امير .وقضينا وقتا جميلا معهم
هكذا كانت الدنيا سهلة وحلوة . كنت اقف في برندات السوق واتي صديق وتجاذبنا اطراف الحديث . واتي صديق لصديقي . وذهب صديقي ، وواصلت الدردشة الي ان حضر صديق لمن اقف معه . وبقيت مع الاخير .. وعندما حضر صديقي الذي كنت انتظره كنت اقف مع من وصل اخيرا . واكتشفنا انا لانعرف بعضنا . ضحكنا وذهبنا ثلاثتنا لمنزل صديقي لطعام الغداء .
الاخ حسن الطيب المعروف بود الحاجة من ظرفاء امدرمان واشقائه عبد القادر والصادق هم جيران تؤئم الروح وبينهم نفاج . والدهم كان المرافق الدائم للصديق المهدي . وبينما حسن وبعض الاصدقاء يناقشون شراء العشاء من شواية الموردة قال لهم سائق التاكسي . احسن تشتروا من شواية ود نوباوي اكلها احسن . واتجه الي ود نوباوي . وعندما قالوا له عاوزين شواية الموردة . انت دخلك شنو ؟ كان الرد دخلي شنو كيف ؟ انا ما ماشي معاكم . وبعد شراء العشاء والرجوع للعباسية. اتي تلفون لحسن لانه فني اشعة في المستشفي . وكان هنالك حادث . فطلب حسن من سائق التاكسي توصيله . والرد كان .. انا سايق من الصباح من محلي ده ما بتحرك . اهو ده المفتاح . وقضي السائق تلك الليلة معهم . وذهب لعمله في الصباح وصار من الشلة .
يستغرب البعض لتمسكنا بالسودان ونحن قد حرمنا منه . ويعجب آ خرون لكرهنا للانقاذ والكيزان ، ونقول لهم لقد كان لنا احسن بلد واعظم مجتمع . والآن نسمع ان الاشقاء صاروا لا يفكرون في بعضهم . وان الصداقة سلعة كاسدة .
عندما انشر كتبي كنت اقوم بكتابة اهداء الي توئم الروح في اول نسخة استلمها. فلقد كنت اقرأ لبلة كتاباتي عندما بدات في كتابة رواية الحنق في منزلهم . وكنت وقتها في الثامنة عشر . وعندما اتهيأ الي ركوب الطائرة يكون اخر من احتضنته مودعا هو توئم الروح . واذا اتي شخص أخر واحتضنني مودعا . اعيد وداع بله طيب الله ثراه . واحاول ان يكون بله اول من اقابله عند حضوري . كنت اقصرهم قامة واقلهم فائدة. لقد كانوااجمل ماتعطيه الدنيا قديما ، اخوة تعرف انهم خير منك .
قبل ثمانية سنوات وفي مثل هذه الايام اتاني خبر انتقال توئم الروح الي جوار ربه . ودفن معة جزء كبير من روحي ولم تعد الدنيا بالنسبة لي هي الدنيا .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.