السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امدرمان : موت الجهوية
نشر في حريات يوم 22 - 07 - 2013


[email protected]
قبل اسبوعين جاء ثلاثة من ذريتى ، وهم نضيفه ،نفيسة والطيب. وعلي الشفاه ابتسامة ، وفي العيون مكر عطوف ، والثلاثة في العشرين من العمر . وكان مع نضيفه صورتين
لم ارهم منذ زمن سحيق . الصورة الاولى تمثلني ورفيق الدرب عثمان ناصر بلال ، ونحن في شرخ الشباب والصورة الثانية بعدها ببضع سنوات، بعد رجوعي في الاجازة من براغ . وكانت لي لحية كثة وعنفقة وسوالف. وهذه الصورة تظهر علي غلاف روايتي الحنق، و نبذة عن الكاتب. وتنتهى النبذة ، ب من سكان العباسية . وبالرغم من احتجاج كمال بدري الذى صحح الكتاب ، عندما طبعناه لاول مرة في القاهرة ، اصريت على رايى . لان العباسية هي هوية . وهى ما جمعنى برفيق الدرب عثمان ناصر و توئم الروح احمد عبدالله المعروف ببله او جاك والطيب سعد الفكي و عز الدين أدم حسين وعبد المنعم عبد الله حسن عقباوي وأخرين . سكن في العباسية تاج رأسي فقوق نقور او مصطفي عبد العاطي . رحمة علي الحيين والاموات.
الصورة الاولى كان فيها حب الشباب يكسو وجهي . وكنت ابدو مختلفا عن شكلى الحالى وكنت اشبه ابني عثمان الآن . وعثمان يكره منذ صغره ان يذكر بشبهه لوالده . الصور قد اختفت اوضاعت . واحتفظت بها نضيفة ، كاحساس بالتميز. والصورة ماخوذة بعد حصولي علي احد كؤوس الجمهورية للملاكمة . وانا في السادسة عشر من عمري .وهذه رياضة لا اناصرها الآن.
السنة الماضية اردت ان اكتب عن الوالد ناصر ولقد ذكرته غي كتاب حكاوى امدرمان، وفي مواضيع متعددة . واتصلت هاتفيا برفيق الدرب عثمان .ولاول مرة اعرف ان احبائى واهلي ومن احملهم علي اهداب عيوني وادين لهم بالكثير الكثير، هم من الفور . فمن كان يهتم فى امدرمان والعباسية قديما بقبيلتك او وضعك الاقتصادي او وظيفتل . كل هذا لا قيمة له بالمقارنة بطرحك وشخصك وقربك او بعدك من ايقاع المكان .
المعلومة الثانية كانت مدهشة فالرجل الذي كان الشخص الوحيد في امدرمان والذي كنت اسعد بتقبيل يده في حضوري وانصرافي ، واترجل واهرع للثم يده في الطريق اسمه الحقيقي هو ناصر سليمان . وليس الوالد ناصر بلال كما مذكور في اوراقه الثبوتية ، واراق ابنائه واحفاده . سبب التغيير هو انه بعد احدي المعارك بدأ المحارب سليمان برفع الآذان. وعرف من وقتها ببلال . وصار ابنه الوالد ناصربلال من رموز امدرمان. يصلي بالناس في العباسية والموردة ويحاضر الناس ويعرفهم بامور دينهم ودنياهم . ويسكن في شرق شارع الفيل . والشارع هو الحدود السياسية والادارية بين العباسية والموردة
الوالد ناصر لم يكن يتكسب من الدين . كان يعمل كنجار في حكومة السودان . وفي المساء وفي يوم الجمعة يتفرغ للصلاة بالناس ويعلمهم شئون دينهم ودنياهم ، بدون كلل . كان رقيقا بشوشا لا يرفع صوته ابدا . كما كان ودودا يتبسط معنا ويروي الطرفة ويضحك ويضحكنا .كما كان منظبطا جدا. لا يتاخر ابدا، او يتغيب من عمله في القراند هوتيل . ولقد اختير لهذه الوظيفة لامانته وحسن هندامه كسوداني مشرف يعكس صورة جميلة لكبار الزوار . القراند هوتيل كان الفندق الوحيد وقتها . وكان ينصح الشباب العاملين في الفندق بالانضباط قائلا ,,اقعدوا واكلوا , مش كل واحد حايم طابق ليه حاجة بياكل فيها ذي المزيكة ,, وقصد الهرمونيكا.
السفير السعودي كان يسكن في القراند هوتيل عند افتتاح السفارة . وكان يشكو من ان قفل الباب لايعمل . فاستدعوا الوالد ناصر الذي لاحظ ان السفير يدير المفتاح مرة واحدة . وعمال النظافة يديرون المفتاح مرتين للتأمين. وعندما شرح الوالد ناصر الامر للسفير ، قال غاضبا وربما متاثرا بالمعاملة في دول اخري , عاوز تعلمني ؟؟ وكان الرد انا ما عاوز اعلمك . ده ما شغلي . لكن بقول ليك تدور المفتاح مرتين. وترك المفتاح وذهب . وبعدها صار السفير يتودد للنجار ، عندما عرف مع اي نوع من الرجال يتعامل .
الوالد ناصر كان يحكي لنا كثيرا عن رحلاته . واذكر انه حكى كثيرا . عن اركويت . فلقد انتدب مع آخرين لصنع الاثاث والابواب والسبابيك لفندق اركويت المشهور . وكان يراجع المواد والمعدات كل الوقت . كما قام قبل الر حلة بعد الواح الفورمايكا الغالية الثمن وربطها بالاسلاك وبرشمة الاسلاك نالرصاص . بالنسبة له كان الامر امانة . والمؤمن يحافظ علي الامانة.
قديما كان الخالات ينادون الشباب الذي وظف حديثا . ويسألن , اها يا ولد جبت لي امك توب استريت لي ابوك جلابية ومركوب ؟؟ اها كان سويت ده كله ضوق خالتك ماهيتك . عندما انتظم دخلي كعتالي في الميناء في السويد ، قمت بشراء ساعة اومقا ، وارسلتها ، كانت هدية ابن الي والده. لقد كنت احلم باليوم الذي ساعود فيه الي امدرمان ، وانافس اخوتي العديدين من ابناء الوالد ناصر بلال ، في خدمته والاستمتاع بقضاء مشاويره . ولكن نميري شردنا لفترة . والانقاذ كملت الباقي .
وانا في الرابعة عشر من عمري، كنت اجوب المنطقة حول المجلس البلدي , فشاهدت بعض الاوراق علي الارض, وبينها ورقة مقوية غير بيضاء او سرك . وكانت تحمل اسم فاطمة بلال. وعلي النجيل خلف المجلس البلدي كانت تجلس مجموعة كبيرة من السيدات. قدمت الاوراق لصاحبتها , ده ورقك يا خالتي فاطمة . فسألتني باستغراب ,,عرفتو ورقي كيف ؟ فقلت ,, ما انا شوقي , اخو عبد الله وعثمان . الخالة فاطمة بلال كانت تحمل ملامح الاسرة . ولم اكن قد قابلتها من قبل . وكنت وقتها والآن مشروق بانتمائي الي اسرة الوالد ناصر بلال .وكان لي حضور في العرس , وختاب اخوتي الصغار واكلت سماية محمدوالذي صار عازف سكسفون وعرف بسكسيف وسكن في المنزل المواجه لمنزل الاسرة. في هذا المنزل سكن اسطي حامد الميكانيكي, وبعده احد مشاهير امدرمان ابو دربين ,
اخي عبد الله كان مدخلي للاسرة . وكان اسمه ينطق بالطريف السودانية . وكان منذ طفولته يعتبر من ظرفاء العباسية والموردة . وكان في فصل شقيقي الشنقيطي في مدرسة الاحفاد . وارتباطنا كان بسبب حبنا للمغامرة وصيد السمك وحب النيل. ولكن الجندية اخذته سريعا . ولحسن حظي كان عبد الله سباحا رائعا وتاثرت به وصرت اعبر النيل سباحة وفي بعض الاحيان اكون لوحدي . ولولا عبد الله لما تشجعت . كما تعلمت منه الكثير . وصرت اشحم الدراجة واعيد تركيبها في اقل من ساعة . وكانت لي دراجة جديدة لم نكن ندعها ترتاح .
كثيرا ما اتذكر عثمان ، وخاصة عندما اقود السياره . ففي احد الايام اتي رفيق الدرب بعربة كومر واخذني بدون كلام الي الفراغ جنوب نادي المريخ . ونزل من العربة وقال لي ,,سوق ,, وعندما صارعثمان مدربا للسواقين في النقل الميكانيكي ، كان يفول مشجعا تلاميذه المتهيبين , عندي اخوي اسمه شوقي من اول يوم مسكته الدركسون ساق وعشق ..الحفيقة انني كنت قد قضيت الاسابيع علي ظهؤر اللواري في اعالي النيل . وعلي ظهر القندرانيات والتركترات . وكنا نذهب الي المدرسة بواسطة سيار ة وسائق . وكنت اتابع حركاتهم . ولكن ساكون مدانا طيلة حياتي لرفيق الدررب ، وادبه الشديد وطول باله المبالغ فيه . ومنه تعلمت بعض الميكانيكا والنجارة والكهرباء
1. عثمان تنفل في صباه بين كثير من المهن قبل ان يصير ميكانيكيا . كانت شهادته للميكانيكا من المعهد الفني تزين الديوان في منزلهم وكل الدرجات اعلي من تسعين والحضور كان 97. وكان المعهد الفني يفدم كورسات مجانيه للطلاب في المساء . وعثمان كان صبي خياط وكان يقول,, ارفي ليك بنطلون لو شافو زول يقد بنطلونه عشان يرفيه . وكانت لعثمان دراية بالعدسات والكاميرات لانه عمل لفترة مع الخال محمد علي صاحب استديو امدرمان الذي انتقل اخيرا الي عمارة خيرات في المحطة الوسطي . الا انه وجد نفسه في الميكانيكا .
اليوم احضرت ابني منوا بيج من عمله الصيفي كميكانيكي في كبري شركات الصيانة . وهذا بسبب الامطار . منوا اكمل الثامنة عشر قبل ايام . والشركة وعدته بوظيفة عندما يكمل دراسته السنة القادمة . حاول مدرسوه ووالدته بشدة في ان يواصل دراسته لكي يدخل الجامعة ، بسبب ذكائه ومقدرته التحصيلية الفائقة. وكنت اريده ان يلتحق بالجامعة ، ولكن تزكرت ان من هو خير من ابيه كان ميكانيكيا.
بالرغم من حدة طبعي وميلي الي العنف وبعض الرعونة لم يحدث ابدا ان اختلفت مع رفيق الدرب . هؤلاء نوع من الناس اقرب الي الكمال. ولو لم ينعم الله علي بصداقة توئم الروح بله ورفيق الدرب عثمان وآخرين فمن الممكن انني كنت ساكون قاتلا او مقتولا . وعند ما كان عثمان يصلح سيارة امام منزلهم وارااد ان يقطع قطعة من الماط . وهذا بحضور علي ناصر الذي كان موظفا في البريد وعبد الله ناصر ، نادي علي اشقائه عبد المنعم ، عبد الرحمن و عب الفتاح لاحضار سكين . ولكنهم كانوا مشغولين بالدافوري . وببساطة قمت بسل سكيني وسلمتها له . رايت نظر ة الدهشة والاستغراب ، فلقد كنت وقتها في الخامسة عشر من عمري . وامدرمان كانت تخلع ثوب البادية . والشرطة تصادر الاسلحة البيضاء .وكنت متأثُرابحياة اعالي النيل وحمل عصي وفرار صغيرفي بعض الاحيان . وعلي يد عثمان بدأت رحلة المدنية .عثمان لم يوجه كلمة جارحة لاي مخلوق . ضرب انسان كان لا يمكن ان يخطر بباله .ولكن امنا امدرمان جعلتنا بعض ابنائها .
وهو الذي اخذني الي الاخ توتو رحمة الله عليه ترزي القمصان المميز وصالح عبدالمحمود الترزي المميز في الموردة . عثمان كان يقص شعر اشقائه وشملني قي تلك الخدمة . وكنت اكره جلسات الحلاق وتكون لي تفة لا تعرف المشط . وفي احدي الجلسات ولعدم ثباتي ترك المقص حفرة في شعري . صار اولاد العباسية فوق بقيادة عبد الرحيم علي حمد وسمبر عبيد يمازحوني ويعيروني بها . ولم اكن اهتم .لعثمان اخلاق الملائكة, وحتي انا الذي اشتهرت بحدة الطبع لم اكن اجرؤ ان ارفع صوتي علي عثمان.
عثمان كان يصلح السيارات امام منزلهم . وفي المساء كنا نمد وصلة كهربائية الي شارع الفيل . واساعد عثمان في عمله . واغلب العمل تطوعي ولا يتقاضي عليه اجرا . او في سيارته المورس القديمة . وبينما انا اسند خشبة يقوم عثمان بتشرها لقفل ارضية السيارة المتآكلة واصابني المنشار بقطع في اصبعي الوسطي . وقاموا بخياطته في المستشفي . ولكن صارت هنالك عقدة كلما اتحسسها اتذكر رفيق الدرب وانتشي لذكري تلك الايام.
تعلمت من عثمان الكثير كان جيدا في توصيلات الكهرباء والنجارة. الا انه كان رائعا في معاملة البشر . اتي بعض اهل الحي واحدهم يريد ان يشتري سيارة الآخر . وبعد ادارة الموتور طالبوا برأيه . الا انه احجم . وقال لي ما اعتبره قانونا . (ما تبيع ولا تشتري من صديق او اهل) . وبعد جهد تم اصلاح سيارة فقام اصحابها بتقديم 25 قرشا لعثمان . وكان صندوق السجاير الكبير يساوي20 قرشا . فاعتذر عثما ن من تقبل المال بالرغم من قولهم . نحن اهل. والرد علشان نحن اهل , الطرادة دي ودو بيها العربية المشحمة . وقال لي فيما بعد . ذي ديل ما تزعل او تزعلهم لانه ناس الحلة لكن المر ة الجاية تعتذر ليهم من الاول. فالاسطي يحيي في فريق فلاتة اعطي عثمان 25قرشا لعمل اشتركا فيه ووالاجر كان 150 قرشا. وعندما قلت غاضبا ( كان ترميها ليه) كان رده اسطي يحيي ما بهمه . كان شالا و انبسط , ما برضه في ناس ذي اسطي حامد اكبر مني بي عشرين سنة بيعمل كل الشغل وما بيرض الا يديني نص القروش . الدنيا فيها الكدا والكدا .
احد اقربائي ومن الطلبة الكثيرين والذين سكنوا في منزلنا لم يكن يمتلك بنطلونا. اخذه عثمان الي خياط واشتري بنطلونين من النوع الفاخر ب9 جنيهات. ووعد قريبي ان يدفع جنيها من مصروفه كل شهر. ولكن لاحظت ان وضع قريبي المالي لم يتغير . وعندما سألت عثمان اكد لي ان عثمان ان قريبي يدفع بانتظام . وبعد فترة لاحظت ان قريبي يتحاشي عثمان . فواجهت عثمان , قائلا انني اعرف ان قريبي لا يدفع . والرد كان مالو ياخ ما اخوي فيها شتو لو ما دفع ما الناس لي بعض . وناشدني متوسلا وهو يمسك بيدي عليك الله عليك الله
ما تسأله ' قريبي كان من اوائل المغتربيب وانا متأكد بأنه لم يفكر في عثان يوما .
بدأ النميري ومن حوله في العيش ببذخ , وظهر هذا البذخ علي مظهر زوجته . فقال النميري مخاطبا الشعب . مالوا ما تلبس انتو قايلنها مرة نجار ؟ والمني هذا الكلام لان الوالد ناصر كان نجارا وسيدنا نوح كا ن نجارا والمسيح عليه السلام كان نجارا . وانا كنت من صغار النجارين ولقد احببت هذه المهتة لان اخي الاكبر فضل الله والذي تربي معي تحت نفس السقف ,, كان يصحبني وانا صغير الي المنطقة الصناعية . وكان نجارا . واحببت المهنة عندما كان الوالد ناصر يعمل في المنزل. وهذا نادر لان المنزل في المساء يمتلء بالمصلين والدارسين .
صاحب عربة اجرة اصطدم بحائط وباب منزل جد عثمان من جهة امه في شارع الاربعين . وعفي الجد للسائق غلطته ورفض التعويض قائلا ( الحمد لله يا ابني مافي زول مات ولا في زول اتعوق . القروش صلح بيها عربيتك).
قبل سنوات دهست شابة تتعلم قيادة السيارة دراجة ابني فقوق نقور . خرج بعض جيراني السويديون وهم غاضيون , لان لهم اطفال . وعندما رفضت الاقتراح من معلم القيادة بتعويض ثمن الدراجة كنت اردد كلام جد عثان في العباسية.
ولقد ساعدت في صناعة ذلك الباب عن طريق المسك والمناولة . وحملنا ذلك الباب وسرنا به وسط المرح والمزاح الي ان اوصلناة الي شارع الاريعين . ليس بعيدا من منزل فنانة السودان الاولي عشة موسي احمد ( الفلاتيه) . وقام الوالد ناصر بتركيبه .
تأثرا بالوالد اغتنيت عدة نجارة . كان عندي سراق الضهر ومنشار كبير وصغير ومنشار دوران لصناعة الطبلية المستديرة واغطية الزير وكان عندي الفارة والشنكار والجيون والكماشة والشاكوش والمفكات الكبيرة والصغيرة . وكتت استعير البريمة من الوالد . فبعد الخريف يفرق حلق الباب . ولاعادته يجب اعادة الدساتير وتتثبيت الحلق مع العتب الذي هو من السنط ولا يخترقه المسمار . والمطلوب عمل ثغب بواسطة البريمة , اكبر انجازاني كانت كشك المرطبات والجرايد في شارع الاربعين في تقاطع الاربعين وشارع مرفعين الفقرا . ولقد قمت بهذا العمل لوحدي حتى الصبة الاسمنتية . رحمة الله علي الوالد تاصر بلال
في متتصف مارس الماضي كان زواج الابن ناصر عثمان ناصر . لقد تألمت لانني لم اكن حاضرا.في اثتاءالنقاش في الجبهة السودانبة . ذكر اسم الاعلامي احمد هارون , وهو الآن في يوغندة فقلت انه زوج بنتي ؟ ثم وضحت ان زوجته هي امل عثمان ناصر .وهي بنت اخي . قديما في امدرمان كنا كما قال الوالد الشاعر عبد الله البنا
كل من صادقنا اخونا
وكل كبير قومه ابونا
من المرات النادرة جدا التي غضبت فيها امي مني . لامتني قائلة ياشوقي كيف تخلي ود الملكة بدون غدا لحد العصر . وولم يشفع لي انناكتا منهمكين في تركيب حوض غسيل في البرندة وككل التاس كانت والدتي تحب عثمان كثيرا . وعندما نبه اخي خليل ان الاسم هو ود المكة وليس الملكة . كان الرد ديل اولاد ملكة وزيادة . الذي اعطي العائلة هذا الاسم هو عبد الله فعندما ذهب للمدرسة لاول مرة كان متردد يقدم رجلا ويؤخر الاخري وكان الاولاد ينشدون بت المكة الجات تتكا امرودنا . واشار المدرس لعبد الله وصار يعرف بود المكة وانتقل الاسم لاشقائه
بعد غياب من السودان ترجلت من السيارة لاعانق صديقا. فطلب منا سائق حافلة ان نفسح الطريق . وعندما التفت كان السائق هو رفيق الدرب . فنزل من السيارة وتر ك الركاب وقفلنا الطريق.
كلما افكر في امدرمان افكر في رفيق ولهاذا قلت قديما .
ما تكسرو
بعد التحية والسلام والبكاء والحنين وأحلي الكلام
وشيه الجمر بي طعم الدعاش والأهل فيهم الرضيع والنزل المعاش
والشوق بحر لا ليهو رأس ولا قعر. والناس هناك عزاز لا بعرفوا غش ولا بطر
ومع الدغش يدق الباب كو كا كو , أقوم أحمر لي سيد اللبن
أقول ليهو دق براحه يا متخلف يا ما عندك فهم
يضحك يقول إنت الزول الكان بعيد غائب وما عنده هم
أقول ليهو لبنك يطير . يضحك يقول ما ضقته ساكت بالفطير
في الزيفه ديك وين تلقاه وين ساخن مقنن بالمنين
في المورده أطلب صحن فولاً كبير ما فيه غير شمار وزيت ويمكن كمان جرجير
أحرد أقول ليه مكسرو ؟! ما قلت ليك ما تكسرو
الناس تقول سمعناك قلتا كسرو. وده فولاً سمح الكسير ما بخسرو
عاوزه حب ما تهبشو. وأحلف يأكلوا معاي وأقول عشان تاني ما تتدخلوا
في الناصيه تحت الشجره راجلاً كلس بطيخه ينسي الزول فلس
بعد الثالثه يقول, ماني قاطع ليك خدار إنت زولاً ما بحس
بطيخي كله أحمر . أدفع للتلاثه وأقع فيهم نخر
وسط البهائم أشوف لي جضعاً سخي . إتالف أقول ده ما تني؟!
يقولوا لا ده جضعاً سخي . حتي بعد فتح الخشم أقول تني
يقولوا إنت رأسك قوي أكان غلوا ودخلوا الفرن ما بستوي
والله رأسي ما قوي بس بدور أناكف ناس بتفهمني
أربعين سنه رطانه. بعيد من بله توم روحي وعثمان رفيق دربي
أفتح عيني وأشوف الكمساري يعاين ذي كأنه يسأل ماك نازل هني؟!
أغمد تاني وأقوله كو . يهزني ويقول هلو.
أعاين من الشباك وأشوف قضيب السكه الحديد لكن الأرض مغطيها الجليد
أتاري أنا حلمان ولسه بعيد من أمدرمان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.