بعد الموجات العارمة للعنف الداعشي المخيالي - الخارق للعادة - يتساءل البعض منّا ما هي الابتكارات والفنون التعذيبية المقننة القادمة التي ستتضمنها أجندة المقصلة في هذا التنظيم؛ ومن بعد ربما يطرح الفرد تساؤلات أخرى تختص بالقوارير: ماذا عن سوق النساء ودورهنّ كوسيلة للانتقام من الفصائل المنافسة في الميدان؟ وقبل هذا وذاك كيف يستقطب هذا التنظيم الكثيرات من النسوة اللائي يأتين إليهم من كل فج عميق سيما من الدول الأوربية؟ سوف نعالج، من خلال هذه السلسلة من المقالات، المحاور الآتية: ما هو الدور الرئيس الذي تلعبه المرأة في التنظيم الداعشي؟ كيف تمكن هذا التنظيم ونجح في استقطاب العنصر النسوي بجدارة؟ وما هي جنسيات النساء الموجودات على رأس الكتائب النسوية؟ من ثمّ كيف تخضع الأنثى لقوانينهم داخل أسوار ما يسمى بالدولة الإسلاميّة؟ سوف أحاول من خلال هذه السلسلة الإجابة على هذه الأسئلة. عند مقارنة الأنظمة الفاشية والديكتاتورية بعضها البعض، نجد أن تنظيم داعش يتشابه معها من حيث الرؤى والتطبيق. نجده، فيما يخص القوارير، أسس كتيبتين لهنَّ، على نهج يشابه في سماته وتكوينه التنظيم النازي الفاشي، لكن على عكس نظام القاعدة الذي اكتفى وقتذاك بفرض لوائح وقوانين عرفية مجحفة ولا إنسانية تجاه المرأة تشابه في تطبيقها ما تفعله جماعات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالسعودية. تحمل الكتيبة الأولى اسم "أم الريحان" والثانية اطلقوا عليها اسم "الخنساء" وقد تم تأسيسهما في عام 2014. لا تقتصر العناصر النسوية المكونة لهاتين الكتيبتين من النساء العربيات اللائي يحملن جنسيات مثال تونسية، وليبية وموريتانية بل نجد عناصر نسوية غير عربية تمكن داعش من رصدها عن طريق الترويج الدائم والذكي عبر وسائل التواصل (اللاجتماعي). نجد على سبيل المثال لا الحصر نسوة وشابات في مقتبل العمر غير عربيات من الشيشان ومن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها. تشير صحيفة المجهر التونسية أن كتيبة الخنساء تقوم بشؤونها سيدة تونسية أطلقوا عليها "أم هاجر" - وكما يفعلون دائما عندما يأسلمون اسماء عناصرهم الجديدة. "أم هاجر" امرأة تونسية الأصل والجنسية وهبت نفسها وحياتها بعد انضمامها لتمكين التنظيم من احتواء المرأة نفسا وروحا وجسدا. وقد حكي عنها أنها أتت - حسب نفس المصدر التونسي - من العراق إلى الرقة في سوريا برفقة زوجها وبنتيها اللتان هما في مقتبل العمر وريعان الشباب. قامت فور وصولها بتزويج ابنتيها لبعض من كبار المسؤولين في التنظيم لتكون هي المثل الأعلى المجسد في تطبيق مساطر التنظيم وأيدولوجيته تجاه المرأة. لقد خسفت، ما يسمى بالدولة الإسلامية في ثوب تنظيم داعش، بالنساء إلى العصور الحجرية وما قبلها وحولتهم إلى آلات حرب وخدعة واختزلتهم إلى مجرد سبايا وعبيد جنس يتم بيعهن لمن يريد ولمن في استطاعته دفع المزيد والأكثر من المال. نجد في هذا الإطار أن ثمن بيع المرأة العراقية قد وصل إلى حوالي 20.000 ألف يورو ويبلغ ثمن قضاء ليلة مع فتاة عذراء ما بين 200 إلى 500 يورو حسب النوع واللون والصنف. لقد استغل تنظيم داعش المرأة كوسيلة حرب بينه وبين بقية المليشيات المسلحة حيث تحولت الحرب إلى في سوريا إلى حرب نكاح واغتصاب وإذلال متبادل تم استغلال النساء فيه بين الأطراف المتناحرة. فالمسلحون من هذه الجامعات الإسلاموية يأسرون النساء - كما فعلوا بنساء الأقليات الاثنية واللاهوتية من المسيحيين واليزيدين والاقباط. فعندما تقع الواحدة منهنَّ - سواء مسلمة أو مسيحية أو يزيدية - يقومون بتجريدها من كل عفتها وشرفها، ذلك فرادي وجماعات ولا تأخذهم في الشيطان لومة لائم. في النهاية يرمون بهنَّ إلى قارعة الطريق غير ملومين ولا آسفين. والحوادث البينة تؤكد أنه عندما دخلت داعش إلى مدينة الرقة واستطاعت القضاء على عناصر الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة والجيش الحر بها، قامت بأسر نسائهن ومن ثم عكفت على اغتصابهن وأخذهن أسرى في ثوب سبايا وعبيد. تعتبر داعش أن النساء يصرن ملكا لعناصر التنظيم التي يحق لها أخذهن كجواري للاستفادة القصوى من خدماتهن الجنسية، من أجل الرفع من الروح المعنوية للمقاتلين من جهة، وبقصد الربح وجلب المال لتحريك هذه الماكينة من جهة أخرى. وهكذا سخر هتلر وتنظيم النازية النساء لتقديم الخدمات الجنسية لجنوده ولا زالت تلك القضايا مفتوحة في ملفات القضاء الألماني. بيد أن داعش فاقت في استراتيجياتها الاستعبادية تجاه المرأة ما فعلته النازية إذ أنها تتاجر بالنساء كغانيات وكسبايا وعبيد. وكلاهما في الآخر، في الهواء سواء، والمرأة هي الضحية. نرجع لعملية الانتقام باستعمال المرأة كوسيلة. فبعد أن أعادت الجبهة الإسلامية السيطرة على بعض قرى ريف شماليّ سوريا فقد ردت على ما فعلته داعش في حقها وحق نسائها كالآتي: أنها اتخذت نفس الآليات الوحشية للانتقام، محولة بذلك الحرب المسلحة والقتل والتنكيل إلى حرب اغتصاب ونكاح لتصبح المرأة هاهنا مجرد أداة أو وسيلة انتقام شأنها شأن السلاح. بالرجوع إلى مواقع التواصل "اللاجتماعية" نجد أن داعش تعتبر هاهنا المرأة عنصرا مهما في جذب واغراء المزيد من المقاتلين إلى صفوفه فهو يستغل السبايا والعبيد من أسرى النساء بغرض إثارة مشاعر الشباب وحثهم للانضمام لثورتهم كي يكونوا في هذا السياق عنصرا هاما في نقش التاريخ الجديد للدولة الإسلامية الداعشية على صحائف الزمن. وللمرأة في هذا الشأن – سيما لدى المجموعات المكبوتة جنسيا - تأثير معنوي وعاطفي يجعل من الشاب منهم لا يتوانى في الانضمام لإشباع غرائزه الحيوانية. (تابعوا معنا في الحلقة القادمة) [email protected]