ليس اهتمامي بالكتابة والحديث عن اهمية امريكا تاريخيا ودورها الحالي في السياسه العالميه مجرد ترف فكري او نتيجة اعجابي الكبير بالنموذج السياسي الامريكي فحسب كما هو ليس محاولة لدغدغة العواطف بقصد الشهرة او التكسب... بل هو محاولة لقراءة واستيعاب ظاهرة واقعية وحقيقة تاريخية وملموسة ومشاهدة اردت بها مخاطبة العقل السوداني الى التحرك من قيوده وجموده لقراءة هذه اللحظة التاريخية الفارقة من حياة امتنا بعد الانتخابات الرئاسيه والبرلمانيه التي اقيمت في الاسبوع المنصرم والتي اتت في وقت لا زالت البلاد تنزف دما في ظل العنف الممنهج من الحكومه في حق الشعب ان علاقتنا بامريكا ليست وليدة اليوم ولاهي مجرد تفاعل سياسي طارئ او حاجة مؤقتة بل هي علاقة تاريخية منذ الازل كانت علاقه ايجابيه امتدت قرونا من الزمان والمكان ومتميزة عن علاقاتنا بالشعوب الاخرى... واليوم تفرض علينا الظروف والمتغيرات تجديد هذه العلاقة والروابط التاريخية وضرورة تطويرها وتطبيعها واعادة صياغتها وتعميقها في المستقبل القريب في ظل اقتراب العالم وتتابع الاحداث والازمات التي تهدد مصيرنا جميعا وفي ظل التجاذبات الاقليمية والدولية على السيطره والذعامه علي الدول الاخري ان المشروع العربي والاسلامي السوداني ظل عاجزا وفاشلا علي انفتاحه علي العالم وحصر نفسه بسبب سياسته العدائيه لكافه الدول ظلت العلاقات الدبلوماسيه والاقتصاديه حبيسه في اطار الدول العربيه وايران وروسيا والصين وهذه الدول تستنذف موارد البلاد وتخدم مصالحها فقط القوى الكبرى من الازمة السودانيه...! والتي لم ترق لها سياسة السودان الجديدة لتبنيها الارهاب وتحركاتها في المنطقة وقد وجدت من الموقف الايراني الداعم للحكومه السودانيه فرصة نادره في ارتكاب (قرارات) خاطئة و(مواقف ) عدائية-تسيء الى العلاقة والصورة الانسانية الجميلة التي ظهر بها السودان في الفترة ما بعد الاستقلال حيث كان العالم يفتخر بما حققته الدوله السودانيه المستقله الوليده وقت ذاك من نجاحات سياسية واقتصادية وديمقراطية وحضور فاعل في المشهد الدولي والاقليمي وما هو الحال اليوم رئيس ملاحق دوليا وبلد رغم كثره وموارده المائيه والبريه لكن الي الان لا يملك الشعب قوت يومه .... ان ظهور المعارضه سواء اذا كانت سياسيه او عسكريه وفي ظل الوضع الراهن الذي لا يخفي علي احد وطرح المعارضه لبرنامج بديل للخروج بالسودان من مرحله الظلام الي النور هذا ما جعلها محل اعجاب الكثير واتجهت اليها امال وأنظار الشباب والامه السودانيه ... وقد وجدت في قياداتها ما يملأ فراغها النفسي ويغطي حالة العجز والغياب - للحكومه السودانيه والتي تمادت في ايذاء المواطن وسياتي يوم وتصحو الحكومه الحاليه علي وقع ( الثوره الثالثه).. وها نحن الان فيما بعد الانتخابات المزوره التي لم تعبر عن راي الشعب وتداعياتها نكون قد دخلنا منعطفا تاريخيا مهما ومرحلة انتقالية وشاغرة من أخطر مراحل تاريخ الامة السودانيه بل قد تكون هي الاخطر اذا ما استوعبنا طبيعة المرحلة وحجم التحديات التي تنتظرنا ... ومسئولية القيام بواجباتنا نحو انفسنا والاخرين.. وتبليغ رسالتنا العالمية كما ندعي..والانفتاح على العالم والتواصل معه كواحدة من معطيات لم نستوعبهافي مرحلة ما قبل المرحله الانتخابيه السابقه ... ان العالم يتطور ونحن ظللنا طوال خمسه وعشرون عاما لم نتقدم خطوه بل تراجعنا الي الخلف خطوات ما تقدمت كافه الدول التي كنا ندعمها لانهاوقراءت الواقع والذات واتحد الحاكم والشعب معا..!! فيما لا نزال مشغولين بأمراضنا وصراعاتنا الداخلية..وصناعة العزلة والدمار والانكفاء على ذواتنا ودوائرنا الضيقة..وتجاهلنا مهماتنا الأوسع ..ومشاريعنا الكبرى.. وتلك مشكلتنا : أننا أعفينا انفسنا من مسئولية القيام باي دور ريادي وعالمي .وانشغلنا بالتكهنات وتوجيه الاتهامات والتساؤل عن القادم.. واذا طال بنا المكوث على هذه الحالة السلبية فلنتوقع ماهو أعظم من ذلك..!! ا ان مرحلة ما بعد الانتخابات تؤكد انه لا داعي للعزلة مع للعالم بعد اليوم بل لابد من الانفتاح على الاخر والتواصل معه عل سبيل التباحث والتفاوض...أو على سبيل التعاون والتداول..لفتح خيارات وامكانات جديدة ..وخلق معادلات وتوازنات تعزز وجودنا بين الأمم...ومن هنا تأتي أهمية الدور الامريكي والبريطاني في هذه المرحلة الحرجة والحساسة وضرورة التفاعل والتعاطي معها بايجابية (كشريك تاريخي حضاري) أو (كحليف استراتيجي ) اقليمي في المستقبل تجمعنا به روابط وعلاقات تاريخية وجغرافية وقبل ذلك يجمعنا السلام والمحبه وننبذ كل مظاهر وعناصر التنوع والاختلاف في اطار الامة الواحدة. وليس من المقبول ولا من المعقول أن يظل السودان بمعزل عن تاثيرات الاحداث العالميه ..وحيث ان امريكا وبريطانيا ليستا دخيلا ولا غريبا على المنطقة بل عنصر مهم.. ومكون رئيسي من المكونات حتى لا نبدو مجازفين ولا متحيزين حين ندعو الى التكامل مع هذا (الشريك الوجودي)الذي لا ينكر بصماته في صناعة القرارات .. ودعوتنا الى الشراكة لا تعني التماهي والذوبان في الاخر وانتفاء الخصوصيات بقدر ما تعني صياغة قيما ورؤى مشتركة واجتراح حلول وفتح مساحات وافاق جديدة والانخراط في صناعة التحول والنهوض المشترك بالواقع الان واتقان لغة الابتكار لكي نحسن مواجهة التحديات ومواكبة العصر واستعادة دورنا ومشروعيتنا في زمن تداخلت فيه المصائر وتشابكت المصالح والأدوار مما قد يعطي الحق للاخر في التدخل فكيف اذا كان هذا الاخر ( شريكا تاريخيا)...؟ مع ايماننا أنه لن يجدينا الدور الامريكي ولا البريطاني مالم نقم نحن كسودانيين بواجبنا نحو انفسنا أولا.. فعلينا أن نعيد قراءة واقعنا ومراجعة علاقاتنا ومسئولياتنا واستعادة دورنا ..وان نبحث لنا ولامتنا عن مكان تحت الشمس والا فلا عزاء لنا..! وان نجعل من الغرب بوابة كبرى للانفتاح والتواصل مع اوربا والعالم لتبليغ رسالتنا (العالمية) الغائبة عن تفكيرنا واهتمامنا والتي بغيابها دخلنا في متاهات من الغياب والعذاب وصرنا نتسائل بلا حياء عن تغطية الاخرين لفراغنا .. السياسي في ظل الحكومه الحالية. الفاضل محمود ابوبكر [email protected]