فيما كان رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك يقول ببالغ الحزن: "ستكون أولويتنا الأساسية منع وفاة المزيد من الأشخاص في البحر" كان رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتر يتساءل بأسى: "هل تنتظر أوروبا أن يرتفع العدد أكثر من هذا، كلمات الحزن ليست كافية"، وسط هذا الاهتمام كانت دول العالم الثالث تقاتل بعضها وتغرق في المؤامرات وتجتهد أكثر في لفظ بنيها. الأسبوع الماضي، لقي حوالي 800 شاب مصرعهم في عرض البحر المتوسط، في كارثة إنسانية سيئة للغاية، هذه المئات من الشباب كانت تبحث عن أوطان بديلة علّها تحتمل أحلامهم، كان هذا المشهد المأساوي قد عبّر بكفاية عما وصل إليه الحال في هذه الدول التي لا تجتهد إلا في طرد أبنائها، كانت الخلاصة من مشهد المئات التي تناثرت جثثهم على ساحل البحر، أن الموت في البحر بحثاً عن وطن بديل أفضل ألف مرة من العيش تحت قسوة حكام لا يرحمون وأوطان لا تسع إلا لحاكميها. طبعاً هؤلاء الشباب لم يختاروا هذا الدرب ترفاً في التنزه واكتشاف أسرار البحار من خلال قارب صغير لا يسع الجميع، بل كان آخر خيار أمامهم، المخاطرة ولو بلغت حد الموت. المؤسف والذي لا يبعث الأمل في النفوس، أن منظمة الهجرة تتوقع أن ترتفع أعداد الضحايا خلال هذا العام أكثر من العام السابق، حيث بلغ عددهم حتى الآن 1750 مهاجراً، وبالنظر إلى استمرار الصراعات المسلحة التي تغرق فيها المنطقة بأكملها وغياب أي احتمال لحل سياسي وشيك يدعم استقرار دول الإقليم، فإن تقارير منظمة الهجرة ربما تتضاعف أعدادها. المفارقة المريرة أن السلطات الأوروبية التي استنفرت كل مؤسساتها على مدى الأيام التي استمرت فيها عمليات الإنقاذ من البحر المتوسط، اتخذت عدة إجراءات لإنقاذ هؤلاء الشباب من الموت المحقق أولاً، وللحد من الهجرة بالطرق غير الشرعية ومكافحة تهريب البشر، ثم قمة طارئة لبحث الكارثة الأسوأ في حوادث الغرق. يحدث كل هذا بينما صمت رهيب يسيطر على حكومات الدول التي مات أبناؤها في عرض البحر، لم تصدر ولا دولة واحدة من هذه الدول مجرد بيان تأسف عبره للحادثة وكأن شئ لم يكن. جحيم الطغاة في دول العالم الثالث دفع المئات من الشباب إلى الموت المحقق ويدفع مئات وآلاف أخرى إلى ذات المصير، لكن يبقى الأمل معلقاً في دول أوروبا أن تكون أكثر رحمة. التيار