ضحكت حتى بانت نواجزي حين طالعت الخبر الذي يقول أن وزير الاستثمار السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل أفصح عن وديعة استثمارية خليجية كبيرة يشهدها السودان من شأنها أن تنعكس ايجابياً في القريب العاجل على انتعاش العملة الوطنية, وانخفاض أسعار العملات الأجنبية في السوق الموازية. وسبب ضحكي الذي يعكس المقولة الشائعة والصحيحة " شر البلية ما يُضحك"، هو أن مصطفى عثمان هو ذات الرجل الذي وصفنا ذات يوم كشعب سوداني بأننا كنا حتى قدوم حكومتهم في عام 89 مجموعة من الشحادين." فهل يعلم الوزير أن (شحدتنا) التي صورها له خياله المريض آنذاك وإن صحت فهي أفضل بمليون مرة من (شحدته) هو كوزير لاستثمار مفترض، فهي على الأقل (شحدة) محلية وداخل وطننا، أما أنت يا سعادة الوزير ف (تشحد) من الآخرين وهنا المصيبة أكبر وأشد ألماً وحرجاً لو تعلم. لا يعيب أبناء الوطن تدافعهم للصفوف صباح كل يوم للحصول على الخبز والسكر والبنزين، بل هو قصور وعيب الحكومات التي يفترض أن تخدمهم وتستغل موارد هذا البلد التي لا تحصى ولا تعد، بدلاً من نهبها وتحويلها إلى أرصدة في البنوك الخارجية، قبل أن يضطر الوزراء أمثالك إلى الشحدة باسم هذا الشعب المكلوم بكم. الكثيرون يشككون في أمر الوديعة الخليجية ويقولون أنها ربما تكون مجرد أمنيات أو أكاذيب الغرض منها السيطرة على سوق العملة ودعم الجنيه المسكين المتراجع دوماً أمام الدولار، لكن حتى إن صح تصريح الرجل وتأكد أن هناك وديعة خليجية كبيرة في طريقها لخزائن الحكومة فهذا لن يفعل أكثر من تحويل وزير الاستثمار إلى وزير ل ( الشحدة). أما من ناحية وقف زحف الدولار وتعزيز قوة العملة الوطنية، فهو وضع مؤقت جداً ليواصل بعده الدولار زحفه تاركاً الجنيه السوداني يلهث خلفه مثل كلب يجوعه صاحبه. فليس هناك استثمارات أو قوة اقتصادية تُستمد من (شحدة) الآخرين وانتظار هباتهم بين الفينة والأخرى، وما دمت تعيب علينا (شحدتنا) في السنوات التي سبقت حكمكم يا مصطفى عثمان، كان الأحرى بك وبزملائك أن تستغلوا أموال البترول الطائلة التي دخلت الخزائن على مدى سنوات عديدة حتى لا يضطر البلد إلى (الشحدة) على أصولها كما تفعلون الآن. فمن عجزوا عن توفير الحياة الكريمة لمواطنيهم عبر استغلال ثروات باطن الأرض التي يهبها الله للشعوب لكي تعيش منها على أفضل حال، لا يمكنهم بأي حال أن يغيروا شيئاً اعتماداً على منح وهبات أخوتنا الخليجيين أو غيرهم. والمخجل أكثر في حديث الوزير عن الوديعة الخليجية المفترضة أنه يتزامن مع احتفالات المؤتمر الوطني بفوز المشير عمر البشير لولاية رئاسية جديدة، ولو كنت مكان وزير الاستثمار لأجلت مثل هذا الحديث الخائب على الأقل لفترة من الزمن، فهو غير مناسب اطلاقاً في هذا الوقت بالذات، حيث لا يعقل أن ينتخب أعضاء الحزب الرئيس لدورة جديدة في وقت لا يجدون فيه وسيلة غير ( الشحدة) للخروج من الضائقة الاقتصادية التي تسببوا فيها مع سبق الاصرار. [email protected]