يشهد السودان اليوم حالة من الشد والجذب بين تنظيمات المعارضة والحكومة السودانية وبعض الجيوب المتبقية لها بعد الهجرة الجماعية والفردية المتوالية لافراد ومجموعات اخوانية من "ال البيت الحكومي" السابقين ظلت تعلن خروجها العلني علي حكومة الخرطوم التي اعلنت من جانبها فوز الرئيس البشير في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا في السودان وهي تعد العدة لاخراج مراسم تنصيب البشير لتغيظ الاعداء المفترضين والمعارضين. من ضمن ابتكارات جماعات المعارضة السودانية التي تتوعد الحكومة السودانية برز اسم حركة "ارحل" السودانية والتي تعبر عن نوع من التحالفات التي تضم اكثر من اسم ولافته حزبية ومنظمة. برز شعار ارحل الذي اصبح مطروح سودانيا في هذه الايام وكما هو معروف بعد الثورة والانتفاضة الشعبية التي اندلعت في مصر في يناير من العام 2011 في طفرة سياسية وعملية خروج علي نص الاحداث في مصر التي عاشت حالة من الثبات السياسي منذ اليوم الاول لثورة الثالث والعشرين من يوليو التحررية في ظل المتغيرات الدرامية الضخمة علي الاصعده الداخلية والاقليمية والدولية واجواء المواجهات وجبهة الصراع العربي الاسرائيلي والاجماع الشعبي الغير مسبوق علي زعيم وقائد في تاريخ البشرية المعاصر والالتفاف حوله ودعمه حتي بعد ان خسر الحرب ووداعه بعد وفاته في مشهد تاريخي لم يتوفر حتي للاحياء من قادة الامم والشعوب ماعدا جماعة الاخوان المسلمين المصرية والدولية التي كان لها موقف اخر من الثورة المصرية وقائدها الزعيم الاسطوري جمال عبد الناصر علي الطريقة التي تنكر بها بعض العيون ضوء الشمس من رمد. اختلف الناس في مصر علي فترة الرئيس الراحل انور السادات بعد ذلك التاريخ وشهدت مصر احتجاجات شعبية متعدده في عهده لكنها لم تصل الي مرحلة الثورة الشاملة والانتفاضه واختلف الامر بعد ذلك في عهد سلفه الرئيس السابق محمد حسني مبارك الذي حكم بلاده بطريقة سهله ومريحه بعد الهدنة النسبية في الحرب مع دولة اسرائيل بموجب اتفاقية السلام التي وقعها سلفه الراحل ولكن الرئيس مبارك استسهل الامر واهمل تعقيدات الواقع في الدولة والشارع المصري فردوا له التحية باحسن منها بعد نفاذ صبرهم في ثورة شعبية اطاحت عهده اعقبتها انتخابات متعجلة انتهت بفوز الاقلية الاخوانية المنظمة التي انتهت ايضا بعد انتفاضة شعبية غير مسبوقة بين كل الثورات التي شهدتها المنطقة العربية وثورة شعبية لالبس ولاغموض فيها في ظل الانكار المتكرر لوقائع حية وموثقة ومحاولة دمغ العملية بالصفة "الانقلابية" في وصف تدخل المؤسسة العسكرية المصرية التي انقذت شعبها وبلادها من كارثة وفتنة كانت علي وشك الحدوث ظلت تطرق ابواب الدولة المصرية بكل قوة في ذلك الوقت. الوضع السياسي في السودان والجزء الجنوبي من وادي النيل اختلف تاريخيا عن مجريات الامور في مصر الشقيقة والحركة السياسية السودانية ظلت تفاخر وحتي يومنا هذا بتفجير اكثر من ثورة شعبية اطاحت اكثر من حكومة عسكرية في ظل فشل متلاحق وعدم استقرار توجته جماعة الاخوان السودانية بانقلابها العسكري في الثلاثين من يونيو 1989 الذي مزق السودان كل ممزق وشتت شعبه في كل بقاع العالم وقسم ترابه الوطني في مؤامرة شاركت فيها اطراف دولية والجماعات الانفصالية الجنوبية الي جانب تدمير البنية التحتية للدولة السودانية ولايزال الوضع علي ماهو عليه في ظل مخاوف من ان تنتهي الامور بانفجار لايبقي ولايذر في الجزء المتبقي من الدولة السودانية المستضعفة والمترنحة. النخب السياسية السودانية لم ترتقي حتي هذه اللحظة في مواجهة هذه التطورات الدرامية المخيفة الي مستوي الادب والارث السياسي السوداني المتفرد الذي صاحب متغيرات الامور في بلادنا والذي علم الناس مفردات النضال الوطني من كتابه المنشور السياسي وشعارات الحائط الي النشيد والغناء الوطني السوداني وبعض تلك الاغنيات عبرت الحدود واصبحت شعار لاحرار العالم مثل رائعة الراحل المقيم محمد وردي وانشوده "اصبح الصبح" والباقيات الخالدات في سلسلة النشيد الوطني الذي لم يصادف حتي هذه اللحظة مايستحق الاحتفاء به علي ارض الواقع في ظل الفشل والتردي وانهيار الامور. وبمناسبة شعار "ارحل" الذي رددته الجماهير المصرية خلال ثوارتها المتلاحقة فهل نصدق ماتردده اجهزة الدعاية الاخوانية ام الوقائع الموثقة لمجريات الامور وماحدث في ذلك البلد الشقيق علي الارض اما عن حركة ارحل السودانية فهل ذلك يعني ان رياح التغيير ستنقل فعلا وليس علي مستوي الشعار الي السودان والجزء الجنوبي من وادي النيل سننتظر مع المنتظرين لنري الي اين ستنتهي الامور هنا وهناك. [email protected]