استلقت فطومة على العنقريب يفصل جسمها النحيف عن الحبال ( البرش ) تلوح على ساقيها بطرف ثوبها علها تهش اسراب الناموس ورغم موسم الشتاء وقل ان يوجد ناموس لكنها اعتادت على التلويح بثوبها طيلة ايام الخريف – استلقت تجتر ذكريات زوجها الذي غاب عنها طيلة ستة اشهر لا تدري في أي البقاع هو وفي اي الأصقاع هائم - واسترقت السمع الى همس حليمة جارتها مع بعض النسوة وتحديد ( الفزوع ) في الصباح الباكر – قائلة ( شوفن يا الحبايب باكر بدري وقبال العين ما تشوف نمرق فييي رهيد السدرة - والله العظيم زقلة المجداع بملوة لالوب – وما شفتن النبق - النبقاية قدر الليموناية ) تحدد الموعد وتم الاتفاق وفطومة لم تكن ضمن الوفد لحالتها التي قد تحول بينها وبين هذه ( الفزعة ) وذلك بانها حبلى في شهرها الثامن – تنهدت وتمتمت في سرها ( كن نلدا تحت الشدرة معاكن ! معاكن ! ) طال على حليمة ليل الشتاء وكانت ترهف السمع بين الفينة والأخرى علها تسمع صياح ديوك ينذر بفلق الصبح – ولا يصل اذنها الا صرير الصراصير ونباح كلب متقطع – غلبها الحماس فنهضت وحزمت امرها وعلى الفور ايقظت جاراتها وفد الفزوع وخرجن يهمسن ( سجمنا يا حليمة الوطة فليييييل ! والسرحان ما شق ) ذهبن وهن يتخافتن في خفة ونشاط – وعلى اثرهن خرجت فطومة للحاق ولكن لبطئ سيرها لم توفق في لحاق بصويحباتها وحال بينها وبينهن الظلام واختفين وسط الشجيرات وغاب عن فطومة حتى الهمس – وبدات تتحسس طريقا في ظلام دامس لا تلوي على شي حتى خدش الأشواك لا يعنيها – طال بها السير وحيدة وتملكها الخوف وهمت بالعودة ولكن اين الطريق وفي اي اتجاه كانت تسير فاختلط عليها الأمر والظلام حالك تلفحها نسمات الشتاء الباردة – اصابها الاعياء والفتور فالقت بنفسها في جوار شجيرة احست بكثافة اغصانها علها تحميها من لسعات البرد القارص – تكورت تحتضن بطنها البارز تمسحه براحة يدها وتداعب باصبعها الوسطى نتوء سرتها المنتصب البارز بسبب الحمل – حاولت دفن رأسها بين ركبيتيها رغم التباعد بينهما واستحالة ضمهما – تمني نفسها بغفوة تقربها من الشروق – انفها تسيل بلا هواده وعينيها تدمع بلا بكاء – ولكن هيهات – صرير الصرصور الأسود يهز ارجاء المكان – تنفس الصبح المرتقب ولاحت على الأفق بواد ضوء تنبئ بالاشراق – تكشفت الدنيا تماما وبان الابيض من الآسود وتلفتت فطومة حولها فاذا بالشجيرة التي تحتمي بها شجرة ( القضيم ) فطفقت تقطف و( تخرت ) وتحصد القضيم بفرحة عارمة وامتلأة ( القفة ) وامتلأ الطبق وفي هذا الأثناء اشرقت الشمس بنور ربها ودفئه – حملت فطومة ما حصدت وانتحت ناحية القرية وفي اثناء سيرها احست بألم لم تالفه ووجع في الظهر وخوار في القوة كادت ارجلها لا تحملها وتعثرة وابت خطواتها ان تطاوعها وتملكها الاعياء فسقطت ارضا وسقط من على رأسها ما تحمل من حصاد واحست بلزوجة تنبثق بين فخذيها ولعدم درايتها باعراض المخاض وهذه تجربتها الأولى افزعها ما رأت وبدات تئن وتتأوه وتتلوى وازداد الألم وارتفع صوت نحيبها – ومن حسن الطالع ان يكون في هذه اللحظات الحاج ( حمدون ) يمتطي ناقته ( ديبونة ) في طريقه ناحية ( العد ) فأدار ناقته تجاه فطومة ينادي ( منه الشى انس ولا جنس ) فصاحت فطومة بصوت متقطع ( انا فطومة ابوي الحاج ! انا فطومة ) فاناخ ناقته وحمل عليها فطومة – اجلسها على ( الحوية ) وركب هو الآخر خلفها على ( صلب ) الناقة يمسكها وهي تتلوى ألما - اناخ ناقته فأقبلت حاجة نفيسة تركض مهرولة ( سجمي يا فطومة اتي مشيتي وين – سجمي مالك ابنيتي شن بوجعك ) تأخذ ابنتها متكئة عليها وتدخلها الى داخل ( التكل ) تمددها على ذات العنقريب الذي غادرته – يناديها حاج حمدون ( تعالي يا الحاجة لمي ليها قضيمه ) تدخل حاجة نفيسة قفة القضيم – وتذهب لاعداد ( كورة النيشة ) فطومه تنادي امها ( وااااي يمه تعالي لي يمه سجمي ضهري ) تعود حاجة نفيسة فترى مالم تكن تتوقع انبثق من فطومة تيار سائل لاهو دم ولا ماء – تمتمت حاجة نفيسة ( سجمي بتي بطنه وجعته ) وتخرج لتبلغ بت الصديق ( الداية – الطهارة – الوداعية ) تاتي بت الصديق وعلى اثرها تتوافد نساء القرية – امتلآ بيت حاجة نفيسة وتحلقت النساء حول بت الصديق – افرغت بت الصديق محتويات علبتها العتيقة ( موس الريف - حجر المسن وسبعة ودعات ) وطلبت من ( خير الوادي ) التي تجلس قربها بان تحضر لها تراب من بيت النمل – وعلى هذا التراب بالذات يصدق الودع – فبدات ترسل تنبؤاتها بالودع ( ود الصرة ابو حقيبتن يابسة متحمدك يا ام حقين – وفكة الراس الصغيرة عند تاني خوه – والكوراك ضرب غرب الحلة – العزبة صافحت – وكر كر كر كر علي مقطوع الضهر لا مننا ولا من الأهل – وتالت التلاتة جي من السفر ) – هكذا بت الصديق تنبيئ بالغيب حسب ما تنطق وداتها – تناديها حاجة نفيسة ( يا بت الصديق ادخلي لي علي بنيته ) – تفرد بت الصديق الموساه وتشحذها على حجر المسن – تلك الموساه التي فعلت في فطومة الافاعيل حين كان عمرها لا يتجاوز الثلاث سنوات – تلك الموساه هي اداة الجريمة التي استخدمة في بتر اهم اعضاء فطومة ووأد انوثتها – تلك الموساه سبب العاهة المستديمة التي تلازم فطومة – تلك الموساه التي افقدت فطومة هناء اهم ليلة في حياتها وكادت بسببها ان تفقد الوعي بدل المتعة في ليلة زفافها – وبذات اداة الجريمة تدخل بت الصديق شاهرة مديتها لتمزق ما تبقى من جسد فطومة ( تدلى حبل النسعة ) لتستند عليه فطومة – حفرت الحفرة لدفن بقايا الولادة – بت الصديق ترسل تقاريرها شفاهة ( البنية ضيقة – الجنا جاي فريدون – الجنا متعارض ) فطومة تتأوه وتئن – ترسل صراخات مكتومة لا تسمع – والصراخ المسموع عيب تسير به الركبان – كتمت ألمها تعض على شفتها السفى كأنما لم تكن عضو منها – ( تنحشر ) بت الصديق تحت فطومة وتنهال عليها قطعا وفصدا وتمزيقا – ويسيل الدم هدارا – وبقسوة لا هوادة فيها تنتزع بت الصديق مولودا صغيرا صارخا صرخة لا تتناسب وحجمه – فتنادي في النسوة ( ها عوين زغرتن الجنا وليد ) فتنطلق الزغاريد تشق عنان السماء وما زالتل بت الصديق بيدها المعروقة تنقب في احشاء فطومة وتبشر بمولود أخر وقد كانت بنت – وافرغت بطن فطومة عن محتواها وسكنت اعضاعها كانها في لحظة استرخاء واستجمام – ابترد جسمها عرقا وبرد جسدها وشخصت عيناها الى السماء وفقرت فاهها واذرفت شهقة حرى بلا زفير وبها فاضت روحها الى بارئها راضية مرضية مخلفة للحياه توأم وصرة حصاد القضيم – فالى جنات الخلد فطومة !!!!! [email protected]