يحكى أن أسدا و تيسا سهرا في الأنس و لكن الأسد استعجل في الذهاب المبكر اتقاء لمساءلات زوجته فعاب عليه التيس ذلك قائلا: أفو .. ملك الغابة كمان بخاف من مرتو فقال الأسد أنا متزوج لي لبوة مش غنماية!!! مهما يبلغ جبروت و صلف الطغاة فإنما يستمدون جبروتهم و صلفهم من ضعف و تضعضع شكيمة و عزيمة شعوبهم و درجة وعي تلك الشعوب تجاه مصير بلادهم فإن كان الشعب متحدا قويا واعيا تقدمها قائد يملك صفات الأهلية التي تلبي حاجات البلد و تطلعات شعبه و إن كان شعبا خانعا مائعا خائفا فإن مصيرها سيكون الاستعباد و مصادرة الحريات و استباحة ماله العام و إن كان قائدها تيسا مقلم القرون لا يملك أسباب القوة إلا بما يستمده من صمت شعبه و خنوعه. لم يبلغ من الدكتاتورية و الجبروت في عصرنا الحديث ما بلغه الرئيس الروماني نيكولاي شاوسسكو و لكن شعبه لما عزم و ثار عليه انقلب عليه بين ليلة و ضحاها و دكت عرشه فاعدم هو و زوجته أمام ناظريه بالرصاص في نفس العام الذي حكم فيه البشير و تنفس الشعب الروماني نسمات الحرية. لسنا أغناما و لكن البشير أتيس من تيس و لو أننا على نحو جماعي عصينا النظام عصيانا مدنيا لأسبوع واحد لخر النظام و انكشفت سوءة ضعفه و أنه قط أودع من وديع يحاكي صولة الأسد بيد أنا صدقنا أسوديته التي أعمتنا عن الوقوف على تيوسته فرضينا بالحال المهين و رجع هو بالسيطرة المطلقة. أما السبب الرئيس في عدم اتحادنا حتى الساعة في وجه النظام فلأن غالبيتنا رهن عقله و إرادته لزعامات دينية و حزبية و قبلية و بيوتية حتى إن الواحد منهم لا يخلع نعله دون أن يأخذ رضى زعيمه بذلك. لم يكن النظام أضعف قط من المرحلة السابقة .. معزول بلا أصدقاء .. خزينة ماليه فارغة .. صراعات داخلية جمة .. سياسات تخبطية فاشلة و قوات مسلحة هي في الحقيقة مشلعة يقود إمرتها أصم أبكم أعمى و مع ذلك فشلت الحركات المسلحة بعددها و عديدها و عجزت الأحزاب على عراقتها و طول تجربتها و انثلمت سنان صحافتنا المصادمة و تفرقت قوتنا الجامعة فرأيتنا أشتاتا استسهلنا للذئب مهمته في اقتناصنا و الرابح منا يرقب رفيقه تعمل فيه أنياب الذئب و لا يبالي. فلنطرح القبلية و الجهوية و المعارضة غير الفاعلة و لا نأتمر إلا بما يمليه علينا الواجب الوطني و ننطلق شعبا سودانيا واحدا نهز الشوارع و ندخل الرعب في قلب النظام الذي سيكون لا حول له و لا قوة بجمعنا و تيارنا الجارف و أنى له ذلك و كل مدن .. قرى .. أحياء و شوارع السودان تغلي بصوت واحد لهدف واحد هو التخلص من هذه القرادة التي مصت و لا تزال تمص دماءنا. لا تتلفت تنتظر من يقود إنما الثورة أنت .. أنا .. هو و هي لا غير. [email protected]