حُكي أن أحد الاسود مرض، فعاده جميع الوحوش إلا الثعلب، فقال الذئب للأسد أيها الملك أما تنظر الى فعل الثعلب وقلة اعتنائه بخدمتك واطراحه القيام بواجبك، قد عادك جميع الوحوش في مرضك هذا الا الثعلب، فلئن لم تعاقبه عقاباً يرتدع به امثاله ليتجرأن عليك باقي الوحوش ويقتدون به في سوء أدبه. فلما سمع الاسد كلام الذئب أثر ذلك في قلبه، وقال إذا حضر الثعلب عندي فذكرني بما وقع منه. كان الارنب حاضراً في ذلك المجلس، فمضى الى الثعلب وقال له يا أبا الحصين خذ حذرك من الأسد، فقال ولم؟ فأخبره بما وقع من الذئب في حقه عند الأسد، فشكره الثعلب على ذلك، ثم إن الثعلب مضى وصاد كركياً وترقب خلوة الأسد ودخل وسلم عليه، فقال له الاسد أمرض وتعودني كل الوحوش الا انت؟! هذا منك اطراح لقدري؟ فقال الثعلب معاذ الله انا اقل عبيدك شأناً، ولكن لما بلغني مرض الملك عافاه الله، ذهبت أطلب له طبيباً حاذقاً كنا معاشر الثعالب نصفه بجودة الرأي والمعرفة، فقصدت أن أحضره بين يديك، فلما وصلت اليه وجدته مشغولاً بموت ولدٍ له، فلم يمكنه المجيئ الى خدمتك، غير أنني عرفته بمرضك، فقال يُطعم لحم كركي وتؤخذ مرارته فتخلط بدم ساق ذئب ويدهن بها، فإن في ذلك الشفاء، وقد أحضرت لك كركياً، فلما سمع الأسد مقالة الثعلب لم يشك في صدقه، ثم أنه أكل الكركي فلذ له، ووجد خفة في جسمه وأخّر مرارته حتى ذهب الثعلب، ولما جاء الذئب الى الاسد قبض على رجله فقطعها وأخذ من دمها فخلط به المرارة وأدهن بذلك، فمضى الذئب يعرج وهو لا يصدق ما حدث له، فلما بعُد عن الاسد ألقى بنفسه على الارض من شدة الألم، فمر به الثعلب وهو ملقي فناداه، يا صاحب الخف الأحمر اذا حضرت عند الملوك فاكفف لسانك عن القدح في أعراض اصحابك، فإن لسانك هو الذي أوقعك في هذا: إذا حضرت عند الملوك فالبس من التوقي أجلّ ملبس وادخل إذا ما دخلت أعمى واخرج إذا ما خرجت أخرس