كائنات تمشى بين الناس وفئة من البشر، كتب عليهم الذل والخضوع والخنوع والمسكنة .. شعورهم بالعجز وأستسلامهم لذلك العجز، جعلهم فاقدى حيلة مستمتعين بضعفهم، غير قادرين على رفض الظلم – ولو – بأضعف الأيمان .. تمدد عجزهم الى الدرجة التى أصبحوا فيها أعداء وخصوم سافرين للشرفاء، هؤلاء هم ما يمكن تسميتهم بأقل تعبير مهذب (معارضة – المعارضة)! أنهم عاجزون و(مخزلون) لدرجة قف تأمل، لا تدرى ما هو السر فى وجودهم خارج ديارهم، بعيدين عن يد نظام أمنى مجرم قبيح ، لكنهم غير قادرين على رفضه فى سرهم وتلك حالة عجز أفضل منه الموت. بل هم غير قادرين على مجرد التفكير البسيط الذى يقودهم لطرح سؤال على أنفسهم، لماذا هم يعيشون خارج وطنهم بعيدا عن أهلهم واسرهم اذا كان النظام جيدا ومحققا لطموحاتهم وأمانيهم بتلك الدرجة، ويرون أن معارضته (هائفة) وغير ذات جدوى؟ اؤلئك هم (المخذلون) الذين يعيشون فى المنافى (منغرسين) وسط القوى المعارضة والمقاومة بأشكالها المختلفه وهم اما يشكلون طابورا خامسا أو جاهزون للعمل كطابور خامس. للأسف من خلال خبثهم ومكرهم وأصغاء بعض الآذان الشريفة لهم، أما غفلة أو تهوينا للدور الذى يقومون به من أنفسهم أو هم مكلفين بذلك، خسرت (المعارضة) الجادة فى مواجهة النظام القبيح كثير من الجهد الفاعل وللعديد من القوى الشريفه، التى تعمل مخلصة من أجل (التغيير) وتحمل هم الوطن داخل حدقات عيونها وتبذل كلما تمتلك من طاقات من أجل أن تراه وطنا شامخا عزيزا، يقف فى المكانة التى يستحقها بين الدول، وأن ينعم اهله بحياة حرة وكريمة تبشر بمستقبل أخضر ومشرق لترثه الأجيال القادمه وتشعر بالفخر والأمتنان لثمرة ما قدمه الأباء والأجداد من تضحيات، دون أن ينتظر اؤلئك الشرفاء القابضين على الجمر مقابلا أو موقعا أو حتى كلمة ثناء أو تقدير. اؤلئك (المخزلون) عليهم أن يسألوا أنفسهم قبل أن يدلوا بعبارات التآمر والتخزيل الساخره، لماذا هم باقون فى ديار الغربة يعانون (نفسيا) مثلما يعانى المعارضون ، اذا كانت المعارضة كما يرون ويرددون دائما، بأنها ضعيفة وطالما كان النظام قويا بتلك الدرجة لا محافظا على موقعه الدائم فى مقدمة الدول الفاسدة والفاشله والباطشه والمنفره والتى تنعدم فيها ابسط ضروريات الحياة؟ لماذا هم منغرسون وسط (المعارضين) طالما كان النظام – فى نظرهم - على الأقل أفضل من تلك المعارضة وأن البديل المنا سب غير متوفر؟ ما أقبح التخازل حينما يضاف اليه (غباء) وجهل .. هل أنتظر الشعب المصرى المجاور لنا حينما فاض به (الكيل) فأنتفض خلال عامين مرتين ضد أنظمه باطشة وديكتاتورية، فأرسلهما الى مزبلة التاريخ، الى أن يقود تلك الثورتين هذا الشخص أو ذلك الحزب ؟ وهل كانت توجد فى مصر احزاب قوية أو شخصيات لها قدرات استثنائيه لا تتوفر فى بشر يعيش على وجه الأرض، كما يرى المخزلون انها الوحيدة التى من حقها أن تحكم؟ هل أنتظر اؤلئك الثوار لكى يشاركوا فى الثوره، أن يطلع عليهم رأس مالى ضخم يمتلك خزائن الأرض ومال (قارون) يفتح لذلك متجرا أو أن يشترى له شاحنة لكى يعيش فى رفاهية وبحبوبة ونعيم، ثم يبدأ بعد ذلك فى الأنخراط ضمن صفوف الثوار والمقاومين؟ وهل سمع (المخزلون) فى التاريخ كله، أن الثورات، كان وقودها الأساسى طبقة (الأغنياء) أو الأثرياء حتى لو شارك منهم عدد من أصحاب الضمائر اليقظة التى لا يعمى بصائرها بريق المال؟ وهل (المعارضة) كما يراها اؤلئك (المخزلون) ، عبارة عن كائن غريب أو جسم مثل حجر ضخم يقف فى مكان منعزل يسمى (بالمعارضة)؟ أم هى حالة غضب وفوران ضد (الظلم) وضد (الأستغلال) وضد (الفساد) و(الفشل) وضد جرائم القتل والأبادة والأغتصابات .. وشعور يجب أن يكون داخل كل انسان حر وشريف يرى كرامته مهانة وأن حقه فى وطنه منقوص وأن مستقبل ذلك الوطن وأبنائه مهددا بالعديد من المخاطر ومرتهن فى ايدى طغمة فاجرة لا تعرف وزنه وقيمته وتاريخه، وكلما فى الأمر تتاجر بالدين، حتى أصبح الدين نفسه مسخا مشوها ينفر منه الأذكياء! هل مشاكل السودان كلها سوف تحلها أستتابة طائفة من (الشيعة) أو مشاركة (رمزية) فى تحالف ضد (على عبد الله صالح) وحلفائه، وما هو الفرق بين (البشير) و(على عبد الله صالح)؟ واذا كان على عبد الله صالح طاغية وفاسدا و(قبليا) ، فالبشير أكثر منه فسادا وقبلية .. واذا تحالف على عبد الله صالح مع (الحوثيين)، فالبشير كان قبل (عاصفة الحزم) بأيام قلائل أكبر حليف لأيران (أم) الحوثيين وحاضنتهم. أعود مرة أخرى للأخ (المخزل) .. وأسأله لماذا لا تكون أنت المعارض (الجاد) طالما ترى الأخرون غير جادين .. لماذا لا تكون أنت من يقوم برفض النظام وذلك لا يعنى بالضرورة أن تحمل السلاح، فكل انسان مسخر لما يستطيع، ومتاح له أن يعارض ويقاوم ويرفض بالقدر الذى يستطيعه وبالوسائل التى يختارها. الشاهد فى الأمر كثيرا ما بدأ أحدهم حديثه معك مقررا، بأن المعارضة يجب أن تكون فى الداخل وهذه معارضة (فارغة)، وبعض من مثل ذلك القول كلمة حق يراد بها باطل، فصحيح المعارضة يجب أن تكون فى الداخل ولن يسقط النظام الا بمعارضة حاشدة وضخمه بالداخل تخرج فى وقت واحد للشوارع حتى تصعب مواجهتها، وكثيرون لما يقصروا فى معارضة الداخل وضحوا بحياتهم، لكن من قال أن مواجهة مثل هذا النظام (الجهوى) الا انسانى المستغل للدين والقائم الآن فى السودان، واسقاطه يجب أن يقتصر على الفعل والحراك الداخلى، فى زمن أصبحت فيه (العلاقات) الدولية والأقليمية مهمة للغاية، وأصبح فيه (الأعلام) سلاحا أمضى من البندقية، وأن الأعلام الذى يسقط النظام غير متوفر وغير ممكن فى الداخل؟ ومن يعكس للعالم الذى لا تستطيع أن تعيش منعزلا عنه اليوم، ما يحدث من تجاوزات وقمع وجرائم حرب وأبادة وانتهاكات جسيمه لأبسط حقوق الأنسان فى السودان، بدون التأكد منها لا يمكن أن تجد من يقف الى جانبك ويدعم ثورتك .. وهل يواجه شرفاء السودان فى الداخل نظاما يتمتع بأدنى قدر من المسوؤلية أو الأنسانية، حتى يكتفى اؤلئك الشرفاء بالحراك الداخلى وحده؟ فليسأل (المخزلون)، اؤلئك الذين كانوا اقرب للنظام من (المعارضة) فى الداخل ماذا كان مصيرهم! من محن (الكائنات) المخزله تسمع لأحدهم يقول لك وكأنه مشفق وحادب على مصلحتك ، متسائلا، لماذا أنت تعيش فى ديار الغربة بدلا من أن تعود لتنعم بالحياة بين اهلك وذويك؟ دون ان يرمش له طرف أو يشعر بقليل حياء أو خجل، ودون أن يوجه ذلك السؤال لنفسه، ولماذا لا يعود هو للعيش داخل وطنه طالما يرى البلد جميل والأمن مستتب وفرص العمل متاحة وشوارع الخرطوم أصبحت أفضل من شوارع (لندن) وسوق (الناقه) لحمته شهية وأن نظام (داعش) الحاكم فيه لا يوجد فيه أدنى عيب ومحقق لطموحاته؟ وهل الحياة التى يتمناها الأنسان تقتصر على الأكل والشرب والتناسل، وأخراج الفضلات، دون أن يعيش حرا وكريما لا يشعر بفرق بينه وبين مواطن آخر بسبب فكره أو معتنقه أو قبيلته أو جهته؟ للأسف كثير من (المخزلين) يرون الأنتهاكات والتجاوزات بأعينهم، ويعرفون جيدا حجم (الهاوية) التى يسير نحوها (الوطن) ويدركون بأن أدنى مقومات الحياة الكريمة غير متوفره لغالبية الشعب السودانى، لكنهم صنعوا من ضعفهم وعجزهم قوة .. وسايروا اهدافهم وطموحاتهم الرخيصة فى حياة لن تزيد عن ساعات معدودة ورضوا (بالذل) والنفاق والأنحياز الى الباطل وأدمنوا كراهية الحق ومعارضة الشرفاء ,اصبحوا بذلك (معارضة – للمعارضة). تاج السر حسين – [email protected]