* واحدة من أكبر محبطات الإنسان السوداني عدم لحاق قدراته بأسعار السلع التي تنفلت بين ليلة وضحاها.. وتظل المطحنة اليومية التي يتعرض لها الناس مع الغلاء الفاحش غير المبرر في كثير من أوجهها، حصيلة فوضى سافرة تمارسها السلطات في أعلى مستوياتها..! ما يشجع على الفوضى أن النافذين لا يشعرون بها..! بالتالي، فالذي "يكوي" غيرك ولا يصلك جمره، متروك جحيمه لهذا الغير.. وكذب من قال إن مشكلة البلاد حالياً تتعدى هذه "الأنانية المفرطة" للمسؤولين، والذين لا يجنح مجرد خيالهم نحو الجحيم الذي يرتمي فيه السواد الأعظم من المواطنين..! * إنها صناعة التخلف... ملخصها أن يعيش الشعب في المعاناة لتكبله عن أحلامه الصغيرة و"المتوسطة" والممكنة، فتكون أمنياته القصوى مجرد "فتات!".. فإذا ذهب الفقير إلى السوق بأمل تحسين بيته اصطدم بأسعار "متطلباته" التي استنكرها قبل شهر وقد زادت الضعف.. فإذا كان غاضباً صبّ جام غضبه على التاجر الذي ترهقه الجمارك "بأساطيرها!" وتكلفه المحليات الجشعة ما لا يطيق، وتعصره إدارات الكهرباء والمياه والنفايات بفواتيرها؛ فتكون كافة الأحمال المفروضة عليه ملقاة فوق ظهر المستهلك...! إنها بلاد أصبحت لا تطاق بهؤلاء الذين يعسرون الحياة، وكأن العسر فرضاً لتثبيت كراسي الحكم "المسوسة"..!! * بالأمس طالعتنا "الأخبار" بزيادات "خرافية" أخرى فرضتها إدارة الجمارك "بمزاجها" على الأواني المنزلية وقطع الغيار والبورسلين.. وهو ما وجد الاستنكار لدى الغرفة القومية للمستوردين، والتي كشفت بعض تفحش هذه "القفزات" الجائرة والغريبة..! فالزيادة التي تمت في قطع غيار السيارات "القديمة" تقدر ب (800%).. كأن الجمارك تسعى بهذا الرقم إلى دخول موسوعة العجائب..!! وبأمر الجمارك زادت الأواني المنزلية الزجاجية إلى الضعف عن ما كانت عليه "من 500 إلى 1000" دولار.. وانتبهت الغرفة، كما انتبه آخرون إلى أن الجمارك تستغل شهر رمضان المعظم وإقبال الأسر على شراء الأواني.. أي أن الشهر الفضيل يُستغل فضله بهذه "اللا إنسانية" تضييقاً على شعب يخدم السلطة أكثر مما تخدمه (في ظاهرة كونية نادرة)..!!! * أمين مال غرفة المستوردين هاشم أبو الفاضل أشار إلى الزيادة في أسعار البورسلين، باعتبارها الأعلى رغم أنها محكومة ببورصة عالمية.. إذ يقدّر سعر متر البورسلين عالمياً ب"4 دولارات" لكن جمارك السودان التي تعمل "على كيفها" أرادت أن يكون سعره "8,5 دولار".. وسعر متر "صاج الزنك" يساوي عالمياً "600" دولاراً للطن، لكن جمارك السودان رفعت السقف "بمزاجها" إلى "1500" دولاراً.. و"الزارعنا غير الله يجي يقلِّعنا"..!!! * أرايتم كيف تحارب الجمارك المستوردين والمستهلكين على السواء؟!.. وليس بمستغربٍ سوى ركوننا لهذا "المزاج السيئ".. فحين يكون النظام السياسي (مريضاً!!) تداعت له سائر المؤسسات (بالمرض!!).. إنها محنة شعب تسوّد حياته السلطة.. وجماركها على وجه الخصوص..! أعوذ بالله [email protected]