إنذار جديد في جنوب السودان، اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول إن مئات الآلاف من الأشخاص مهددون بالجوع هناك، حيث إن أكثر من 100 ألف شخص فروا من الاشتباكات التي دارت في الآونة الأخيرة بين المتمردين والقوات الحكومية لينضموا إلى مليونين شردهم الصراع الذي بدأ في ديسمبر، الصليب الأحمر يستعجل الدعم لإنقاذ هذه الآلاف، مايو الماضي، أي الشهر المنصرم، أعلنت يونسيف، منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة أن نحو ربع مليون طفل في جنوب السودان معرضون إلى خطر كبير بسبب سوء التغذية، التقرير أضاف أن عدد الأشخاص في جنوب السودان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد قد زاد منذ بداية العام من نحو 5.2 مليون شخص إلى ما يقدر بنحو 6.4 مليون شخص بما في ذلك ما يقرب من 874 ألف طفل دون سن الخامسة. التقارير تمضي والصراع يمضي غير آبه بالكوارث التي يتحملها المواطنون، بل أطراف الصراع كأنها غير معنية بما يجري، فيما يتقاتلون إذن؟. القيادات في دولة جنوب السودان- حكومة ومعارضة- تُصر على استنساخ التجربة الأم، وكأنهم لم يكتفوا ذاتيا من هذا الكم الهائل من الدروس، بل وكأنهم قطعوا عهدا في صناديق الاقتراع المحشوة التي اختارت فيها الأغلبية الساحقة الانفصال، قطعوا عهدا بأن لا يبيت هذا الشعب ليلة هادئة. دولة جنوب السودان يبدو أن التجارب التأريخية المريرة لم تكفها، حتى سياسة وطريقة اتفاقيات السلام تمضي بذات الصورة المحفوظة، توقيع اتفاق اليوم ثم نفض الأيادي من الاتفاق والمضي باتجاه التصعيد، ثم اتهامات متبادلة، ثم جولة جديدة. هذا الشعب الذي اختار أن يستقل بدولته لم يضع في أولوياته إلا الأمن والاستقرار، فلم يستعجل التنمية والرفاهية، فلماذا تُعاد عليه ذات التجارب المريرة وتُفرض عليه إعادة تجارب الماضي القاسية التي اختار الانفصال لأسبابها، جنوب السودان الآن يتقلب بين الغلاء واستمرار الصراع مع تراجع الأمن وسطوة القبيلة. سوف يأتي اليوم الذي تندم فيه كل الأطراف أنها بددت سنوات شعبها في حروب عبثية، لو سئلت لمصلحة من كان هذا، لن تجد الإجابة الكافية، الرجوع قليلا إلى تجربة الدولة الأم، وإن كان مجديا استمرار الحرب أم أنه مجرد عبث ليس إلا؟. التيار