(1) قبل حوالي سبعة أعوام، حضرت جلسة لمحاكمة بعض ( العاهرات ) في قضية تتعلق بتصوير أفلام إباحية، ومحاولتهن إجهاض حملهن غير المشروع، أولئك العاهرات كن خلف القضبان بينما وجوههن سافرة للعيان، إحداهن كانت تمضغ علكة بطريقة تثير الاشمئزاز، وأخرى كانت تحمل مسبحة في يدها، وهي تسبح ولم أدرِ هل كانت تستغفر الله أم كانت تصلي على الرسول صلَّى الله عليه وسلم، المهم أنها كانت تحمل مسبحة وتتمتم بكلمات لم أعِهَا. عقب انتهاء الجلسة، سألت قاضي المحكمة، وكانت تلك أول تجربة صحفية لي في تغطية المحاكم، وكنت مستاءة جداً، وأشعر برغبة في الاستفراغ، المهم أني سألت قاضي المحكمة عن لماذا لا يسمح للفتيات بارتداء النقاب وتغطية وجوههن على الأقل لاتقاء الفضيحة؟ فقد كانت قاعة المحكمة تضج بالحضور من الإعلاميين والقانونيين ومرتادي المحاكم، وكانت تلك القضية من القضايا التي شغلت الرأي العام، وقد كلفت بتغطيتها من قبل صحيفتي (الرأي العام)، يومها أجابني القاضي قائلاً: "هل سمعتِ بقصة اللي إختشوا ماتوا؟"، فأجبته بأني أسمع بالمثل ولكني لا أعرف قصته. فطفق القاضي يحكي لي أنها قصة حدثت في أحد حمامات البخار في الشام حين كان يجلس الناس شبه عراة، وفجأة حدث حريق هائل داخل الحمامات، فالذين خافوا على حياتهم هربوا وهم عراة، والذين آثروا البقاء خجلاً وحياءً ماتوا. فلذلك هؤلاء الفتيات لا يستحين ولا يخجلن بل بعضهن يباهين بما اقترفن ويمضغن العلكة في ابتذال واضح. تذكرت هذه القصة عقب ورود عدد من التعليقات والرسائل في بريدي تتناول (قُبَلَ العرسان) المنتشرة مؤخراً بالكثير من الامتعاض والاستنكاروالتي سبق وان تطرقت لها بمقال ، وفي الوقت الذي عزا فيه البعض ما يحدث لاستلاب ثقافي واستعمار فكري وفقدان للهوية، وأنها نتائج العملية السوسيولجية الكبرى في تاريخ المجتمعات الإنسانية، والتي تُعرف بعملية التغيير الاجتماعي، حيث يعتبرها علماء الاجتماع حتمية، إذ تحدث عبر شكلين: الأول راديكالي وهو تغيير يحدث بفعل الثورات كما حدث في الاتحاد السوفييتي والثورة البلشفية؛ والآخر تغيير تلقائي وهو ما يحدث عندنا هنا، وفي كثير من المجتمعات. وهذا التغيير يجعل القيم السائدة ضعيفة، وغير قادرة على وظيفتها في تلبية حاجات المجتمع. فيحدث تناقض كبير بين القيم السائدة والسلوك ويصبح السلوك بوابة مشروعة قابلة للانصهار طبقاً للمؤثرات الخارجية. وهذا ما حدث بالضبط في مراسم الزيجات الأخيرة. (2) أطرف رسالة وصلتني من الصديق والقارئ ( مصطفى) الذي يقيم بالسعودية حيث ذكر لي أن هناك عرساناً سافروا إلى مدينة (بربر)، لقضاء شهر العسل، وفي الطريق استقلوا السيارة مع سائق تاكسي، وحين نظر إليهم السائق في المرآة، وجدهم قد بدأوا شهر العسل في سيارته، فما كان منه إلا أن نزل وفتح باب سيارته وقام بضربهم بسوط عنج كان يحمله في حقيبة السيارة الخلفية. أيضا قصة العريس الذي تعرض للضرب في إحدى صالات الأفراح من قبل أهل العروس بسبب رقصة (اسلو) مثيرة. والعريس الذي غادر أهله صالة العرس بسبب فستان العروس، وغيره الكثير من التفاصيل التي أصبحت مفسدة للأفراح. إن تجاوز حدود الأدب والأخلاق وخدش الحياء العام لا يعتبر جنحة فقط يعاقب عليها القانون تحت المادة ( 152) ، وإنما يُعتبر أيضا هتكاً للدين والعقيدة واستهتار بأبجديات التقاليد والمورثات السمحة. أما ذلك العريس الذي جاهر بتقبيل زوجته فإني أحسب أنه تعامل معها ك(عشيقة) أو (رفيقة وقت)، ولا فرق في نظرة المجتمع لها والتمييز بينها وبين أولئك العاهرات خلف القضبان.. وحقيقة الإختشوا ماتوا. *نقلا عن الوطن [email protected]