تمويل الأحزاب السياسية فى السودان : - متى ؟ - كيف ؟ - ولماذا ؟ عليه تغطى هذه الورقة الإشكاليات التالية : - متى يتم تمويل الأحزاب فى السودان فى مواسم الإنتخابات أم على الدوام ؟ - ما هو الأسلوب الذى تتبعه الدولة فى تمويل الأحزاب , فى شكل عينى أم نقدى ؟ وفى مقابل ماذا يتم هذا التمويل ؟ - ولماذا تمول الدولة الأحزاب السياسية ؟ مدخل : لقد أبرزت ورشة تمويل الأحزاب التى أقامتها المفوضية القومية للإنتخابات بالتعاون مع مجلس شئون الأحزاب السياسية بقاعة الصداقة بالخرطوم العلاقة الطردية بين المال والسياسية , فى العام المنصرم والتى كانت برعاية الأممالمتحدة للتنمية وكنت حضورا فى تلك الورشة التى إمتدت لأكثر من ثلاثة أيام رغم أننا لم نخرج منها بشئ مقنع , إلا أنها لفتت النظر إلى تمويل الأحزاب السياسية من قبل الدولة وإلى الدور الهام الذى يمكن أن يلعبه هذا الأخير في توسيع دائرة المشاركين في الحياة السياسية ، وذلك من خلال ما يوفره من إمكانيات للأحزاب السياسية ، باعتبارها أداة أساسية للمشاركة السياسية ، لتعزيز دورها التعبوي و التأطيري و الثمثيلي في الحياة السياسية فى السودان ، وخاصة مع تغير الظروف التي أصبحت الأحزاب السياسية تمارس في ظلها أنشطتها خلال السنوات الأخيرة ، وأضحت تحتاج إلى أموال باهظة من أجل تنمية تصوراتها ، وحشد الدعم السياسي حول أفكارها ، ولم تعد بالتالي تعتمد في ذلك على قوة الإيديولوجيا والليالى السياسية والهتافيات الجماهيرية والهيات الفردية الراهنة للقرار . المبحث الأول : المطلب الأول : - تعريف الحزب كمؤسسة سياسية وإجتماعية - فلسفة تمويل الدولة للأحزاب السياسية - آليات تنظيم التمويل السياسى ______________________________ إن تعريف الحزب كمؤسسة سياسية وكمؤسسة إجتماعية يضى مهما للغاية لأنه يجعل القارئ تصور هذه المؤسسة من خلال علاقاته القائمة بالعمل السياسى وكذلك حتى لايختلط فى الأذهان مفهوم الحزب ومنظمة المجتمع المدنى أو أى منظمة مدنية شبيهة له فى الممارسة والنشاط الإجتماعى لأنه شتان ما بين الحزب وما بين منظمات المدنى مجتمعية . وإن تشابها فى تقديم بعض الخدمات فى المجالات الإجتماعية , وحسبى تجربتى فى العمل الحزبى إن المنظمات جئ بها لإلغاء دور الحزب أو تحجيم وما هى إلا وجا تستخدمه القوى التقليدية لفشلها فى تقديم حلول حاسمة لقضايا السودانية العالقة والتى لها منها نصيب الأسد كما ثروة السودان . تعريف الحزب كمؤسسة سياسية : عليه يمكن أن نعرف الحزب كمؤسسة سياسية : بأنه ( مجموعة منظمة من الأفراد المتقاربين فكريا , ولديهم رؤى وبرامج لإدارة شئون الدولة والمجتمع , ويعملون على الوصول إلى السلطة ) .. وهو بلاشك تعريف سياسى ولكنه واضح بأنه ناقص , إذ أغفل الجانب الجماهيرى فى تعريف الحزب , وكما هو واضح أنه تعريف أقرب إلى تعريف منظمة المجتمع المدنى , لأن من خلال هذا التعريف يتسنى لأى مجموعة من الناس لديها أفكار مشتركة يمكن أن تشكل منظمة أو نادى ثقافى إجتماعى لكنها غير قادرة على إنشاء حزب لأنه يعوزها هنا الزخم الجماهيرى , وقد يقول قائل أن كثير من المنظمات يتوفر لها جماهير , حتى وإن ووجدت هذه الجماهير فهى تعمل لإنجاز أهداف محددة مقيدة بقانون , بينما قيادات الحزب تعمل على كافة المجالات . وعليه يضحى من الضرورى - تعريف الحزب كمؤسسة إجتماعية : " الحزب عبارة عن قوى منظمة تنظيما فكريا " سياسيا " إجتماعيا ينبع من فهم عميق لمعنى العلائق الإجتماعية , قادرا على صياغة علاقات دولية وإقليمية تستطيع أن تجمع حولها شريحة مؤثرة فى الرأى العام ثقافيا وإبداعيا وسياسيا والعلاقات الإجتماعية تدفع بهم للوصول إلى السلطة , وهى على هذا تقدم خدماتها لشرائحها الإجتماعية غض النظر عن وصولها للسلطة فى المستقبل القريب أم لا " .. " ب " فلسفة تمويل الدولة للأحزاب السياسية : أن تقييمنا لمسألة التمويل العمومي من قبل الدولة للأحزاب السياسية يكمن في إدراك الدولة من الناحية المبدئية إلى حاجة الأحزاب السياسية إلى المال لإدارة نشاطاتها مما يجعلها في منأى عن جماعات المصالح في المجتمع وسماسرة العملية الديمقراطية ، وهو ما يعتبر مكمن الخطر في جل الديمقراطيات الحديثة ، لأن هذه المؤسسات لا تمد يد المساعدة إلا للأحزاب التي ترضخ لمطالبها وتتبنى الدفاع عن مصالحها ، وقد يؤدي إلى تسابق الأحزاب على إرضاء هذه الجماعات و بالتالي سيطرة رأس المال على الأحزاب السياسية. وبالتالى السيطرة على القرارات الحزبية مما يؤدى إلى ضعف العملية الديمقراطية نفسها . وللحد من هذه الظاهرة تأتى عملية التمويل ذات أهمية قصوى للبناء الديمقراطى فى السودان كما أن وضع التشريعات الممهدة لها تعتبر من المقتضيات الكفيلة بالحد من ظاهرة التسيب السياسي الحاصل على مستوى مالية الأحزاب السياسية و التي تعود بالأساس إلى أموال الشعب أو لأموال مشبوهة . ونضيف حقيقة أخرى أن تأثير المال على السياسة شكل واحدة من أصعب المعضلات والتحديات التى تواجه الأنظمة الديمقراطية الحديثة والوليدة فى دول العالم الثالث سيما عندنا فى السودان . نظرا للممارسات السالبة مثل التفوق المادى على نزاهة الإنتخابات وعلى عدالة التنافس وتعادل المرشحين وتكافؤ الفرص التى تعتبر أساس للإنتخابات الحرة النزيهة التى تعد معيارا دوليا . " ج " آليات [email protected]