في ايام الجامعة كان لدينا صديق من دارفور وهو رجل أفريقي قح ولكنه قرر الإنضمام الي الشلة البعثيين في السودان وأصبح كادر عنفهم الاول وكان حالة نادرة وشاذة بنسبة لنا وكنا نناقشه بإستمرار ونقول له انت ضليت الطريق يا صديقنا ارجع الي ثواب عقلك لان هذا التنظيم تنظيم اجنبي وعرقي وعنصري لا يشبهك ولا يشبه السودانيين, الا إنه كان حاسماً في ردوده وقاطعاًفي اجابته من دون اي حجة مقنعة ولذلك تركناه ماضيا في ضلاله حتي اليوم. ومن تلك الفترة وحتي لحظة كتابة هذا المقال كنت ولازلت في حالة استغراب وتساؤل دائم وهو كيف لإنسان سوداني وسودانية عاقلة ان ينضم الي هذا التنظيم العنصري المرتكز علي اعمدة ايديولوجية الوهم (العروبة الالتساقية) والاستعلاء العرقي واحادية التوجه ودخيل الفكر والهوية في مجتمعنا السوداني المتنوع الجميل شمالا وغربا وجنوبا وشرقا، وكنت ولازلت اتسأل مراراً وتكراراً هل هؤلاء الناس لديهم ازمة نفسية؟ هل لديهم انفصام في الشخصية ؟ هل مصابين بعمى البصر والبصيرة ؟ ولم اجد اجابة مقنعة لتساؤلاتي حتي الان وارجو منكم المساعدة ؟ ماذا فعل البعثيين الاصلين في بلاد العربية التي لا احد يشك في عروبتهم بشعارتهم العنصرية من شاكلة ( امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) اين تلك الامة العربية الواحدة في العراق الذي مارسوا فيه ابشع انواع الدكتاتورية وابادوا شعبه اكراداً وشيعة وفتتوا وحدته وحاربوا دول جواره. واين تلك الرسالة الخالدة في سوريا الذي اصبح بحراً لدماء الابرياء بفعل سياساتهم الدموية وتحول الي دولة الاشباح . اما البعثيين السودانيين المشجعين للعروبة حباً من الطرف الواحد كما الذين يشجعون الدوري الانجليزي لكرة القدم من قرية افريقية نائية وينظرون في تشكيلة الفريق وطريقة اللعب وخطة المدرب، ورغم انني اجد لهم كل العذر في ذلك لان كرة القدم اصبحت اللعبة الانسانية الاولي في عالمنا اليوم، ولكن لم اجد العذر مطلقا للسودانيين الذين يشجعون حزب البعث ويقدسون افكاره البالية التي قبرت لحظة اعدام قائدهم الدموي المجرم صدام حسين قصاصاً لضحايا الابادة الجماعية في العراق. والبعث السوداني اصيب بالشلل والاعاقة العلقية منذ ان وطئت قدماه في ارض السودان خطاءاً لان الظروف البيئية والمكانية والمناخية كلها اثرت عليه سلباً مما تحول الي كائنا مريضاً ومنبوذاً وشاذاً في المجتمع السوداني حيث اصدر هذا التنظيم بياناً هزيلاً واستعلائياً وفطيراً كالعادة ينتقد فيه اعلان حركة جيش تحرير السودان علي لسان رئيسها مني اركو مناوي في ضرورة تضمين حق تقرير المصير لشعب دارفور الذين يتعرضون للابادة الجماعية والتطهير العرقي من اصحاب مشاريع الهوس العروبي والاسلاموي المتحالفين ضمنيا مع النظام والمختلفين معه شكليا. فليعلم البعثيين ان حركة جيش تحرير السودان هي حركة سودانية مستقلة ووحدوية (وحدة باسس جديدة) وقامت من اجل إيجاد وطن حر يسع جميع السودانيين علي اختلاف ثقافتهم ولغاتهم واديانهم من دون إقصاء او تهميش او فرض وصاية لاحد، وقدمت في سبيل تحقيق ذلك اكثر من خمسة عشر الف شهيد علي راسهم قائدها العام الشهيد عبدالله ابكر بشر وانتم عضويتكم في السودان لا تتعدي اصابع اليد الواحد برضو دايرين تمارسوا الاستاذية علي الاخرين...!! والحركة تتحرك بإرادتها وقرارها في يد ثوارها الذين يقراؤن المشهد السياسي السوداني بعيونهم وعقولهم ويسيرون وفق مصالح شعبهم وذلك لأنهم احرار ولا يتلقون تعليمات او اوامر من الخارج قطرية كانت او دولية وليس لديهم عقدة العروبة اواللون اوالشعور بالدونية كما تعانون منه انتم ويناضلون مع كل السودانيين الذين يؤمنون بالانسانية وقيمها النبيلة واهدافها السامية الي اعادة هيكلة الدولة السودانية لصالح جميع شعوبها ويقفون صدا منيعا ضد كل المشاريع الاحادية الوهمية العنصرية القاتلة كيزانية كانت او بعثية متحالفة معها التي اوصلنا الي ما نحن فيه الآن من تفيت للوطن والموطن. فليعلم البعثيين بان حق تقرير المصير هو حق اصيل مكفول في المواثيق الدولية. ولاي مجموعة انسانية لها كامل الحرية ان تقرر مصيرها ومستقبل اجيالها ولاسيما الذين يتعرضون للابادة الجماعية مثلنا في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان والجنوب سابقا. فليعلم حزب البعث وكل الذين يبكون علي الوحدة السودانية الحالية وهي وحدة قائمة علي المؤامرة والاستغلال والتهميش السياسي والاقتصادي والاستعلاء الاجتماعي والثقافي والديني وخلاصة تجربة هذه الوحدة الزائفة هي استمرارية الابادة الجماعية في الهامش السوداني وموت اكثر ثلاثة مليون سوداني وسودانية ولجوء ونزوح اكثرمن ستة مليون منهم في داخل السودان خارجه واغتصاب الالاف من حرائر السودان وتجويع وتشريد الملايين منهم بشكل منظم وحرق الالاف القري ظلماً وبفعل هذه السياسات الغبية سار السودان سودانان, وتذداد الاوضاع في الهامش السوداني من السئ الي الاسواء مع مرور كل يوم جديد واذا استمر الوضع كما هو عليه الحال لاشك في ان كثير من الشعوب السودانية سوف تقرر مصائرها كما فعلها شعوب جنوب السودان من قبل حتي ولو زرف البعثيين من لف لفهم من العنصريين دموع التماسيح حزنا علي الوحدة الظالمة. والمثل بقول الايدو في النار ما زي الايدو في الموية. السؤال المركزي الذي ان يجوابه البعثيين هو ماذا فعلتم لضحايا الابادة الجماعية في السودان وملايين النازحين واللاجئين الذين يعيشون في معسكرات الذل والاهانة من دون مأوي وغذاء او دواء فوق ذلك كله تمطرهم دانات الانتنوف وتقتلهم الجنجويد وتغتصب نساءهم؟ اين تضامنكم مع ضحايا الاغتصاب الاجماعي؟ انتم موجودين معنا جسديا في السودان وعقولكم في العراقوسوريا وقلوبكم مع فلسطين لذلك يجب ان تذهبوا الي الجزيرة العربية واتمني ان يتم قبولكم هناك كعرب بني كنعان ! وبناء علي ما تقدم اتروكونا نحن في سوداننا لاننا سودانيون بالرغم الابادة الجماعية اليومية الممارس ضدنا الا اننا نفتخر بسودانيتنا ونعمل مع كل الشرفاء والشريفات من ابناء وبنات السودان الي اسقاط النظام و تاسيس دولة سودانية ديمقراطية عادلة قائمة علي اساس وحدة بشروط جديدة. واذا فشلنا في تحقيق ذلك لاشك ان كثيرون سوف يغادرون وحدة الدم والدموع غير مأسوفين عليها. بشارة مناقو جدو [email protected]