فى العام 1830 ( بعد 9 سنوات من غزو محمد علي باشا مملكة سنار في وسط السودان ) قرر محمد على باشا ضم مملكة دارفور الواقعة غرب السودان إلى ملكه .. فأرسل كتاباً إلى السلطان محمد الفضل ملك دارفور يدعوه لطاعته .. فاعلنها سلطان دار فور الشاب المتعلم المتدين الذكى و الفطن حربا نفسية على حاكم مصر سرعان ما ردعته وجعلته يتراجع عن هذه الفكرة و ينسى ضم دارفور ، ولم تكن تلك الحرب النفسية التى اعلنها السلطان محمد الفضل سوى رسالة بعث بها السطان محمد الفضل الى محمد على باشا كان فى مضمونها الوعيد والويل الى محمد على باشا اذا ما فكر مجرد تفكير فى غزو دارفور فكتب إليه السلطان الشاب خطاباً طويلاً هذا نصه ((الحمد لله الذى حكم بين عباده بالحق سبحانه يجزى كل نفس بما تسعى واليه المعاد و الرجعى وهو حسبى وكفى . " .. من حضرة من أمن الله به البلاد وجعل ملكه مسموعاً من كل أحد وصيره في قلوب الأعداء ناراً تستعر وحجرا يتوقد و جعل الله على يده ضرب من طغى وتمرد ومن ضل وتعنّد وهو شاب صغير السن، ولو صار كهلاً لخضعت له الإنس والجن، وقد اشتهر بالكرم والجود ؛ وحال الله بعوارضه أنجم السعود، وإن قامت الهيجاء بنفسه يجود، ويصل الى الأعداء بقواطع الهنود، وينتصر بعون الله على كل موجود. هو مولانا السلطان محمد الفضل بن عبد الرحمن الرشيد أعزه الله. إلى حضرة الكوكب العالي والنير المتلالي بهجة الأنام وقدوة الليالي صاحب العز والإفتخار أخينا العزيز محمد علي باشا، سلمكم الله تعالى من المحذورات، واستعملكم بالباقيات الصالحات بمنّه وكرمه. أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته لديكم. قد وصلنا جوابكم أوصلكم الله إلى رضوانه وفهمنا خطابكم، وبمقتضى جوابكم وكل كلمة من المرقوم يستحق جوابها المفهوم ولكن يكفى من ذلك كلمة الحى القيوم حيث قال ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشى الا كباسط كفيه الى الماء ليبغ فاه و ما هو ببالغه و ما دعاء الكافرين الا فى ضلال ) (فمن كان يرجوا لقاء ربه فيليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا ) انكم طالبون دولتنا وطاعتنا وانقيادنا لكم. هل بلغكم اننا كفار وجب لكم قتالنا وأبيح لكم ضرب الجزية علينا أو غرّكم قتالكم مع ملوك سنار والشايقية، فنحن السلاطين وهم الرعية ؟ أورد لك دليل من الله تجد فيه ملكك ؟ أم ورد لك حديث من رسول الله تجد فيه تمليكك ؟ أم خطر لك خاطر من عقلك بأن لك رباً قوياً ولنا رب ضعيف ؟ الحمد لله نحن مسلمون وما نحن كافرون ولا مبتدعون. ندين بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونؤدي الفرائض ونترك المحرمات ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر. والذي لم يُصل نأمره بالصلاة. والذي لم يزك نأخذ منه الزكاة و نضعه فى بيت المال ولا ندخرها و نرد الامانات الى اهلها و نعطى كل ذى حق حقه حتى دانت لنا الفبائل العظام و من اتى دولتنا يرجع مكرما باذن الله تعالى و لو اشتدت به الريح فى يوم عاصف ألم تر الى قوله صلى الله عليه وسلم " لو بغى جبل على جبل لدك الباغى " أما علمت أن دارفور محروسة محمية، بسيوف قطع هندية، وخيول جرد أدهمية، وعليها كهول وشبان يسرعون إلى الهيجاء بكرة وعشية اما علمت ان عندنا العباد الزهاد والاقطاب و الاولياء الصالحين من ظهرت لهم الكرامات فى وقتنا هذا هم بيننا يدفعون شر ناركم فتصير رماد يرجع الملك الى اهله ويكفى من بعد ذلك والله يكفى شر الظالمين ) [email protected]