شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    عضو مجلس إدارة نادي المريخ السابق محمد الحافظ :هذا الوقت المناسب للتعاقد مع المدرب الأجنبي    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى عثمان يكتب في الشرق الأوسط حول دارفور ،كيف ترى الخرطوم أزمة دارفور: النزاعات في دارفور (1)

الخرطوم(smc) تعتبر قضية دارفور واحدة من القضايا التى صادفت اهتماما غير مسبوق على خلفية تضخيم الوسائل الإعلامية لتفاعلاتها وآثارها حتى صارت الموضوع الأول في قائمة الأخبار والتحليلات التى غالباً ما تغفل عن ذكر الحقائق ولا تلامس الواقع على الأرض. صحيفة الشرق الأوسط نشرت مجموعة من المقالات المتصلة عن أزمة دارفور وهي عبارة إفادات قدمها وزير الخارجية السوداني السابق وأحد مستشاري الرئيس عمر البشير حالياً, وتأتي أهمية الإفادات المقدمة حول الموضوع بحكم التصاق الرجل وقربه من الأحداث والتداعيات السياسية لهذا الملف وغيره من الملفات الأخرى ذات العلاقة, وفيما يلي نورد هذه الإفادات: بقلم: مصطفى عثمان إسماعيل بعد أن هدأت الحرب في جنوب السودان منذ توقيع اتفاق السلام الذي أنهى حالة الحرب هناك قفزت أزمة دارفور والحرب المشتعلة إلى صدارة الأحداث وباتت محط اهتمام إقليمي ودولي، مثلما أصبحت تمثل أزمة في علاقات السودان الدولية مع دخول الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية على خط القضية. ورغم الوساطات والاتفاقات والضغوط والعقوبات ما تزال الأزمة مستمرة والأوضاع غير هادئة بل وقد تبقى مرشحة للتصعيد. وفي حلقات تنشرها «الشرق الأوسط» تباعا، اعتبارا من اليوم، يكتب الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس السوداني ووزير الخارجية السابق، عن خلفيات وتداعيات أزمة دارفور، من وجهة نظر الخرطوم. منطقة دارفور معروفة للعالم منذ أمد بعيد. وقد عمل الرومان على ربطها بمصر طمعا في ثرواتها حيث كان درب الأربعين المشهور يربط بينها وبين محافظة أسوان المصرية، كما زارها كثير من المستكشفين من مختلف أنحاء العالم، حيث كانت تمثل إحدى محطات التجارة المهمة في القارة الأفريقية. ارتبط تاريخ دارفور بحكم السلطنات حيث حكمت سلطنة (الداجو) دارفور ما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين. وقد عرف الداجو باسم التاجوين الذين اقتصر نفوذهم وحكمهم على الجزء الجنوبي الشرقي من دارفور. ثم مملكة (التنجور) التي حكمت من القرن الثالث عشر إلى النصف الأول من القرن الخامس عشر. ويقال إن قبيلة التنجور تنتسب إلى سلالة بني هلال من شبه الجزيرة العربية، كما إن اللغة الوحيدة التي يعرفونها هي اللغة العربية، وقد اختلطوا بقبائل دارفور بقوة، واشتهروا بالتجارة وكانت لهم علاقات اقتصادية مع مصر، وكان تجار القاهرة يمدونهم بالسلاح مقابل الحصول على الذهب. تركز حكم سلطان التنجر على الجزء الشمالي من دارفور ويرجح بعض المؤرخين قيام مملكتي الداجو والتنجر جنبا إلى جنب حتى القرن السادس عشر، واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب. بدأ تاريخ دارفور يتضح مع التنجور، وفي عهدهم اختلط العرب بالفور حتى ظهرت طبقة (الكُنجارا) ومنها خرجت أسرة كيرا التي انتقل إليها الحكم من التنجور في منتصف القرن السابع عشر واستمر حتى نهاية حُكم السلطان علي دينار في 1916م. أما الفور فهم الجزء الرئيسي من سكان البلاد، والسكان الوحيدون في سلسلة جبل مرة. وكان يطلق على قبائلهم (التورا) وهي تعني العمالقة، حيث أقاموا بجبل مرة ولم يختلطوا بغيرهم من القبائل إلا بعد دخول الإسلام، حيث اختلطوا بالتنجور وحدثت بينهم مصاهرات. كان السلطان سليمان سلونق، أي سليمان العربي، أول سلطان يقوم بتأسيس دولة دارفور الإسلامية عام 1445م. استمر الفور يحكمون دارفور ما يقارب من 430 عاما بدون انقطاع، أي من سنة 1445 وحتى سنة 1874 عندما استولى عليها الزبير باشا نيابة عن الإدارة التركية المصرية بالسودان وضمها إلى بقية بلاد ما كان يعرف بالسودان التركي المصري آنذاك، ثم عاد السلطان الشهير علي دينار وحكمها من سنة 1898م وحتى 1916م. وأرض الفور تقع في الجنوب الغربي وتُعد أكثر أراضي دارفور خصوبة على طول وادي أزوم. ويزرع الفور الدخن والذرة والفول والسمسم ويمارسون أنواعا من الحرف المختلفة كالغزل والنسيج وإعمال الفخار. ويعتبر جبل مرة جوهرة دارفور، وكان قاعدة وملجأ للسلاطين في الأزمان التاريخية. وبدأ الفور تحركهم من الجبل نحو الجنوب والجنوب الغربي وتسارع تحركهم إبان الحكم الثنائي البريطاني المصري 1916 1956م إذ أنهم وجدوا أن الأمان أكثر في السهول، وسكان الجبل يتحدثون لهجة مختلفة عن لغة الفور العامة. ويغلب على الفور أنهم تجمعات متباعدة لسكان يتحدثون اللغة العربية كالبرقو والحمر والجوامعة ودار حامد والبديرية عبر منطقة القوز على خط عرض 14 درجة. وقد حدثت هجرة إلى دارفور من سكان غرب أفريقيا استمرت بلا عوائق، وخلال ثلاثمائة سنة انتقلت مجموعات من الحجاج والفقهاء والعلماء والتجار والفولاني رعاة الماشية إلى دارفور واستقروا فيها وكانوا يقصدون الحج إلى مكة، وتزايد بمدار التاريخ استخدام طريق الحج وبعضهم استقروا بعد عودتهم من الحج. وفي المنطقة دلائل حركة قديمة لمختلف المجموعات الحالية في دارفور، وفي جنوب دارفور أقام الفلاتا وجزء منهم أسفل التلال الجبلية لجبل مرة بسبب أن مواشيهم لا تتحمل مشاق الهجرة جنوبا. ومن القبائل العريقة الجذور في دارفور قبيلة الزغاوة التي تمتد حتى خارج ذلك الإقليم، ويؤلفون مع سكان انيدي البِديَّات وقبيلة الوانية الصغيرة التي تحتل إقليم ونيانقا الصغير على الطريق المؤدي من بنغازي بليبيا إلى وداي، مجموعة اثنيه متجانسة إلى حد كبير. والزغاوة هم بدو رحل يعيشون في الصحراء او في أطراف الصحراء. وينقسمون إلى أربعة أقسام: الزغاوة كوبي، الزغاوة دود، الزغاوة عنقا، والزغاوة كيلتيو. وكل تلك القبائل اختلطت بالقبائل العربية بل إن بعضها يعيش بين القبائل العربية مثل قبيلة الرزيقات. تنتشر قبيلة الزغاوة بين دارفور وتشاد ويعيش ثلثها في دارفور والثلثان الآخران في تشاد حيث ينتمي إليهم الرئيس التشادي إدريس دبي. دارفور كانت على مر التاريخ محط أطماع القوى الأجنبية، ويعتبر السلطان محمد الفضل 1802 1839م، ابن السلطان عبد الحميد الرشيد 1787 1802م حفيد السلطان سليمان صولونج سلطان الفور 1640 1670م، أعظم سلاطين الفور، وكان يلقب بقمر السلاطين كما جاء في كتاب «تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان» تأليف محمد بن عمر التونسي والذي وصف السلطان بالكرم والشهامة والشجاعة. وكان للسلطان محمد الفضل أخ يكرهه ويزاحمه على الملك يسمى «أبا مدين» هرب إلى مصر واخذ يؤلب محمد علي باشا على فتح دارفور. ولما كانت سنة 1830م 1245ه أرسل محمد علي باشا كتابا إلى السلطان محمد الفضل يدعوه فيه إلى التسليم، فأجابه سلطان الفور محمد الفضل بخطاب هذا نصه: «من حضرة من امَّن الله به البلد، وجعل ملكه مسموعا من كل احد، وصيَّره في قلوب الأعداء نارا تستعر، وجمرا يتقد، وجعل الله على يده ضرب كل من طغى وتمرَّد، ومن ضلَّ وتعنَّد. أخينا العزيز محمد علي باشا سلمكم الله تعالى من المحذورات، واستعملكم بالباقيات الصالحات بمنه وكرمه أما بعد : فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته لديكم. قد وصلنا جوابكم، أوصلكم الله إلى رضوانه، وفهمنا خطابكم ومقتضى جوابكم، وكل كلمة من المرقوم تستحق جوابها المفهوم. ولكن يكفي من ذلك كله كلام الحي القيوم حيث قال : «له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال». «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا». إنكم طالبون دولتنا، وطاعتنا، وانقيادنا لكم، فهل بلغكم إنا كفَّار وجب لكم قتالنا، وأبيح ضرب الجزية علينا، أم غرَّكم قتالكم مع ملوك سنار والشايقية، فنحن السلاطين وهم الرعيَّة. أورد لك الدليل من الله تجد فيه ملكك، أم وَرَدَ لك حديث من رسول الله تَجد فيه تمليكك، أم خطر لك خاطر من عقلك بان لك ربا قويا ولنا ربُ ضعيف. الحمد لله نحن مسلمون وما نحن كافرون ولا مبتدعون، ندين بكتاب الله وسنة رسوله ونؤدي الفرائض ونترك المحرمات ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، والذي لا يصلي نأمره بالصلاة والذي لم يزك نأخذ منه الزكاة ونضعها في بيت المال ولا ندخرها، ونرد الأمانات إلى أهلها، ونعطي كل ذي حق حقه، حتى دانت لنا القبائل العظام. ومن أتى دولتنا يرجع مكرَّما بإذن الله تعالى، ولو اشتدت به الريح في يوم عاصف، ألم تر إلى قوله صلى الله عليه وسلم «لو بقي جبل على جبل لَدُكَّ الجبل الباغي». أما علمت أن دارفور محروسة محمية، بسيوف قطع هندية، وخيول جرد ادهميه، عليها كهول وشباب يسارعون إلى الهيجاء بكرة وعشية. أما علمت أن عندنا العُبَّاد والزهَّاد والأقطاب والأولياء الصالحين، من ظهرت لهم الكرامات في وقتنا هذا وهم بيننا يدفعون شر ناركم فتصير رمادا، ويرجع الملك إلى أهله، ويكفي من بعد ذلك والله يكفي شر الظالمين». وتقع ولاية دارفور في منطقة أقصى غرب السودان في مساحة تقدر ب 196.404 ميلا مربعا وتجاورها من ناحية الشرق الولاية الشمالية وولاية شمال كردفان، ومن جهة الجنوب ولاية شمال بحر الغزال وغرب بحر الغزال، ومن جهة الشمال الغربي تحدها الجماهيرية الليبية، ومن جهة الغرب جمهورية تشاد ومن جهة الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى. هذا الوضع الجغرافي جعل من دارفور منطقة مفتوحة على ثلاثة أقطار متجاورة ومتداخلة اثنيا وثقافيا. وتمتد دارفور في الرقعة الجغرافية التي تمتد ما بين خطي عرض 2010 شمالا وخطي طول 27.3022 شرقا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مساحة دارفور تمثل خمس مساحة السودان، وهي تعادل مساحة فرنسا، ويبلغ تعداد سكان دارفور حوالي ستة ملايين نسمة تقريبا، حيث ينتمون إلى قبائل عدة يبلغ عددها 80 قبيلة تتوزع بين قبائل تحترف الزراعة وأخرى تحترف الرعي وابرز هذه القبائل: الفور، البني هلبة، التنجر، البرتي، الهبانية، الزغاوة، الزيادية، الرزيقات، المساليت، المعاليا، التعايشة، الميدوب، البرقدٍ، الداجو، البني حسين، التاما، الماهرية، المحاميد، السلامات، المسيرية، العريقات، العطيفات، الفلاتة، القمر، بني منصور، التعايشة، دردوق، الصليحاب، الميما، الترجم المراريت، الهوارة، الجوامعة وغيرهم من القبائل. هذه القبائل هي خليط من القبائل العربية والقبائل الأفريقية، أو العرب والزرقة أو العرب والزنج. غير أن هذه القبائل امتزجت وتزاوجت واختلطت منذ أكثر من ألف عام. وقد تعايشت القبائل الرحل المحترفة للرعي والقبائل المستقرة المحترفة للزراعة في سلام على مدى كل القرون الماضية قبل التصعيد الأخير الذي حدث بدارفور. وكل قبيلة من القبائل الكبرى تملك دارا أو ما تسمى حاكورة وهي رقعة جغرافية تكون معروفة الحيازة منذ قديم الزمان تكون إما منحت لها بواسطة سلطة كانت حاكمة وسميت باسمها كما هو الحال والتسمية بدار المساليب ودار الميدوب ودار الرزيقات ودار الهبانية ودار كوبي ودار زغاوة. وكانت منطقة دارفور فيما مضى منطقة خصبة تتميز بتساقطات مطرية غزيرة. إلا أن موجات من الجفاف ضربت المنطقة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وأحدثت تراجعا كبيرا في الأراضي الصالحة للزراعة وفي الموارد المائية التي كانت تستفيد منها القبائل المترحلة والقبائل الزارعة، وتتمتع دارفور بتنوع بيئتها وظروفها المناخية ما أدى إلى تنوع النشاط الاقتصادي وسبل كسب العيش، وتمثل الزراعة القطاع الرئيسي ويتداخل النشاط الزراعي بين الزراعة من اجل الاقتصاد المعيشي وبين زراعة المحاصيل النقدية من اجل السوق. ولدارفور أهمية خاصة من ناحية توفير محاصيل الصادر والمواشي. وتمثل المساحات المزروعة بالذرة نسبة 11% من المساحات الكلية المزروعة بالذرة تقليديا، ري مطري في كل السودان والدخن المحصول الرئيسي للغذاء بالمنطقة يمثل 63% من جملة المساحة المزروعة بمناطق الزراعة التقليدية بعموم السودان. وتقدر الثروة الحيوانية في دارفور ب 27.987.610 رؤوس من الأبقار والماعز والضان والإبل. وتعتبر دارفور أكثر مناطق السودان تأثرا بموجات الجفاف التي ضربت المنطقة خلال سبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي وكان من نتاجها تدهور بيئي كبير وانخفاض في مستوى الأمطار وتدهور الغطاء النباتي والشجري وزحف صحراوي هدد المنطقة فوقعت جراء ذلك هجرات للسكان بالأخص في الشمال من ديارهم إلى مناطق أخرى داخل الإقليم، وقد لازم التدهور البيئي زيادة في عدد السكان وتغير في السلوك المعيشي
والنزاعات الاقتصادية. ولمواجهة مشكلة الجفاف والتصحر وجهت الحكومة السودانية قسما كبيرا من مواردها المحدودة في ذلك الوقت لتوفير مياه الشرب للإنسان والحيوان وتطوير المشروعات الزراعية. من أهم هذه المشروعات مشروعات تنمية جبل مرة في جنوب دارفور والتي خصصت لها قسمة كبيرة من نصيب السودان من اتفاقية لومي. غير أن الدول الأوروبية وبإيعاز وتأثير بسياسة الولايات المتحدة القاضية بعزل ومقاطعة الحكومة السودانية قامت بتجميد استحقاقات السودان من اتفاقية لومي، الأمر الذي انعكس وبالا ودمارا على العديد من المشروعات خاصة مشروعات المياه والزراعة في دارفور. وكان هذا واحدا من أهم أسباب الصراع على الماء والكلأ في منطقة قبلية تعتمد أساسا على الرعي والزراعة. إضافة إلى ان توقف هذه المشروعات زاد من إعداد العاطلين عن العمل وبعضهم تحول إلى قطاع طرق، وانتشرت عمليات النهب المسلح خاصة في المناطق الصحراوية في شمال دارفور. يتدين سكان دارفور بمختلف أصولهم ومرجعياتهم بالدين الإسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة ومدرسة الإمام مالك ابن انس الفقهية، ويهتمون بالأنشطة الثقافية والروحية مثل حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية. ويلاحظ كذلك أن التصوف يمثل نسبة عالية عند سكان دارفور إذ يبدو واضحا أن أكثر من 85% من مواطني دارفور يسلكون الطريقة التجانية التي تنحدر أصلا من المغرب العربي وتحديدا من جنوب الجزائر (عين ماضي) حيث وُلد الشيخ احمد التجاني ومنها انتقل ليستقر بفاس بالمغرب التي انطلقت منها طريقته واشتهرت. وهذا يعد مؤشرا لوجود تداخل ثقافي إقليمي. وتزخر دارفور بمختلف انواع الفنون الشعبية كالغناء والرقص وبعض الفنون اليدوية والفلكلورية. ظاهرة الحكامات ظاهرة معروفة في دارفور حيث تنشد النساء أشعار الحماسة وهو ضرب من الفن الشعبي، لكنه مؤثر جدا في تأجيج الصراع بين القبائل. لقد عاش في دارفور منذ القدم العديد من القبائل الأفريقية، ولكن مع مرور الزمن جاءت جماعات من الساميين والحاميين في موجات متتالية عبر حقب تاريخية مختلفة من الشمال والشرق والغرب، والتي كان من أهم دوافعها الاستقرار السياسي في المنطقة وتوفر البيئة الطبيعية والظروف المناخية الملائمة لتربية الحيوان، وهما الشيئان اللذان يغريان القبائل الرعوية وبخاصة القبائل العربية الهلالية من شمال أفريقيا، فكانت تلك بداية التلاقح والتمازج بين الثقافتين العربية والأفريقية، ولذلك لما ألف الشيخ محمد بن عمر التونسي كتابه حول وقائع رحلته إلى دارفور في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، اختار له عنوان :«تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان». ولهذا العنوان دلالة واضحة على حقيقة التمازج العرقي والاثني الذي ظل قائما في دارفور منذ عدة قرون خلت. فالعرب هم أفراد القبائل العربية، والسودان هم القبائل الأفريقية أو من يعرفون ب«الزرقة» في تلك المنطقة. والسواد الأعظم من قبائل دارفور يجيد اللغة العربية، بل إن الكثيرين من قيادات دارفور التي تنتمي إلى القبائل الأفريقية، سواء تلك التي في التمرد أو معارضة للتمرد، متزوجة من قبائل عربية الأمر الذي يدحض مقولة أن القبائل العربية تقوم بعمليات التطهير العرقي ضد القبائل ذات أصول افريقية. فالذين يمارسون عملية الخروج على القانون والاعتداء على الآخرين مهما تصفهم أو تسميهم لا يمكن أن تلصقهم بقبيلة دون أخرى. أكدت عدة دراسات أن الرحل والمجموعات المستقرة من المزارعين عاشوا في انسجام، ونشأت بينهم علاقات مصاهرة، وقد كانت هنالك صراعات قبلية على المرعى والأرض ومصادر المياه، لكن هذه الصراعات كانت محدودة، وتتم تسويتها من خلال الأطر والأعراف المحلية، إلا أن هذه الأوضاع بدأت في التغير مع تشعب النزاع وتأثير بعض العوامل الإقليمية، فالدول التي تحيط بمنطقة دارفور من الناحية الغربية تشاد وأفريقيا الوسطى تعرضت لموجات من الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني لفترات طويلة أواخر القرن الماضي، حيث دارت هنالك حروب وسقطت أنظمة وتصارعت قوى إقليمية وعالمية في المنطقة مما اثر على الاستقرار في المنطقة، حيث أصبحت دارفور مسرحا تعكس ما يدور حولها من قلاقل. هذه العوامل ساهمت في نشوء ظاهرة النهب المسلح وهذه الظاهرة لم تكن لها أهداف سياسية أو أبعاد فكرية أو حتى قضايا مطلبية وظلت محصورة على مجموعة من قطاع الطرق غايتهم فقط الاستيلاء على ما تقع عليه أيديهم من ممتلكات، ولذا نجد أن بداية هذا الصراع هو صراع تقليدي محلي بين القبائل على الموارد الطبيعية الشحيحة المتناقصة وعلى امتلاك الأرض والحواكير وقد تم تطوير هذا الصراع بسبب عدة عوامل ساعدت في اشتعال الفتنة في المنطقة نذكر منها: النزاعات التاريخية بين القبائل. تناقص الموارد الطبيعية (المراعي الخصبة والأرض الصالحة للزراعة). التداخل القبلي بين دول الجوار والحدود المفتوحة. تدني التعليم وانتشار البطالة. الانتشار الواسع للسلاح. وبالمجمل يمكن القول إن أسباب النزاعات التي وقعت في دارفور تتعدد في أربعة عوامل أساسية: الأول العامل البيئي، إذ أن الجفاف نال من إقليم دارفور أعوام السبعينيات وفي الثمانينيات (منتصفها) من القرن الماضي أدى إلى نقصان الموارد الطبيعية وهلاك الزرع والضرع وحدثت مجاعات مشهورة، وموجات نزوح قبلي بين الشمال والجنوب، أوقعت احتكاكات وتوترات قبلية، وفي الآونة الأخيرة بفضل توسع في الرقع الزراعية انتقل الناس من أسلوب الاقتصاد المعيشي ومحدودية الرقع الزراعية للأسر إلى اقتصاد السوق. والعامل الثاني الذي تسبب في النزاع يتمثل في إجراءات سياسية اتخذتها الحكومات المتعاقبة حلت فيها الإدارات الأهلية وحورت حدود القبائل وتخالطت وتداخلت الحدود القبلية مع الحدود الإدارية التي كانت تصدر بين كل فينة وأخرى بمراسيم سياسية مختلفة أسهمت في خلق واقع متوتر، ولم تنج حكومة الإنقاذ الوطني من هذا الفعل. والعامل الثالث اقتصادي تنموي خلاصته حدوث تأخر دارفور في البنيات التحتية، وللأسف فإن ابرز مشروع تم التخطيط له تشييد طريق الإنقاذ الغربي بعد أن بدأ تنفيذه توقف العمل فيه وصار متقطعا، وللأسف أيضا أن مساهمة أبناء دارفور في تنمية إقليمهم فيها تقصير كبير وكثيرون منهم يقيمون في الخارج ومنقطعون عن إقليمهم، بل العديد منهم لعبوا أدوارا سلبية إذ نشطوا وأسهموا في مفاقمة سوء الأوضاع بدارفور عبر نشر الغسيل الوسخ في حبال الانترنت والشباك العالمية. حتى أضحت دارفور حديث كل مهتبل ومستهبل. العامل الرابع هو السلاح وانتشاره في دارفور خارج القوات النظامية. أشير هنا تحديدا إلى أربعة مصادر للسلاح كانت تتدفق على دارفور، سودانية، تشادية، ليبية وإسرائيلية. وروى الأستاذ جبر الله خمسين فضيلي، وهو محام من أبناء دارفور والنائب بالجمعية التأسيسية فترة الديمقراطية الثلاثة 86 1989م عن حزب الأمة، أن أول دفعة من السلاح دخلت دارفور بكميات كبيرة كانت إبان نشاط الجبهة الوطنية السودانية التي قادت المعارضة ضد حكومة المشير جعفر نميري. وكشف فضيلي في تصريحات لصحيفة «الحياة» السودانية انه تم تخزين كميات كبيرة من السلاح في عشرين حفرة بوادي هور بدارفور. وعندما بدأ الحوار بين الجبهة الوطنية وبين حكومة المشير نميري في إطار المصالحة الوطنية أعلنت الجبهة الوطنية إهداءها تلك الكميات للجيش السوداني وأرشدت على مكان السلاح، وعندما ذهبت قوة من الجيش السوداني لإحضار السلاح وجدت أن عددا من تلك الحفر أخليت مما بها من سلاح وتأكد انه تسرب لأيادي مواطنين من أبناء دارفور، ومثَّل ذلك انفلاتا وانتشارا للسلاح. وفي العام 1986م سلحت حكومة الديمقراطية الثالثة برئاسة السيد الصادق المهدي ميليشيات قبيلتي المسيرية والرزيقات بهدف مواجهة تمرد حركة قرنق نحو دارفور، وهو ما مضت فيه من بعد حكومة الإنقاذ الوطني لذات الهدف. النزاعات التشادية شكلت مصدرا رئيسيا لانتشار السلاح في دارفور، إذ أصبحت دارفور مسرحا معبرا للسلاح بين الخصماء، ولعدم وجود موانع طبيعية فاصلة بين البلدين حيث تتداخل القبائل على الحدود. وهكذا ظلت دارفور مسرحا ومأوى للفصائل التشادية التي قاتلت الاستعمار الفرنسي (فصائل جبهة فرولينا) ثم حروب فترة ما بعد الاستقلال، ولعل أهمها المجموعة التي خرجت على الرئيس التشادي السابق حسين هبري يقودها العقيد وقتئذ إدريس دبي اثر محاولة انقلابية فشلت وتحولت المجموعة إلى معارضة مسلحة ناهضت هبري إلى أن أسقطته مطلع التسعينات. تشكلت تلك المجموعة التي قوامها ابناء الزغاوة وتجمعوا في معسكرات بدارفور وساعدهم أبناء عمومتهم الزغاوة في السودان. أما السلاح الليبي فمرده السياسة الليبية الثورية في السبعينات والثمانينيات حيث كان الرئيس التشادي حسين هبري حليفا للولايات المتحدة وخصما للجماهيرية الليبية بتوجهاتها الاشتراكية وتحالفها مع موسكو، ودخل معها في معارك عديدة بدعم من الولايات المتحدة ومصر (عهد الرئيس السادات) والسودان (عهد الرئيس نميري). وكونت ليبيا ما سمي وقتها بالفيلق الإسلامي الذي ضم عددا من أبناء دارفور لدعم المعارضة التشادية واتخذ من دارفور معبرا للدخول إلى تشاد. السلاح الإسرائيلي لم يكن بعيدا عن دارفور حيث أن الرئيس التشادي السابق حسين هبري ما كان يخفي علاقته بإسرائيل أمام التهديدات الليبية وكان يقول إنه مستعد للتعامل مع الشيطان، وليس إسرائيل وحسب، في سبيل حماية بلده مما سماه الغول الليبي. ومعلوم أن إسرائيل مدت الرئيس التشادي هبري باسلحة القوات الفلسطينية واللبنانية التي استولت عليها القوات الإسرائيلية في لبنان نقلتها إلى تشاد بجسر جوي، عقب زيارة اسحق شامير وزير الخارجية الإسرائيلي وأبراهام أزمير احد كبار قادة الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي) إلى تشاد. عليه أدت كل تلك العوامل إلى بروز الجريمة المنظمة حيث ازداد عدد عصابات النهب وازدادت حوادث النهب وأصبحت الحركة بين المدن محفوفة بالمخاطر وصار السلاح والجريمة وسيلتي كسب للعيش وللمواقع الاجتماعية مما فاقم الأوضاع. وأدى ارتباط عمليات النهب بالصراعات الموجودة في مجتمع دارفور إلى إضفاء طابع قبلي على تلك العمليات في بعض الأحيان وإكسابها مشروعية لدى بعض القبائل باعتبارها عملا عدوانيا ضد قبيلة أخرى وليست جريمة، لذلك تجدهم يحصلون على حماية قبائلهم حتى اخذوا يشكلون عنصرا مؤثرا في المجرى العام للأحداث لدرجة انه لا توجد قبيلة مهما صغر حجمها ليست لديها ميليشيا مكونة من خارجين على القانون. وتداخلت عوامل أخرى وزادت الوضع سوءا وابرز تلك العوامل هي طموحات بعض المتعلمين من أبناء القبائل الذين حاولوا استثمار أزمات قبائلهم وأزمة دارفور لتحقيق مكاسب ذاتية وذلك بإشعال نيران الفتنة بدلا من إخمادها، ونجد أن هذا العامل هو اخطر المؤثرات على قضية دارفور. ولا ننسى موجة الجفاف التي ظلت تحكم الخناق على القارة الأفريقية منذ عام 1983م، الأمر الذي زاد من حدة التنافس على الموارد الطبيعية الشحيحة أصلا، خاصة مع تزايد قطعان الحيوانات والتوسع المضطرد في الزراعة. وأدى النمو الزراعي مع ازدياد عدد السكان الى توسع المزارع لتشمل (المسارات) التقليدية والتي كانت تتيح تحرك الحيوانات بدون اقتحام المزارع، مما صعد الاحتكاكات بين الرعاة. أما إلغاء نظام الإدارة الأهلية في حقبة السبعينات فقد أزال الآلية المحلية الفعالة التي كانت تعمل على معالجة الخلافات التي ظل يتكرر حدوثها دوما منذ عهد الاستعمار البريطاني بين الزراع والرعاة، بسبب دخول الحيوانات للمزارع. لقد أوجد المستعمر البريطاني جهاز الإدارة الأهلية سنة 1921م ليكون تنظيما للقيادة العشائرية التي كانت تسود في المجتمع السوداني قبل مجيئه، واستفاد المستعمر من مؤسسات المجتمع التقليدي في بسط الأمن القبلي داخل القبائل وبين بعضها البعض. وبعد ذهاب المستعمر أصبحت الإدارة الأهلية متهمة لدى القيادات السياسية السودانية في معظم طوائفها وتياراتها خاصة التيار اليساري الذي كان يقوده الحزب الشيوعي السوداني، ولا يستثنى من ذلك أبناء دارفور الذين ينتمون لهذه التيارات الوطنية المختلفة. فالإدارة الأهلية كان ينظر إليها باعتبارها صنيعة استعمارية لمنع المجتمع الريفي من الانضمام لحركة التحرر الوطني وللمحافظة على المصالح الاستعمارية في المناطق الريفية والقبلية. وبعد ثورة
أكتوبر 1964م التي أنهت حكومة الفريق إبراهيم عبود (رحمه الله) وتولى الحكومة الحزبية، صدر قرار حل الإدارة الأهلية في عموم السودان. وبعد خمس سنوات، اي في العام 1970م بعد اقل من عام من قيام حكومة مايو برئاسة المشير جعفر نميري والتي سيطر عليها اليسار في سنواتها الأولى، جاءت طامة أخرى على الإدارة الأهلية حينما أصدرت حكومة مايو قرارا أوقفت بموجبه النظار والسلاطين من قيادات الإدارة الأهلية. أحدثت تلك التراكمات آثارا سيئة في دارفور التي عرفت بسلام قبلي اجتماعي يرعاه زعماء العشائر بالصلات الحميمة التي انشأوها مع بعضهم البعض على مر السنين، فازدادت المعارك القبلية بعد قرار حل الإدارة الأهلية الذي لم يأخذ في الاعتبار واقع التنافس على الموارد المتناقصة أمام تزايد وتكاثر السكان خصوصا أن الغالبية من أهل دارفور يقيمون بالريف. وقد أدى تعاظم الشعور لدى بعض الدوائر المحلية، خاصة في بعض أوساط الشباب، بأن دارفور تعاني من قلة التنمية والتهميش السياسي، مع تدخل جهات خارجية ذات مطامع وخطط جاهزة لاستغلال الوضع بتوفير السلاح. وفاقم ذلك وجود عطالة زائدة في أوساط الشباب ممن تركوا المدارس لأسباب مختلفة. وذكر الفريق محمد زين العابدين، نائب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني في مطلع التسعينات وسفير السودان لدى الدول الاسكندينافية منتصف التسعينات، أن أسبابا أخرى ساهمت في تفاقم الأوضاع في دارفور منها تسرب ما نسبته 60% من الأطفال في سن الدراسة من مجال التعليم للانخراط في عمليات نهب مسلح وتكوين ميليشيات محاربة وسط سلاح منتشر في الفيافي والقرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.