ظلت علاقة الجماعات السلفية بالإنقاذ تتأرجح بين الحليف تارة والعدو تارة أخرى، لكن الحلف الذي تشكل بينهما منذ بعد المفاصلة الكبرى بين الإسلاميين والتي قضت بخروج عرّاب الحركة الإسلامية د. حسن الترابي، تحول إلى حالة أقرب للشراكة الكاملة فاستطاعت بعض هذه المجموعات أن تضغط على الحكومة في كثير من القرارات المهمة وقد بدأ واضحاً مدى قوتها وسطوتها على فرض أفكارها حتى تلك التي لا تتناغم ولو ظاهرياً مع مشروع الحركة الإسلامية، فوجدت هذه الجماعات حظاً وافراً من السلطة منذ ذلك الوقت، وبالمقابل أُستخدمت بامتياز في معركة القصر والمنشية، فلم تكل ولم تمل هذه الجماعات عبر رموزها من الاجتهاد في إصدار الفتاوى التي تُكفّر الترابي وتُخرجه عن الملة، وقد فعلت مثل ذلك مع الإمام الصادق المهدي. قبل فترة قليلة ألقى الشيخ عبد الحي يوسف خطبة غاضبة، الشيخ الذي ظل قريباً من الرئيس البشير لم يجد غضاضة في توجيه حديثه المباشر له والذي لم يخلُ من التلميح المبطن والكلام المباشر في شأن صلاح الحاكم، وهو ما لم يُعتد عليه من قبل الشيخ، الإشارة الواضحة كانت أن تيار السلفية بدأ يتململ من التقارب الذي حدث بين البشير وشيخه في أعقاب حوار لم يبدأ بعد، وهم يعلمون أن في التقارب ضرر. الأسبوع الماضي امتلأت بعض شوارع الخرطوم بلافتات صغيرة لكنها كافية بحجمها ذاك لأن تلفت انتباهك لمحتواها، كانت إعلان ندوة عن "داعش"، ما إن طالعت اسم الداعية مزمل فقيري الذي أعلن موقفاً صارخاً ضد التنظيم ومن والاه داخل السودان، أدركت أن الندوة سوف تكون تهيئة لقرارات تريد أن تتخذها الحكومة في اتجاه محاصرة تنامي حملات الالتحاق بالتنظيم المثير للجدل. وأظن أنها المرة الأولى التي يلمع فيها اسم "داعش" في شوارع الخرطوم على هذا النحو، وحسب ما نُقل عن الندوة أن أكثر من خمسة آلاف شاب التفوا حول مكان الندوة حتى ضاق بهم المكان.. الخرطوم أرادت أن تعلن عبر هذه الندوة موقفها الرسمي من داعش ورفضها القاطع لفكر دولة الخلافة وبالمقابل من والاها، ثم مضى الشيخ فقيري أكثر من ذلك مباركاً للرئيس تبرؤه من أية علاقة بالتنظيم الدولي للإخوان الذي يعتبره فقيري وغيره أنه أساس الفكر التكفيري، بعدها بيومين، نفذت السُلطات حملات اعتقال ضد رموز السلفية الجهادية وعلى رأسهم الشيخين مساعد السديرة وعمر عبد الخالق اللذين أيدا علناً تنظيم الدولة الإسلامية، وهما وإن كانا مؤيدين لدولة الخلافة المختلف حولها حتى بين التيارات السلفية إلا أنهما يمثلان تياراً ظل في خانة الحليف لسنوات. التيار