*الاهتمام بالمشاكل التي تواجه الصحافة السودانية أمر يستحق التقدير والدعم والمساندة‘ نسبة للدور الكبير الذي تؤديه الصحافة في قيادة الرأي العام والمجتمع نحو المستقبل الأرحب في عالم يعج بالمتغيرات والمستجدات. *نقول هذا بمناسبة انعقاد منتدى الحيشان الثلاثة الشهري بالإذاعة والتلفزيون قبل أيام حول" الإعلام الجديد وأثره على الرأي العام‘ الشائعات والسبق الصحفي - الواتساب نموذجاً" لإيماننا بأن الصحافة الورقية - ولا نقول الإعلام التقليدي - ستبقى مؤثرة وفاعلة رغم انتشار وسائل الإعلام الحديثة وسهولة التعامل معها. *نختلف مع رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي الذي ضخم مخاطر الإعلام الجديد على الصحافة في حديثه أمام المنتدى‘ ووصفه بأنه خطر داهم وأخطبوط ضخم سيلتهم كل المتعارف عليه من أنماط الإعلام‘ لانه مهما بلغ الأثر الذي خلفه الإعلام الجديد فإنه لم يصل إلى هذه الدرجة من الخطورة التي يصبح فيها أزمة عالمية تقلق العالم‘ وأنه المهدد الرئيسي للإعلام التقليدي - حسب تعبيره - ويعد سبباً في تراجعه. *يعلم الصادق الرزيقي أن السبب في تراجع الصحافة لاعلاقة له بمخرجات الإعلام الجديد خاصة الواتساب‘ ولايمكن اعتبار الواتساب مصدراً للأخبار رغم أنه يساعد في نشر بعضها ‘ أما مسألة تبادل المعلومات بين الصحفيين فهي قديمة منذ عهد الهاتف الثابت‘ وليست السبب في تراجع الصحافة. *إذا كانت هناك محنة حقيقية تضرب في عصب الحي للصحافة السودانية فإنها ليست من قبل وسائط الإعلام الحديثة‘ وأنها ليست السبب الذي حول بعض الصحفيين إلى كسالى .. ولا يخفى على رئيس اتحاد الصحفيين أن تعميم مثل هذه الأحكام فيه ظلم لكثير من الصحفيين‘ وهناك شواهد حية على التميز والسبق الصحفي والانفراد الخبري. *إن داء تكرار الأخبار في الصحف مرتبط بنظام الحكم ففي أنظمة الحكم الديمقراطية تتعدد المصادر وبالتالي تتعدد الأخبار وترتفع حدة التنافس بين الصحف‘ أما في النظم الشمولية فلأن المصادر واحدة تكون المصادر واحدة وبالتالي يقل التنوع في الأخبار وتضعف حدة التنافس بين الصحف‘ دون أن يعني ذلك غياب الاجتهادات الفردية والسبق الصحفي. *للأسف بعض الشائعات والأخبار المضللة يتم تسريبها من عل إلى أجهزة الإعلام والصحف ولا علاقة للإعلام الحديث ولا وسائط الاتصال بهذه الشائعات والاخبار المفبركة‘ ونتفق هنا مع رئيس اتحاد الصحفيين في قوله إن مكافحة الشائعات والأخبار المفبركة تستوجب زيادة مساحة الحريات وحمايتها لأن تقييد حرية التعبير والنشر يفتح الباب أمام تفريخ الشائعات والأخبار المفبركة. *هناك مشاكل اخرى تتعلق بقدرات المؤسسات الصحفية الإقتصادية‘ خاصة تلك المؤسسات التي لا توفر للصحفيين وسائل التحرك الميداني أو معينات الاتصال المباشر‘ وهذا يقودنا إلى ضرورة قيام مؤسسات صحفية قوية قادرة على توفير مناخ العمل الصحفي بكل إحتياجاته وحماية حقوق الصحفيين وتأمين حياة كريمة لهم. *إن مستقبل الصحافة والصحفيين يحتاج للمزيد من هذه المنتديات وفتح المزيد من نوافذ الحوار والتفاكر داخل المؤسسات الصحفية وفي كل الأجهزة المعنية باستقرار واستمرار الصحافة ودفع الحراك الصحفي للإسهام في بناء مستقبل أفضل للسودان والسودانيين. [email protected]