@ لا أدري لعل الداعي خير ، هذه الايام تعاودني كثيرا أحلام ظلت تراودني في حالتي اليقظة والنوم عن جزار رومانيا الجنرال شاوسيسكو الرئيس الاسبق لجمهورية رومانيا الاشتراكية و ما تركه مشهد إعدامه المؤثر جداً رغم فداحة حكمه والفظائع التي ارتكبها في حق شعبه هو و زوجته إلينا شاوسيسكو اللذان انتهي بهم المطاف بعد القبض عليهما متسللين هربا من الثوار و المتظاهرين وفي منزل مهجور بلا سقوف، بدأ شاوسيسكو (يكب الجرسلين ) مستعطفا الثوار ان لا يقتلوه و أنه نادم علي ما فعله في حق الشعب الروماني و ماهي إلا ثواني حتى وضع الثوار نهاية لجبن جزار رومانيا و زوجته مضرجين بدمائهم وسط الخرائب و القاذورات ، لحظات وتجمع كل ذباب المنطقة علي جثتيهما و زحفت هوام خشاش (الخرابة) لتتغذي من دماء الجنرال الذي تكوم علي زوجته جثنين هامدتين . @ كان سفاح رومانيا يقول لشعبه إنه الحاكم الابدي الذي لن تفلح أي قوة في إقتلاعه وقلب نظام حكمه لأنه (القوي الأمين ) والقاهر والباطش . لكل طاغية جماعة تزين له حكمه و تكذب عليه باسم الشعب بأن (الشعب مبسوط مني ) كما كان يظن الرئيس الكوري كيم إيل سونج . زبانية جزار رومانيا ( رجال حول الرئيس) نسجوا له القصص المختلقة و تشكيكهم في ولاء أقرب الاقربين له ليزيحوهم عن الطريق ، كانوا أكثر نبيحا في وسائل الإعلام كالكلاب (تهوهو حرصا علي ضنبا) . استطاعوا تسليط الجزار لمصالحهم وصاروا أكثر حرصا علي بقائه أكثر من حرصه شخصيا لأنهم تورطوا و أفسدوا وافتروا و (تمكنوا) لتصبح حماية نظام شاوسيسكو الجزار هي من حمايتهم وصاروا يتشككون في الأمن و جنرالاته وفي الشرطة وقادتها وكل اركان قواته المسلحة وبدأت (جماعة حول الجزار الرئيس) تبحث عن مخلصين و فظائع الجنرالات أصبحت متداولة و رومانيا لا تعرف الاسرار . @ توصلت (جماعة حول الجنرال الجزار) الي فكرة تجنيد كل المشردين من أبناء الشمس والأطفال فاقدي السند غير معروفي الابوين التي تمتلئ بهم الطرقات و الملاحي و شوارع المدن في عواصمرومانيا و استغلالهم لحماية نظام الجزار وبدأت عمليات غسيل الادمغة بأنهم ابناء القائد الحاكم الرئيس شاوسيسكو و أن والدتهم هي المرأة (الحنون ) ايلينا شاوسيسكو وبدأوا يغدقون عليهم والاهتمام بهم و تلبية كل طلباتهم وتم عزلهم عن المجتمع الروماني وظل الرئيس و (حرمه) ايلينا يترددون عليهم بإستمرار و في كل الاوقات يشرفون علي تزويجهم ورعاية كل مناسباتهم فعرفوا جميعا ب (أولاد شاوسيسكو) أبناء النظام و حماته يدافعون عنه بكل شراسة و دموية لا يعترفون بأي حقوق للرومانيين و أطلق جزار رومانيا يدهم علي الشعب فأصبحوا بعبعا مخيفا حتي علي أنصار النظام لأنهم ابناء الجزار ليصبح نظام رومانيا في نظر جزارها في مأمن من التغيير لانه نظام محمي بأبنائه الذين كانوا يقاومون الثوار في الشوارع لثلاثة أيام بعد مصرع الجزار و سقوط نظامه غير مصدقين أنهم فقدوا الوالد والوالدة . @ عندما تحين لحظة التغيير كما قال شاعر تونس الشابي ، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر وهي اللحظة الحاسمة التي تنجلي فيها و تتحقق قدرة الله (يذل من يشاء) ومن يرتضي (العزة الإلهية )عليه أن يستعد (للذلة الإلهية ) أيضا ، اذا كان مؤمنا بأي توجه ديني اسلامي أو مسيحي أما اذا كان علمانيا أو من أنصار أي فكر آخر عليه الإدراك بأن التغيير سيصبح حتميا عندما تتوفر كل ظروفه الموضوعية من ظلم وقهر وفساد واستباحة و (تمكين) وخلافه (لن يستمر مدي الحياة )، يبدأ الاستعداد النفسي لتقبل التغيير و أن النظام القاهر المستبد بالرغم من إمتلاكه كل وسائل و آليات الحكم من أمن وإقتصاد و إعلام وخلافه يفشل في ارضاء المحكومين وعلي الصعيد الآخر يفشل المحكومون في الاطاحة بالنظام الفاشل وهنا تكمن عمق أزمة ثورة التغيير و النظام يصل مرحلة اللاعودة ويصبح المخرج في عود ثقاب الاشتعال كعامل ثانوي بسيط يوحد كل الشعب لقيادة التغيير تماماً كما حدث في السودان في انتفاضة مارس ابريل عندما توفرت كل الظروف الموضوعية و تمثل العامل الثانوي في إعدام الاستاذ محمود محمد طه الذي بإغتياله اكتملت مرحلة الثورة نحو التغيير الحتمي وينهار النظام بسرعة لا تصدق و ها هي الحكومة في طريقها الآن لإرتكاب حماقات سيصبح إحداها عاملا ثانويا (تافها) لا يصدق بأنه مشعل التغيير ، فهلا جرّبت ؟ @ يا كمال النقر ..ماذا لو عرفت ما كنت تعرفه مرة أخرى ؟! (البير كامو ) . [email protected]