بسم الله الرحمن الرحيم ب/ نبيل حامد حسن بشير جامعة الجزيرة جاء بصحيفة الوان السودانية تحت عنوان "تجاوزات خطيرة بجامعة أم درمان الاسلامية" بقلم الأستاذ أكرم الفرجابي أن هنالك تجاوزات في التصحيح، ونجاح الراسبين، وتعديل للنتائج، وتخرج للراسبين، وقصص وحكاوي..الخ من الأشياء والأحداث التي تسيء ليس فقط للجامعة المذكورة، بل لكل الجامعات السودانية وأساتذتها واداراتها ونظمها وتقاليدها وأعرافها. كما جاء ذكر كلية علوم الاتصال باحدى الجامعات وتحرش عميدها باحدى الطالبات التي لجأت اليه بغرض عرض مشكلتها عليه. أن صح ما جاء بالمقال المنشور فهو كارثة ويجب التعامل معها بشدة وبجدية. أما ان كان ذلك ادعاء، وأشك في ذلك، فهو كارثة في حق التعليم العالي بالسودان واشانة لسمعته. منذ تأسيس التعليم العالي بالسودان أيام المستعمر البريطاني وكلية غردون، ثم جامعة الخرطوم بعد الاستقلال، ثم جامعة القاهرة فرع الخرطوم، ثم الجامعة الاسلامية وكليات المعهد الفني السابقة، والتي أصبحت فيما بعد جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كان الكل يفخر بالتعليم العالي وبأساتذته سودانيون وأجانب. وشهاداته معترف بها بكل دول العالم، بل متميزة. ثم تم تأسيس جامعتي جوبا والجزيرة في 1975م بأمر من الرئيس الأسبق نميري رحمه الله، وسارت الجامعتان بنفس النهج من التميز مع تبني نظام الفصل الدراسي الأكاديمي والساعات المعتمدة والاشراف المباشر للأستاذ علي عدد من الطلاب والطالبات حتى التخرج. فالأستاذ المشرف مسؤول لجدي الجامعة عنى كل ما يتعلق بطلابه وطالباته مما جعل الجامعة كأنها أسرة واحدة مترابطة ومتعاونة علي كل المستويات. والمشرف الأكاديمي يتابع طلابه وطالباته في امتحاناتهم وآدائهم منذ بداية الفصل الدراسي في كل المواد حتي نهايته حتي يصحح له /لها المسار عند حدوث أي كبوة. وان قصر في ذلك يجد اللوم من الجميع. أسست جامعة الخرطوم، أم الجامعات السودانية، للتعليم العالي قوانين ولوائح ونظم وأعراف وتقاليد تتعلق بكل شيء من الأكاديميات الي الأخلاقيات، الي نظم الاختيار والتعيين وطريقته وأسسه. كيفية التعامل بين الطلاب والأساتذة، كيفية تصحيح أوراق الامتحانات، التقديرات العلمية والدرجات وطريقة توزيعها، البعثات، الاعارة، الانتداب،..الخ. جاء أغلب مدراء الجامعات اعتبارا من جوبا والجزيرة حتي قيام بعض جامعات ثورة التعليم العالي من جامعة الخرطوم، بل في بعضها حتي العمداء كانوا من أساتذة جامعة الخرطوم ومشبعين بكل ما جاء أعلاه. بل أن بعضهم أسهم مساهمات مقدرة في الارتقاء بالقوانين والاضافة والابداع بحيث تناسب المستجدات والتحديث والتطور والارتقاء. الالتزام بالحق والقوانين والضمير والشفافية وأسس التربية الصحيحة والسليمة والتشبع بحب الوطن والالتزام بالدين والأعراف والتقاليد، وخدمة الوطن والمواطن كانت هي الأساس. مواكبة العلم بما يتماشى مع العصر وتوفير الامكانيات النظرية والعملية كانت الشغل الشاغل للجميع مع توفر الاحتياجات المالية والفنية والخبرات..الخ. القوانين المتوفرة بكل الجامعات بها ما يكفي لردع كل من تسول له نفسه التلاعب أو التراخي أو التخريب. من الأشياء المتفق عليها في كل الجامعات السودانية ان رسب الطالب في مادة ما عليه الجلوس لامتحان آخر (ملحق). فان رسب فيه مرة أخرى لا يوجد حل سوى الرجوع الي الدفعة التي تلي دفعته (يفقد عام دراسي كامل) حتى وان كان قد نجح في المواد الأخرى. كما أن تقييم الطلاب هو حق الأستاذ الذي يدرس المادة ولا يستطيع أحد أن يتدخل في هذه النتيجة التي ترفع لمجلس القسم الذي يناقشها وترفع الي مجلس الكلية للمراجعة الثانية في مجلس الممتحنين ويجيزها مجلس الكلية وبالتالي ترفع الي مجلس أساتذة الجامعة للإجازة النهائية. بعض الجامعات، مثل جامعة الجزيرة لديها لجنة تابعة لمجلس الأساتذة ترفع الكلية نتائجها اليها، وهي التي تقوم بمراجعة النتيجة وموقف كل الطلاب فردا فردا ثم تقدمها لمجلس الأساتذة للإجازة النهائية. لا يتدخل أحد في النتيجة ما لم يوافق علي ذلك (استاذ المادة). عليه، لا يستطيع عميد كلية أو رئيس قسم تسليم نتيجة مخالفة لما أجيز مالم يقم بنفسه في ادخالها للحاسوب (وهذا غير متاح)، لكنها في نهاية الأمر ستكشف بواسطة عمادة الشؤون العلمية عند تخرج الطالب حيث سيكون هنالك تضارب في النتيجتين، والأصح هي ما لدى العمادة حيث أنها مجازة من مجلس الأساتذة. أي تعديل لنتيجة مادة ما لابد وأن يكون مصحوبا بخطاب من مجلس الكلية ووقائع الاجتماع وموافقة استاذ المادة وتوقيعه ، مع المبررات القانونية اللازمة، ثم موافقة لجنة الدراسات الجامعية ثم مجلس الأساتذة. تكون حالات الرسوب عادة في الفصول الدراسية الأربعة الأولى حيث أن بعض الطلاب قد يحتاجون لوقت أكثر من الآخرين للتأقلم علي التدريس الجامعي وبيئة الجامعات والاختلاط والمحاضرات بدلا عن التدريس المباشر كما هو الحال بالمدارس والاعتماد علي المراجع، والبعد عن الأسرة والمعيشة بالداخليات ..الخ. يكون الرسوب في أقل نسبه عندما يتجه الطالب الي مرحلة التخصص التي تتراوح ما بين 4 الي 6 فصول دراسية. لا نعرف كيف يدار هذا الأمر بالجامعة المذكورة أعلاه، لكن وما يرد الينا من أخبار عن سمعة الجامعات السودانية بدول الخليج يشير أيضا بالاتهام لهذه الجامعة مما جعل هذه الدول تشكك في شهادات الجامعات السودانية، خاصة حملة الماجستير والدكتوراه. نطالب التعليم العالي وادارة الجامعة مراجعة هذا الأمر والتدخل بقوة لانقاد ما يمكن انقاذه. الاستاذ الجامعي، والأساتذة بكل المراحل التعليمية لهم مواصفات خاصة. وكلنا يعرف بأنه (كاد المعلم أن يكون رسولا). المعلم/ الأستاذ مسؤول عن تربية الأجيال التي سيعتمد عليها الوطن. اضافة الي علمه والمواكبة لهذا العلم، يجب أن يكون شغله الشاغل طلبته وطالباته، ومؤسسته التعليمية. كلنا شاركنا في وضع القوانين واللوائح الجامعية، وعليه يجب أن نلتزم بها. بل ركزنا علي كيفية المحافظة عليها وعلي العقوبات التي سيواجهها غير الملتزم. طلابنا وطالباتنا أمانة في أعناقنا علي مستوى الوطن وعلي مستوى أسرهم التي أمنتنا عليهم. الأصل في العملية التعليمية أن ينجح الطالب في دراسته. نعم هنالك تفاوت في عمليتي (الاستيعاب والاجتهاد) ، لذل هنالك من يحصل علي امتياز أو جيد جدا أو جيد أو مقبول أو رسوب. أي أن الرسوب هو أحد خمس تقديرات يمكن للطالب احرازها. فكما أنه ليس من السهل الحصول علي الامتياز، ايضا ليس من السهل الرسوب، مالم يكن الطالب لا يحضر المحاضرات أو لم يستذكر دروسه (يعني كما نقول نحن بضراعو). أغلب المواد يكون النجاح فيها يتراوح ما بين 40 الي 50% من الدرجات الكلية. من لا يحرزها ليس من العدل أن ينجح في هذه المادة. من خبرتي الخاصة نتيجة تدريس 7 مواد مختلفة لمدة 33 عام بجامعة الجزيرة منذ الدفعة الأولى لها لم يتعدى من رسبوا في المواد التي أدرسها حتى تاريخه 50 طالبا. ومن حصلوا علي درجة الامتياز عددهم يفوق 300 طالب/طالبة. فهنالك أسئلة بالامتحانات لمن قاموا بحضور المحاضرات ، وأخري من سيحرزون درجة جيد، وغيرها لمن سيحرزون جيد جدا، ورابع لمن يستحقون الامتياز. في نهاية الأمر سيتوزع الطلاب بسهولة طبقا لإجاباتهم، ومن قام بحضور المحاضرات سيحرز درجة مقبول. أما من رسب فهو بالتأكيد لم يكلف نفسه بحضور المحاضرات ولم يستذكر دروسه، وعلي نفسها جنت براقش. هنالك من يصر من الأساتذة علي أنه سيقوم باستخدام المنحنى القياسي (الكيرف)، وعليه لابد من توزيع الطلاب علي كل الدرجات من امتياز حتى رسوب، مهما كانت الدرجات، ومهما كانت درجة سهولة أو صعوبة المادة التي قان بتدريسها أو مهما كان آداء الطلاب. أي أن 20% امتياز ، و20% رسوب!!!. وهذا في رأيي ظلم بائن، فمن حصل علي 50% فما فوق لا يستحق الرسوب، ومن لم يجب علي أسئلة التميز لن يحصل علي ممتاز مهما كان رأي المنحنى القياسي، والمقياس / المعيار الحقيقي برأس أستاذ المادة لعدة أسباب وجيهة. نخلص الي أنه لا أحد يستطيع التدخل في نتيجة أستاذ ما، بما في ذلك زميل أو رئيس قسم أو عميد (رئيس مجلس الكلية) أو عميد شؤون علمية (عميد العمداء) أو مدير الجامعة (رئيس مجلس الأساتذة. وان حدث هذا بالجامعة المذكورة أوغيرها من الجامعات فيرجع هذا أما لعدم وجود قوانين ولوائح أو نظام أو ضعف في شخصيات أصحاب المواد الاتي تم تغيير نتائجها أو لفساد. سنتحدث في الحلقة الثانية عن التحرش بالجامعات. اللهم نسألك اللطف (آمين).