إذا كان موقف الدول العربية تجاه المعارضة السورية قد تباين بحسب اللافتات الأيدلوجية والتوجهات السياسية والدينية والمذهبية لتلك الفصائل فإن موقف هذه الدول العربية ومسؤوليتها ودورها تجاه قضية الشعب السوري الإنسانية وتجاه اللاجئين السوريين لا يجب أن يكون موضع خلاف أو اختلاف أو خيار و(فقوس)، فجميع اللاجئين خارج سوريا المقدر عددهم بأكثر من أربعة ملايين لاجئ الآن وكذا النازحين المشردين داخل سوريا والذين تقارب أعدادهم الثمانية ملايين تقع مسؤولية إيوائهم واستضافتهم في المقام الأول على الدول العربية، ثم من بعد ذلك على دول العالم الأخرى، حتى نصدِّق أننا فعلا أمة عربية وجسد عربي واحد يتداعى بآلام أعضائه وأجزائه. فإذا كانت قضية اللاجئين السوريين الذين يحاولون اللجوء في دول أوروبا هي امتحان للضمير الإنساني للقارة العجوز فمن باب أولى أن تكون قضيتهم بالنسبة لمن يطلقون على أنفسهم (شعوبا شقيقة وأمة واحدة وأسرة عربية) هي الامتحان الحقيقي لصدق كل تلك الشعارات وحقيقة الروابط العربية المزعومة قبل أن تكون امتحانا لإنسانيتهم. لا معنى لوجود جامعة عربية إذا كنا نستلقي ونرتشف القهوة ونحن نشاهد ما تنقله الفضائيات حول تداعيات وتطورات أزمة اللاجئين السوريين الذين قذفت بهم الأمواج في شواطئ أوروبا. ثم بلا حياء من أنفسنا نتنافخ ونتجادل حول أخلاقية وإنسانية موقف دول أوروبا.. ندين بريطانيا إنسانياً لأنها الأقل تجاوباً ونلوم شرطة بودابست على إغلاق محطات القطار ونسب فرنسا ونلعن ألمانيا، بينما وخلال هذه الأزمة الدائرة يتوجه مراسل فضائية عربية بسؤاله لأحد اللاجئين العالقين عند بوابات أوروبا عن تقييمه للموقف فلا يتردد برغم وقوفه أمام بوابة أوروبية مغلقة أمامه لكنه يقول (ليس هؤلاء بأسوأ من العرب).. العبارة الصاعقة تلك تفسد شهية المتخمين في مواصلة المتابعة وتجعلهم يلجأون إلى أسهل الخيارات أمامهم وهي الضغط على أزرار الرموت لتبديل القناة بأخرى قد تراعي مشاعر الجبن العربي وتتلون على مزاج القهوة. لا لوم على أوروبا و(كتر خيرها) وهي تستقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين فماذا عنكم أنتم؟، هل لا يزال هاتف نبيل العربي مغلقاً بعد أن اكتفى بتصريح مقتضب ومتثائب يحدث فيه بعجز الجامعة العربية عن فعل أي شيء تجاه أزمة اللاجئين السوريين: الذئبة تحرس نطفتها والنملة تعتز بثقب الأرض أما نحن؟ شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين اليوم التالي