قصة الشاب السوداني أحمد بن محمد الحسن الصوفي المرشح الرئاسي التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وطارت بها الأسافير والوكالات والفضائيات وكبريات الصحف، ما كان لها أن تثير كل هذه الضجة والهيلمانة التي صاحبتها، لولا مسارعة الشرطة الأميركية لاعتقاله ووضعه في الحبس رهن التحقيق والتحري بوهم حيازته لقنبلة، فلو سارت حكاية صناعته لساعة بغير هذا السيناريو لما لفتت نظر حتى أهل بيته، فلو أنه مثلاً أكمل عملية تباهيه بتلك الساعة من صنع يديه بعرضها على زملائه وأساتذته بالمدرسة وسمع منهم عبارات الثناء والإطراء والتشجيع وعاد عند نهاية اليوم الدراسي إلى منزله كالمعتاد، ربما شغل عنها وانشغل بغيرها، أما وقد وجد صنيعه هذا كل الذي وجده حتى إن الرئيس الأميركي دعاه لزيارته في البيت الأبيض، قد يدفعه هذا الزخم الذي وجده للمضي قدماً في طريق الابتكارات والاختراعات والصناعات، وقد ينتج هذا الخطأ الفادح والحذر المبالغ فيه للشرطة الأميركية للعالم مخترعاً عظيماً في مقبل السنوات.. صحيح أن داء الإسلاموفوبيا الذي يعاني منه الغربيون كافة والأميركان، هو ما جعل شرطة أميركا ومن قبلها إدارة المدرسة تتخوف من ذلك (الشيء) الذي كان يحمله ذلك الشاب الصغير المسلم، ويدخل في روعها أنه ربما كان قنبلة يريد هذا الإرهابي الصغير أن يفجرها في هدف محدد، ولهذا تصرفوا بتلك الطريقة العجولة المثيرة للسخرية، على رأي الكوميديان عادل إمام في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، حين اشتبهت الشرطة في بقعة حمراء على بنطاله ظنتها دماً خاصة وأنه كان متهماً بقتل الراقصة عنايات، ف(قلعوه) البنطلون وذهبوا به إلى المعمل ليتبينوا حقيقة تلك البقعة الحمراء، ليتضح أنها بوهية حمراء وليست دماً، وهنا أخرج عادل إمام لسانه (الفلقة) ليمطرهم بعبارته الساخرة اللاذعة (ما طلعش دم.. طلع شوية بوهية حمرا.. دا انتو طلعتو أي كلام يا جدع)، ومثل هذا الذي قاله عادل إمام في شرطة المسرحية استحقته الشرطة الأميركية التي اشتبهت في ساعة أحمد وظنتها قنبلة (ما طلعتش قنبلة.. دا انتو طلعتو جبانات بشكل)، صحيح أن الإسلاموفوبيا هي ما جعلت شرطة أميركا تتصرف على ذلك النحو الجالب للسخرية منها، ولكن ما حدث مع الشاب أحمد تصدق فيه أيضاً المقولة الشهيرة للإمام المهدي عليه السلام (المزايا في طي البلايا، والمنن في طي المحن، والنعم في طي النقم)، فمحنة الاعتقال التي تعرض لها هذا الشاب الصغير أكسبته سمعة عالمية ورددت اسمه واختراعه الأسافير والفضائيات والوكالات، ثم من يدري ربما خلقت منه في المستقبل مخترعاً ومكتشفاً خطيراً، وإلى ذلك الحين ليس لنا الآن غير أن نتساءل مع شاعرنا الفذ المرحوم محمد المهدي المجذوب (أيكون الخير في الشر انطوى)، هذا في ما يخص حالة الشاب أحمد، ولكن مقولة الشاعر تحققت فعلياً في بعض ضحايا (الإنقاذ) حين أرادت بهم شراً وفصلتهم تعسفياً، ففتح الله عليهم فتحاً مبيناً.. [email protected]