من المعلوم لدينا في مجالات الإبداع الفكري والفني والأدبي، مثلما أن هناك حقوقاً أصيلة للمؤلف في أي من المجالات المذكورة، هناك أيضاً حقوق ذات صلة بحقوق المؤلف ويشار لها بالحقوق المجاورة أو الحقوق المرتبطة بحق المؤلف والتي يتم من خلالها منح الحماية لفناني الأداء، ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة والتي تساعد المبتكرين على إيصال رسالتهم للجمهور ونشر أعمالهم، ولكننا لم نكن نعلم قبل حادثة زوجة الوزير التي سنأتي على ذكرها، أن هناك سلطات مجاورة في مجالات العمل التنفيذي يتمتع بها ذوو قربى من يتسنمون وظائف سيادية من وزراء وخلافهم، فيكتسب مثلاً ابن الوزير بعض سلطات ومزايا وامتيازات أبيه، وكذا الحال بالنسبة لزوجة الوزير وغيرهما من ذوي القربى من الدرجة الأولى بل وربما حتى الجيرة.. من قبل كنا قد سمعنا وشهدنا نوعاً غير هذا من السلطات المجاورة على أيام هوشة وهوجة التمكين، وحين كان الشيخ هو الكل في الكل و(سيد الزبدة)، كان بعض القريبين منه أو من ذوي قرباه إذا رغبوا في شيء ذهبوا للمسؤول عنه وخاطبوه آمرين من وراء ظهر الشيخ ودون علمه قائلين (الشيخ قال كذا وكذا)، فيلبي طلبهم قبل أن يرتد إليهم طرفهم، ومثل هذا الذي كان يفعله محظيو الشيخ، كان يأتيه محظيو كبار القادة وأقرباؤهم والقريبون منهم، مع تغيير طفيف يستبدل لقب (الشيخ) ب(سعادتو)، وعبارة (قال) ب(أمر أو وجه بكيت وكيت)... يبدو الآن وبعد حكاية زوجة الوزير أن تلك السلطات المجاورة قد تشرعنت وتقننت وصارت حقاً مكتسباً لأقرباء الوزراء وحليلاتهم، من هذه المكتسبات مثلاً الجواز الدبلوماسي وعدم الخضوع للإجراءات العامة، والحكاية تقول إن أحد الضباط بالمطار اشتبه في أن إحدى السيدات المغادرات ربما كانت تحمل في متاعها عملات أجنبية محظورة، فأخضعها للتفتيش أداءً لواجبه، لكنها استنكرت عليه ذلك، وتحججت بأنها زوجة وزير وحاملة لجواز دبلوماسي لا يجب أن تخضع للتفتيش، واستنجدت بزوجها الوزير الذي هرع لنجدتها ولإزالة العار الذي لحقه، باعتبار أن تفتيش أمتعة زوجته يعتبر إهانة له ولمنصبه الرفيع، اتجه رأساً لمكتب الضابط الكبير المسؤول ليقتص له من ذلك الضابط الصغير، ولكن لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، لم يجد منه ما يشفي غليله ويطفئ غضبه، خرج من عنده وهو يضمر شراً والشرر ينقدح من عينيه، وكان له ما أراد، إذ حملت الأنباء صدور قرار بتوقيف الضابطين، الذي أدى واجبه كما ينبغي ورئيسه الذي أجاز فعله الوطني والقانوني، يحدث عندنا هذا مع أن نبينا الكريم كان قد أطلق العبارة المجلجلة على مر الزمان (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها)، وبالقطع لن تثبت السرقة على الزهراء لو لم يتم تفتيشها ويجدوا عندها المسروق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. [email protected]