حقيقة لم احظ بمتابعة الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار ( الوطنى ) الذى يجرى هذه الايام فى الخرطوم ، وليس لدى اى ميول لمتابعة الجلسات التالية مهما كانت نتائجها ، وذلك رغبة عن سماع المزيد من الاسطوانات المشروخة التى تاذت منها مسامعنا طوال سنوات الانقاذ العجاف . فالانقاذيون لا يجيدون سوى لغة الكذب والمراوغة والتدليس والهروب الى الامام ، فهل لعاقل ان يصدق ان من قام بسرقة وطن عاث فيه نهبا وفسادا وتقتيلا وتنكيلا وتفتيتا ان يرد الحق لاهله هكذا بكل بساطة ؟ فلا يمكن لمن تسبب فى صناعة الازمات ان يكون احد اطراف حلولها ، فازمات البلاد ومشاكلها التى تفاقمت عاما تلو الآخر طوال العقدين والنصف الماضيين لا يمكن حلها الا بذهاب الانقاذ ذات نفسها ، فالازمة الحقيقية هى ليست فى انهيار الاقتصاد وتدنى الانتاج وما نتج عنهما من ارتفاع جنونى فى الاسعار .. وليست الازمة فى زيادة البطالة وما تبعها من تداعيات .. ولااظن ان ازمتنا كانت فى تدمير المشاريع القومية الكبرى وصناعة الحروب وما صاحبها من لجوء وتشريد .. ولا يمكننا ان نجزم بان ازمة السودان هى فى هجرة العقول والكفاءات وما الى ذلك .. الازمة الحقيقية هى فى من صنع تلك الازمات .. فالانقاذ والانقاذيين واذيالهم ومن لف لفهم هم أُس البلاء ، فوجودهم يعنى مزيدا من انهيار الاقتصاد واستنزاف موارد الدولة على شحها ، ووجودهم يعنى تمدد الحروب وانتشارها فى بقية ولايات الهامش ، واستمرارهم هو استمرار لهجرة ماتبقى من كفاءات ان بقى اصلا كفاءات داخل حدود البلاد . ان الحوار الدائر الآن فى القاعات المكيفة لا يعنى المواطن الفقير الذى يعانى شظف العيش والجهل والمرض فى شيء ، ذلك لانه لن يخرج حوارهم علينا الا بنتائج سوف تعمل على اطالة عمر النظام ، اذن فاليتحاور المتحاورون والينظِّر المُنظِّرون ، فاننا لن نحلم بدولة القانون والمواطنة والتعديية وحرية الراى ، ولن نستظل بوطن يسوده العدل والانقاذ بين ظهرانينا يفعل منسوبيها بالبلاد ما يشاوؤن . [email protected]