*الحمد لله الذي سخر لنا هذه النعمة الإلكترونية التي تمكننا من القراءة والإطلاع على مخرجات الطباعة الورقية القديمة والجديدة‘ فقد فرغت للتو من قراءة رواية "اللجنة" للكاتب المصري صنع الله إبراهيم. *هذه ليست الرواية الأولى التي أقرأها للكاتب صنع الله فقد قرأت له من قبل"ذات" و"العمامة والقبعة" وهو من الكتاب الذين وفقوا في التعبير من خلال إنتاجهم الأدبي عن الحراك السياسي والاقتصادي المجتمعي في مصر عبر الحقب المختلفة. *في" اللجنة" يحكي لنا صنع الله في مشاهد مشوقة مترابطة محشودة بالشخوص والمواقف عن بعض جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مصر في فترة الانفتاح الاقتصادي" الساداتي" - إذا صح التعبير - نسبة للرئيس المصري الراحل أنور السادات. *الرواية غنية بالشخوص والمواقف التي تجسد المتغيرات المهولة التي حدثت في مصر تحت مظلة الانفتاح الاقتصادي - أو التحرير الاقتصادي - الذي قلب الموازين " الناصرية" التي حاولت تحقيق درجة من التوازن المجتمعي في مصر. *لن أشغل القارئ العزيز بتفاصيل مشهد وقوف البطل أمام " اللجنة" رغم أهميته الرمزية وإنما سأنتقل به مباشرة إلى"الهلمة" التي أفرزتها مهمة اللجنة وكشفت عن ظهور طبقة جديدة من أثرياء الانفتاح التي جسمها صنع الله في شخصية" الدكتور". *لم يشأ المؤلف أن يكشف لنا عن شخصية الدكتور الذي جعل اللجنة كلها تنتقل للشقة التي يعيش فيها بطل الرواية في محاولة لإثنائه عن مواصلة البحث عن خبايا الدكتور‘ ومن ثم اتهام بطل اللجنة بأنه قتل عضو اللجنة الذي لازمه كظله في خواتيم الرواية. *الراوي ينقلنا في مشاهد محكمة الترابط بين أثرياء الانفتاح وبين انتشار السلع الاستهلاكية والاستفزازية‘ وتدني الخدمات خاصة في المستشفيات‘ وتراجع الصفات الإنسانية وسط الأطباء‘ وطفح الفساد المالي والأخلاقي على سطح المجتمع. *يتوقف بنا الراوي عند مشهد الرجل الذي يتحرش بالمرأة في الحافلة وعندما نبهته كي يبتعد عنها صفعها وكال لها السباب‘ وعندما حاول بطل اللجنة الدفاع عن المرأة إعتدى عليه أمام الركاب الذين وقفوا في صف المتحرش ضد المرأة وضد"تطفله" وتدخله فيمالايعنيه!!. *يقول بطل اللجنة وهو مازال على ظهر الحافلة : "مضيت أنقل البصر بين الوجوه الشاحبة المنهكة‘ توقفت عند رجل كهل غارق في تأملات غير سارة وجار له يدخن بعصبية وشاب مكوي شعر الرأس تتدلى من عنقه سلسلة ذهبية وآخر قبضت يده على جواز السفر‘وتوقفت عيناي على امرأتين تسربلتا بثياب داكنة اللون غطتهما من الرأس للقدم .. قدرت أنهم جميعاً مستذلون مهانون يتمتعون بقدرة هائلة على التحمل". *عاد بطل اللجنة إلى شقته وهومثقل بالمشاهد المحبطة التي صادفها طوال فترة الرواية ليسجل شهادته و ما وصل إليه حاله الذي نجحت العبقرية الشعبية في تلخيصه بالقول بأنه أصبح"يأكل في خاطره". [email protected]