الثورة تحتمل الخطأ والحسابات غير الصحيحة .. والثائر (الحر) قد يخطئ وقد يساء الظن فيه، لكنه لا يجبن ولايخون! نعم هناك (هامش) وهناك مظاليم، أبيدوا ودمرت قراهم وأحرقت مساكنهم البسيطة وقتل داخلها الأطفال والرضع أو هم يتموا وأغتصبت نساءهم .. كل ذلك الفعل الشنيع الفظيع قد حدث .. ونعم فى (الهامش) شرفاء ووطنيون ضحوا بأرواحم ودمائهم ولا زالوا يضحون من أجل القضاية الوطنية بصورة شاملة أو ومن أجل قضايا مناطقهم وأهلهم .. لكن من الهامش كذلك (خونة) وأرزقية ومأجورين. تلك الصفات الذميمة كانت خطا أحمرا لفترة طويلة من الزمن لا يسمح الإقتراب منها ولا يمكن أن توجه (لعميل) أو حائن ينتمى (للهامش)، خاصة ممن هم مثلنا المحسوبين على المركز أو الشمال النيلى .. نعم نحن من تلك الجهات ومثلما لا يستطيع أى إنسان أن يحدد الأم أو الأب الذين ينجبانه أوالأسرة التى يولد فيها ويتمدد الأمر ليصل للقبيلة والقرية والمدينة والدولة، فكذلك لا يستطيع الأنسان أن يحدد المكان الذى جاء منه ،إذا كان مركزا أم هامشا. كان المفروض ومنذ وقت بعيد أن يتم (التصنيف) بحسب الوطنية لا (الجهة)، لكننا صمتنا لأننا نعرف أن أى قضية لكى تتبلور وتحظى بالإهتمام، فإنها تحتاج الى شعارات والى (بروبقندا) تجعلها تنال ذلك الزخم والدعم والتأييد المحلى والإقليمى والدولى، لكن الأمر فات حدوده، واصبح تسربل أولئك (الخونة) بقضية (الهامش) والمسحوقين، يضر بالقضية نفسها أكثر مما يفيدها. نعم نحن محسوبين على (المركز) وعلى (الشمال النيلى) .. لكننا لم نبع قضية الوطن ولم نتاجر بها ولم نرتزق من خلفها ولم نرفع الرآية البيضاء ونقع فى حضن (النظام)، وما اسهل الإرتزاق وتحقيق المصالح الشخصية فى ظل نظام، ذلك هو منهجه وأسلوبه (للبقاء) على كرسى السلطة مستاثرا بخيرات الوطن وموارده، ولا بأس من أن يكرم الكلاب والأرزقية (بعظمة) لا تكلفه الكثير! نعم .. نحن محسوبين على (المركز) لكننا ظللنا نلوك حبال الصبر ونتحمل ما لايطيقه بشر من أجل الوطن كله اولا، ثم قناعة بالقضايا المطروحة وتحملا لمسؤولياتنا كمثقفين وطنيين وإحساسا منا، بما يعانيه الآخر أذا كان يربطنا به وطن واحد ومصير المشترك، أو كان مظلوما فى أى مكان آخر تجمعنا معه الإنسانية. للأسف ذلك الخط الأحمر الذى رسم – بلا وعى كامل - منح الخونة مساحة يتمددون فيه ويتمطون ا طالما اصبحوا فى مأمن، بل صار بعضهم مثل العاهرة التى تتدعى الشرف، يتماهى مع النظام وينسجم معه وينفذ له أجندته بصورة أفضل مما يتوقع، ثم يبرر تلك (الخيانة) بانها كانت من أجل مصلحة أهل الهامش والمهمشين! آخرون أستفادوا من (مبررات) واهية (فصلها) لهم وللأسف بعض الشرفاء أنفسهم المنتمين للهامش، تلك المبررات تتمثل فى أن (الخونة) رغم بلوغهم الرشد وتعليمهم العالى وحصولهم على أعلى الدرجات العلمية (دكتوراة) و(ماجستير) لكنهم لا زالوا (مخدوعين) ومغرر بهم و(مستغلين) من قبل المركز (المستهبل) .. أوهم تماهوا مع النظام من أجل خدمة مناطقهم وأهلهم أو هم مضطرين لتلك المواقف بسبب (التقاطعات) والتداخلات فى تلك المناطق! كفاية أستهبال وإستغفال حقيقى .. وكفاية هذا الدلال ولابد من أن تسمى الأشياء بمسمياتها، فمثلما هناك (مستغلين) حقيقة فى المركز ومن يتاجرون بالدين ويستخدمونه لتحقيق مصالحهم، فكذلك هناك (خونة) لقضايا الوطن ولأهلهم ومناطقهم وبينهم (دبابين) وأرزقية ومأجورين ومن هم اشد سوءا من هؤلاء واولئك، هم من يحملون داخل جيناتهم (الجرثومة) الإسلاموية التى تجعل من صاحبها حاقدا وكارها للأخر، أولئك يدافعون عن الفكر الظلامى بشراسة ويعنفون بمعارضيهم أكثر من المنتمين لذات الفكر من المركز. كفاية إستهبالا ودلالا .. و(الصوت) العالى ليس دائما ينطق عن (الحق) ونحن لا نعرف العمل البوليسى والمخابراتى ولا نجيده .. لكن كثيرون من الذين جاءوا من (الهامش) وكانوا جزءا من النظام، يعذبون أهلهم وأهل المناطق الأخرى بمن فيهم (الوطنيون) الشرفاء فى المركز، وبعد أن شبعوا وبنوا البيوت الفخمة والعمارات فى المركز، أتجهوا للخارج وقدموا طلبات لجوء فى العديد من الدول وبما أنهم من (الهامش) والمناطق الأكثر تعرضا للعنف والموت والدمارحصلوا على بطاقات اللجوء وحق (التوطين) فى دول العالم الأول ، اسرع من أى مناضل وطنى ينتمى (للمركز) ويعيش على الكفاف، وبعد أن حصلوا على جنسيات تلك الدول التى تحترم الإنسان وحقوقه وتوفر له الحماية فى أى مكان، عادوا من جديد لعلاقتهم الخائبة (بالنظام) الذى أدعوا من قبل أنه عذبهم وجوعهم وشردهم وعرض حياتهم للخطر، بل من بينهم من أدعى أنه تعرض (للأغتصاب)! لو كان أولئك شرفاء وصادقين - بالطبع لن يكونوا كذلك - كان الواجب يحتم عليهم أن يعيدوا جنسيات وجوزات تلك الدول لأهلها، قبل أن يرجعوا للنظام، لكى يعرفوا هل غير جلده وهل يتعامل معهم كبنى آدمين؟ أو على الأقل عليهم أن يراجعوا (كيساتهم) ويعيدوا قراءتها من جديد، فهل أنتهى (التعذيب) والإغتصاب اذا كان بالحق أو بالباطل، الذى أدعوه؟ كفاية دلال وإستهبال .. ومهمة فضح هؤلاء (الخونة) والأرزقية والمأجورين يجب أن يتولاه أهل (الهامش) أنفسهم قبل أى جهة غيرهم. فالكلام الذى يردده اؤلئك (الخونة) بغير وعى تشكيكا فى الثوار الوطنيين الشرفاء ورميهم بكلما هو قبيح، عن طريق الإدعاء والفبركة والإختلاق لن يفيدهم ولن يحقق تغيرا يجعل السوادنيين جميعهم سواسية .. أكرر مرة أخرى الثورة تحتمل الخطأ والثوار متوقع منهم الخطأ، لكن الثائر الحقيقى لا (يخون) فكما قيل فى المثل الرائد لا يخون أهله. للأسف كثير من الشرفاء يتعرضون فى كل يوم للمؤامرات (للنميمة) وللقيل والقال، من أطراف (يظن) بأنهم داعمين لخط النضال ولثورة والتحرر، غيرة وحسدا من تمسكهم بالحياة الحرة الشريفة رغم المصاعب، وبسبب تلك (النميمة) و(الإختلاقات)، تجد العذر لقادة (الثورة) فى أن يعملوا حسابهم ويحتاطوا بصورة أكثر من اللازم، مما يجعلهم منعزلين عن شعبهم والشرفاء من رفاقهم .. فكم من ثائر حر نهشت لحمه الكلاب والألسن الخبيثة، وجعلت من لا يعرفونه عن قرب ولا يدركون مبادؤه يصدقون ما يقال فى حقه، بعد أن وهب عمره وحياته لقضية الوطن ولقضايا التحرر والديمقراطية والدولة المدنية الحديثه التى يتساوى فيها السودانيون جميعا، بل لقضية (الهامش) و(المهمشين) التى تاجر بها (خونة) الهامش، من أجل (تلميع) أنفسهم وتحقيق مكاسب شخصية .. ولو بعد حين! تاج السر حسين [email protected]