ورد في الأخبار(( ان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أشاد وقام بتكريم بائعة الشاي السودانية عوضية محمود كوكو وبشجاعتها، وقدم لها جائزة أشجع امرأة في العالم!، وأضاف جون كيري إن عوضية لعبت دورا مهما في تنظيم مهنة بائعات الشاي وتمكين المرأة اقتصاديا!)). بالطبع لا يعلم جون كيري مقدار سوء التنظيم في بلديات ومحليات حكومة السودان، ربما ظن الخدمة مقاربة لما في المدن الأمريكية، على الأقل ان كانت عوضية تعمل في بلدية استانبول وكان يديرها رئيسها رجب طيب اردوغان ذات يوم، ان كان ذلك كذلك لصدقنا قول جون كيري حول دورها في تنظيم مهنة بيع الشاي أعلاه. مبدئيا إنا لست ضد احد و خاصة ان كانت امرأة سودانية تعيل أسرة من خلال بيعها أطعمة وشاي بسوق ليبيا او غيره من الأماكن في مدننا الممتدة. ينقسم السودانيون حول هذه القضية فورا الى حكومة ومعارضة! ، إبان عهد طيبة الذكر الحركة الشعبية ومشاركتها في الحكم 2005 – 2011م كان ياسر عرمان ينحاز ويصرح لهن فورا (انصبن كوانينكن في أي مكان تريدونه) ، فورا يغلب النزعة النفسية لديه على التفكير السوي بطريقة رجل الدولة وضرورة تنظيم الخدمة نفسها ، في المقابل السلطات بالخرطوم لا توفر البديل الحديث المتواجد في الدنيا كلها لهذه المهنة البسيطة، فقط تقوم بالمصادرة والمطاردة من قبل المحلية بل والجباية! في عمل هو غير صحي من أساسه كما سأبين هنا. الفخامة و الرحابة و الراحة ومعايير الصحة والسلامة هذه الكلمات الخمس عدوة لنا نحن السودانيين!، في كل منحى من مناحي الحياة، في المأكل والمشرب و السفر و الترحال حتى تبدو كثقافة متأصلة ومن أمثالنا ( نحن خلقنا للتعب و الأكل الكعب) ، ((بنشرب كدا او بناكل كدا من قمنا جينا ما عمل لينا حاجة )) يجادلك بعضهم وبعدها قد يصرع بيرقان الصفار وهو التهاب الكبد نوع أ Hepatitis A الذي قد يحتاج أسابيع للشفاء منه وبالطبع لن يعرف المسكين من أين انتقل إليه ، شعب من أمثاله وزهده وثقافته الصوفية ...(خلقنا للتعب والأكل الكعب) وقس على ذلك الشرب الكعب للشاي والقهوة بالطريقة المألوفة من أخواتنا و أمهاتنا ستات الشاي و القهوة و التي لا تستوفي المعايير الصحية في الخدمة التي يقدمنها لطالبيها من الجمهور و تفتقد لأبسط شروط الوقاية والأمان الصحي. انا هنا لست ضد هؤلاء النسوة يعلم الله ولكن فقط لتنظيم هذه المهنة وحتى يستفدن هن أنفسهم من هذا الطرح ففي كل بلدان الدنيا التي زرناها في أي مول تجاري كبير تدخله ، في الوزارات ،المصالح الحكومية ، الأسواق و أي مكان به تجمع و تجمهر للناس ، من الطبيعي هم بحاجة للشاي و القهوة، المكان المخصص لبيع الشاي والقهوة الذي تجده في كل مول أو مرفق يكون هناك محل صغير، جانبي، أنيق، نظيف، يستخدم الغلايات الكهربية وكبابي للشاي و القهوة استعمال مرة واحدة Disposable مع سلة صغيرة للنفايات بجوار المحل حيث بمجرد ان تنتهي من شرب الكأس تلقيه بسلة النفايات . بكل بساطة لا غسيل كبابي زجاجية أكثر من مرة أي غسيل متكرر بذات الإناء! بصورة مقززة و معدية وناقلة للأمراض الآتية : جرثومة المعدةhelicobacter pylori أمراض التيفود السالمونيلا وفيروس الكبد الوبائي نوع أ (اليرقان) Hepatitis A و الاسهالات والنزلات المعوية والأمراض القديمة الغارديا والدسنتاريا . التنظيم للمهنة ببساطة هو الذي يقي من الأمراض ويحافظ على البيئة حيث لا ماء نتن مرشوش أمام محل ست الشاي وأمام كفتريات السوق العربي وبحري وامدرمان حيث لا ترتبط الكفتريا بسيفون ، ذلك ليس من شروط ترخيصها في الخرطوم! فالأهم هو الجباية للمحلية، كفتريات الخرطوم التي أقاطعها تماما بالإجازات منذ اغتربت قبل عشرين عاما، تسكب بقايا ماؤها القذر أمام المحل، هكذا في الهواء الطلق! ولا عزاء. خدمة تقديم الشاي وحتى لا نلوث البيئة من عدة نواحي لا تحتاج لفحم وكانون ورماد و ذر الرماد! وماء قذر، فقط غلاية كهربائية وفي حالة البعد من مكان به كهرباء يمكن أن نستعيض عن الكهرباء بالغاز لغلي الماء ، ذلك أن شكل و طريقة تقديم الخدمة هام جدا كشكل حضاري ثم بعد ذلك و هذا هو الأهم نشدد على مسالة الأواني و الكبابي المستعملة ينبغي أن تكون (DISPOSABLE) أي تستعمل لمرة واحدة فقط كبابي الشاي او القهوة او النسكافيه وما انتقال الأمراض المختلفة أعلاه إلا من هذا التلوث فهي ناتجة من طريقة غسيل كبابي الزجاج، تلك الطريقة المتخلفة بغمسها أكثر من مرة في ماء متسخ أصلا التي إن رايتها عزيزي المستهلك لقلت أين جمعيات حماية المستهلك فالأمراض الناجمة عن هذا الوضع المخالف كثيرة ومكلفة. اكرر لست ضدهن و لكن ينبغي تنظيم المسالة و لتبادر جمعيات حماية المستهلك لإنشاء أكشاك ومحلات راقية لهن او لأبنائهن او بناتهن. نريد أكشاك لستات الشاي بها أجهزة غلي بالكهرباء او بالغاز ليس كانون وفحم وتلويث للبيئة!! و كأننا في القرون الوسطى وكبابي ديسبوزابل لمنع عدوى إمراض التيفويد واليرقان. الأمر يحتاج الى حملة توعية عبر برامج إعلامية ولكن كيف ذلك ، مأمون حميدة ببرنامجه التلفزيوني الصحي غارق في النمطية والتقليدية وتلميع أساتذة الأكاديمية التي يملكها! ، صاحبه الآخر حسين خوجلي مشغول بعمر بن عبد العزيز، يهرب للتاريخ وكأن حكمهم هو وجماعته سيصبح كذلك! في يوتوبيا للهروب من الواقع. من يقرع الجرس إما ان تنظم الدولة هذه الخدمة لبيع الشاي والقهوة بالصورة الصحيحة والسليمة او يقاطعها المواطن بوعيه الذاتي ولا يتناولها إلا إذا قدمت بشكل وطريقة تضمن سلامته، لا يمكن ان يكون المقياس هم الإخوة سائقي البصات والشحنات (وهي مهن شريفة وكريمة) ، تراهم دوما وهم يستريحون بأطراف المدن بعد الرحلات جوار ستات الشاي، المنظر التقليدي المألوف، ثم قلدهم الآخرون حتى أصبحت ظاهرة منتشرة في كل مكان بمدننا، في السودان فقط ترى هذا المنظر، ملكية فكرية خاصة بنا، حيث لا تلمح ذلك المنظر في دولة أخرى. نسطيع ان نغير الصورة لتبدو الطريقة التي تقدم بها الخدمة بالإضافة إلا أنها صحية و نظيفة وحضارية تتسم بالفخامة و الراحة و الرحابة و هو ما يستحقه السودانيون. [email protected]