* مساكين أطباء السودان، مرتبات هزيلة وبيئة عمل متردية وانعدام التدريب وصعوبة الحصول على فرصة للتخصص الا بمبالغ طائلة، وفوق ذلك ضرب وشلاليت وعنف لفظى لا تحتمله الحجارة، وتجاهل غريب من أجهزة الدولة تجاه ما يحدث، ولا شئ غير بذل الوعود التى تتبخر فى الهواء فور خروجها من فم المسؤول، وعدم وجود تنظيم نقابى يستطيع حماية حقوق الاطباء تحت ظل قانون النقابات الحالى الذى يجمع الطبيب مع عامل النظافة فى نقابة واحدة داخل المستشفى رغم تضارب الاهداف والمصالح !! * الكل يعرف العنف الفظيع الذى ظل يواجهه الاطباء داخل المستشفيات خاصة فى قسم الطوارئ من منسوبى القوات النظامية منذ تعديل القوانين الخاصة بالقوات النظامية وتضمينها حصانات قوية لمنسوبى هذه القوات، تحميهم من الملاحقات القانونية او تجعل الملاحقة القانونية فى حكم المستحيل، ولقد اشتكت وزارة العدل نفسها ممثلة فى المدعى العام قبل بضعة ايام من وجود مشكلة حقيقية فى رفع الحصانات بواسطة الجهات التى ينتمى إليها حاملو الحصانة، بالاضافة الى الوقت الطويل الذى تأخذه الإجراءات!! * ما لم يقله المدعى العام هو أن مشكلة رفع الحصانات خلقت وضعا شاذا فى المجتمع، إذ ميزت بين المواطنين وألغت بشكل مطلق مبدأ التساوى أمام القانون، وأعاقت تطبيق العدالة، وجعلت من البعض (سيوبر مواطنين) فوق القانون يفعلون ما يريدون، أو يعتدون على الآخرين بكل ما هو متاح لهم من عضلات وشلاليت وألفاظ بذيئة، بدون أن يستطيع أحد أن يؤنبهم مجرد تأنيب دعك من أن يجرهم الى المحاكم ويعاقبهم!! * قبل أن يجف مداد الحبر الذى علقتُ به على شكوى المدعى العام من مشكلة رفع الحصانات الاسبوع الماضى، وظاهرة الاعتداء على الاطباء والعاملين فى الحقل الصحى بالمستشفيات خلال ممارسة عملهم، وعدم الأمان الذى يشعرون به وهم يمارسون مهنة خطيرة تتعلق بشكل مباشر بحياة وارواح المواطنين، ومطالبتى بإيجاد معالجة حازمة وحاسمة لها، حتى حملت الأنباء اضراب أطباء مستشفى البان جديد بمنطقة شرق النيل إثر اعتداء (سبعة) من افراد القوات النظامية بالضرب بالكراسى على طبيبين بالمستشفى أحدهما أختصاصى، والثانى طبيب امتياز تدخل لحماية زميله، وذلك بدون ادنى سبب سوى مطالبة الاختصاصى لمرافقى مريضة باستخراج اورنيك (8 ) لوجود شبهة جنائية، وهو ما ينص عليه القانون لحماية حقوق الجميع (المجنى عليه والمتهم والشاهد وهو الطبيب الذى يقوم بالتشخيص والعلاج)!! * أطباء المستشفى دخلوا فى اضراب تضامنا مع زميليهم، ومطالبين بالحماية القانونية والشخصية لهم اثناء ممارسة عملهم، وهو حق لهم ولأى عامل آخر، فلا يمكن أن يتعرض العامل أو المواطن فى مكان عمله للاعتداء والضرب والشتيمة ويفقد الامان المطلوب لممارسة العمل، بينما المعتدى حر طليق يتمتع بحماية القانون من المثول امام القانون .. أى عدل هذا، وأى قانون، وأى أخلاق وأى دين يبيح هذه الجريمة البشعة المركبة.. جريمة ارتكاب الجريمة والحماية من الحساب والعقاب!! * فى كل مرة يعد المسؤولون وما يسمى باللجنة المركزية للأطباء بحماية الاطباء ثم تتبخر الوعود بدون أن تتحقق .. إذا كنا جادين فى حماية الاطباء وغيرهم، وتحقيق العدالة، وتطبيق مبدأ المساواة امام القانون، فيجب مراجعة قوانين الحصانات وتعديلها بما يكفل محاسبة المعتدى والاقتصاص منه مهما كان مركزه او وظيفته، وإلا فليأخذ كل شخص حقه بيديه ما دام القانون عاجزا عن حمايته والاقتصاص ممن يعتدى عليه!! الجريدة [email protected]