1 من مميزات التفكير في اتجاه البحث عن الطريق الثالث، أو الحل الوسط لمعالجة أزمة من الأزمات لا يوجد توافق على رؤية لحلها، أن أصحاب هذا النوع من التفكير - البحث عن طريق ثالث - هم من نوع الأشخاص الإيجابيين والتوفيقيين وليسوا أولئك السلبيين والتأزيميين.. والفرق بين الشخص التوفيقي والشخص التأزيمي، أن التأزيمي أو المؤزم هو الذي يصب الزيت على النار بينما التوفيقي يفكر في إطفاء هذه النار . وحين طرحت الحكومة مبادرة حوار وطني حول قضايا البلاد فإن المعنى المفهوم من هذا الطرح وتلك المبادرة أنها كانت بمثابة دعوة مفتوحة لإقامة حوار.. سياسي ومجتمعي إن لم نقل إنه حوار مفتوح وهذا هو الأصح لكن على الأقل لا يجب أن يكون حصرياً فقط على الموجودين داخل قاعة الصداقة بل هو مناخ عام يحرض الجميع على التفكير في مخارج حل وإنقاذ لهذا البلد الذي تعصف به الأزمات وتهدده المهددات .. وكما أن مصطلح الحوار لا يعني فقط ذلك الذي يدور داخل قاعة الصداقة فإن مصطلح شخصيات قومية في السودان لا يعني أيضاً تلك الشخصيات القومية التي تم اختيارها أو دعوتها للمشاركة في الحوار فقط.. فهؤلاء هم عدد من الشخصيات القومية في السودان وهناك آخرون لا يقلون قامة عن وصف وصِفة القومية. كما أن استخدام الحكومة لمصطلح مبادرة حوار لا يمنع وجود مبادرات أخرى داخل فضاء الحوار هذا يمكن إلحاقها أو استيعابها أو تطوير الحوار القائم نفسه بمناقشة أجنداتها هي أو غيرها من المبادرات التي تم طرحها أو التي قد يتم طرحها اليوم أو غداً فجميعها أفكار ومقترحات وطنية ترمي لتحقيق هدف واحد هو التوافق الوطني وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلادنا . لذلك وبالمنطق والمنهج الذي قبلت به الحكومة التوقيع على خارطة طريق طرحها الطرف الوسيط في مفاوضات أديس أبابا فقد كان على الحكومة أن ترحب وتتلقف مبادرة تلك المجموعة من الشخصيات القومية (المبادرة القومية للسلام والإصلاح)، وتشكرهم عليها وتتعامل معها باعتبارها جهدا وطنيا مقدرا اختلفت معهم في بعض أجنداته أو في جميع تلك الأجندات لكن عليها مناقشته ودراسته والأخذ به لو كان فعلاً يستحق ذلك ويحقق أهداف الحوار الوطني.. فليس هناك تعارض بين هذه المبادرة وبين مبادرة الحوار الوطني أو الحوار نفسه.. وليس هناك قفزاً على الحوار بل هناك مساهمة لاحقة مقدمة من هذه الشخصيات القومية ولو كانت هذه المساهمة تستحق الدراسة والنقاش فما المانع من مناقشتها داخل قاعة الصداقة وعلى منبر الحوار نفسه ومن نفس الأطراف المشاركة في الحوار الوطني بجانب هذه الشخصيات الموقعة على هذه المبادرة فهي شخصيات ذات وزن وبالضرورة أنهم يقبلون مناقشة أطروحتهم داخل لجان الحوار أو في أي مكان طالما أنها أطروحة وطنية لمعالجة الأزمة وبالضرورة أيضاً أنهم وبحكم سعة تفكيرهم يقبلون مقارنة مقترحهم بمخرجات الحوار وتطوير المنتج الموجود بمواصفات وطنية أعلى وأجود .. وكذلك إتاحة المجال لتقديم ما يخرج من هذا التخصيب الذي يتم بين الأفكار والمقترحات، تقديمه للممانعين الذين سيجد الكثير منهم نفسه ربما في موقف مراجعة لنفسه باعتبار أن مخرجات الحوار بعد مزجها مع مبادرة ال52 قد تمثل محطة أقرب بالنسبة له من محطة المخرجات الحالية للحوار الوطني . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. لا تهملوا مبادرة ال"52".. 2 مجموعة من المثقفين ورموز المجتمع وصفت نفسها بأنها جماعة من أبناء السودان يجمع بينها الانشغال بالشأن الوطني، ومجمل الحالة العامة التي تعيشها بلادنا الآن، والتي تستدعي استنفار الطاقات كافة، والعمل على بذل غاية جهدها لإيجاد مخرج آمن ومستدام من الأزمة السياسية الوطنية. وفي أجواء حوار ومناخ تفاكر نعتبر أن الحكومة هي التي سعت لتوفيره بمبادرتها يقوم هؤلاء بإطلاق مبادرة وطنية للإصلاح تتضمن أفكارا ومقترحات قد لا تكون بعض بنودها جديدة أو مبتكرة لكنه جهد وتفاعل إيجابي يستوجب الترحيب به وتكييف مساحة ومجال لمناقشته.. نعم هي مبادرة من خارج قاعة الصداقة لكنها قد تمثل مرحلة ومحطة أقرب بالنسبة للمتباعدين في اتجاه تجسير الرؤى وتقريب المواقف بغية الوصول الى الحل. وكما قلنا في الجزء الأول من هذا المقال إن على الحكومة أن تتعامل مع هذه المبادرة بدرجة أعلى من الإيجابية والترحيب بها وعدم اعتبارها قفزاً على حوار قاعة الصداقة بل مناقشتها باعتبارها مساهمة لاحقة مقدمة من هذه الشخصيات القومية خاصة وأن هذه الشخصيات لا تمثل كياناً سياسياً حتى نلومها على عدم انضمامهم للحوار الوطني تقديمهم لهذا المقترح من داخل قاعة الحوار وعبر آلياته.. هم يمثلون شخصيات عامة وقومية مثلها مثل الشخصيات القومية التي تم اختيارها للمشاركة في الحوار الوطني وساهمت في مخرجاته. الترحيب بهذه المبادرة يعطي مصداقية أكبر لروح الحوار الوطني نفسه وسعة أرحب له كمشروع وطني ومناخ عام منفتح بادرت به وأطلقته الحكومة دون تسوير مانع أو تحجيم وتحديد قاطع وصارم يفسد معناه. مبادرة تتقدم بها شخصيات مرموقة وعقول وطنية بحجم دكتور الجزولي دفع الله والتجاني الكارب ود. حسن مكي وبروف الطيب زين العابدين وبروف شمو وبروف قاسم بدري ودكتور الطيب حاج عطية وعبد الرسول النور وسعاد إبراهيم أحمد وصالح يعقوب ومحجوب محمد صالح وغيرهم من رموز المجتمع، سياسيون ومفكرون وأكاديميون وإعلاميون وغيرهم حتما تضيف هذه المبادرة زخماً وحيوية أكبر لمشروع التفاكر الوطني والبحث عن المخارج. اختلفتم أو اتفقتم مع بنود هذه المبادرة فإن المصلحة الوطنية تستوجب منكم كامل التقدير لها والحرص على مناقشتها كامتداد للحوار وتطوير لمخرجاته وليس تناقضاً أو تقاطعاً معه، فأصحاب الطريق الثالث هذا على اختلاف أفكارهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية لكنهم جاءوا عبر الباب وقصدوا مكاتب الدولة ومبنى القصر الجمهوري يحملون فكرة ولا يحملون بندقية.. يحملون مقترحات لا متفجرات وقنابل ورصاصا.. شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي