بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا كل هذا يا أخت بلادى يا شقيقة؟!
نشر في الراكوبة يوم 10 - 05 - 2016

إذا كان العنوان أعلاه ماخوذ من أبيات فى قصيدة للشاعر السودانى الراحل " تاج السر الحسن" – آسيا وافريقيا – التى قال فيها :
مصر يا أخت بلادى ياشقيقة
يارياضا عذبة النبع وريقة
ياحقيقة ...
ثم تغنى بكلمات تلك القصيدة كاملة فنانا الكبير المثقف "عبد الكريم الكابلى" الذى يتحدث اللغة الإنجليزية مثل العربية تماما، وإذا كان الشيخ الصوفى (عبد الرحيم البرعى) – رحمه الله - الذى له العديد من المريدين فى السودان وفى غير السودان قد مدح مصر فى أنشودة بعنوان مصر (المأمنة) لا (المؤمنة) والمعنى يختلف، دليلا على محبته لمصر وللأولياء والصالحين فيها.
فإن الشاعر المصرى " ابراهيم رجب" الذى لم يكتب كثيرا، كان هو كاتب الأبيات التالية وباللهجة السودانية والتى تغنى بها فنان السودان الكبير "سيد خليفة".
تغزل إبراهيم رجب فى السودان وأهله قائلا:
يا وطنى ... يا بلد أحبابى
فى وجودى احبك وغيابى
يا الخرطوم يا العندى جمالك
جنة رضوان
طول عمرى ما شفت مثالك
فى اى مكان.
وإذا كنا فى السودان وفى المجال الرياضى تحديدا نشهد تنافس محموم وشرس بين ناديى (الهلال) و(المريخ) يصل أحيانا لدرجة بالغة من (العداوة) ودرجة الأختلاف والخصومة كما يتراى للكثيرين، فهناك فى مصر نفس هذا التنافس المحموم بين ناديى (الأهلى والزمالك) وقد يصل أحيانا الى مدى ابعد مما هو فى السودان.
ذلك الوضع يقترب من رؤية السودانيين لمصر وإختلافهم وإنقسامهم حولها ولابد هنا من البوح الصريح، والتأكيد على أن السودانيين فعلا منقسمين وجدانيا تجاه مصر بنسبة تكاد تكون متساوية تماما فبينما تجد من يحب (مصر) مهما رأى فيها من معاملة، إذا كانت طيبة أو قاسية ومؤلمة خاصة حينما ينشأ خلاف أو توتر بين النظامين الحاكمين هنا وهناك، فورا يشعر السودانى ومنذ وصوله لمطار القاهرة بحقيقة ذلك الإختلاف، أما فى الجانب المحب لمصر أعرف عددا من السودانيين يزورون مصر سنويا ليس لهم هدف سوى أن "ياتوا" الى مصر فى كل ظروفها وأحوالها، يتجولوا فى شوارعها ويجلسوا على مقاهيها ويتجاذبوا أطراف الحديث مع رفاقهم السودانيين، ولا يخلو مجلسهم بالطبع من مصريين من وقت لآخر، ثم يطوفوا فى آخر ايام زيارتهم على مكاتبها ليتزودوا بالكتب، يفعل ذلك المتعلمين منهم وانصاف المتعلمين.
من الجانب الآخر كذلك يوجد سودانيين عددهم ليس بالقليل كراهيتهم لمصر لا حدود لها ومهما وجد فى مصر من معاملة طيبة أو تعلم فى أحدى جامعاتها أو عالجه أحد أطبائها فهو يبقى كاره لمصر، ولا يمكن أن يتفق معك على شئ جميل فيها وقد ظهرت تلك (الكراهية) المسببة وفاجأت السيد/ سمير زاهر رئيس إتحاد كرة القدم المصرى، حينما لعبت المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر فى السودان وكان سمير زاهر قد إختار ارض السودان كأول خيار، ظنا منه أن الجمهور السودانى سوف يقف كله مع (مصر)، فحدث العكس، وفؤجىءكذلك الجزائرون بوقفة السودانيين القوية معهم، مع أنهم لم يختاروا السودان من ضمن ثلاثة دول تؤدى فى واحدة منها تلك المباراة.. للاسف لم يهتم مصرى واحد فى اى مركز بحثى لتحليل هذه الظاهرة ومسبباتها لأنها ترتبط بجوانب عديدة فى العلاقات السودانية المصريه.
والشعب السودانى حتى إذا لم يكن متعلما فإنه (مثقف) ومطلع، وغالبية السودانيين كما ذكرت حتى الذين يحبون (مصر) يشعرون (بغبن) تجاه مصر لا حدود له، فمصر حينما كانت مصلحتها تقتضى التوافق مع النظام (الإخوانى) الذى يعذب السودانيين ويقتلهم ويقسمهم حصلت منه على ضوء أخضر لقتل اللاجئين السودانيين فى ميدان مصطفى محمود بدم بارد ولم يحاسب حتى اليوم أى مسئول أمنى على تلك الجريمه التى راح ضحيتها حوالى 55 سودانيا معظمهم من ابناء دارفور، أما حينما اختلفت مصر – الآن - مع نفس النظام، ولأسباب عديدة منها دعمه الظاهر والباطن لجماعة الإخوان وإن نفوا ذلك ثم موقف النظام السودانى الداعم لأثيوبيا فى موضوع سد (النهضة) لا لمصلحة له فى ذلك وإنما نكاية بمصر، ودعما بصورة أخرى (للإخوان)، لجات مصر كرد فعل على ذلك لا بموقف ضد (النظام) وإنما بإعلان صريح لضم (حلائب) المتنازع عليها منذ أمد بعيد وبالأمس القريب وفى صحيفة واحدة نشرت ثلاثة عناوين تقول:
نائب حلايب وشلاتين بالجلسة العامة:" أول مرة أتكلم بعد أدائى القسم".
"قال النائب ممدوح عمارة، عضو مجلس النواب عن حلايب وشلاتين، إنه أول مرة يتحدث بعد 4 شهور من أدائه القسم".
وهو سودانى السمات والملامح والتقاطيع.
وجاء فى الخبر الثانى:
"رئيس البرلمان: ضم منطقة حلايب وشلاتين لأسوان فى التقسيم الإدارى الجديد".
السؤال هنا لماذا لم تضم إداريا من قبل؟
وجاء فى الخبر الثالث:
"خطة النواب لتعمير "حلايب وشلاتين".. البرلمان يناقش تقرير اللجنة الخاصة بالمثلث".
ولا داعى للتعليق هنا.
أما بالنسبة للمواطن المصرى وحقيقة مشاعره تجاه جاره السودانى فالأمر لا يختلف الا قليلا فهنالك عدد محدود من المصريين " يحبون" السودان على درجات متفاوتة لا يصلوا الى قريب من عدد السودانيين الذين يحبون مصر .. وأغلب أولئك المصريين من بين (النخب) – تعرفوا – على السودان والسودانيين بصورة لا باس بها، إذا كان ذلك من خلال زيارات متكرره للسودان – بحكم العمل – أو نتيجة لزمالة فى ديار المهجر والإغتراب ورأوا فيهم صفات جيدة أو من خلال معرفتهم بهم فى مصر، هؤلاء يمكن أن تقول فيهم جزء كبير يحب السودان وأهله مع إختلاف الدوافع.
أما فى الطرف الثانى فيوجد كم هائل من المصرييين يكره السودان والسودانيين أحيانا بدون أى سبب وهذه النوعية فى غالب الأمر هواها ومزاجها إما أوربى أو عربى وتحديدا نحو سوريا أو لبنان ، قبل ظهور البترول فيدخل فى محبة المصريين دول وشعوب أخرى.
بالطبع يستثنى من هذا التقويم كله إخوتنا - النوبيين المصريين - الذين لهم وضع مختلف وهم الان مواطنين مصريين يحملون هويات مصرية، لكن هواهم ومزاجهم متنازع بين مصر والسودان وكثيرون منهم لهم فى السودان أهل وأقارب وعلاقات زواج ومصاهرة، طبائعهم مثل السودانيين وأكلهم مشابه للأكل السودانى ويحبون الغناء السودانى إذا ردده إبراهيم عوض أو وردى أو الراحل عبد الله دينق قبل وبعد إنفصال الجنوب.
قبل أن أواصل لابد أن اتوقف لأبين أمرين، الأول أن موقفى من نظام (عمر البشير) ومنذ اليوم الذى وصل فيه للسلطة فى 30 يونيو 1989 معروف ومنشور فى السودان ومصر ولم يتغير فى يوم من الأيام، ثم موقفى من ثورة مصر فى 30 يونيو معروف كذلك ومؤيد لتلك الثورة الرائعة وبدون تحفظ ولا يمكن أن يتغير مهما شعرت بغبن تجاه مصر فى مواقف أخرى سوف أتطرق اليها وهى اساس هذا المقال، لأن (المبادئ) لا تتغير، ومن عرف ظلم (الإخوان) وجبروتهم وفسادهم وقتلهم للأبرياء وسفك الدماء فى السودا ن لا يمكن أن يتمنى حكمهم لأى بلد أو لأى شعب آخر.
الجانب الآهم من كل ذلك والذى أود أن اوضحه هو، أن ثقافة الفهلوة والصوت العالى والإبتزاز ورفع الحذاء والتى افضل من يمثلها فى مصر الإعلامى توفيق عكاشة والإعلامى أحمد موسى والمحامى مرتضى منصور، لا يمكن أن تمنع أحد من المطالبة بحقه لأخر رمق فى حياته ولا يمكن أن تجعل من الباطل حقا، إضافة الى ذلك فإن تهديد الرجل بالضرب بالحذاء عيب كبير عندنا فى السودان لأنه دليل عجز الرجل وضعفه، والضرب بالحذاء والشبشب قد يكون مقبولا وفى الزمن السابق عند (بعض) النساء لا كل النساء دعك من الرجال.
قبل (الوقفة) قدمت توصيف بسيط للغاية وبدون مجاملات لشكل العلاقة بين السودانيين والمصريين، فكلام مثل نحن (إخوات) أو (ابناء نيل واحد)، اصبح بدون جدوى والنيل نفسه اصبح له الآن أب وأخ أكبر من البلدين وهو (الأثيوبي)، ورؤيتى الثابتة أن كلمات المجاملة تلك التى لا تتعدى الشفاه لا تفيد ولا تساعد فى ترسيخ علاقات سوية ومتكافئة تقوم على الندية والإحترام والمصالح المشتركة، خاصة فى مثل هذه الظروف التى يمر بها البلدان.
أنطلق من تلك المقدمة الطويلة لأقول مقسما .. بالله العظيم ثلاثا .. لو رسخ فى يقينى بأن مثلث (حلائب) و(شلاتين) مصريا لكنت أول من يعترف بذلك، يرضى من يرضى ويغضب من يغضب ولكتبت بكل وضوح مؤكدا تلك الأحقية، فالوطنية لا تعنى التزييف للحقائق والإنتصار بإستخدام أى سلاح والإستيلاء على حقوق الآخرين وهضمها وإذا كان البعض لا تهمه حقوق اخرين ولا يفرق معه التغول عليها، فإنها تهمنى، لأننا نعمل لدنيانا كأننا نعيش ابدا ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا.
ثم دعونا نقلب قليلا فى دفتر تلك القضية بالمنطق والعقلانية، ومثلما لا أتمنى أن تراق نقطة دم واحدة بين الشعبين بسبب قطعة ارض، وحتى لو اراد الشعب السودانى أن يقاتل من أجل إرضه، فإن (النظام) (الإخوانى) غير مستعد بل هو عاجز وجبان ويخشى من السقوط ومن ذهاب الكرسى حتى لو ذهبت (حلائب)، إضافة الى ذلك وكطبيعة الإنظمة الإسلامية فإنه لا يستاسد ويعلن الجهاد الا على شعبه.
فى نفس الوقت نقول للأخوه فى مصر الشعب السودانى لن يحمل "كفنه" فى يده مستسلما فى أى وقت من الأوقات وتحت أى نظام كان، مهما بلغ ضعفه ليقدمه لحاكم أو نظام فى مصر متنازلا عن ارض (حلائب) طالما هى سودانية ولم تثبت مصريتها بواسطة محكمة دولية متخصصة ومحائدة.
وعلى مصر نظاما وإعلاما أن تعلم بأن قضية (حلائب) ليست هى قضية نظام (البشير) والمنتفعين منه، مع (مصر) وهى لا تهمهم كثيرا .. والسودانيون جميعهم ما عدا قلة من الإسلاميين والأرزقية و(المتحولين) كارهة للبشير ونظامه كراهية المصريين (للإخوان) وتعمل من أجل إسقاطه وتغييره بكل الوسائل، لكن قضية (حلائب) تمثل عدم وفاء وطعنة فى خاصرة الشعب السودانى من دولة شقيقة هى "مصر"، التى يتناسى بعض من أهلها بسبب كراهيتهم "للون الأسود" كل خير أو معروف قدمه شعب السودان لمصر بدون من أو أذى، مثل إستضافة الكلية الحربية والطيران المصرى فى السودان خلال المعارك مع إسرائيل فى عام 1967 بل ما هو اعز من ذلك اختلاط الدم السودانى بالمصرى فى كآفة المعارك التى خاضتها مصر مع إسرائيل ومنذ عام 1948 ومؤتمر اللات الثلاث فى الخرطوم وما دار فيه وكيف كانت دهشة (عبد الناصر) لمقابلة الشعب السودانى له وهو خارج من هزيمه!
للأسف كثير من المصريين ومن بينهم (متعلمين) لا تهمهم مشاعر السودانيين ويظنون بأن السودانى يفرح وينبسط حينما يقال له أن مصر والسودان كانا (حاجه واحدة) أو أن السودان كان "تابعا" لمصر والحقيقة التى يتنكر لها أويجهلها كثير من المصريين أن مصر نفسها كانت (محتلة) فى ذلك الوقت إذا كان بواسطة العثمانيين أو من قبل الإنجليز وأن (محمد على) لم يكن مصريا بل البانيا حكم مصر كممثل للأمبراطورية العثمانية اجداد ( أردوجان).
والواجب على (المصريين) بدلا من ترديد ذلك الكلام الإستعمارى والإستفزازى أن يقدموا إعتذارا للسودانيين لأنهم ساندوا المستعمر وكانوا يده اليمنى فى السودان.
وليعلم الأخوة فى مصر إذا كان السودانيون لا يردون على مثل ذلك الكلام (الإستفزازى) الذى يقال فى وجوههم – دون شعور بالحياء – من كثير من المصريين ويسمعونه فى المسلسلات المصريه التى يحبونها وفيها يردد بأن حزب الوفد قد – فرط – فى السودان وكأن السودان (تكية) لمصر، فإن الحياء والأدب المعروف المعرف بهما السودانيين هو الذى يمنعهم عن ذلك الرد الذى قد يكون محرجا، وذلك هو الذى اضاع كثير من حقوق السودانيين مع مصر ومع غيرها من دول مجاورة.
ثم إن الكلام الذى اصبح يردده العديد من المصريين بأن أرض حلائب مصريه، وأنها كانت تدار بواسطة السودانيين، كلام يفتقد للكثير من المنطق والمعقولية، فإذا كانت مصر قد شاركت مع باشوات تركيا ومع المستعمر الإنجليزى فى إدارة السودان كله، فكيف تركت (مصر)، للسودان إدارة تلك المنطقة الإستراتيجية الهامة وهل كانت مصر قادرة مع الإنجليز على إدارو كل السودان ما عدا حلائب؟
كلما فى الأمر هو أن مصر الآن تريد أن (تستأسد) على السودان وأن تنتزع ارضا لا تملكها لسببين، الأول لإذلال (عمر البشير) ونظامه وقد حدث ذلك وزاد عن حدود الأذلال والدليل أنهم يخرجون فى كل مرة ويدلون بتصريح (خائب) يتحدث عن أن مشكلة حلائب لن تؤثر فى العلاقات بين البلدين إضافة الى ذلك أنهم يتحدثون عن طريق برى يربط بين البلدين وجزء من ارضهم (محتل).
اما السبب الثانى فلكى يظهر النظام فى (مصر) الذى دعمه كآفة شرفاء السودان فى 30 يوينو 2013، وكأنه إستعاد ارضا كاد أن يفرط فيها الإخوانى (مرسى) على غير الحقيقة، خاصة بعد أن اعادت (مصر) جزر رأت بانها سعودية الى اهلها مما خلق (بلبلة) فى مصر بنفس طريقة الحديث عن "حلائب"، كثير منه بدون معرفة بل هى (العصبية) المنتنة ونحن لا يهمنا الأمر كثيرا إذا ذهبت تلك الجزر الى السعودية أو الى مصر طالما أقر أحد الطرفين بملكيتها للطرف الآخر.
حقيقة الأمر فىيما قيل عن "مرسى" حينما زار السودان أنه وجماعته كان يشعرون بأزمة ضمير منذ يوينو 1995 لأنهم – كأهم فصيل فى التنظيم العالمى – قد ورطوا السودان فى محاولة إغتيال "مبارك" الفاشلة فى إديس ابابا والتى كانت سببا فى أن يضع الجيش المصرى يده على ارض حلائب، وأن تصبح حلائب بوضع اليد تابعة لمصر وان يصمت النظام السودانى طيلة تلك الفترة منذ عام 1995 لاسباب عديدة نكتفى بذكر سبب واحد هو الا يقدم النظام لأى محاكمة بسبب تلك الجريمة.
الأمر المؤسف أن كثير من المصريين لا يعرف شيئا عن "حلائب" كما يعرف السودانيون ولم يسمعوا بها الا حينما ردد الإعلام المصرى صاحب الصوت العالى كلاما عن نية (مرسى) إرجاع أرض حلائب للسودان، فانطبق عليه المثل الذى يقول، يعطى من لا يملك!
من الطرائف قال لى ذات مرة أخ مصرى تعرفت عليه فى بلد ثالث تجاوز عمره الستين عاما وكان ضابطا فى الجيش المصرى، بالطريقة المصرية المعروفة " لا مؤاخذه من اخطاء مرسى أنه كان يريد التنازل للسودان من (حلائب) و(شلائت)"!ّ وهو يقصد (شلاتين)، فضحكت وقلت له : "فى الأول أعرفوا إسمها ثم تعالوا وخدوها"!
الذى اذكره كذك أن المذيع (الحنجورى) - أحمد موسى - المؤيد (للسيسى) ونحن كذلك معه فى تاييد (السيسى) ونردد هنا فى الم وحزن ابيات من قصيدة (نزار قبانى) – نحبهم كالأطفال مهما لنا اساءوا – وأحمد موسى (سودانى) لكنه اما (ناكر) أو لايعرف ذلك وعليه الرجوع الى اصله وشجرة عائلته والا يذهب بعيدا بل أن يتوقف عند الجد الرابع أو الخامس لا أكثر من ذلك.
وإذا كان الآن يتحدث (كمصرى) وفى حماس شديد فلا غرابة فى ذلك فالنائب البرلمانى الذى عرضت صورته فى الصحف وقيل أنه نائب دائرة (حلائب) ، كان حتى الأمس القريب سودانيا وشكله سودانى مليون %.
الشاهد فى الأمر أن احمد موسى قال للمصريين فى أحد برامجه – لاويا فمه - بطريقة معروفة تعالوا واسمعوا جيدا لأكلمكم عن (حلائب) .. وبدأ يحدد لهم مكان حلائب جغرافيا وأهميتها ولم يتبق له الا أن يوزع عليهم (كراسات) وأن يصحح لهم اختبارا عن جغرافية حلائب بعد ذلك.
اقول لأحمد موسى وغيره سوف تبقى (حلائب) بوضع اليد الى حين فى يد مصر، لكن لمستندات والوثائق التى تؤكد سودانية حلائب متوفره وغزيره ويمكن الحصول عليها من الطرف المصرى نفسه، قبل أن يلجأ السودانيون تحت نظام (وطنى) شريف الى دار الوثائق السودانية التى ساهمت كما قال المؤرخ المصرى (طلعت حماد) فى إستعادة مصر لأرض طابا.
و(الفهلوة) والصوت العالى لا يصنع علاقة طيبة بين دولتين جارتين، بل دائما ما تتسبب فى تعميق الجروح وتجربة مباراة (الجزائر) نموذجا وكانت (مصر) كلها بما فيها من نخب وإعلاميين ودبلوماسيين يرون أنهم على الحق فى إساءتهم للجزائر وشعبها حتى اكتشفوا الخطأ بعد ذلك.
وإذا كانت (مصر) كما يدعى البعض انها قد حكمت السودان بوقفتها الى جانب (المستعمر) فى مرتين، فإن السودان حكم (مصر) فى التاريخ الحديث (القديم) وتحديدا عام 3000 قبل الميلاد لوحده ولمدة 50 سنة من خلال الأسرتين 25 و 26 بداية (ببعانخى) وإنتهاءا بشقيقه وإبنه، ويسمى فى كتب التاريخ الموجودة فى المكتبات المصرية الأمبراطور"بيى بعانخى حاكم السودان وصعيد مصر".
لا تضللك تلك التسمية فبعانخى بعد أن فرض سيطرته على مصر كلها رجع وجلس فى عاصمته وحكم السودان وصعيد مصر لكن اسرته المكونه من شقيقه وإبنه حكموا مصر بكاملها، اللهم الا اذا كان بعانخى مصريا كذلك، مثل حلائب!
وحكم دولة لدولة فى زمن (من غلب سلب) أو بعد ذلك، لا يعطى الحق لأحد ان يدعى بأن تلك الدوله كانت (ملكه) أو كانت جزءا من اراضيه والا لطمع فى مصر كثير من الغزاة السابقين من بينهم سودانيين!
والسودان بلد عظيم وشعبه طيب وأصيل لا يغرنكم أو يطمعكم فيه أنه ضعيف الآن ويرهقه (الأخوان المسلمون) منذ فترة طويلة من الزمن ومن قبل أن يحكموه فقد كانوا السبب فى الفساد السياسى لأى حاكم وزاد فسادهم واصبح سياسى ومالى بعد أن حكموا.
لا نريد أن ننكأ الجراح أكثر مما يجب والجراحات كثيره بين البلدين منها (مذبحة) ميدان مصطفى محمود بمنطقة – المهندسين – فى 31/12/ 2005 والتى أرتكبت، دعما من النظام (المصرى) لنظام (عمر البشير) وبمباركة وضوء أخضر منه ورغم قلة عدد من إستشهدوا فى تلك المذبحة مقارنة بعدد قتلى (رابعة العدوية) لأن السودانيين الذين أعتصموا فى رابعة كانوا بسطاء وجوعى وغير مسلحين كما كان الحال فى رابعة لا كما يكذب (الأخوان) الذين لا يجيدون غير ثقافة الكراهية والقتل.
من ناحية "روحية" .. لقد ظللت اردد دائما بأن ما تشهده "مصر" من عنف وارهاب وقتل يومى لضباط الشرطة وجنودها، وهذا أمر يحزننى كثيرا، لكن السبب فى ذلك – ربما - تكون دعوة (المظلومين) السودانيين التى لا ترد، فما جرى فى ميدان مصطفى محمود والطريقة التى قتل بها (الشيعة) المصريين الأربعة – د. شحات ورفاقه على الرغم من أنى (سنى) وليس (شيعى) أمر بشع للغايه ولا يرضاه الله.. ودعوة المظلوم بغض النظر عن دينه أو لونه لا ترد وليس بينها وبين الله حجاب.
أخيرا اقول .. على مصر أن تعيد حلائب لأهلها وأن تتوقف عن (التجريف) والإغراءات التى تدفع لأهل حلائب للتنازل عن بلدهم وارضهم وجنسيتهم.
وعلى مصر أن (تطهر) فورا نفسها من مذبحة (مصطفى محمود) التى وضعت يدها فيها فوق يد النظام السودانى الذى اباد 400 الف إنسان فى دارفور ومناطق أخرى من السودان ولا زال يواصل الإبادة فى جبال النوبة والنيل الأزرق ومن قبل ذلك اباد 2 مليون فى جنوب السودان .. وعلى مصر أن تطهر نفسها من جريمة "الشيعة" البشعة التى لا تقل عن جريمة كرداسة، فرب العزة قال فى محكم تنزيله (وقل الحق من ربكم فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فلكفر". ولم يقل أقتلوا المخالفين بتلك الطريقة البشعة التى لا يمكن أن يقتل بها كلب.
ونحن ضد عمر البشير دون تحفظ ونتمنى زواله اليوم قبل الغد مثلما كنا ضد (مرسى) وتمنينا زواله عن مصر حتى لا يصبح سندا (للبشير) فهم (أخوة) فى النهاية، لكن (حلائب) سودانية .. ولا نقول ذلك تحيزا لوطننا إنما بالأدلة الدامغة التى يمتلكها اصغر سودانى وإذا كانت مصر واثقة من مصريتها فعليها أن تقبل بالتحكيم الدولى المحائد وإذا حكمت المحكمة لصالح مصر فسوف أكون فى مقدمة المهنئين لها بذلك، لأن الحديث عن أن صاحب الأرض لا يمكن أن يخضعها لتحكيم كلام مردود ونوع من (الهروب) فمصر، رضيت بالتحكيم فى (طابا) وهى واثقة بأنها مصريه وقرر التحكيم لاحقا مصريتها.
كلما أخشاه .. وإعلام مصر لايعمل له حساب، أن تصل الأمور درجة تتضرر منها مصر – مستقبلا - بسبب إصرارها على الإستيلاء على (حلائب) بالقوة وبالعمل المخجل الذى نشاهده بإدخال سودانى فى البرلمان المصرى مستغلين ظروفه وظروفه أهله وعن طريق المغريات والحوافز التى قدمت مصر مثلها من قبل فى شكل بطاقات دون جوازات مع إعفاء من الخدمة العسكرية لمدة 10 سنوات.
أما ما هو طريف فإن صحفى كبير بل هو أحد شيوخ فى مصر والنقيب السابق (مكرم محمد أحمد) كعادة الصحفيين والإعلاميين المصريين ويا للأسف، حاول الزج بقضية (حلائب) فى تأكيد منه لإستحقاق السعودية للجزيرتين ، اللتان أعيدتا قبل ايام، فخاطب الصحفيين قائلا .. هل تريدون منا أن نفعل مثل السودان فى إدعائه حول (...... ) .. (.....) وتوقف لفترة طويلة من الزمن حتى ذكره بعض الصحفيين المذاكرين بإسم المنطقة وبصوت عال قائلين (حلائب .. حلائب) .. الا تدل هذه الواقعة وحدها على أن (مصر) لا علاقة بحلائب من قريب أو بعيد؟
تاج السر حسين – royalprince33 @yahoo.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.