قضايا ليست كذلك الأتحاديون والجبهة الوطنية المتحدة أذا نظرنا للمسرح السياسى فى السودان منذ أنقلاب الأنقاذ فى 30 يونيو 1989م وحتى الآن يصل المراقب له أن كلا الحكومة والمعارضة فاقدى البوصلة للتعامل مع كيفية حكم اللاد وأدارتها والأرتقاء بشعبها الى مصاف الدولة المتقدمة والمتطورة وما ذلك الا بالتعامل مع قضية الحكم فىى السودان من منطلقات أيدولوجية وعقائدية حجبت عنهم أتساع الأفق والنظرة المتقدمة البصيرة والأستفادة من تجارب الدول التى أرتقت حضارياً سواءاً من دول العالم الأول او دول العالم الثالث. ولقد تناولنا من قبل فى مقال من عشرة حلقات مسار المعارضة السودانية من بعد انقلاب الأنقاذ ممثلة فى التجمع الوطنى الديمقراطى حتى أتفاق القاهرة 2005م وقوى الأجماع الوطنى حتى الآن والذين كان حصاد تجربة قيادتهم للمعارضة السودانية هى تمكين وأطالة عمر الأنقاذ والمشاركة فى فصل جنوب سوداننا الحبيب وما زال مسلسل هذه المعارضة مستمراً وبضعفها نظام الأنقاذ يزداد كل يوم صلفاً وغروراً ولا يأبه لها. ولذلك نظام الأنقاذ مستمراً بضعف الاخرين وليس لقوة كامنة فيه بل يكاد يكون أضعف من كل النظم العسكرية التى حكمت السودان. لقد أعتاد الأتحاديون وقياداتهم عند أى تعدى على الحريات والنظام الديمقراطى أن يكونوا على قمة قيادة المعارضة المناوئة لأى أنقلاب عسكرى لأن أيمانهم بالحرية والديمقراطية والمساواة فى الحقوق والواجبات والعدالة الأجتماعية مرتكزات سياسية ووطنية مبدئية تجرى وتسرى فىهم سريان الدم فى الأوردة والشرايين وليس تنطعاً براغماتياً أو أنغلاقاً عقائدياً وأيدولوجياً مما جعلهم القوى السياسية الوحيدة من ضمن قوى المسرح السياسي الى لم تتعد على الحرية والديمقراطية ولم تشارك أو تنفذ أو تؤيد أى أنقلاب عسكرى حدث فى السودان من تدبير اليسار أو اليمين السياسى أو أصحاب العقلية الشمولية من غيرهم الذين سلموها تسليماً. الأتحاديون عند حدوث أى تعدى على الحرية والديمقراطية يسارعون لمعارضة النظام المتعدى عليهما وينادون بتكوين الجبهة الوطنية المتحدة لمقاومة ذلك النظام وأسقاطه على أن تتكون وعلى قيادتها الأحزاب الفاعلة ذات القاعدة الجماهيرية العريضة من أحزاب الوسط وتشمل الآخرين الآ أن الوسط بمثابة الصدر والرأس فى قيادتها. حدث ذلك بتكوين الجبهة الوطنية عند أنقلاب 17 نوفمبر 1958م بواسطة العسكر فتكونت الجبهة الوطنية من الحزبين الكبيرين الأمة والوطنى الأتحادى أبتداءاً وضمت من بعدها معهم الأحزاب الصغيرة يميناً ويساراً. وأيضاً حدث ذلك عند أنقلاب 25 مايو 1969م عندما رد الزعيم أسماعيل الأزهرى وهو فى السجن على المناضل الشريف حسين الهندى وقال له أن سبيلنا الوحيد لأسقاط النظم العسكرية الشمولية هو نظام الجبهات الوطنية، فتكونت الجبهة الوطنية فى الجزيرة أبا من أحزاب الأمة بقيادة الشهيد الأمام الهادى المهدى والحزب الأتحادى ويمثله الشريف حسين الهندى وجبهة الميثاق الأسلامى ويمثلها الشهيد محمد صالح عمر. وتمسك الأتحاديون بالمقاومة لأسقاط النظام المايوى حتى بعد المصالحة التى تمت مع حزب الأمة بقيادة الصادق المهدى بعد أستشهاد الأمام الهادى وجبهة الميثاق بقيادة الترابى. الأتحاديون يؤمنون أن مقاومة النظم العسكرية وأسقاطها وخلق البديل لها هو من صميم مرتكزات العمل الحزبى والوطنى، وذلك لأن الأحزاب هى التى تبنى برامجها وفلسفتها على نظم الحكم وهى التى تضع البرامج التفصيلية لكيفة أدارة البلاد والنهوض بها والتعامل مع مشكلاتها الأقتصادية والأجتماعية والثقافية وغيرها. وتؤمن أن منظمات المجتمع المدنى الحديثة من عمال وحرفيين ومهنيين لهم دور معلى داخل الأحزاب والمجتمع وأداة فاعلة لممارسة الضغوط وتجميع القدرات بحكم مواقع العمل لأحداث التغيير ولكن ليس مناط بها وحدها أو مناط بها خلق البديل ووضع البرامج من خارج المكون الحزبى. وأيمان الأتحاديين أنك أذا جعلت هذه المكونات قائمة بذاتها وممثلة لنفسها من غير الأحزاب تكون قد أفرغت الأحزاب من محتواها. وأين يكون الحزب اذا خرج منه العمال والحرفيون والمعلمون والأطباء وكل المهنيين والرعاة فمن يتبقى حتى نقول أن هذا حزب أذا كان خالى المحتوى من كل هؤلاء. ولذلك أعترضنا عندما قالوا أن التجمع الوطنى الديمقراطى يتكون من ثلاث أضلاع وهى الأحزاب والنقابات وحاملى السلاح من حركة شعبية وقيادة شرعية لأن خروج النقابات وتصير قائمة بذاتها قد أفرغ الأحزاب من محتواها ولم يتبق فيها ألا شيوخ الطرق الصوفية. وكنا نعلم أن هذا هو أسلوب المكاوشة الذى تمتهنه الأحزاب اليسارية وعلى قمتها الحزب الشيوعى السودانى لتكبير الكوم ولنا فى جبهة الهيئات بعد أكتوبر العظة الكبرى ويجب أن نتعلم من مسار تاريخنا ولكن لم يسمع لقولنا وقاطعنا التجمع الوطنى الديمقراطى الى أن رجع طائعاً مستكيناً فى عباءة الأنقاذ بعد أتفاق القاهرة الذى وقع مع شيخ الختمية ورئيس التجمع الوطنى الديمقراطى. والآن نرى ما يسمى بمنظمات المجتمع المدنى من كونفدرالية الى مبادرة المجتمع المدنى ليصيروا ضلعاً موازياً للأحزاب من أضلع بعض المعارضة السودانية ممثلة فى نداء السودان. الآن ونحن فى هذا المنعطف الخطير الذى يمر به شعبنا ووطننا ، هنالك مسئولية وطنية وتاريخية تقع على عاتق الأتحاديين الذين فرطوا فى القضية التى تركها لهم رعيلهم الأول وقال مناضلهم الشريف حسين الهندى عضوا على القضية بالنواجز وهى قضية الحرية والديمقراطية. وليس هنالك من يستطيع أن يستعيد الحريات والديمقراطية غير الذين يؤمنون بها حقاً وهم الأتحاديون لأنهم يمثلون الوسط السودانى العريض صاحب الأغلبية الجماهير وصاحب الجماهير الواعية سياسياً ووطنياً والذين أغلبهم يمثلون الحزام المحيط بالسلطة المركزية التى تسوم الشعب الآن ألوان العذاب. الأتحاديون الآن غائبون عن الفعل السياسى السودانى بسبب تشتتهم وتشرذمهم وتحلقهم حول قيادات وشيوخ واسياد وأشراف قد عف عليهم الزمن ولا يستطيعون تفهم متلطلبات شعبهم. الأجيال الجديدة والحديثة والفاعلة والمناضلة من أجل الحريات هم الأغلبية فى الأتحاديين وهم الذين يمثلون الوسط العريض صاحب الأغلبية الجماهيرية السودانية فلماذا يتقاعسون عن القيام بدورهعم المناط بهم؟ لابد من قيام جبهة معارضة حقيقية تمثل الوسط على قيادتها الأتحاديون وبقية الوسط العريض ولا يمنع أنضمام اليسار واليمين لها كأجنحة وليس مصدر الصدر والقلب لأن هذا يتطلب قيادات وفكر بعيداً كل البعد عن الشموليات والديكتاتوريات. لينسى الأتحاديون الآن الحديث والأجتماعات حول توحيد الأتحاديين فى حزب أتحادى واحد فهذا صعب المنال فى ظل النظم الشمولية العسكرية وخاصة نظام الأنقاذ الذى أمتلك كل السلطة وكل مقدرات البلاد وكل الأموال قادراً على أستعمالها لبذر الخلاف والشتات فى الأحزاب لأنه يؤمن أن استمراريته فى العمل على زيادة الأنقسامات والتشرذم داخل الأحزاب وخاصة الأحزاب الجماهيرية. ولذلك نتمنى أن يتناسى الأتحاديون الآن وحدة الحزب وليعملوا بمختلف أحزابهم وفصائلهم ومكوناتهم من أجل تكوين الجبهة الوطنية المتحدة لتكون وعاءاً شاملاً لكل قوى الوسط السودانى حتى يعملوا بفاعلية وبقوة لتغيير أو أسقاط نظام الأنقاذ. لأن أى تغيير بالحوار لن يكون مجدياً للشعب السودانى ما لم تكن قوى المعارضة أقوى من النظام الحاكم حتى يمكن تحقيق مكاسب ترضى طموحات الشعب السودانى. ما الذى يمنع ذلك وحزب الأمة الذى هو أقل منا أنتشاراً على مستوى السودان وجماهيرنا الأكثر وعياً والتى تحيط بمركز السلطة كما قلنا، أن يكون حزب الأمة ضلعاً أو عموداً قائماً بذاته فى المعارضة السودانية لتحديد مستقبل السودان والأتحاديون كلهم برغم زخمهم لا فى العير ولا فى النفير. فى ختام هذا المقال أدعو أشقائى الأتحاديين أن ينسوا جراحاتهم ويتحملوا مسئوليتهم التاريخية وأن يجمعوا صفوفهم فى الجبهة الوطنية المتحدة لأن المطلوب الآن هو السودان الوطن وليس الحزب، فالحزب بأذن الله بعد تحقيق الحرية والديمقراطية عائد واكثر تماسكاً وراجحاً فى الحياة السياسية السودانية . وأدعوا أشقائى للتفاكر للأجتماع عندى الى كيف يمكننا أن نقوم بدورنا كاملاً تجاه الوطن. ألا اللهم قد بلغت فأشهد. بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان – جامعة الزعيم الأزهرى Mohamed Osman [[email protected]