لولا الدين لهلكت العربية منذ القرن الثالث عشر حيث بداية انهيار الثقافة الإسلاموعروبية. لكن ..فلنستبعد الدين قليلا ولنكن نفعيين كبعض الدول التي تغير لغتها الرسمية بسهولة جدا تمشيا مع متطلبات العصر ؛ مافائدة العربية اليوم؟ هناك فجوة معرفية كبيرة جدا بين الدول المتحدثة بالعربية وبين العالم الأولى ، والتطور هو عبارة عن تراكمات معرفية مستمرة ، وبانقطاع هذا التراكم تنقطع المعرفة ؛ لذلك فإن أصح ما يمكن فعله للحفاظ على أي لغة هي ثورة عظيمة في الترجمة ، لقد انتقلت أوروبا من عصر الظلام الى عصر الأنوار عبر الترجمات الواسعة والتي تبناها بعض أمراء البلاط لا سيما في أيطاليا ، وتحافظ الدول غير الناطقة بالانجليزية على لغتها عبر الترجمات الضخمة لكل ماهو جديد ومستجد من الاكتشافات والاختراعات والنظريات العلمية ، مع ذلك تعتبر اللغة الانجليزية هي الأولى من حيث قدرتها على تطوير الفرد والمجتمع . في حين أن العربية لا تجد لنفسها من هدف سوى التواصل الاجتماعي ، أما في العلوم فإن الفرد إن أراد أن يتقصى جديد المعرفة وتطوير ذاته فليس أمامه إلا تطوير لغته الانجليزية . الآن أغلب الوظائف في الخليج العربي تفرض شرطها باجادة اللغة الانجليزية ، أي أن اللغة العربية انحدرت الى اسفل بل ونرى أن اللغة العربية في الخليج صارت لغة هجين بين العربية والانجليزية والاسيوية. أي أن اللغة تفقد -رويدا رويدا-حتى مجرد وظيفتها التواصلية. لذلك ؛ إذا تجاوزنا المتطلبات اللغوية الدينية وحللنا طريق احداث قفزات علمية داخل الدولة سنجد أنه تغيير اللغة الرسمية في التعليم بكافة مراحله الى اللغة الانجليزية لتأتي العربية في الدرجة الثانية. لابد من تغيير اللغة الرسمية بالتدريج كما فعلت بعض الدول الافريقية التي غيرت لغتها من لغة الاستعمار الفرنسي الى اللغة الانجليزية . لقد قامت الدولة بتعريب المناهج ولم تواكب ذلك بثورة في حركة الترجمة فانقطع التراكم المعرفي في السودان ، وتغيير اللغة في الواقع أسهل من عملية الترجمة ﻷن الترجمات إذا لم تكن عملية مستمرة عبر عقود فلن تستطيع ردم الهوة المعرفية . إن الدعوة إلى إعادة التفكير النفعي للغة في المدارس والجامعات هو ما يجب ان تنهض به القوى التقدمية في الوقت الراهن إذا كنا نهتم بمصلحة الفرد قبل المجتمع. [email protected]