الخرطوم وأنقرة .. من ذاكرة التاريخ إلى الأمن والتنمية    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شاهد بالفيديو.. مشجعة المنتخب السوداني الحسناء التي اشتهرت بالبكاء في المدرجات تعود لأرض الوطن وتوثق لجمال الطبيعة بسنكات    شاهد بالفيديو.. "تعب الداية وخسارة السماية" حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي ترد على معلق سخر من إطلالتها قائلاً: "لونك ضرب"    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    الجيش في السودان يصدر بيانًا حول استهداف"حامية"    الجيش السوداني يسترد "الدانكوج" واتهامات للدعم السريع بارتكاب جرائم عرقية    مطار الخرطوم يعود للعمل 5 يناير القادم    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    ما بين (سبَاكة) فلوران و(خَرمجَة) ربجيكامب    ضربات سلاح الجو السعودي لتجمعات المليشيات الإماراتية بحضرموت أيقظت عدداً من رموز السياسة والمجتمع في العالم    قرارات لجنة الانضباط برئاسة مهدي البحر في أحداث مباراة الناصر الخرطوم والصفاء الابيض    غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    استقبال رسمي وشعبي لبعثة القوز بدنقلا    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاتح عز الدين ... شن جاب لي جاب
نشر في الراكوبة يوم 31 - 05 - 2016

طحنني الألم اخيرا عندما علمت بأن المزكور اعلاه قد كان معتمد امدرمان. تلك كانت اول مرة اعرف اسمه . ومن الممكن انه اذا لم يتعلق الامر بامدرمان لما اهتميت به . فكل كوز يأتي ويغور. ويأتي كوز اكثر لؤما وحقدا .
اقتباس من موضوع الانقاذ .. المتمحنين والممحنون .
لقد قال العم حسن الكد وهو مع توأمه وآخرين من جمعية ابروف التي شملت بعض جهابذة الفكر والادب والسياسة ... ليس كل من شارك في العمل او النضال ضد سياسة الاستعمار يستحق العمل في حكومات الاستقلال .... ولكن مشكلة افريقيا والسودان ان من خرج في المظاهرات او تعرض لسجن بسيط، يعتبر ان السلطة هي ملك له بسب ما قدم ، وبدون التفكير في هل هو صالح ام مناسب وله المقدرة علي ان يملأ ذالك المنصب . والانقاذ منذ صافرة البداية قد طرحت جثة الوطن لكي تنهش . وبعقلية الطلاب والحاقدين ومن قالوا مفتخرين ... ليس منا من هو من العاصمة .. دلقوا حقدهم وجشعهم . وتلوث المجتمع . وصاروا مجموعة من الذئاب . وعندما لا تجد الذئاب ما تفترس فقد تفترس بعضها البعض . وهذا مايحدث الآن . واليوم لا يتحدثون عن الانقاذ بل حزب البشير.
نهاية اقتباس
قديما كان يدير الامور في امدرمان المفتش البريطاني . لم نكن مستعمرة ، بل كنا تحت ادارة وزارة الخارجية البريطانية وليس وزارة المستعمرات . وكان يأتينا الاوكسبريدج ... خريجي جامعة اكسفورد وكيمبريدج من خريجي الانثروبولوجي والعلوم السياسية والادارة والقانون والتعليم . وليسوا من الجيش غالبا كما في المستعمرات .
البريطاني جاكسون باشا كان المسئول لفترة وهو جد الكابتن نصر الدين جكسا . والميدان في الخرطوم يحمل اسمه . برامبل احب امدرمان وسعى لخدمتها بتفان . ونجح في ان تختفظ امدرمان بالضرائب والعوائد والرسوم والعتب الخ . وهو من اقام الحدائق وغرس الاشجار، وحديقة الريفيرا عرفت بجنينة برمبل. كان يشارك في الزراعة بيده مع المساجين منهم كبس الجبة فتوة امدرمان الاكبر عندما كان مسجونا . وكانت الحديقة تروى بالشادوف . وعندما قرررحيله بعد 3 سنوات العادية رفض اهل امدرمان خروجه واستمر الي تقاعده . المفتش ريد اراد اخراج محلات المريسة والعسلية من وسط المورده الي خارج امدرمان كما حدد لها برامبل مباني واسعة لا تمنع الهواء وتقلل الزحام والاصابة بالسحائي . هاجم ستات الانادي ومساعدونهن وما عرف بالبابكول من الرجال المفتش ريد الذي كان يجوب امدرمان بدون حرس . فهرب وحمته وخبأته ام كدوية او,, الحاجة الصبر ,, فيما بعد وهي امراة لها بسطة في الجسم . واعطتها الحكومة محلا لبيع الخضار بدون رسوم مدى الحياة في سوق الموردة وقطعة ارض بنت عليها منزلها وتبنت مجموعة من الاطفال . وعرف الحي بفريق ريد .
قام احد رجال امدرمان كما سمعنا بتقبيل زوجة برامبل في الشارع . وقدم الرجل لمحكمة حسب القانون بدون اعتداء او تعذيب. ودفاع الرجل انه شاهد الخواجية وهي اجمل امرأة تقع عليه عيناه وهي تسير في الطريق ولم يتمالك نفسه وقام بتقبيلها . فتنازلت السيدة عن حقها في القضية اعجابا بشجاعة الرجل والذي اشاد بجمالها. وغضب برامبل الي ان احمر وجهه . واطلق سراح الرجل .
بابكر بدري الذي كان مشاكسا ويتمتع بلسان رباطابي اشتبك مع برامبل في مكتبه وعندما قال له برامبل ... اقيف عندك ! تقدم بابكر بدري وقال له انا مت في يوم كده ... وكدة وعدد له المعارك التي خاضها وانه لا يخاف منه. والسبب كما اورد بابكر بدري انه اغتاب برامبل وقام البعض بنقل الوشاية . ورفض برامبل اعطاء بابكر بدري ارضا لمدرسة الاحفاد كما وعده في البداية . ذهب بابكر بدري واشتكي برامبل لمفتش التعليم . واجبر برامبل لاعطاء الاحفاد الارض المواجهة لدار حزب الامة علي شارع العرضة . وهي مسجلة بإسم الشعب السوداني مثل جامعة الاحفاد . بابكر قال لمن اشاد ببرامبل وقيامه بكل شئ بنفسه ... اريتو ما عمل شئ خصى الرجال خلو كل حاجة لبرمبل ، وابلغ البعض برامبل .
مفتش امدرمان قبل الاستقلال اخرج جريدة السودان الجديد من خزانته ، وكان مكتوب فيها ان المفتش اخذ رشوة لاعطاء العم قديس عبد السيد ارض سينما برامبل التي كانت في مكان بريد امدرمان الحالي . والارض كانت بالايجار لمدة 20 سنة فقط . فقال له بابكر بدري انهم يعرفونه منذ ان كان شابا يافعا في رفاعة ويعرفون نظافة يده . فقال المفتش ان شهادة كبار السودانيين تكفيه . ولم يقاضي الجريدة ... كما يحدث اليوم من الكيزان والامن .
مكاوي سليمان اكرت هو اول ظابط وطني لبلدية امدرمان . وهذا هو الاسم الذي تغير لمعتمد . العم اكرت درس الادارة عندما كانت الادارة تدرس في الجامعات وهو رفيق الاداري خليفة محجوب واؤود عبد اللطيف والبقية من من خدموا الوطن . ولم ينس العم مكاوي اننا كنا جميعا احفاد الرعاة والترابلة ونسكن في بيوت الجالوص . ومكاوي طور نفسه وتعلم التنس والبولو وهي لعبة تمارس من علي ظهور الخيل . وهو ابن خالة عبقري السياسة عبد الرحمن الوسيلة . ونشا الاثنان في نفس الحوش في الركابية وتشبعا بروح امدرمان . ووالد عبد الرحمن الوسيلة كان غسال الحي . واستطاع ابنه ان يكون قاضي مديرية الذي كان احد 9 من القضاة . ومرتبه ثاني اعلىى مرتب في البلد وله ميكن ومخصصات وخدم وحشم . لان الدولة كانت تطبق الاشتراكية وتعطي فرص متكافئة للجميع والتعليم والعلاج كان مجانيا . وهذا ما استمتع به الكيزان . والآن يحرمون منه الآخرين . الحاقد نافع سكن عند اخيه بدوي وسكنا بدون اسرة في الخرطوم وهما يرتديان العراريق المتسخة ويعملان في الدكان . ونسي نافع الغداء بالطحنية ، والجبنة وحقد علي كل البشر . وساعده التعليم المجاني . ولكن بعض البطون والعيون الفارقة لا تمتلئ ابدا .
العم اكرت عرف تحببا عند اسرته بعبد الكوشة ، لانه كانت ينبش المجلات الانجليزية من الكوشة ويكب علي قرائتها . وكان يمشي من امدرمان الي الخرطوم لكي يحضر المحاضرات في مجلس الثقافة البريطاني ويعود راجلا . واجتهد في دراسته . وكان مشتركا في الصندي تايمز و النيو ستيتمان . وعضوا في الجمعية الفابية لمحاربة الاستعمار . والفابيون هم اشتراكيون يؤمنون بالوصول الي السلطة عن طريق رضاء الشعب وصناديق الاقتراع . واكرت كلن مشاركا في الكثير من المشاريع التي تصلح المجتم وتسعد المواطن مثل ملجأ القرش الذي تكون بجمع القرش علي القرش . وكان ملجا لتعليم الاطفال الميكانيكة والنجارة والحدادة والاعمال الجلدية بجانب القرائ والكتابة والدين. ولهم فرقة للكشافة والموسيقية الجمباز وكرة القدم . كانوا من المميزين وسطنا ويافوقون علي الآخرين . و الامرليس نهب المال العام وتمكين الموتورين من البلاد والعباد .
في بداية مايو كان النميري يطوف السودان . وكان يقول للناس في كردفان ان ثورة مايو ليست كالحكومات السابقة .... ويسأل ... في مسئول زمان بيجيكم ؟ وكان الرد ان مدير المديرية مكاوي سايمان اكرت كان يطوف عليهم .
كان يكفي في امدرمان ان يقول الانسان مامون ليعرف الناس ان المقصود هو مامون الامين من بيت المال
في زمن مامون ادخلت الاضاءة الحديثة وقديما كنا نشاهد بعض الرجال علي اقدامهم او علي دراجات يطوفون كل امدرمان لفتح الاضاءة في الشوارع بواسطة ,,القنا ,, . وفي عهد مامون تغيرت عربات الزبالة التي تجرها البغال الي العربات الحديثة ونجلت الميادين وغرست الاشجار . وكانت الشتول توزع مجانا للبيوت لكي تغرس امام المنازل ومامون يطوف امدرمان ويتفقد كل كبيرة وصغيرة . وبابه مفتوح للجميع . اتاه رجل يحمل رسالة من الرئيس الازهري طالبا خدمة . فقام مامون بتمزيق الرسالة امام الرجل وافهمه بأنه لا يقبل الوساطات . وذهب الرجل الي الازهري وهو غير مصدق . وقال له الازهري انه كان يعرف ان مامون سيرفض . ولكن الرجل لم يكن ليصدق ان مامون الاتحادي سيرفض طلبا للأزهري. واراد الازهري ان يعرف الرجل البيان بالعمل .
عندما بدا واضحا ان دائرة الازهري والتي هي اكبر دائرة في السودان قد يفوز بها الشيوعيون وحدث هذا في 1968 بواسطة عبد الخالق ارادوا اضافة جزء خاص من امدرمان للدائرة . فذهبوا الي مامون الذي اكتفي بأن قال لهم ,,طز ,, . فالرجل كان مثالا للأمانة والاعتدال . كان اسم مامون عنوانا لطهارة اليد . لقد عشنا رصف شارع الاربعين العرضة وزرع النجيل في وسطة والاشجار الظليلة التي كانت تروي بالفنطاز الذي يجرة البغال . وشاهدنا النوافير والحدائق مثل حديقة العمدة التي لم يكن من توقعها قديما وتوسيع حديقة الموردة ونافورة جميلة تتوسطها . ونطمت الجندول و انشأت حديقة النيلين . وتقول لي فاتح ولا قافل .
محمد صالح عبد اللطيف وقيع الله رافق المحافظ شاش في الدراسة في كلية الادارة وكان معهم القاضي الاسطوري محمد يوسف وليس الكوز محمد يوسف . وبدأ شاش ومحمد صالح عملهما من بداية السلم الوظيفي كنواب مآ مير في رشاد في جبال النوبة . وانتهى الامر بشاش كمحافظ وسط اهله في شرق السودان . ولا يزال الناس تذكره بخير . كان بالرغم من تقدمه في السن والوظيفة يرافق الاوربيين الذين يحفرون الآبار ويبنون الحفائر لاهله تطوعا . ينام في الاحراش والصحراء حتي في الثمانينات. ترقوا بسبب جهدهم وعملهم وليس لان شقيقاتهم قد تزوجن بكوز مسيطر او لانهم قد مسحوا جوخا لانقاذي . في زمن محمد صالح عبد اللطيف ظابط بلدية امدرمان مسحت المهدية . وكان العم الزاكي من قدماء الانصار ، سكن في المهدية وكانت له بئر وعشة واغنام . وعندما جاء المساحون طردهم ، فاحضر المساحون البوليس . فجرد الزاكي سيفه . فتراجع البوليس ، وقديما كان حتي للشحادين والمجانين حقوق يحفظها لهم المجتمع , واتصلوا بالسيد عبد الرحمن الذي ارسل العم باب الله الذي كان يرافق السيد عبد الرحمن . وانتهت المشكلة ومن المؤكد ان السيد عبد الرحمن قد عوض العم الزاكي . وانتهت المشكلة بكل بساطة . وتكونت الثورة التي هي اكبر امتداد لامدرمان . والمحافظ الانقاذي وضع ريس البنطون وابنه في السجن لانه سمح للآخرين بدخول البنطون مع الوالي الذي كان في مهمة فاتحة ولا يعرف متي سيرجع . وليس الغريب ان المزكور اعلاه قد صار معتمدا للبقعة ... محن محن ... ثم محن .
ويقول المزكور اعلاه في احدي عواصفه الذهنية ان المعارضين يجب ان يحرموا من الدفن في السودان . هذا نوع من اللؤم لم يبلغه حتى الشيخ النجدي ، الذي اشار بإحضار شاب من كل قبيلة لقتل النبي صلى الله عليه وسلم حتي يتفرق دمه علي كل القبائل . هل لبعض الامهات مقدرة لانتاج حليب غني بالحقد بدلا عن الانزيمات ؟
محمد صالح هو من بدا التنجيل وكانت هنالك اربعة قطع منجلة في شارع المورده علي بعد خطوات جنوب المجلس . وحديقة صغيرة حول نصب سلاطين التذكاري المصنوع من القرانيت امام السردارية . واقترح محمد صالح ان تستلم البلديات المكتبات العامة . وهذا معمول به عالميا . ولم تنفذ الفكرة وماتت مكتبة امدرمان المركزية . ويجب ان تتكفل البلديات بالمكتبات بدلا عن وزارة المعارف التي لها الكثير من الاعباء والمشاغل . ولكن الوعي والمكتبات ليست من اوليات الانقاذ .
بعد ان اكمل محمد صالح فترته صار مفتشا في مدينة الرنك . وتذوق الناس الديمقراطية والتعاون والصداقة . ووضعت تحت مسئوليته كمية ضخمة من العيش وارتفع ثمن العيش وكان الفرق20 الف جنيه . قام بتسليمها للدولة ووقتها كان المنزل الجيد في العاصمة في نهاية الخمسينات يباع بالف جنيه .
يذكر اهل اعالي النيل عدل وصداقة محمد صالح . ولقد اطلق اخي السلطان يوسف نقور جوك طيب الله ثراه اسم محمد صالح علي احد ابنائه . ومنهم عمر ومصطفي والسفير فقوق او حسن . لقد توقف انتزاع الاراضي عن طريق الرشوة لعمل المشاريع الزراعية. وتوقف الصيد الجائر والاعتداء علي الغابات ، وتغول بعض رجال البوليس علي المواطنين . اين المزكور اعلاه من هذا . عندما رجع محمد صالح لقاضي جنايات امدرمان لم يكن له منزل او سيارة كانت سيارة الدولة تاخذه لعمله . وكان يسكن بالايجار الي فترة امتدت لنصف قرن . ولم يكون اي منهم ثروة تذكر .
كما ذكرت في كتاب حكاوي امدرمان ان محمد صالح لانه زوج شقيقتي فقد سكن معنا في المنزل لسنين عديدة . واشتكينا له عن الكوشة التي امام منزلنا . وكانت تتواجد فيها دائما بعض الفطائس . فقال لنا ... انا بكرة ممكن انقل الكوشة دي .... لكن حيودوها وين ؟ مش حيختوها قدام بيت زول تاني وهو برضو حيضايق زينا كده ؟ ولم نتطرق للكوشة بعدها . كان ذالك درسا بليغا وعيناه . هل يستطيع المزكور اعلاه ان بفهم مثل هذه الرسالة ؟
في 1982 دخلت مطار الدوحة وسمعت صوتا يقول .. يا شوقي الكرسي ده فاضي . فجلست بجانب الاخ عبد الله البشير بقامته الطويلة . وبدون ان نتصافح واصلنا ونسة بداية الستينات في فنقر والسروجية بعد فترة 18 عاما لم نتقابل فيها . وسألته عن البعاتي وبارود وراس خروف اولاد الطريفي طليق وكرك .وبعد ايام اخذني عبد الله لزيارة ظابط البوليس النبيل الذي حل له كثيرا من المشاكل عندما ضاع جوازه وجواز زوجته الاوربية . وكان يشيد بالظابط بطريقة تشوقت لرؤية ذلك الظابط . ولم استغرب قصة روعة ذلك الظابط عندما قابلته ، لانني اعرفه جيدا . انه العقيد وقتها ميرغني الحاج ابن رفاعة وقريب محمد صالح وبمثابة ابنه وصديقة . ذلك رجل خلق ليساعد ويخدم الناس . لم يكن يتأفف او يشتكي . له اخلاق الملائكة وكل افراد اسرته من النساء والرجال يوضعون في الجرح ليشفى .
في سنة 1984 فكرت وانا في الامارات في شراء هدية لميرغني الحاج . ووقع اختياري علي تلفزيون للسيارة كان وقتها محبوبا عند اهل الحليج. وخوفا من رفض ميرغني تركت التلفزيون عند محمد صالح الذي كان يضحك . وعرفت منه ان السيد العقيد لم يمتلك سيارة . والمزكور اعلاه حيكون عنده اقل شئ ربع دستة .
عندما كان محمد صالح قاضي جنايات امدرمان قدم له فاروق ابو عيسى واحمد سليمان . وكانا يدافعان عن كل الديمقراطيين . وكانا يتعرضا للحكومة العسكرية الاولى بالنقد والتشهير في مرافعاتهما . طلب من محمد صالح محاكمتهما . فاطلق سراحهما لانه ليس هنالك جريمة . فأرجعت له القضية مع امر باصدار حكم بالسجن . فقال محمد صالح في حيثياته ان تلك ستكون سابقة غير صحية تفرق بين القضاء الجالس والقضاء الواقف . وحكم عليهما بيوم واحد سجنا ، ينتهي بإنتهاء الجلسة .
طرد محمد صالح من الجنايات . وارجع مولانا احمد العاقب من الاستيداع وحكم علي الاثنين بسته اشهر سجنا .
بعد اكتوبر صار محمد صالح وكيلا لوزارة الاستعلامات والعمل او وزارة الاعلام . وكان الوزير ابو حسبو الذي ترك الشيوعيين وانضم الي الاتحادي . وفي مايو قدم ابو حسبو للمحاكمة بسبب الفساد والبلاغ كان كيديا من الشيوعيين . وكان محمد صالح شاهد الاتهام . وقال في المحكمة ان الوزير لا دخل له بسير الوزارة ، لان هذا مسئولية الوكيل ، واذا كان هنالك من يقدم للمحاكمة حسب القانون فهو محمد صالح عبد اللطيف الوكيل . وغضب ابو القاسم وزين العابدين . وقالوا له انهم كانوا يريدون ان يجعلوا منه وزيرا .
عندما صودرت املاك الوطنيين وشرد الناس ومورس التطهير، تشارك الامميون والقوميون في اغرب زواج، وهو زواج الاضداد . سلم محمد صالح شركات مرهج التي كانت تمثل الكثير من الشركات وتمتلك العمارة الضخمة في شارع القصر . وانتزع منزلهم علي النيل واعطي كهدية للشيخ زايد . ولم يسترد البيت الي ان اتت الانقاذ كما اذكر وبعد تراجع النميري ارجعت الشركات لاصحابها . ولكن من استلموها كانوا قد نهبوها . شركة مرهج اذدهرت اعمالها وكانت كل الدفاتر محفوظة وزاد رأس المل واصر فؤاد مرهج علي مواصلة محمد صالح العمل في الشركة .
لا ادري اذا كان الامر بسبب محمد صالح او لسبب آخرولكن فوآد مرهج اسلم علي يد محمد صالح . واذكر بعد سنين عديدة ونحن جلوس في مكاتب مرهج في شارع القصر عمارة الخطوط الجوية السودانية ان محمد صالح القانون يتذكر ان بول ابن فؤاد لا يمكن ان يرث والده لان الشرع لا يبيح للمسيحي ان يرث المسلم. وتبع بول والده وصار مسلما .
امثال هولاء الرجال كانوا يجلسون في عرش البلدية وليس لهم حاجب او مانع من دخول الناس عليهم . كان لهم مكتب بثلاثة ادراج . كل ورقة تدخل عليهم تخرج في نفس اليوم .
كانوا يؤمنون بأنه خدم لاهلهم .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.